تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حكم رفع شعارات في الحج للتنديد بأعداء الإسلام - ابن بازالسؤال:أسمع بعضًا من المنتسبين إلى الإسلام يرفعون شعارات معينة في الحج ويقولون: إنهم ينددون بأعداء الإسلام، وقد غيروا صورة الحج في أذهان الناس، ما هو تو...
العالم
طريقة البحث
حكم رفع شعارات في الحج للتنديد بأعداء الإسلام
الشيخ عبدالعزيز ابن باز
السؤال:
أسمع بعضًا من المنتسبين إلى الإسلام يرفعون شعارات معينة في الحج ويقولون: إنهم ينددون بأعداء الإسلام، وقد غيروا صورة الحج في أذهان الناس، ما هو توجيهكم سماحة الشيخ حول هذه القضية؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:
المشروع للحجيج أن يشتغلوا بذكر الله وطاعة الله في أيام الحج، وفي وقت التلبية يلبون: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" وقت الإحرام إلى أن يبدأ في رمي الجمرة يوم العيد، وفي العمرة إلى أن يبدأ في الطواف، أما قبل البدء في الطواف في العمرة فيلبي، وفي الحج كذلك يلبي من حين يحرم بالحج إلى أن يبدأ في رمي جمرة العقبة فيشتغل بالتكبير، وعليه مع هذا الإكثار من ذكر الله، ومن الصلاة على النبي ﷺ.
أما اتخاذ شعارات أخرى بزعمهم أنها مشروعة، كالتنديد بالأمريكان أو بـاليهود، أو بغيرهم من الناس شعارات يعلنونها؛ فهذا لا وجه له، ولا أساس، ولا أصل لهذا، النبي ﷺ إنما أمر في سنة تسع من الهجرة، أمر بإظهار البراءة من المشركين من أهل العهود، وأن تنبذ إليهم عهودهم، سنة تسع، وأن يعلم الناس أن الواجب عليهم الدخول في الإسلام، وإلا فليس لهم الحج، لقوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
فالنبي ﷺ نبذ إليهم عهودهم، الذين لهم عهود نبذ إليهم عهودهم المطلقة، والذين لهم عهد محدد نبذ إليهم عهدهم إلى مدته، يبقى إلى مدته ثم ينتهي إلا أن يدخلوا في الإسلام، وبين لهم ﷺ أنهم ليس لهم دخول الحرم وهم مشركون، كان هذا في عام تسع، بعث الصديق  وجماعة معه من الصحابة وبعث علي  ينادي ببراءة عام تسع؛ حتى يعلم الناس أن الحج إنما هو خاص بالمسلمين، وحتى يعلموا أن الرسول ﷺ برئ من عهودهم، فعليهم الدخول في الإسلام وترك ما هم عليه من الشرك وإلا فليمتنعوا من الحج ولا يحجوا وهم مشركون.
وفي عام عشر لما حج حجة الوداع ترك هذه البراءة ولم يعلن شيئًا من ذلك، إنما كان هذا في عام تسع حتى يعلم من له عهد عند النبي ﷺ أنه على عهده إذا كان محددًا، وإن كان عهدًا مطلقًا فإنه نبذ إليه حتى يستعد للدخول في الإسلام أو يعرف أنه عدو فيحارب ويجاهد.
أما ما يتخذه الرافضة أتباع الخميني في أيام الحج من المسيرات، وإعلان البراءة من أمريكا أو من اليهود هذا شيء من كيسهم هذا بدعة مالها أصل، هذه بدعة باطلة لا يجوز فعلها، ويجب على الدولة منعهم من ذلك، يجب على الدولة -وفقها الله- أن تمنعهم من هذا الهراء ومن هذا الفساد؛ لأنه يشوش على الحجيج ويؤذي الحجيج، وربما أفضى إلى فتنة كما وقع في العام الماضي في اليوم السادس من ذي الحجة، لما قاموا بمسيراتهم الصاخبة الخبيثة وإعلاناتهم انصدموا مع الناس وصار بلاء عظيم، وشر كثير، وقتل فئام من الناس وجرح جم غفير، كل هذا من أسباب باطلهم ومسيراتهم الباطلة، فالواجب على ولاة الأمور منعهم من ذلك ومنع غيرهم أيضًا لو أراد غيرهم يمنع، فمن جاء إلى الحج فليعمل بأعمال الحج، وليكن عليه الوقار والسكينة كما قال الله جل وعلا: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].
فالحج ليس محل الرفث، وهو الجماع للمرأة قبل الحل، وهكذا القول السيئ والفعل السيئ يسمى رفث، وهكذا المعاصي كلها تسمى فسوق، وهكذا الجدال والمراء في الحج كله ممنوع، فالواجب على الحجيج أن يلتزموا بشرع الله في أرض الحرمين، وأن يستقيموا على دين الله، وأن يلزموا الواجب ويحذروا ما حرم الله من الرفث والفسوق والعصيان وسائر أنواع الشر، وهكذا إيذاء المؤمنين بهتافات، أو بمسيرات تؤذيهم في طرقهم كل هذا يجب منعه منعًا باتًا، سواء كان من الرافضة أو من غير الرافضة .

