الذبيح من ولدي إبراهيم عليه السلام
اللجنة الدائمة
فتوى رقم ( 4797 ):
س: شخص اعتنق الإِسلام عام 1974م وهو متزوج، ويريد أن يعرف، من الذي أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه الصلاة
والسلام بذبحه، أهو ولده إسماعيل أو ولده إسحاق عليهما الصلاة والسلام؟
ج: إن من سنة الله تعالى أن يبتلي عباده؛ ليميز الخبيث من الطيب، ويرفع من شاء من أنبيائه وأوليائه ما شاء، وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وممن تابع الله تعالى عليهم الابتلاء خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فكان مثال الكمال في الوفاء في جميع ما ابتلاه ربه به، قال الله تعالى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ، وأثنى عليه تعالى بقوله: وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى . وكان مما ابتلاه الله به أن أراه في المنام أنه يذبح ولده، ورؤيا الأنبياء حق، فعزم إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام على تحقيق رؤياه؛ امتثالاً لأمر ربه ووفاءً له، وعرض ذلك على ابنه فاستجاب له، فلما أسلما وجههما لله، وبذل إبراهيم ما في وسعه من أسباب الذبح العادية، أكرمه الله وولده وفدى الذبيح بذبح عظيم، وخلد لخليله ثناءً عاطرًا مدى الدهر، وبشره بإسحاق نبيًّا من الصالحين، وبارك عليه وعلى إسحاق عليهما السلام، قال الله تعالى: وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ
هذا صفوة ما يتصل بشأن الذبيح من قصة أبيه إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان للخليل ولدان: إسماعيل ، وإسحاق ، فأيهما كان الذبيح إسماعيل أم إسحاق عليهما السلام؟ لم يرد في ذلك نص صحيح صريح بتسميته أو تعيينه بوجه ما يقطع النزاع؛ ولذا اختلف أهل السير والتاريخ والتفسير في تعيينه، فقال جماعة منهم: إنه إسماعيل ؛ لأنه هو الذي ولد له بعد ذهابه عن قومه إلى الشام ، وكان وحيده إذ ذاك، وهو الذي كان بمكة وهي مكان الواقعة، وقد وصفه الله بالحلم والصبر، أضف إلى أن قصة الذبيح قد بدأت بالبشرى بغلام حليم، وختمت بالبشرى بإسحاق ، فكان غير الذبيح الذي بدأت به القصة، والراجح أنه إسماعيل ؛ لما تقدم من الأدلة.
وقال كثير من أهل الديانات والسير والتاريخ: إنه إسحاق ؛ لأنه هو الذي بشر به إبراهيم وسارة بعد اعتزال إبراهيم أباه وقومه، كما في سورة مريم وهود والحجر والذاريات، فليكن هو المراد بالغلام الحليم المبشر به في سورة الصافات وإذن يكون هو الذبيح. والخطب في ذلك سهل، إذ المسألة اجتهادية في أمرٍ معرفته غير ضرورية ولا يترتب على الجهل بها خطر في العقيدة، ولا أثر لها في حياة الناس العملية، فأي ابني إبراهيم كان الذبيح كان فيه وفي أبيه العبرة، وبهما تكون القدوة في الصبر على البلاء، وإيثار طاعة الله تعالى، ولو كان في ذلك ذهاب أحب شيء إلى الإِنسان حتى النفس، ولا يشين ذلك من لم يكن الذبيح، ولا ينقص من قدره كما لم ينقص كثيرًا من الأنبياء والمرسلين أنهم لم يحصل لهم مثل ذلك، فالمزية بعينها تدل على الفضيلة، لكنها لا تدل على الأفضلية. وإنما خاض في ذلك جماعة من الباحثين بدافع حب الاستطلاع وشهوة حب البحث، ولم يكن في الموضوع نص صحيح صريح كما تقدم، فاختلفوا عن اجتهاد وحسن نية أو عن عصبية وسوء طوية. والصواب: أنه إسماعيل كما تقدم؛ لأنه الأظهر من الآيات
القرآنية، ولا سيما الآيات من سورة الصافات التي سبق ذكرها. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
س: شخص اعتنق الإِسلام عام 1974م وهو متزوج، ويريد أن يعرف، من الذي أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه الصلاة
والسلام بذبحه، أهو ولده إسماعيل أو ولده إسحاق عليهما الصلاة والسلام؟
