تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تدقيق حسابات البنوك الربوية ومراجعتها - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  21564  )   س: لقد أصبحت البنوك التجارية لازمة من لوازم الاقتصاد العالمي، وانتشرت في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، وأصبح  التعامل معها ...
العالم
طريقة البحث
تدقيق حسابات البنوك الربوية ومراجعتها
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 21564 )
س: لقد أصبحت البنوك التجارية لازمة من لوازم الاقتصاد العالمي، وانتشرت في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، وأصبح
التعامل معها شائعًا بين الجميع في المجالات المختلفة. ولقد تواجدت البنوك التجارية في المملكة العربية السعودية كغيرها من البلدان، وأصدرت الدولة لها نظامًا يسمى: ( نظام مراقبة البنوك ) وأوكلت إلى مؤسسة النقد العربي السعودي مهمة الرقابة عليها ومتابعة أعمالها، ومن أبرز هذه الأعمال ما يلي: 1 - تسلم النقود كودائع جارية أو ثابتة. 2 - فتح الحسابات الجارية، وفتح الاعتمادات، وإصدار خطابات الضمان، ودفع تحصيل الشيكات أو الأوامر أو أذون الصرف، وغيرها من الأوراق ذات القيمة. 3 - خصم السندات والكمبيالات وغيرها من الأوراق التجارية. 4 - أعمال الصرف الأجنبي. 5 - الاستثمار في مشاريع وشركات داخل المملكة ( في حدود 20% من رأس المال ). 6 - المتاجرة بأسهم الشركات لصالح البنك ولصالح الغير. وجميع هذه الأعمال السابقة تندرج تحت اسم الأعمال المصرفية، ومنها ما يشوبه الربا؛ مثل الودائع الثابتة وبعض الاستثمارات النقدية المباشرة. إن من يتابع ميزانيات البنوك المتواجدة داخل المملكة يجد أنها
تتضمن مبالغ طائلة على أشكال مختلفة تشكل جزءًا كبيرًا من ثروة البلاد بقطاعيها الحكومي والأهلي، وترتبط بها مصالح فئات كثيرة من المجتمع بأفراده ومؤسساته المختلفة، ولذلك فإن الدولة حفاظًا منها على ثروة البلاد وتنمية اقتصادها الذي هو عماد قوتها المادية التي تمكنها من تأدية التزاماتها لتحقيق العيش الكريم لشعبها فقد أحكمت الرقابة على أعمال هذه البنوك، ووضعت الأنظمة واللوائح والمعايير التي تحقق ذلك. ومن بين التدابير الرقابية التي نصت عليها الأنظمة التي تحكم الشركات والبنوك إلزام كل بنك بتعيين مراقبين اثنين للحسابات من القائمة المسجلة بوزارة التجارة وعلى مراقبي الحسابات تقديم تقرير عن الميزانية السنوية وحساب الأرباح والخسائر، ويجب أن يتضمن هذا التقرير رأي مراقبي الحسابات في مدى تمثيل الميزانية للمركز المالي للبنك، ومدى اقتناعهما بأية إيضاحات أو معلومات يكونان قد طلباها من مديري البنك أو غيرهم من موظفيه. وبصفتي أحد المحاسبين القانونيين المرخص لهم بمزاولة مراجعة الحسابات من قبل وزارة التجارة وأزاول هذه المهنة منذ عشرين عامًا فقد كانت تردني دعوات من البنوك للقيام بمهمة المراجعة، ولكنني أعتذر عن ذلك - تورعًا - على اعتبار أنه من بين أعمالها ما هو
مشوب بشبهة الربا، وكثير من زملاء المهنة لا يقبلون مراجعة البنوك لهذا السبب. ولذلك فقد انحصرت مهمة مراجعة البنوك بأربعة مكاتب محاسبية مختلطة ( مكونة من الشركات الأجنبية وبعض الشركاء السعوديين المرخص لهم بمزاولة المهنة ) ولا يخفى الأثر السلبي لدخول هذه الشركات الأجنبية في هذا المجال، وما يوفر لها من فرصة للتعرف على أحوال البلاد الاقتصادية والمالية، على اعتبار أن البنوك من أهم المؤسسات المالية التي توفر فيها المعلومات الدقيقة عن وضع البلاد الاقتصادي وما يترتب على ذلك من المفاسد التي لا تخفى على كل غيور مخلص. وإذا كانت مهمة مراقب الحسابات هي مراجعة البنوك والتحقق من أن التصرفات المالية قد تمت وفق اللوائح الداخلية للبنوك، ووفق الأنظمة العامة التي تحكم أعمالها، وليس لمراقب الحسابات دخل في اتخاذ أي قرار في إتمام أية عملية بنكية وإنما مهمته التحقق فقط بأن ما تم هو وفقًا للأنظمة واللوائح؛ أي أن مراقب الحسابات يختلف وضعه عن موظف البنك الذي يباشر الأعمال المصرفية ويساهم في إتمامها حسب مستواه الوظيفي في البنك - فهل تعتبر مراجعة حسابات البنوك على الصفة التي سبق ذكرها من
الأعمال المحرمة شرعًا؟ وهل يدرج المراجع ضمن الذين ورد ذكرهم في الحديث الشريف الذي نص على ما يلي: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أرجو أن يصدر رأي صريح في هذه المسألة يجمع بين متطلبات المصلحة العامة والشرع الحنيف. نسأل الله أن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. إنه سميع مجيب.

ج: تدقيق حسابات البنوك الربوية ومراجعتها لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، والله جل وعلا يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وفشو المنكر لا يعني بحال من الأحوال جوازه أو التماس المسوغات له لتسليكه بين المسلمين، فالواجب الابتعاد عن ذلك ومناصحة أصحاب البنوك الربوية للإقلاع عن محاربة الله ورسوله، وفي المباح غنية عن الحرام، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste