تم نسخ النصتم نسخ العنوان
صفة الحج والعمرة . - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .أما بعد:فهذا هو ال...
العالم
طريقة البحث
صفة الحج والعمرة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا هو اللقاء التسعون من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل خميس في كل أسبوع، وهذا هو الخميس العشرون من شهر ذي القعدة عام خمسة عشر وأربعمئة وألف، لقاؤنا هذا اليوم سيشتمل على صفة للعمرة والحج موجزة، ثم في اللقاءات الأخرى إن شاء الله نتكلم عن أركان وواجبات الحج والعمرة، ثم عن محظورات الإحرام إن شاء الله تعالى.
من المعلوم لنا جميعًا أن العبادة لا تتم إلا بشرطين، الشرط الأول: الإخلاص لله، والشرط الثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم دليل هذا قوله تعالى: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } فمخلصين له الدين هذا الإخلاص وحنفاء هذه المتابعة، وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "أن الله تعالى قال: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" فهذا الإخلاص.
المتابعة: ثبت في الصحيحين أيضًا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" وفي لفظ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" إذن لابد من الإخلاص والمتابعة، ولا تتحقق المتابعة إلا بمعرفة كيف كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل حتى نكون متبعين له، ولهذا ينبغي لنا ونحن نفعل العبادات أن نستحضر هذين الأمرين، الإخلاص، والثاني: المتابعة، الإخلاص بأن لا نبتغي بعبادتنا إلا وجه الله والدار الآخرة، وأن نستشعر أيضًا أننا نمتثل أوامر الله فمثلًا عند الوضوء نحن نتوضأ نغسل الأعضاء المغسول منها ونمسح الممسوح، لكن ينبغي أن نستحضر بأننا نمتثل قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } إلى آخره حتى يتم الإخلاص والإذعان والذل لله عز وجل، ثم نستحضر أيضًا أننا نتابع الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا لأن هذا مما أمرنا به كما قال تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }.
من ذلك ما نحن في صدده الآن من صفة العمرة والحج أولًا: نبدأ من الميقات: إذا وصل الإنسان إلى الميقات اغتسل كما يغتسل للجنابة وبعد التجرد من الثياب، ثم يطيب بدنه بأطيب ما يجد يجعل الطيب على رأسه وعلى لحيته، ثم يلبس ثياب الإحرام إزارا ورداء أبيضين هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تتبرج بالزينة، ثم إن كان وقت صلاة فريضة أدى الفريضة وأحرم بعدها، وإن كان غير وقت فريضة صلى صلاة سنة على أنها سنة الوضوء، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه شرع صلاة معينة عند الدخول في النسك، ثم يلبي بعد أن ينوي الدخول في النسك يلبي فيقول: لبيك اللهم عمرة، ويتوجه إلى مكة ولا يزال يلبي إلى أن يبتدئ بالطواف، عند الابتداء بالطواف أول ما يبتدئ به الحجر يستلمه أي: يمسحه بيده ويقبله هذا إن تيسر، وإلا فالسنة ألا يزاحم فيتأذى ويؤذي، وأنتم تعلمون أنه في المزاحمة يخرج الإنسان عن استحضار النية واستحضار العبادة، لأنه يحاول أن يدافع عن نفسه، فإذا وجدت زحامًا فالسنة ألا تزاحم أشر إليه والإشارة تكفي، وفي حال الإشارة لا تقبل يدك فتبتدئ الطواف، وهذا يسمى طواف القدوم وهو طواف عمرة في نفس الوقت، في هذا الطواف يسن للرجل أن يضطبع في جميع الطواف، والاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، وأن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى دون الأربعة الباقية، والرمل: إسراع المشي دون مد الخطوة يعني تسرع لكن لا تمد الخطوة خطوة عادية، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعل كذلك في حجة الوداع، فإذا انتهيت من الطواف سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ قول الله تعالى: { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } تقرأ هذه الآية تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واستحضارًا وامتثالك أمر الله، فتصلي ركعتين خلف المقام وتتميز هاتان الركعتان بأن يقرأ في الأولى: { قل يا أيها الكافرون } وفي الثانية: الإخلاص وأن يوجز فيهما ولا يطول، لأن المكان مكان صلاة لك ولغيرك، فإذا أطلت حجزت المكان عن غيرك، إذا انتهيت من هذا ترجع إلى الحجر الأسود إن تيسر لك أن تستلمه فافعل وإلا فلا حرج، ولا تشير في هذه الحال اخرج إلى المسعى، فإذا دنوت من الصفا فاقرأ قول الله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } وتصعد على الصفا حتى ترى الكعبة فاستقبلها، وارفع يديك للدعاء والذكر وقل: الله أكبر ثلاث مرات، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم تدعو بما شئت، ثم تعيد الذكر مرة ثانية، ثم تدعو بما شئت، ثم تعيد الذكر مرة ثالثة وتنزل، فيكون الذكر معادًا ثلاث مرات والدعاء كم؟ مرتين، تنزل من الصفا متجها إلى المروة ماشيا حتى تصل إلى العلم الأخضر أي: العمود الأخضر وهو معروف والحمد لله وفوق رأسك لمبات خضراء تدل عليه، فإذا وصلت هذا فاركض ركضًا شديدًا بقدر ما تستطيع إذا كان هناك مجال وإلا فامش على ما يتيسر لك إلى العلم الآخر، ثم تمشي مشيًا معتادًا إلى المروة فإذا وصلت المروة فقل كما قلت على الصفا وهذا شوط، ثم ارجع من المروة إلى الصفا وهذا شوط آخر وهلم جرًّا إلى سبعة أشواط تبتدئ بالصفا وتنتهي بالمروة، وبعد هذا تقصّر شعر رأسك إذا كنت متمتعًا، وإن كنت غير متمتع فاحلقه أو قصره والحلق أفضل ثم تحل من إحرامك الحل كله، تلبس الثياب وتتطيب وتتمتع بأهلك إن كانوا معك وتفعل جميع ما حرم عليك بالإحرام، فإذا كان اليوم الثاني من ذي الحجة فأحرم بالحج من مكانك الذي أنت فيه، فتغتسل وتتطيب وتلبس ثياب الإحرام وتخرج إلى منى لتبقى بها إلى طلوع الشمس من اليوم التاسع، تصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، خمسة أوقات كل صلاة في وقتها إلا أنك تقصر الرباعية، فإذا طلعت الشمس تسير إلى عرفة، لكن إن تيسر لك أن تنزل بنمرة وهي مكان قرب عرفة وليست من عرفة فانزل فيها، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نزل في نمرة إلى أن زالت الشمس، فافعل هذا إن تيسر وإن لم يتيسر فلا حرج أن تمضي من منى إلى عرفة رأسًا، فإذا زالت الشمس من يوم عرفة فحينئذ تتفرغ للدعاء والذكر بعد أن تصلي الظهر والعصر مقصورتين مجموعتين جمع تقديم، وتتفرغ للذكر والدعاء في هذا اليوم العظيم الذي هو من أفضل أيام السنة ومن أقرب ما يكون إلى الإجابة إلى أن تغرب الشمس، فإذا غربت الشمس فادفع من عرفة متجهًا إلى مزدلفة وتجمع بين المغرب والعشاء بمعنى أنك تؤخر المغرب إلى تصل إلى مزدلفة، ثم تصلي بها المغرب والعشاء المغرب ثلاثية لا تقصر والعشاء رباعية فتصليها ركعتين، ثم تبيت هناك إلى أن تصلي الفجر بها، وإذا صليت الفجر فتفرغ للدعاء والوقوف إلى أن تسفر جدًّا، يعني: إلى أن يبين الإسفار بيانًا ظاهرًا، ثم توجه بعد ذلك إلى منى وتقصد جمرة العقبة قبل كل شيء، فترميها بسبع حصيات متعاقبات تكبر مع كل حصاة، ثم تنصرف بعد هذا إلى المنحر يعني إلى المكان الذي تريد أن تنحر فيه هديك فتنحر الهدي، ثم تحلق رأسك وتحل التحلل الأول، ثم تنزل إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة وتسعى سعي الحج، وهنا الطواف بلباسك المعتاد، لأنك حللت التحلل الأول وليس فيه رمل وكذلك السعي بلباسك المعتاد، ولكن فيه السعي بين العلمين، ثم إذا أنهيت ذلك فقد حللت كل الحل، تتمتع بكل ما منعت منه في الإحرام، ثم تخرج إلى منى لتبيت بها ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر، وفي هذين اليومين ترمي الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات تبدأ بالأولى التي هي أقصى الجمرات عن مكة فترميها بسبع حصيات متعاقبات، تكبر مع كل حصاة ثم تقف للدعاء مستقبل القبلة رافعًا يديك، وتطيل الدعاء إن تمكنت وإلا فبما تيسر، ثم ترمي الوسطى كذلك وتقف بعدها فتدعو، ثم جمرة العقبة كذلك ولا تقف بعدها، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقف بين الجمرتين الأولى والثانية والثانية والثالثة ولم يقف بعد الثالثة، ثم تبقى في منى إلى اليوم الثاني عشر وترمي الجمرات كما رميتها بالأمس، وإن شئت تعجلت ونزلت إلى مكة، وإن شئت بقيت في منى ليلة الثالث عشر ورميت الجمرات يوم الثالث عشر كما رميتها في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ثم ينتهي الحج في آخر أيام التشريق، وإذا أردت أن ترجع إلى بلدك فلابد أن تطوف طواف الوداع، وهو واجب على كل من حج أو اعتمر إلا أنه يسقط عن المرأة الحائض أو النفساء، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض هذا مجمل لصفة الحج والعمرة.

Webiste