السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السائل : فضيلة الشيخ حديث الصحابي الذي حضر جنازته سبعون ألف ملك، عندما دفنه الرسول وقال: لقد ضم ضمة لو سلم منها أحد لسلم منها هل هذا حاصل لجميع البشر؟

الشيخ : أما كونه حضر سبعين ألف ملك فهذا لا أعرفه، أما كونها ضمته ضمة فهو سعد بن معاذ رضي الله عنه، وهو سيد الأوس، ومعروف قسمته مع بني قريظة الذين كانوا حلفاءه، حين غدروا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فغزاهم وحاصرهم أكثر من عشرين ليلة، فلما تعبوا من الحصار سألوا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
وكان سعد رضي الله عنه في خيمة له في المسجد لأنه أصيبت أَكحله في يوم الأحزاب، فبنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم قبة يعني خيمة في المسجد ليزوره عن قرب، وكان رضي الله عنه لما سمع بأن بني قريظة وهم حلفاؤه نقضوا العهد قال: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني بهم، يعني بأن يأخذوا، لما طلبوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ أرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له إن حلفاءك أرادوا أن ينزلوا على حكمك، يعني أخبره بذلك بأنهم طلبوا أن ينزلوا على حكمه، فجاء رضي الله عنه من مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكان بني قريظة على حمار، راكبًا على حمار، فلما أقبل قال: قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه ونزل، ثم اجتمع رؤساء اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يحكم فيهم سعد بن معاذ، وكان اليهود ينتظرون أن يحكم سعد فيهم بما حكم به عبد الله بن أُبَي في بني النضير، لكن فرق بين عبد الله بن أُبي رأس المنافقين وبين سعد بن معاذ رضي الله عنه، فلما حضروا قال: حكمي نافذ عليكم، يقول لليهود، قالوا: نعم، قال: وعلى من هنا ؟ ولم يقل وعلى الرسول وهذا من أدبه، ما قال حكمي نافذ على الرسول، قال: نعم، فقال: أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى نساؤهم وذريتهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات ثم نفذ حكمه، فقتل المقاتلة وسبى النساء والذرية.
وبعد ذلك انبعث الدم من جرح سعد بن معاذ ومات رضي الله عنه، لأنه بقي استجاب الله دعوته أقر الله عينه ببني قريظة حتى صار حكمهم بيده، ولما حكم وانتهت قضيتهم انبعث الدم فمات رضي الله عنه.
ويًذكر أن عرش الرب جل وعلا اهتز لموته، الله أكبر! وفي ذلك يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
" وما ‌اهتزَّ ‌عرش ‌الله ‌من ‌أجل ‌هالكٍ *** سمعنا به إلا لسعدٍ أبي عمرو " رضي الله عنه.

السائل : الضمة؟

الشيخ : إي نعم، أما الضمة فقد ورد أن للقبر ضمة، ولكن فيما أذكر أن هذا الحديث فيه ضعف، لأن الأحاديث الصحيحة تدل على أن الرجل إذا سأله الملكان وأجاب بالصواب فسح له في قبره، فإن صح الحديث فالمعنى أنه أول ما يدخل يضمه ثم ينطلق، وقد ذُكر أن ضمة القبر للمؤمن كضمة الأم الرحيمة لولدها، يعني ما هو ضم يؤلم أو يؤذي، نسأل اله أن يجعلنا وإياكم من السعداء.