تم نسخ النصتم نسخ العنوان
من العادات والأعراف القبلية الجاهلية - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  18533  )   س: قال الله سبحانه وتعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا الآية. سماحة الشيخ: نحن طلبة علم من إحدى قبائل ا...
العالم
طريقة البحث
من العادات والأعراف القبلية الجاهلية
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 18533 )
س: قال الله سبحانه وتعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا الآية. سماحة الشيخ: نحن طلبة علم من إحدى قبائل الجنوب، وكما يعلم سماحتكم انتشار الجهل وقلة الناصحين في صفوف القبائل، الأمر الذي جعلهم يتوارثون عادات وتقاليد
ومذاهب، ومن ذلك مشكلة زوجية حدثت بين رجل وزوجته، وعلى إثر نقاش وخلافات زوجية بينهما طلق الرجل زوجته طلقة واحدة، ثم أوصلها إلى أبيها، وبعد أيام من إيصالها إلى أبيها أرسل أناسا ليتدخلوا بالإصلاح، وذلك في أثناء مدة الثلاثة أشهر، إلا أن أبا البنت رفض إعادتها إليه؛ ونظرًا لجهل الزوج بأنها ترجع إليه بدون إذن أبيها، ونظرًا لجهل المصلحين بذلك وجهل أبي البنت وإصراره، تركوا الأمر ظانين أن الطلاق قد وقع، ولا علم لهم بأن الرجعة تحققت بإرسال أولئك المصلحين، فبعد مضي أشهر أرسل الزوج طالبًا إعادة زوجته إليه، فتدخل مرة أخرى مصلحون، وحكموا على الزوج بمبلغ وقدره 30.000 ثلاثون ألف ريال، وذهبوا إلى القاضي ولم يخبروه بطلب الزوج إعادة زوجته أثناء فترة العدة، فأخبرهم بأن الأمر يحتاج عقد نكاح جديد ومهر جديد، فاستشار الزوج بعضًا من الناس، فأخبروه بأنه قد راجع زوجته، وليس عليه شيء، ثم رُفعت لسماحتكم مسألتهم وأفتيتهم بأنه لا عقد عليه ولا مهر ما دام قد راجعها أثناء العدة، ولأن الأمر يخالف عادات القبائل ويتنافى معها، لم يرضوا بهذه الفتوى ولم يقتنع أبو البنت بإعادتها بدون مهر، حيث قد شرط له المبلغ المدفوع أعلاه وهو ثلاثون ألف ريال من قبل المصلحين، وعند صدور الفتوى رفض الزوج وأبوه تسليم
ذلك المبلغ، وطلبوا تسليم زوجتهم إليهم، وعند ذلك استعان أبو البنت بعريف القبيلة وأعيان القبيلة وشرح لهم القضية، فلم يعبؤوا بفصل الشرع في هذه القضية، بل قالوا لأبي البنت: لك حق على زوج ابنتك وأبيه، وعلى أخيك الذي له الدور الأكبر في قضية الإصلاح بالمبلغ المرقوم أعلاه. وطلبوا إليه أن يحضر هؤلاء إليهم فينفذوا فيهم تلك الأحكام التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، وفعلاً حضر أخو أبو البنت، وعقدت جلسة القبيلة، وحكم عليه عريف القبيلة وأحد أعيانها أي أعيان القبيلة بمبلغ 10.000 ريال على الرجل الذي تدخَّل بالإصلاح ولم يوجب مهرًا كاملاً لأخيه على زوج ابنته، وقالوا: هذا بمبلغ خبراء لك؛ لأنك خنت أخاك وملت مع خصومه ولم تقف مع أخيك ضدهم حتى يأخذ المبلغ وهو ثلاثون ألف ريال. فهل هذا العمل والتصرف من أولئك القوم يعد فصل القضاء في هذه المشكلة الزوجية؟ وهل التدخل وجيه وجائز؟ وهل هذا المبلغ الذي حُكم به على المصلح حلال أكله؟ وهل يجوز دفع مثل هذا المبلغ لمثل هؤلاء القوم، أم على دافعه إثم؟ وما هذه المشكلة إلا نموذج بسيط ومثال لما يجري عند تلك القبائل والعشائر من تقديس لتلك العادات والمذاهب، حتى إنهم يعتبرون الذي لا يحكم بها مرتكبًا أمرًا كبيرًا وعارًا، وينتقصونه ويلمزونه بأنه لا يعرف
المذاهب وقاطع مذهب، فلا يجلس في مجالسهم ولا يحضر محاضرهم أي محاضر القبيلة حتى يحاكموه فيما شجر منه عليهم، وإلى غير ذلك من سلسلة العبارات والعادات. سماحة الشيخ: إذا كان هذا العمل والتصرفات تعتبر حكمًا بغير ما أنزل الله تعالى. فما حكم الذي يخضع لتلك العادات ثم يقطعه أقاربه وإخوانه. هل يعتبر قاطع رحم وهو الممتنع عن الخصوم لهذه العادات أم هم القاطعون؟ وهل من نصيحة لعريف القبيلة كونه القدوة لهم وكبيرهم ومرشدهم كونه أحد الحكام في هذه القضية وأمثالا؟ أفتونا في هذه القضية راجيًا كتابة ذلك وتعميمه إذا أمكن؛ حتى تعم الفائدة لعامة المسلمين. غفر الله لكم وجزاكم عنا وعن المسلمين خير الجزاء إنه مجيب الدعاء.

ج: أولاً: ما دامت المرأة في العدة وطلاقها غير بائن، فهي زوجة يحق للزوج مراجعتها بدون رضاها، وبلا إذن وليها، وبدون مهر جديد، لقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا . ثانيًا: ما ذكر في السؤال من العادات والأعراف القبلية هي أعمال منكرة مخالفة للشريعة الإسلامية، لا يجوز الحكم بها ولا
الرضا عنها، والواجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية لحل منازعاتهم وخصوماتهم لدى المحاكم الشرعية، فهذا هو مقتضى الإيمان؛ لقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وقوله سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ، وقوله: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وعلى من له حق ولم يحصل عليه: مراجعة المحكمة مع خصمه، وفيما تراه الكفاية؛ لأن فصل الخصومات من اختصاصها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste