ما حكم الجماعة الثانية في المسجد ؟ وإذا كانت مكروهة وأتيت بعد انتهاء الجماعة الأولى ؛ فهل أعود إلى بيتي وأصلي الصلاة في البيت ؛ نرجو التوضيح ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : فضيلة الشيخ - حفظكم الله - ، ما حكم الجماعة الثانية في المسجد ؟ وإذا كانت مكروهة وأتيت بعد انتهاء الجماعة الأولى ؛ فهل أعود إلى بيتي وأصلي الصلاة في البيت ؛ نرجو التوضيح ، أثابكم الله ؟
الشيخ : هذه المسألة اختلف فيها الفقهاء من الأئمة الأربعة ثمَّ مَن تابَعَهم ، فأكثرهم على القول بكراهة تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب ومؤذِّن راتب ، فالمؤذِّن يؤذِّن ليجمع الناس للصلاة في هذا المسجد ، والإمام يؤمُّهم ويصلي فيهم ، أما مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ولا مؤذِّن راتب ؛ فتجوز الجماعة الثانية وما بعدها فيه ؛ كلَّما دخلت جماعة أقامت الصلاة جماعةً ؛ لا حرج في ذلك بهذا الشرط المذكور ؛ وهو أن لا يكون له إمام راتب ولا مؤذِّن راتب ، بخلاف ما إذا كان للمسجد مثل هذا الشرط ؛ فحينئذٍ تكره عقد جماعة ثانية ، هذا مذهب الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي ، أما الإمام أحمد فالرواية المشهورة عنه أنه يقول بجواز تكرار الجماعة في المسجد الواحد ، لكني وجدت في كتابه المعروف بـ " مسائل الإمام أحمد " رواية أبي داود السجستاني صاحب السنن المعروف بـ " سنن أبي داود " وجدته يروي عن الإمام أحمد أنه قال : تُكره إعادة صلاة الجماعة في الحرمين الشريفين أكثر من غيرهما ، فرأيت في هذا النقل الصحيح الذي نقله أبو داود في " مسائله " عن الإمام أحمد - رحمه الله - ما يُوافق أقوال الأئمة الثلاثة الذين ذكرتهم آنفًا ، وكلام الإمام الشافعي في كتابه المشهور والمسمَّى بـ " الأم " صريح جدًّا في هذه المسألة ، وفيه فائدة قلَّما تلتقط من غير كتابه ؛ حيث قال بلسانه العربي القرشي : " وإذا دخل جماعةٌ المسجدَ فوجدوا الإمام قد صلى صلَّوا فرادى ، وإن صلَّوا جماعة جازت صلاتهم ، وإنما أكره ذلك منهم ؛ لأنه لم يكن من عمل السلف " ، ثم قال : " وأما مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ولا مؤذِّن راتب ؛ فيجوز فيه تكرار الجماعة فيه " ، ثم قال - وهذه هي الفائدة العزيزة التي أشرت إليها آنفًا - : " وأنا قد حفظنا أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فاتَتْهم الصلاة مع الجماعة دخلوا المسجد ، فوجدوا الإمام قد صلى صلَّوا فرادى ، قال : وقد كانوا قادرين على أن يجمِّعوا في المسجد مرة أخرى ، ولكنهم لم يفعلوا ؛ لأنهم كرهوا أن يجمِّعوا في مسجد مرتين " .
والحكمة في هذا الحكم الذي تبنَّاه الأئمة الثلاثة ، وتَبِعَهم الإمام أحمد في تلك الرواية الصحيحة عنه أن القول أو أنَّ إقامة الجماعة الثانية وما بعدها في المسجد الذي له إمام راتب ومؤذِّن راتب يؤدِّي إلى تفريق جماعة المسلمين ، وعلى الأقلِّ تقليل الجماعة الأولى ، وأنها هي التي قال فيها الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس ، وفي الرواية الأخرى : بسبع وعشرين درجة ؛ فهذه الفضيلة إنما تختص بها الجماعة الأولى لِمَا سبق من الدليل ؛ أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا إذا فاتَتْهم الصلاة مع الجماعة - أي : الأولى - صلوا فرادى ؛ فلماذا صلوا فرادى ؟
ذلك أولًا : لأنَّ الفضيلة التي ذكرناها آنفًا أنها بسبع وعشرين درجة قد فاتت ، ولا مجال لتعويضها ، وثانيًا : لأن عمل السلف كان على عدم إعادة الجماعة .
فالجماعة الأولى هي التي أشار إليها نبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " من حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لقد همَمْت أن آمر رجلًا فيصلي بالناس ، ثم آمر رجالًا فيحطبوا حطبًا ، ثم أخالف إلى أناسٍ يدعون الصلاة مع الجماعة - الجماعة هنا للعهد ؛ أي : الجماعة التي كان ... - ... لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لَشَهِدَها ؛ يعني : صلاة العشاء ، وإذا ذكرنا هذا الحديث الذي فيه هذا الوعيد الشديد حيث همَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بتحريق بيوت المتخلِّفين عن صلاة الجماعة ، هذا الهمُّ الدَّالُّ على أهمية وعظمة حكم صلاة الجماعة ، وهي أنها فريضة ؛ فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - همَّ بتحريق المتخلفين عن هذه الجماعة هي الجماعة الأولى ؛ فهل من قائل بأن مثل هذا الترهيب الشديد يتوجَّه - أيضًا - إلى كلِّ الجماعات التي تُقام بعد الجماعة الأولى ؟ ما أتخيَّل أن عالمًا أُوتي شيئًا من الفقه يجرؤ على أن يقول بأنه يُعاقب المتخلِّف عن الجماعة الثانية فما بعدها ؛ كما يُعاقب المتخلِّف عن الجماعة الأولى .
إذا ذكرنا هذا الوعيد الشديد للمتخلِّف عن صلاة الجماعة الأولى ينبغي لنا أن نذكر مثل هذا الوعيد في جماعة أخرى اتَّفق العلماء على أنه لا يُشرع إعادتها مرَّة ثانية ؛ ألا وهي جماعة صلاة الجمعة ، كما سمعتم هذا الحديث وهو في " الصحيحين " بنحوه أو بلفظه عن أبي هريرة ففي " صحيح مسلم " نحوه من حديث ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لقد همَمْت أن أحرِّق بيوت المتخلِّفين عن صلاة الجمعة ، فحين ترون افتراض التخلُّف عن صلاة الجمعة وعن صلاة الجماعة تفهمون أنَّ صلاة الجماعة في غير صلاة الجمعة هي حكمُها مثل حكم صلاة الجماعة ؛ أي : هي فرض كما قال الله - تبارك وتعالى - : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ، كذلك نفهم أنَّه كما لا يجوز إعادة الجمعة في المسجد الواحد كذلك لا يجوز إعادة الجماعة في المسجد الواحد بالشرطين المذكورين في أوَّل كلامنا هذا ؛ وهو أن يكون له إمام راتب ومؤذِّن راتب كما هو الشأن في صلاة الجمعة .
نعم .
الشيخ : هذه المسألة اختلف فيها الفقهاء من الأئمة الأربعة ثمَّ مَن تابَعَهم ، فأكثرهم على القول بكراهة تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب ومؤذِّن راتب ، فالمؤذِّن يؤذِّن ليجمع الناس للصلاة في هذا المسجد ، والإمام يؤمُّهم ويصلي فيهم ، أما مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ولا مؤذِّن راتب ؛ فتجوز الجماعة الثانية وما بعدها فيه ؛ كلَّما دخلت جماعة أقامت الصلاة جماعةً ؛ لا حرج في ذلك بهذا الشرط المذكور ؛ وهو أن لا يكون له إمام راتب ولا مؤذِّن راتب ، بخلاف ما إذا كان للمسجد مثل هذا الشرط ؛ فحينئذٍ تكره عقد جماعة ثانية ، هذا مذهب الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي ، أما الإمام أحمد فالرواية المشهورة عنه أنه يقول بجواز تكرار الجماعة في المسجد الواحد ، لكني وجدت في كتابه المعروف بـ " مسائل الإمام أحمد " رواية أبي داود السجستاني صاحب السنن المعروف بـ " سنن أبي داود " وجدته يروي عن الإمام أحمد أنه قال : تُكره إعادة صلاة الجماعة في الحرمين الشريفين أكثر من غيرهما ، فرأيت في هذا النقل الصحيح الذي نقله أبو داود في " مسائله " عن الإمام أحمد - رحمه الله - ما يُوافق أقوال الأئمة الثلاثة الذين ذكرتهم آنفًا ، وكلام الإمام الشافعي في كتابه المشهور والمسمَّى بـ " الأم " صريح جدًّا في هذه المسألة ، وفيه فائدة قلَّما تلتقط من غير كتابه ؛ حيث قال بلسانه العربي القرشي : " وإذا دخل جماعةٌ المسجدَ فوجدوا الإمام قد صلى صلَّوا فرادى ، وإن صلَّوا جماعة جازت صلاتهم ، وإنما أكره ذلك منهم ؛ لأنه لم يكن من عمل السلف " ، ثم قال : " وأما مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ولا مؤذِّن راتب ؛ فيجوز فيه تكرار الجماعة فيه " ، ثم قال - وهذه هي الفائدة العزيزة التي أشرت إليها آنفًا - : " وأنا قد حفظنا أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فاتَتْهم الصلاة مع الجماعة دخلوا المسجد ، فوجدوا الإمام قد صلى صلَّوا فرادى ، قال : وقد كانوا قادرين على أن يجمِّعوا في المسجد مرة أخرى ، ولكنهم لم يفعلوا ؛ لأنهم كرهوا أن يجمِّعوا في مسجد مرتين " .
