تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما صحة قصة الملكين هاروت و ماروت بعدما كلفهم... - ابن عثيمينالسائل : السائل سوداني حبيب ومقيم بالرياض يقول ما صحة قصة الملكين هاروت وماروت بعدما ما كلفهما الله عز وجل بأمره ونهاهم ما نهاهم عنه ما الإثم الذي ارتكب...
العالم
طريقة البحث
ما صحة قصة الملكين هاروت و ماروت بعدما كلفهم الله عز و جل بأمره و نهاهم ما نهاهم عنه ، ما الإثم الذي ارتكباه ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : السائل سوداني حبيب ومقيم بالرياض يقول ما صحة قصة الملكين هاروت وماروت بعدما ما كلفهما الله عز وجل بأمره ونهاهم ما نهاهم عنه ما الإثم الذي ارتكباه؟

الشيخ : الصحيح أن هذه القصة مفتعلة مأخوذة عن بني إسرائيل وما أكثر أخبار بني إسرائيل التي لا أساس لها من الصحة.
وإني أنصح أخي السائل وغيره أن يقتصروا في القصص على ما جاء في القرءان والسنّة فقط والسنّة الصحيحة أيضا وذلك لقول الله تبارك وتعالى أَلَم يَأتِكُم نَبَأُ الَّذينَ مِن قَبلِكُم قَومِ نوحٍ وَعادٍ وَثَمودَ وَالَّذينَ مِن بَعدِهِم لا يَعلَمُهُم إِلَّا اللَّهُ فإذا كان لا يعلمهم إلا الله فإن الواجب أن تتلقى أخبارهم من الله سبحانه وتعالى من القرءان أو من السنّة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم وربما كان في هذه القصص ما يقدح في التوحيد من حيث لا يعلم الإنسان.
وأضرب للسائل مثلا في قصة داوود عليه الصلاة والسلام في قول الله تبارك وتعالى وَهَل أَتاكَ نَبَأُ الخَصمِ إِذ تَسَوَّرُوا المِحرابَ * إِذ دَخَلوا عَلى داوودَ فَفَزِعَ مِنهُم قالوا لا تَخَف خَصمانِ بَغى بَعضُنا عَلى بَعضٍ فَاحكُم بَينَنا بِالحَقِّ وَلا تُشطِط وَاهدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ * إِنَّ هذا أَخي لَهُ تِسعٌ وَتِسعونَ نَعجَةً وَلِيَ نَعجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكفِلنيها وَعَزَّني فِي الخِطابِ * قالَ لَقَد ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ الخُلَطاءِ لَيَبغي بَعضُهُم عَلى بَعضٍ إِلَّا الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَقَليلٌ ما هُم وَظَنَّ داوودُ أَنَّما فَتَنّاهُ فَاستَغفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعًا وَأَنابَ * فَغَفَرنا لَهُ ذلِكَ يزعم بعض القصّاص أن داوود عليه الصلاة والسلام أعجبته امرأة رجل عنده وكان داوود عليه الصلاة والسلام عنده تسع وتسعون امرأة فأعجبته هذه المرأة وهي مع زوج ففكّر ماذا يصنع في الوصول إليها فأمر هذا الرجل أن يذهب للغزو في سبيل الله لعله يُقتل فيتزوّجها داوود من بعده وهذا من أعظم المنكرات، هذا لا يليق برجل عاقل فضلا عن مؤمن فضلا عن نبي من الأنبياء فهي قصة مكذوبة تخدش في العقيدة، داوود عليه الصلاة والسلام مبرّأ من هذا الخلق الذميم والقصة على ظاهرها خصمان اختصما عند داوود عليه الصلاة والسلام وكان داوود قد انفرد يعبد الله تبارك وتعالى في محرابه وأغلق عليه الباب اجتهادا منه وكان داوود عليه الصلاة والسلام هو الذي يحكم بين الناس والحاكم بين الناس يجب أن يفتح لهم الباب وأن يفسح لهم المجال حتى يختصموا ويَحكم بينهم ففتنه الله عز وجل وذلك بأن اختبره سبحانه وتعالى لما انفرد في محرابه وأغلق الباب بعث الله إليه هذين الخصمين فتسوّروا المحراب يعني أنهم قفزوا من فوق الجدار ففزع منهم كيف يدخلون عليه والباب مغلق فقالوا لا تخَف خصمان بغى بعضنا على بعض وذكروا البغي فقال إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة والنعجة هنا ليست المرأة كما قيل بل هي الشاة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب أي هبها لي لأجل يُكمّل مائة فيبقى هو عنده مائة نعجة وهذا ليس عنده شيء يقول عزّني في الخطاب يعني غلبني كأنه فصيح ذو بيان شديد فقال داوود عليه الصلاة والسلام لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وهنا القصة تجد فيها أولا أن داوود عليه الصلاة والسلام انفرد في محرابه في عبادته الخاصة دون أن يفتح بابه للحكم بين الناس.
ثانيا أنه استمع إلى الخصم دون أن يأخذ حجة الخصم الأخر.
ثالثا أنه حكم بقول الخصم دون أن ينظر ما عند الخصم الأخر فلذلك عَلِم داوود أن الله تعالى اختبره وفتنه فخرّ راكعا وأناب وتاب إلى الله عز وجل من كوْنه انفرد في محرابه وأغلق الباب عليه وكونه أخذ بقول الخصم دون أن يسأل الخصم الأخر وكونه حكم له دون أن ينظر ما عند الأخر من مدافعة، هذه هي القصة وهي واضحة في القرءان ولا حاجة أن نصطنع قصصا مكذوبة وفيها خدش للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأمثال هذا كثير لذلك أنصح إخواننا الذين يقرؤون في كتب التفسير المشحونة بهذه الإسرائيليات أنصحهم من أن يتمادوْا في هذا وأقول لهم اتركوا هذه التفاسير وإن كان فيها خير كثير لكن هذا الشر الذي لا يعلم عنه إلا العلماء قد يغتر به بعض العامة الذين يُطالعون هذه الكتب.

السائل : جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء شيخ محمد.

Webiste