تم نسخ النصتم نسخ العنوان
بعض العبر في بعض قصص وقعت في من قبلنا من الأمم... - الالبانيالشيخ : لا بدَّ لي بهذه المناسبة أن أذكر بعض العبر بعض القصص التي وقعت في من قبلنا من الأمم وكان لها أثر عجيب جدًّا بسبب تقوى الله ، خلاصة ذلك أن الله -...
العالم
طريقة البحث
بعض العبر في بعض قصص وقعت في من قبلنا من الأمم ، وأقسام الإسرائيليات .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : لا بدَّ لي بهذه المناسبة أن أذكر بعض العبر بعض القصص التي وقعت في من قبلنا من الأمم وكان لها أثر عجيب جدًّا بسبب تقوى الله ، خلاصة ذلك أن الله - عز وجل - خلق سنة الكون من أجل ذلك المتقي وذاك ؛ ففي " صحيح البخاري " - مثلًا - أن رجلًا قال - عليه السلام - : أن رجلًا ممن قبلكم جاءَه رجل فقال : أسلفني مئة دينار ، أسلفني أقرضني مئة دينار ، قال : هاتِ الكفيل . قال : الله كفيل . قال : هاتِ الشهيد . قال : الله الشهيد . فنقدَه مئة دينار ذهب مش ورق ، اليوم مرتفع وبكرة نازل ! وتواعدا على يوم الوفاء ، وانطلق المُستدين بالمئة دينار يضرب في البحر ، ويبدو أن الله - عز وجل - أخذ بيده ووفَّقه ، ولما جاء اليوم الموعود لم يستطع أن يذهبَ إلى صاحبه الدَّائن ، فماذا فعل ؟ - هنا العجب - جاء إلى خشبة فنقرَها نقرًا ، ودكَّ فيها مئة دينار ، حجر ذهب صامت ، وحشاها حشوًا جيِّدًا ، ثم وقف على الساحل ، فقال : يا ربي ، أنت كنتَ الشهيد وأنتَ كنتَ الكفيل . ورمى هذه الخشبة في البحر ، كأنه يقول : أنت بقى بحكمتك بقدرتك دبِّرني ، أنا ما استطعت أن أذهب إلى صاحبي لأسلِّمه المئة دينار ، فأمر الله - عز وجل - - هنا خرق العادة ! - أمر الله - عز وجل - الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة إلى البلدة التي فيها صاحبه ، وكان صاحبه خرج في اليوم الموعود ليستقبلَ صاحبه بالدَّين ، وانتظر مليًّا عبثًا ، فوقع بصره على خشبة بين يديه تتلاعب بها الأمواج ، فأُلقي في باله أنُّو خذ هذه الخشبة حطبًا للوقود ، فأخذها ووجدها أوزن من طبيعتها ، فذهب إلى الدار كسرها ؛ " ور ور ور " انهارت المئة دينار تلألأ ، عجب ! وسُرعان أن جاء صاحبه - انظروا الصدق والإخلاص والإيمان بالله والتجاوب مع الأحكام الشرعية - ، إنه تجاهل ما صنع ، لم يقل للدَّائن هل وصلتك الأمانة ؟ ما قال ؛ لأنه لم يُرسلها بطريق معتاد ، إنما أرسلها بطريق خارق للعادة ، ولذلك ضربَ صفحًا عمَّا فعل سابقًا ، ونقدَه مئة دينار أخرى ، انظروا كيف يتحقَّق المثل المشهور في بعض البلاد : " إن الطيور على أشكالها تقع " ، كلاهما صادق مع الله - تبارك وتعالى - ، فلما رأى الغنيُّ المئة دينار أخرى قصَّ عليه القصة ، وكان باستطاعته أن يكتمها ، لأنُّو لا شهيد ولا رقيب ولا أي شيء ؛ يأخذ هالمية بيحطها بجيبتو ، حقُّو ، أما الذي جاءه من طريق البحر ما في اسم مسجَّل في البريد هناك حتى يُحاسب ، لكن الله - عز وجل - هو الحسيب ! فقصَّ عليه القصة وقال : قصَّتي والخشبة كذا وكذا ، قال : والله أنا فعلت هذا ، لأنني شعرت بأنَّ الأجل قد حان ، وأنا لا أستطيع أن آتيك في الأجل الموعود ، ففعلت ما فعلت ، قال : بارك الله لك في مالك وقد وفَّى الله عنك ، وردَّ الله عليه المئة دينار .
هذا تفسير لحديث في البخاري مرفوع وليس من الإسرائيليات ، الإسرائيليات - أقولها كلمة عارضة - ولو أنها كانت قريبة : الإسرائيليات قسمان : قسم - وهو الأقل - يتحدَّث بها نبيُّنا الصادق الأمين ، فإذا صحَّ السند بذلك فنعمَّا هو ، ووجب علينا تصديقه ، والقسم الآخر - وهو الأكثر والأعم والأشمل - تُروى عن أهل الكتاب ، وموقفنا بالنسبة لهذا الحديث كما جاء عن الرسول - عليه السلام - : إذا حدَّثكم أهل الكتاب فلا تصدِّقوهم ولا تكذِّبوهم ، أما هذا الحديث فهو من القسم الأول ، فيجب علينا أن نصدِّق به ؛ لأنه خرج بإسناد إلينا وصل صحيحًا من الصَّادق المصدوق - عليه الصلاة والسلام - .
من هذا القبيل - أيضًا - من حيث إنه من الإسرائيليات أوَّلًا ، ومن حيث إنه يتعلَّق بالآية السابقة ذكرًا ومن يتَّق الله يجعل له مخرجًا إلى آخر الآية ؛ ما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " -- تفضَّل -- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : بينما رجلٌ ممَّن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض - في الصحراء - إذ سمع صوتًا من السَّحاب يقول له : اسقِ أرض فلان .
تريد أن تتوضَّا يا أبا محمد ؟ هنا الميضأة .

