تم نسخ النصتم نسخ العنوان
مكانة مريم وفاطمة رضي الله عنهما - اللجنة الدائمة السؤال الثاني من الفتوى رقم (  20530  )  س 2: سمعنا بحديث نبوي مفاده أن جميع الذين سيذهبون إلى الجنة ستتاح لهم هذه الفرصة وهم شبان، وذلك بصرف النظر عن ...
العالم
طريقة البحث
مكانة مريم وفاطمة رضي الله عنهما
اللجنة الدائمة
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 20530 )
س 2: سمعنا بحديث نبوي مفاده أن جميع الذين سيذهبون إلى الجنة ستتاح لهم هذه الفرصة وهم شبان، وذلك بصرف النظر عن أعمارهم، ولكن كثيرًا ما يكرر في صلاة الجمعة أن فاطمة ابنة نبينا صلى الله عليه وسلم ستقود نساء الجنة، بينما سيقود الشباب الحسن والحسين رضي الله عنهما، إذا كان هذا الحديث صحيحًا ألا ترون أنه يناقض الآية القرآنية (42) - سورة آل عمران - حول مكانة مريم ؟ في تقديري أن الحديث مختلق، وأنه من بنات أفكار الشيعة ، ما رأي فضيلتكم؟
ج 2: قال الله تعالى مبينًا مكانة مريم عليها السلام وفضلها على النساء: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - في (البداية والنهاية) ما نصه: وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ يحتمل أن يكون المراد: عالمي زمانها، كقوله لموسى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ ،
وكقوله عن بني إسرائيل وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ، ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام أفضل من موسى، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل منهما، وكذلك هذه الأمة أفضل من سائر الأمم قبلها وأكثر عددًا، وأفضل علمًا وأزكى عملاً من بني إسرائيل وغيرهم. ويحتمل أن يكون قوله: وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ محفوظ العموم، فتكون ( مريم ) أفضل نساء الدنيا ممن كان قبلها ووجد بعدها. انتهى كلامه. وقد جاء في السنة ما يؤيد الوجه الثاني، وهو أن مريم أفضل نساء العالمين إلى قيام الساعة، وليس على نساء زمانها فقط باستثناء فاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون صححه الترمذي والحاكم وغيرهما، وأخرج النسائي بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون . قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية): (وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا وهب بن منبه ، حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة أنها قالت لفاطمة : أرأيت حين أكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ثم ضحكت؟ قالت: أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أكببتُ عليه فأخبرني أني أسرع أهله لحوقًا به، وأني سيدة نساء أهل الجنة، إلا مريم بنت عمران فضحكت. وأصل هذا الحديث في الصحيح، وهذا إسناد على شرط مسلم ، وفيه أنهما - أي مريم وفاطمة - أفضل الأربع المذكورات، وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا عثمان بن محمد ، ثنا جرير عن يزيد هو ابن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم ، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما كان من مريم بنت عمران إسناد حسن، وصححه الترمذي ولم يخرجوه، وقد روي نحوه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولكن في إسناده ضعف، والمقصود أن هذا يدل على أن مريم وفاطمة أفضل هذه الأربع ثم يحتمل الاستثناء أن تكون مريم أفضل من فاطمة ، ويحتمل أن يكونا على السواء في الفضيلة، لكن ورد حديث إن صح عَيَّن الاحتمال الأول، فقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر : أنبأنا أبو الحسن بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا أحمد بن سليمان ، ثنا الزبير هو ابن بكار ، ثنا محمد بن الحسن ، عن عبد العزيز بن محمد ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ، ثم فاطمة ، ثم خديجة ، ثم آسية امرأة فرعون فإن كان هذا اللفظ محفوظًا بثم التي للترتيب فهو مبين لأحد الاحتمالين اللذين دل عليهما الاستثناء، ويُقدَّم على ما تَقدَّم من الألفاظ التي وردت بواو العطف التي لا تقتضي الترتيب ولا تنفيه. والله أعلم. وقد روى هذا الحديث أبو حاتم الرازي عن داود الجعفري ، عن عبد العزيز بن محمد ، وهو الدراوردي ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس مرفوعًا، فذكره بواو العطف لا بثم
الترتيبية، فخالفه إسنادًا ومتنًا. فالله أعلم) انتهى كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى . والخلاصة: أن مريم عليها السلام هي أفضل النساء مطلقًا، فالآية على عمومها، إلا في حق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيها الاحتمالان: إما أن تكون مريم أفضل، وإما أن يكونا على السواء. والله الموفق. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste