تم نسخ النصتم نسخ العنوان
حكم من بدل دينه الإسلام - الفوزان س288: يقول السائل: ما صحة حديث: "من بدل دينه فاقتلوه" وما معناه؟ وكيف نجمع بينه وبين قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، وبين قوله تعالى: {وَلَو...
العالم
طريقة البحث
حكم من بدل دينه الإسلام
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
س288: يقول السائل: ما صحة حديث: "من بدل دينه فاقتلوه" وما معناه؟ وكيف نجمع بينه وبين قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، وبين قوله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ، وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل" وهل اعتناق دين الإسلام بالاختيار أم بالإقرار؟

ج288: حديث: "من بدل دينه فاقتلوه" حديث صحيح رواه البخاري وغيره من أهل السنة بهذا اللفظ: "من بدل دينه فاقتلوه" أما ما بينه وبين ما ذكر من الأدلة، فلا تَعَارُضَ بين الأدلة والحمد لله، لأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل فاقتلوه" ، فهذا في المرتد الذي يَكْفُرُ بعد إسلامه، يجب قتله، يستتاب، فإن تاب، وإلا يجب قتله، وأما قوله تعالى:
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} لا تعارض بين هذه الأدلة؛ لأن الدخول في الإسلام، لا يمكن الإكراه عليه، فهذا شيء في القلب ولا بُدَّ من اقتناع القلب، ولا يمكن أن نتصرف في القلوب، هذا بيد الله عز وجل، هو مقلب القلوب، وهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، لكن واجبنا الدعوة إلى الله عز وجل، والبيان، والجهاد في سبيل الله لمن عاند، وعرف الحق ثم عاند بعد معرفته إياه، فهذا يجب علينا أن نجاهده، وأما أننا نكْرهه على الإسلام، ونجعل الإسلام في قلبه، فهذا ليس إلينا، وإنما هو إلى الله عز وجل، لكن علينا أَوَّلاً أن ندعو إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة
الحسنة، ونبين للناس هذا الدين، ونجاهد أهل العناد، وأهل الكفر والجحود، حتى لا يكون هناك فتنة، أما المرتد فَيُقتل؛ لأنه كفر بعد إيمانه، وترك الحق بعد معرفته، فهذا عضو فاسد، يجب بتره وإراحة المجتمع منه؛ لأنه فاسد العقيدة ويخشى أن يفسد عقيدة الباقين، فهذا لما فسدت عقيدته، ومرج قلبه؛ وجب قتله، لأنه ترك الحق، لا عن جهل، وإنما عن عناد، وبعد معرفة الحق، فلذلك هو لا يصلح للبقاء، فيجب قتله لذلك، فلا تعارض بين قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، وبين قتل المرتد؛ لأن قوله: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} هذا عند الدخول في الإسلام، وأما قتل المرتد، فهذا عند الخروج من الإسلام، ومعرفة الحق، على أن الآية وهي قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فيها أقوال المفسرين: منهم من يقول: إنها خاصة في أهل الكتاب، وإن أهل الكتاب لا يكرهون، وإنما يُطلب منهم الإيمان، أو دفع الجزية، ويقرون على دينهم، إذا دفعوا الجزية، ودخلوا في حصن
الإسلام، وليست عامة في كل أحد. ومن العلماء من يرى: أنها منسوخة بقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ولكن الصحيح أنها غير منسوخة، وأنها ليست خاصة بأهل الكتاب، وإنما معناها: أن هذا الدين بَيِّن واضح، تقبله الفطر والعقول، وأن أحداً لا يدخله عن كراهية؛ وإنما يدخله عن اقتناع، وعن محبة، ورغبة، هذا هو الصحيح في معنى الآية.

Webiste