سائل آخر " أبو محمد " : بارك الله فيك .

الشيخ : مع السلامة . معذرة في عنَّا بعد المغرب أقاربنا هنا وبنات إخوة لنا ، ولا بد من أن نقدِّم إليهم حقَّهم ، فمعذرةً إليكم . نعم ؟

سائل آخر : نصلي العشاء هنا ؟

الشيخ : إلى الغد - إن شاء الله - ، وإن غدًا لناظره قريب !

سائل آخر : بعد المغرب ؟

الشيخ : آ ؟

سائل آخر : بعد المغرب .

الشيخ : بعد المغرب ، لكن ممكن يُسمح لنا فرصة في أثناء النهار - أيضًا - .
الشاهد : أن الرجل سمع هذا الصوت ، فسارَ مع السَّحاب ، وإذا بالسَّحاب يُفرغ مشحونه من المطر في بستان في حديقة ، فأطلَّ وإذا به يرى رجلًا يعمل بالمسحاة في أرضه ، فلما أطلَّ عليه ورآه قال : يبدو أنك رجل غريب ؟! قال : نعم ، لكن أنا سمعت صوتًا من السَّحاب يقول : اسقِ أرض فلان ؛ فأنت فلان ؟ قال : نعم . قال : فبِمَ استحققت هذه المكرمة من الله حيث سخَّر لك السحاب ؟ أفرغت مشحونها من المطر في هذه الأرض .
ذكَّرني هذا الحديث بقصة ذلك الأعرابي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم الجمعة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، قال : يا رسول الله ، هلكت الأموال والعيال بقلَّة الأمطار ، فاسقِ لنا ، فقال - عليه السلام - : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، قال أنس بن مالك - راوي القصة - : فجاشت السماء كأفواه القُرَب ، قال : فمُطرنا سبتًا ؛ أي : أسبوعًا كاملًا ؛ حتى جاء الأعرابي نفسَه أو غيره - شكَّ الراوي - فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال والعيال من كثرة الأمطار ؛ فادع الله لنا أنُّو يكشفها . قال : فأمسكت السماء فلا تمطر إلا حول المدينة ، فكانت المدينة كأنَّ عليها جَوْنة - يعني تُرس غطاء - .
ذكَّرتني تلك القصة بهذه القصة من حيث المقابلة ؛ السحاب هناك يسقي أرضًا معيَّنة ولا يسقي ما حولها ، هنا في قصة أنس يسقي ما حول المدينة بعد أن استغنَتِ الأمطار ، فكأنَّ عليها جونة ؛ ذلك من قدرة الله - عز وجل - الواسعة ؛ فثمَّ سأله : أنت هو فلان ؟ قال : نعم . قال له : بمَ وصلت إلى هذه المكرمة ؟ قال : لا أعلم ؛ لكني عندي هذه الأرض ، فأنا أزرعها وأحصدها ، ثم أجعل حصيدَها ثلاثةَ أثلاث ؛ ثلث أنفقه أعيده على نفسي وعيالي ، وثلث أعيده إلى أرضي ، وثلث أتصدَّق به على جيراني ، قال له : هو هذا .
إذًا فبتقواه سخَّر له الله السماء ، وذاك بتقواه سخَّر الله له البحر ، نحن يا ترى لو أننا اتقينا الله - عز وجل - ما يحفظ لنا أموالنا ونحن نزكِّيها زكاة شرعيَّة صحيحة ؟ لا شكَّ ، لكننا بحاجة إلى مثل ذلك الإيمان ؛ فنسأل الله - عز وجل - أن يقوِّي إيماننا ، وأن يظهر أثر إيماننا على أعمالنا . والآن نقول : انصرفوا راشدين إلى صلاتكم .

Webiste