والحكمة في هذا الحكم الذي تبنَّاه الأئمة الثلاثة ، وتَبِعَهم الإمام أحمد في تلك الرواية الصحيحة عنه أن القول أو أنَّ إقامة الجماعة الثانية وما بعدها في المسجد الذي له إمام راتب ومؤذِّن راتب يؤدِّي إلى تفريق جماعة المسلمين ، وعلى الأقلِّ تقليل الجماعة الأولى ، وأنها هي التي قال فيها الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس ، وفي الرواية الأخرى : بسبع وعشرين درجة ؛ فهذه الفضيلة إنما تختص بها الجماعة الأولى لِمَا سبق من الدليل ؛ أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا إذا فاتَتْهم الصلاة مع الجماعة - أي : الأولى - صلوا فرادى ؛ فلماذا صلوا فرادى ؟
ذلك أولًا : لأنَّ الفضيلة التي ذكرناها آنفًا أنها بسبع وعشرين درجة قد فاتت ، ولا مجال لتعويضها ، وثانيًا : لأن عمل السلف كان على عدم إعادة الجماعة .
فالجماعة الأولى هي التي أشار إليها نبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " من حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لقد همَمْت أن آمر رجلًا فيصلي بالناس ، ثم آمر رجالًا فيحطبوا حطبًا ، ثم أخالف إلى أناسٍ يدعون الصلاة مع الجماعة - الجماعة هنا للعهد ؛ أي : الجماعة التي كان ... - ... لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لَشَهِدَها ؛ يعني : صلاة العشاء ، وإذا ذكرنا هذا الحديث الذي فيه هذا الوعيد الشديد حيث همَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بتحريق بيوت المتخلِّفين عن صلاة الجماعة ، هذا الهمُّ الدَّالُّ على أهمية وعظمة حكم صلاة الجماعة ، وهي أنها فريضة ؛ فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - همَّ بتحريق المتخلفين عن هذه الجماعة هي الجماعة الأولى ؛ فهل من قائل بأن مثل هذا الترهيب الشديد يتوجَّه - أيضًا - إلى كلِّ الجماعات التي تُقام بعد الجماعة الأولى ؟ ما أتخيَّل أن عالمًا أُوتي شيئًا من الفقه يجرؤ على أن يقول بأنه يُعاقب المتخلِّف عن الجماعة الثانية فما بعدها ؛ كما يُعاقب المتخلِّف عن الجماعة الأولى .
إذا ذكرنا هذا الوعيد الشديد للمتخلِّف عن صلاة الجماعة الأولى ينبغي لنا أن نذكر مثل هذا الوعيد في جماعة أخرى اتَّفق العلماء على أنه لا يُشرع إعادتها مرَّة ثانية ؛ ألا وهي جماعة صلاة الجمعة ، كما سمعتم هذا الحديث وهو في " الصحيحين " بنحوه أو بلفظه عن أبي هريرة ففي " صحيح مسلم " نحوه من حديث ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لقد همَمْت أن أحرِّق بيوت المتخلِّفين عن صلاة الجمعة ، فحين ترون افتراض التخلُّف عن صلاة الجمعة وعن صلاة الجماعة تفهمون أنَّ صلاة الجماعة في غير صلاة الجمعة هي حكمُها مثل حكم صلاة الجماعة ؛ أي : هي فرض كما قال الله - تبارك وتعالى - : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ، كذلك نفهم أنَّه كما لا يجوز إعادة الجمعة في المسجد الواحد كذلك لا يجوز إعادة الجماعة في المسجد الواحد بالشرطين المذكورين في أوَّل كلامنا هذا ؛ وهو أن يكون له إمام راتب ومؤذِّن راتب كما هو الشأن في صلاة الجمعة .
نعم .
الفتاوى المشابهة
- حكم تكرار الجماعة في المسجد الواحد . - الالباني
- ما حكم الجماعة الثانية في مسجد له مؤذن راتب وإ... - الالباني
- حكم وجود جماعتين في المسجد بعد الجماعة الأولى - ابن باز
- حكم الجماعة الثانية في المسجد . - الالباني
- صلاة الجماعة وفضلها . - الالباني
- حكم إقامة جماعة ثانية بعد انتهاء الجماعة الأولى... - ابن باز
- ما حكم الجماعة الثانية في المسجد وما قول شيخ ا... - الالباني
- ما الحكمة من كراهة تكرار الجماعة الثانية في ال... - الالباني
- صلاة جماعة ثانية بعد صلاة الجماعة الأولى... - اللجنة الدائمة
- ما حكم صلاة الجماعة الثانية في المسجد.؟ - الالباني
- ما حكم الجماعة الثانية في المسجد ؟ وإذا كانت م... - الالباني