المقدم: بارك الله فيكم، الواقع سماحة الشيخ تتطرقون إلى موضوع هام شغل بال المسلمين في هذه الأزمنة، ذلكم هو تلكم الشعارات التي يقوم بها بعض الحجاج المنتسبين إلى إيران، ومما ارتكبوه كما أشرتم وتفضلتم سد الطرقات وحرق السيارات.. وما إلى ذلك، بل لقد أدى بهم الحال إلى جلب المتفجرات ضمن أمتعتهم، لعل لسماحتكم توجيه للمسلمين عمومًا إذا ما لاحظوا شيئًا من ذلك كيف يتصرفون؟

الشيخ: نشرنا فيما مضى في موسم الحج الماضي عام ألف وأربعمائة وسبعة قرارًا من مجلس هيئة كبار العلماء بالتنديد بهذا الأمر وإنكاره، وأن المجلس يشجب هذا ويرى أنه باطل ويرى أن على الدولة منع ذلك منعًا باتًا؛ لما فيه من التشويش وإيذاء المسلمين، وهكذا المسلمون في كل مكان؛ في الهند والباكستان وفي أندونيسيا وفي مصر وفي أفريقيا وفي كل مكان أعلنوا تنديدهم بهذا العمل وإنكارهم لهذا العمل وأنه منكر، وأن الواجب تركه والحذر منه، وأن الواجب على الدولة منع ذلك، وأن الدول الإسلامية تؤيدها فيما ذهبت إليه من القضاء على هذا المنكر والحرص على تأمين الحجيج، ودفع الأذى عنهم سواء من الشيعة أو غير الشيعة، هذا واجب الدولة أن تحرص على أمن الحجيج وأن يؤدوا مناسكهم بطمأنينة وأمن وعافية، وأن تأخذ على أيدي السفهاء من الشيعة وغير الشيعة وتمنعهم من الباطل ومن الأذى ومن المسيرات.
وإذا كان هناك تفجيرات صار الأمر أكبر وأخطر، ولكن الدولة -وفقها الله- قد تسامحت كثيرًا فيما مضى، ولكن الواجب عليها أن لا تتسامح في هذا؛ لأن هذا خطره عظيم، وقد وجد في كثير من الأشياء التي مع حجاج إيران وجد معهم أشياء من المتفجرات قد صفحت عنها الدولة في العام عام ألف وأربعمائة وستة وقالت: لعلهم يرجعون عن هذا العمل ويتركون ما يؤذي المسلمين ويؤذي الحجيج ولكنهم لم ينفع فيهم هذا الصفح وهذا الستر وهذا العمل الطيب حتى وقع ما وقع في عام ألف وأربعمائة وسبعة.
فالمقصود أن ما وجد منهم من المتفجرات في عام ألف وأربعمائة وستة في جملة ما معهم من الأثاث الذي حملوه فإن هذا لاشك أنه يدل على خبث شديد وفساد كبير ونيات فاسدة وقصد سيئ للحجيج وإيذائهم نسأل الله السلامة؛ ولهذا وجب على الدولة أن تنكر هذا وأن تمنع هذا منعًا باتًا، والحقائب يجب أن تفتش لا حقائبهم ولا حقائب غيرهم؛ لأن الحقائب قد يكون فيها من المتفجرات ومن الأذى ما يضر المسلمين كما وقع في عام ألف وأربعمائة وستة، فالدولة وفقها الله واجب عليها أن تحرص على أمن الحجيج وأمن الحرمين بكل وسيلة ممكنة لا من جهة التفتيش عند نزولهم من الطائرات أو من الباخرات أو السفن أو السيارات يجب التفتيش حتى يحصل الأمن والسلامة إن شاء الله للمسلمين.

