تفسير قول الله تعالى : (( ياأيها النبى اتق الله ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ النداء هنا للنبي صلي الله عليه وسلم بوصفه نبيا وقد يناديه الله تعالى بوصفه رسولا فيخاطبه سبحانه وتعالى بوصفه رسولا في مقام الرسالة كما في قوله يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... 67 سورة المائدة. والنبي مشتق. نعم. أصلها النبيء وقيل أصلها النبيو بالواو فعلى القول الأول يكون مشتقا من النبأ وأبدلت الهمزة بالياء تخفيفا وعلى القول الثاني يكون مشتقا من النبوة وهي الارتفاع ولا شك أن مقام النبوة أنه مقام رفيع وأن النبي مخبر ومخبر أيضا فهو فعيل بمعنى فاعل وبمعنى مفعول يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ والمراد به نبينا محمد صلي الله عليه وسلم يقول اتَّقِ اللَّهَ " اتق الله دم على تقواه " صرفها المؤلف عن ظاهر لفظها لأنك إذا أمرت أحدا بشيء فالأصل أنه غير متلبس به فإذا قلت يا فلان قم. فهل هو قائم وإلا لا؟ نقول لا هذا هو الأصل. الأصل أن الأمر إنشاء. إنشاء ما لم يكن فإذا قلت يا فلان قم أو يا فلان اقعد فإنه حين توجيه الأمر إليه ليس متصفا بهذا الوصف أليس كذلك؟ النبي عليه الصلاة والسلام قال الله له يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ فلو أخذنا بظاهر العبارة لكان النبي صلي الله عليه وسلم حين توجيه الخطاب إليه لم يكن متقيا وهذا أمر لا يمكن لذلك يكون معنى اتق الله أي دم على تقواه ومن هنا نأخذ أن الأمر بالشيء قد يكون أمرا بتجديده وقد يكون أمرا بالاستمرار عليه عرفتم وقد يكون أمرا بالتفصيل لهذا المأمور به فمثلا إذا قلت: يا أيها المؤمن آمن فالمعنى ؟ هة. دم على إيمانك وحققه وفي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ ... 136 سورة النساء. الأمر هنا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ . أي دوموا عليه لكن فيه تفصيل يعني آمنوا مجمل ثم قال آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل. فصار إذا توجيه الأمر في الأصل يوجه الأمر في الأصل إلى من لم يكن متلبسا به هذا هو الأصل وقد يوجه إليه لطلب الاستمرار وقد يوجه إليه لبيان التفصيل كما في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ... وقوله: اتَّقِ اللَّهَ دائما تأتي التقوى في القرآن الكريم كثيرا فما معنى التقوى ومن أين هي مشتقة؟ نقول هي مشتقة من الوقاية ولهذا يقولون إن أصلها كان فيها واو فتقوى بمعنى وقوى وإذا كانت بمعنى الوقاية فإن التقوى هي أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله عز وجل ولا وقاية من عذاب الله إلا بفعل أوامره واجتناب نواهيه وعلى هذا فنقول إن المراد بالتقوى فعل أوامر الله واجتناب نواهيه ومن المعلوم أننا إذا قلنا فعل أوامر الله أوامر مضاف إلى الله أن الإنسان سينوي بهذا الفعل امتثال أمر الله وكذلك إذا قلنا اجتناب نهي الله فإن الإنسان سيجتنبه لأن الله نهى عنه لأن مجرد الفعل بدون نية ليس بتقوى ومجرد الترك بدون نية ليس بتقوى لكن لما كان الفعل والترك مضاف إلى الله صار لابد فيه من النية.
الفتاوى المشابهة
- تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُ... - ابن باز
- تفسير قول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنو... - ابن عثيمين
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( يآأيها النبي إنا أرسلن... - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (لعلكم تتقون) - ابن عثيمين
- فوائد قول الله تعالى : (( ياأيها النبى اتق ا... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى : " واتقوا الله " - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (واتقوا الله) - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : (( ياأيها النبى اتق ا... - ابن عثيمين