تم نسخ النصتم نسخ العنوان
رجل مدمن على شرب الدخان وحرص منه على الإقلاع... - ابن عثيمينالسائل : يقول فيها أنا رجل متزوّج وقد كنت مكثراً من شرب الدخان وحرصاً مني على الإقلاع عنه كلية فقد أقسمت بالطلاق على ألا أعود لشُربه أبدا، وفعلاً فقد ان...
العالم
طريقة البحث
رجل مدمن على شرب الدخان وحرص منه على الإقلاع عنه فقد أقسم بالطلاق على أن لا يعود إليه أبدا ثم عاد إليه ناسيا فماذا يجب عليه من ناحية الطلاق علماً أنه قد نسي عدد الطلقات السابقة ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : يقول فيها أنا رجل متزوّج وقد كنت مكثراً من شرب الدخان وحرصاً مني على الإقلاع عنه كلية فقد أقسمت بالطلاق على ألا أعود لشُربه أبدا، وفعلاً فقد انقطعت عنه مدة طويلة ولكن في يوم من الأيام كنت جالساً مع بعض الأصدقاء ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أدخن فانتبهت لذلك وتذكرت أنني حلفت بالطلاق على تركه وقد سألت عن ذلك فقيل علي كفارة فقط ولأنني أشك في عدد الطلقات في ذلك الوقت فقد أصابني القلق والشك في بقائي مع زوجتي بعد ما حدث، ولكني ما زلت ممسكا لها، وحياتنا عادية جداً فأرجو إرشادي إلى ما يجب علي من ناحية الطلاق، جزاكم الله خيراً؟

الشيخ : الطلاق الذي وقع منك هو كما أفتاك المفتي حُكمه حكم اليمين وعليك كفارة يمين ولكني أنصحك عن أمرين، الأمر الأول أن تجعل لسانك يعتاد الحلف بالطلاق فإن هذا أمر خلاف المشروع فلا ينبغي للإنسان أن يعتاد الحلف بالطلاق "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" .
أما الأمر الثاني فإني أنصحك عن الرجوع إلى شرب الدخان لأن شرب الدخان محرّم بدليل الكتاب والسنّة ولا أعني بالدليل هنا الدليل الخاص الذي ينص على هذا الدخان وهو ال ... لأن هذا ما حدث إلا أخيراً لكن في نصوص الكتاب والسنّة كلمات عامة جامعة تشمل ما يحدث إلى يوم القيامة فمن النصوص الدالة على تحريمه قوله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } ومن المعلوم أن هذا الشراب أعني الدخان سبب لأمراض كثيرة مستعصية ربما تؤدي بالإنسان إلى الموت كما قرّر ذلك الأن أكابر الأطباء، ومنها قوله تعالى { ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وهذه وجه دلالتها كالأية الأولى ومنها قوله تعالى { ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياماً } فالله تعالى نهى أن نؤتي السفهاء الذين لا يحسنون التصرف في المال نهى أن نعطيهم الأموال وبيّن أن الله جعل هذه الأموال قياماً للناس تقوم بها مصالح دينهم ودنياهم ومن المعلوم أن الدخان ليس فيه مصلحة لا في الدين ولا في الدنيا، بل فيه مضرة.
أما من السنّة فيُستدل على تحريمه بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن إضاعة المال وإضاعة المال صرفه فيما لا فائدة فيه لا في الدنيا ولا في الأخرة والدخان لا فائدة فيه لا في الدنيا ولا في الأخرة فيكون صرف المال صرفا بل يكون صرف المال فيه إضاعة للمال.
ومن أدلة السنّة أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" وهذا الحديث وإن كان فيه مقال لكن قواعد الشرع تشهد له فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضرر والضرار وهو نفي بمعنى النهي أن لا يُمارس الإنسان ما فيه الضرر أو ما فيه الإضرار بالغير، وحينئذٍ نقول هل في الدخان ضرر أم لا؟ والجواب على لسان الأطباء فيه ضرر، وحينئذ يكون داخلاً في النهي الوارد في هذا الحديث.
هذه أدلة تحريم الدخان من حيث الأثر أما من حيث النظر فإن شارب الدخان يستثقل العبادات البدنية ولا سيما ما فيها الإمساك عن الأكل والشرب مثل الصيام فإن الصيام من أثقل شيء على شارب الدخان لأنه يحبسه عن تناوله في النهار فيجد من ذلك مشقة عظيمة وثقلاً عظيماً من هذه العبادة، كذلك أيضاً تثقل عليه الصلاة أحياناً لو جاء وقت الصلاة وهو مشتهٍ للدخان لوجدته يستثقل هذه الصلاة وينتظر بفارغ الصبر الخلاص منها، وهذا لا شك أنه مؤثر على العبد في سيْره إلى ربه عز وجل، فنصيحتي لك أيها الأخ ولعامة إخواننا المسلمين أن يتجنبوا شرب الدخان ولا يصعب على المرء تركه إذا صدَق العزيمة والتوجّه إلى ربه باستعانته تبارك وتعالى وسؤاله الخلاص منه وبإبعاده عن الجلوس مع الذين يشربون ولهذا عدت إلى شربه حين جلست مع أولئك الذين يشربونه فالابتعاد عن مجالس من يشربه من أكبر العون على الاعتصام منه، وأهم شيء صدق العزيمة والنية والإخلاص لله والاستعانة به سبحانه وتعالى فإن هذا كله مما يعين الإنسان على تركه، وقد رأينا أناساً منَّ الله عليهم بتركه فعادت لهم الصحة والقوة والنشاط، وحمِدوا العاقبة. نعم.

السائل : أحسن الله إليكم.
هذه رسالة من المستمع يحيى موسى يحيى من السودان.

Webiste