تم نسخ النصتم نسخ العنوان
يزعمالسائل
العالم
طريقة البحث
يزعم البعض أن كثرة الردود بين أهل العلم ظاهرة مرضية وأن الواجب طرح ذلك والرد على أهل الضلال كالعلمانية والماسونية فما رأي فضيلتكم ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : -جزاك الله خيراً وأثابك الله- يقول السائل : يزعم البعض أن كثرة الردود بين أهل العلم ظاهرة مرضية ، وفي هذا تشتت للفكر وطعن فيما بينهم ، وهذا الوقت ليس وقت رد ، وإنما هو وقت اتحاد ووقفة في وجه الغزوات الصليبية والشيوعية والرأسمالية والماسونية والعلمانية ، فينبغي طرح تلك الردود والالتفات إلى الخطر الأعظم ، فما تعليق فضيلتكم على ذلك ، جزاكم الله خيرًا ؟

الشيخ : كلامٌ نسمعه في كثير من البلاد التي فيها بعض الشباب المتحمسين للإسلام الذين لو سألتهم ما هو الإسلام ، لقالوا مثل ذلك الرجل الأعجمي الذي ضُرب به المثل في جهله بإسلامه حين لقي رجلًا مِن اليهود -ممن يسمونهم اليوم بالمواطنين ، وهذه التسمية مِن بدع العصر الحاضر ، وإنما اسمهم في الإسلام : الذميين ، لأن كلمة المواطنيين تعطي أنه لا فرق بين مسلم وكافر يقيم بين ظهراني المسلمين ، أما التسمية الشرعية وهي : أنهم من أهل الذمة أي : أُعطيت لهم ذمة الله أن تصان أموالهم وأعراضهم مقابل خضوعهم للحكم بالإسلام في الأرض التي هم يعيشون فيها- الشاهد لقي هذا الرجل الأعجمي رجلًا من اليهود من أهل الذمة فأخرج الخنجر من غمده ، وهدد هذا الرجل بقتله ، قال له : أسلم وإلا قتلتك ، فارتعشت فرائص هذا اليهودي ، وقال : " لا دخلك ماذا أقول ؟ قال : لا أدري " ، هذا المتحمس للإسلام حتى همّ بقتل رجل ذمي يقول حينما خضع الذمي لأمره إياه بالإسلام فسأله ماذا يقول ، لم يحسن أن يقول له : قل لا إله إلا الله ، لأن الرسول عليه السلام قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ومع ذلك فهذا الأعجمي مِن جهله أنه لا يعلم أن هذا الذمي دمه مصون ، لأنه من أهل الذمة فلا يجوز أن يفرض عليه الإسلام لأن في مثله قال رب الأنام : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .
إن هذا النوع من الأسئلة إنما تنبع من ناس لا يُقدرون الإسلام حقَّ قدره ولا يهتمون بالعمل به ، من هم هؤلاء المسلمون الذين يقول عنهم إنه يجب عليهم أن يتّحدوا لمحاربة الكفار بأشكاله وأنواعه كما جاء في السؤال ، آلذين فهموا الإسلام ، أم الذين جهلوه ؟!
لا شك أنه إن أنصفَ وتجردَ عن الحزبية والعصبية الجاهلية لقال جوابا عن هذا السؤال : إنما هم الذين عرفوا الإسلام ، نقول : عرفت فالزم .
إذاً يأتيك السؤال الثاني : من هؤلاء الذين بإمكانهم أن يقفوا أمام الكفار على أنواعهم واختلاف عقائدهم ، أهؤلاء المسلمين الذين فهموا الإسلام وطبقوه على أنفسهم وعلى ذراريهم وأهاليهم ، أم الذين أهملوا الإسلام جانباً واكتفوا بالصياحِ والزعاق وقول : دعوا الاختلافات بينكم وتوجهوا لمحاربة الأعداء ، قد قال آنفاً أن هؤلاء إن لم يكونوا عالمين بالإسلام لا يستطيعون أن يجاهدوا الكفار فقلنا له : عرفت فالزم .
والآن نقول : عالمين بالإسلام ولكن لا يعملون بالإسلام ، أهؤلاء يستطيعون أن يقفوا تجاه الأعداء هؤلاء ، أم لابد أن يكونوا عاملين بالإسلام لا يكتفون فقط على معرفته ؟!
فإن قال كما هو الظن به : لابد أن يكونوا أيضاً عاملين بالإسلام ، فحينئذ نقول له ولأمثاله من المغرورين بالدعاوى الفارغة : قوموا وحاربوا الكفار ودعوا الخلافات ، نقول له كما قال رب العالمين : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه والمؤمنون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ، والعمل كما قدمنا آنفاً ينبغي أن يكون على علم ، فكيف تفعل أنت يا مسكين إذا وجدت قولين للعلماء من تلك الأقوال الكثيرة التي غضضت الطرف عنها وأمرتهم بأن يستجيبوا لأمرك هذا الفج بأن يتفقوا .