ج: إن من سنة الله تعالى أن يبتلي عباده؛ ليميز الخبيث من الطيب، ويرفع من شاء من أنبيائه وأوليائه ما شاء، وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وممن تابع الله تعالى عليهم الابتلاء خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فكان مثال الكمال في الوفاء في جميع ما ابتلاه ربه به، قال الله تعالى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ، وأثنى عليه تعالى بقوله: وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى . وكان مما ابتلاه الله به أن أراه في المنام أنه يذبح ولده، ورؤيا الأنبياء حق، فعزم إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام على تحقيق رؤياه؛ امتثالاً لأمر ربه ووفاءً له، وعرض ذلك على ابنه فاستجاب له، فلما أسلما وجههما لله، وبذل إبراهيم ما في وسعه من أسباب الذبح العادية، أكرمه الله وولده وفدى الذبيح بذبح عظيم، وخلد لخليله ثناءً عاطرًا مدى الدهر، وبشره بإسحاق نبيًّا من الصالحين، وبارك عليه وعلى إسحاق عليهما السلام، قال الله تعالى: وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ
هذا صفوة ما يتصل بشأن الذبيح من قصة أبيه إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان للخليل ولدان: إسماعيل ، وإسحاق ، فأيهما كان الذبيح إسماعيل أم إسحاق عليهما السلام؟ لم يرد في ذلك نص صحيح صريح بتسميته أو تعيينه بوجه ما يقطع النزاع؛ ولذا اختلف أهل السير والتاريخ والتفسير في تعيينه، فقال جماعة منهم: إنه إسماعيل ؛ لأنه هو الذي ولد له بعد ذهابه عن قومه إلى الشام ، وكان وحيده إذ ذاك، وهو الذي كان بمكة وهي مكان الواقعة، وقد وصفه الله بالحلم والصبر، أضف إلى أن قصة الذبيح قد بدأت بالبشرى بغلام حليم، وختمت بالبشرى بإسحاق ، فكان غير الذبيح الذي بدأت به القصة، والراجح أنه إسماعيل ؛ لما تقدم من الأدلة.
وقال كثير من أهل الديانات والسير والتاريخ: إنه إسحاق ؛ لأنه هو الذي بشر به إبراهيم وسارة بعد اعتزال إبراهيم أباه وقومه، كما في سورة مريم وهود والحجر والذاريات، فليكن هو المراد بالغلام الحليم المبشر به في سورة الصافات وإذن يكون هو الذبيح. والخطب في ذلك سهل، إذ المسألة اجتهادية في أمرٍ معرفته غير ضرورية ولا يترتب على الجهل بها خطر في العقيدة، ولا أثر لها في حياة الناس العملية، فأي ابني إبراهيم كان الذبيح كان فيه وفي أبيه العبرة، وبهما تكون القدوة في الصبر على البلاء، وإيثار طاعة الله تعالى، ولو كان في ذلك ذهاب أحب شيء إلى الإِنسان حتى النفس، ولا يشين ذلك من لم يكن الذبيح، ولا ينقص من قدره كما لم ينقص كثيرًا من الأنبياء والمرسلين أنهم لم يحصل لهم مثل ذلك، فالمزية بعينها تدل على الفضيلة، لكنها لا تدل على الأفضلية. وإنما خاض في ذلك جماعة من الباحثين بدافع حب الاستطلاع وشهوة حب البحث، ولم يكن في الموضوع نص صحيح صريح كما تقدم، فاختلفوا عن اجتهاد وحسن نية أو عن عصبية وسوء طوية. والصواب: أنه إسماعيل كما تقدم؛ لأنه الأظهر من الآيات
القرآنية، ولا سيما الآيات من سورة الصافات التي سبق ذكرها. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
الفتاوى المشابهة
- هل ذبيحة المرأة جائزة، وهل يؤكل منها؟ - ابن باز
- إذا ذبح شخص إلى غير القبلة متعمدا هل تؤكل ذب... - ابن عثيمين
- قصة إبراهيم عليه السلام لما أمره الله بذبح و... - ابن عثيمين
- ما الفارق بين ذبيحة المسلم وذبيحة أهل الكتاب ؟ - الالباني
- ما الحكم في ذبيحة من يترك الصلاة ولو كسلا - اللجنة الدائمة
- الحكم على حديث: (أنا ابن الذبيحين) - ابن باز
- معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أنا ابن الذبيحين) - ابن باز
- قوله تعالى : (( قلنا يانار كوني بردا وسلاما... - ابن عثيمين
- قصة إبراهيم عليه السلام لما أمره الله بذبح إ... - ابن عثيمين
- ذكر قصة إبراهيم مع ابنه إسماعيل الذبيح عليهم... - ابن عثيمين
- الذبيح من ولدي إبراهيم عليه السلام - اللجنة الدائمة