المقدم: بارك الله فيكم. سماحة الشيخ! استخدم أولئك ضعاف النفوس كما استخدموا النساء والأطفال أيضًا في أغراضهم وفي تهريب الأسلحة والمتفجرات، هل من توجيه شيخ عبد العزيز ؟

الجواب: نعم، لا يجوز لأحد أن يساعد في هذا، لا يجوز لأي مسلم أن يساعد الشيعة أو غير الشيعة في مساعدتهم بسكين أو عصا أو حجر أو متفجر كل ذلك منكر لا يجوز أن يساعدوا؛ لأن الله يقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
فالذي يساعدهم فيما يضر المسلمين شريك لهم في الإثم ويجب الأخذ على يديه وعقوبته إذا عرف، فلا يساعد من أراد الإلحاد في حرم الله أو إيذاء حجاج الله لا يجوز أن يساعد لا بحجر ولا بسكين ولا بغير هذا مما يؤذي المسلمين، سواء كان ذلك المجرم من الشيعة أو من غير الشيعة، هذا البلد محل أمن، ومن دخله كان آمنًا يعني يجب تأمينه، فلا يجوز أن يؤذى الحجيج ولا المعتمرون لا في المسجد الحرام ولا في مسجد النبي ﷺ والمدينة، بل يجب أن يؤمنوا ويحرص على سلامتهم حتى يرجعوا إلى بلادهم، وواجب الدولة القيام بهذا الأمر بغاية العناية وبأكمل العناية والضرب بيد من حديد على هؤلاء المجرمين الذين يفسدون في الأرض أو يريدون أن يفسدوا في الأرض ويؤذوا الحجيج ويخلوا بالأمن لا من حجاج إيران ولا من غيرهم هذا واجب الدولة، والمسلمون كلهم يؤيدون ذلك وفوق ذلك الكتاب والسنة يؤيدهم في ذلك، الكتاب والسنة يؤيد ما تفعله الدولة من الأخذ على يد السفهاء والمجرمين والعناية بأمن الحجيج والدفاع عنهم وكف الأذى عنهم وأن يؤدوا مناسكهم في غاية من الطمأنينة والسلامة والأمن والعافية.

المقدم: جزاكم الله خيرًا ونفع بعلمكم. شيخ عبد العزيز فيما إذا أصر أولئك على تكرار ما أقدموا عليه فيما مضى هل تجيز الشريعة منعهم من دخول الحرم ؟

الشيخ: نعم، ما هو بتجيز بس توجب.

المقدم: توجب؟

الشيخ: نعم، إذا وجد أنهم لم يرتدعوا وأنهم يأتون بما يضر الناس وجب أن يمنعوا منعًا باتًا من أي جنس كان سواء كانوا من إيران أو من غير إيران، من أي بلد ومن أي دولة إذا عرف أنهم يأتون للأذى لأذى الحجيج والإخلال بالأمن وجب على الدولة بكل قوة أن تمنعهم وهي معذورة في ذلك ومشكورة ومأجورة وليس مجرد جواز بل يجب وجوب أن تمنعهم من ذلك. نعم.

المقدم: بارك الله فيكم. إعلامهم يقول هذا شيخ عبد العزيز ، إعلامهم يقول: إنهم إذا أتوا فسيكونون بنفس الغرض؟

الشيخ: يجب أن يمنعوا حتى يذعنوا للحق وحتى يقبلوا أن يكونوا كالمسلمين بقية المسلمين بأن يأتوا لأداء الحج بطمأنينة وإخلاص لله وكف للأذى، فإذا لم يفعلوا هذا وجب أن يمنعوا ويردعوا، وسوف يعين الله الدولة عليهم وعلى غيرهم ممن يريد الإجرام والأذى.

المقدم: وهو كفيل.

الشيخ: وهو الناصر سبحانه، يقول سبحانه: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].
فكل من أراد الإسلام بسوء سواء في بلد الله الحرام أو في غير بلد الله الحرام فالواجب منعه من ذلك الواجب التنكيل به والأخذ على يديه بكل طريق يوصل إلى ذلك مما شرع الله  ولاسيما في أمن الحرمين فإن أمرهما أمر عظيم وهو لا يخص السعودية بل يعم جميع حجاج المسلمين. نعم.

المقدم: إذًا على هذا طالما أنه يخص جميع المسلمين يجب أن تكون كلمة المسلمين واحدة تجاه هذا؟

الشيخ: يجب على المسلمين جميعًا أن يكونوا ضد من أراد الأذى من إيران وغير إيران، يجب على المسلمين جميعًا في أي مكان وفي أي دولة أن يكونوا شيئًا واحدًا ويدًا واحدة في محاربة من أبى إلا الأذى للمسلمين، وأن يكونوا ضد أعداء الله وضد من أراد إيذاء المؤمنين في مناسك الحج أو في غير ذلك، المسلمون شيء واحد، يجب أن يكونوا متكاتفين متعاونين ضد من أراد الأذى بالمسلمين كما قال الله : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] وقال سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

Webiste