تم نسخ النصتم نسخ العنوان
يوجد قبائل تتحاكم إلى الأعراف في فض المن... - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  20510  )   س: إننا من قبائل تسكن في  مكة المكرمة  وأطرافها، ويجاورنا قبائل أخرى، ويوجد لدينا  عادات وأحكام قبلية نتحاكم إليها عند الخلافا...
العالم
طريقة البحث
يوجد قبائل تتحاكم إلى الأعراف في فض المنازعات بينها
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 20510 )
س: إننا من قبائل تسكن في مكة المكرمة وأطرافها، ويجاورنا قبائل أخرى، ويوجد لدينا عادات وأحكام قبلية نتحاكم إليها عند الخلافات والنزاعات ، وإنني ومجموعة من أفراد القبيلة في خوف ووجل من ذلك، نخشى أن نكون بذلك نتحاكم إلى غير ما أنزل الله، وأردنا أن ننكرها ونغيرها، وإن أصرت القبيلة عليها نخرج عن دائرتهم ونقاطعهم، ولكن أعدنا النظر فوجدنا في ظاهر الأمر أن في هذه العادات والأحكام مصالح وحل نزاعات ودرء لمفاسد وحقن دماء وحفظ حقوق، هذا ما نراه في ظاهر الأمر.. والله أعلم. وخشينا أن ننكرها ونغيرها بغير علم، فيفوت ما فيها من المصالح، ويصعب عودة القبيلة إليها، فقررنا أن نوضح لكم صورة هذه العادات والأحكام، بان كانت تخالف أحكام الشرع المطهر فسنبادر إن شاء الله بالانتهاء عنها وتحذير الناس منها، وإن وجد فيها ما فيه مصلحة ولا يخالف الشرع فنرجو توضيحه وتوضيح ما يخالف الشرع لتغييره. علمًا أن القبيلة تفيد بأن عدم إقبالها على التحاكم في المحاكم الشرعية الحكومية ليس اعتراضًا
على حكم الشرع، ولكن لأسباب، منها ما يلي: 1- البادية يشق عليهم مراجعة المحاكم والدوائر الحكومية باستمرار، وإجراءات الروتين قد تستغرق شهورًا أو سنوات. 2- الخوف من أحكام تعزير قاسية، مثل السجن لمدة طويلة. 3- بعض الخصوم يتفنن في المماطلة والتلاعب والتحايل واستغلال ثغرات الروتين، فتستمر القضية لفترة طويلة قد تصل إلى سنوات، ولكن البادية والقبيلة يبتون في الموضوع في وقت قصير. توضيح صورة العادات والأحكام القبلية: إذا حدث نزاع أو مشكلة بين طرفين يطلب المتضرر أو شيخه (الخاتمة) من المتسبب أو من شيخه، فيدفع المتسبب أو شيخه (معدال) وهو مبلغ من المال أو شيء ثمين يبقى مع المتضرر حتى يتم (مقعد) الحق والحكم في القضية والفصل فيها، ويعطي المتضرر أو شيخه (عاني) وهو تعهد والتزام بعدم اتخاذ أي فعل انتقام أو شكوى حكومية، حتى يتم مقعد الحق والفصل في القضية، وقد يكون العاني لدرء الفتنة، وهو في حالة نشوب قتال بين أفراد أو قبائل، وفي لحظة الاشتباك يقوم الذي يريد الخير بأخذ عانٍ من الطرف الأول وعانٍ من الطرف الثاني، وهذا عبارة عن هدنة ومنع
للحدث ووقف للقتال، يعني كل صاحب عانٍ مسؤول عن منع قبيلته ولو بالقوة من أي تعدٍ بعد العاني، وأي ضرب أو تعد بعد العاني يكون بصمة عار في حق صاحب العاني، وبهذا يتم وقف الفتنة حتى يجتمع كبار القبيلتين للمناقشة وحل القضية. مقعد الحق: يقوم المتضرر بتكاليف الفراش والعشاء للحكم في القضية، ثم يدفع المتسبب التكاليف إذا ثبت أنه هو المخطئ، يتم ترشيح قاضيين أو أكثر للحكم في القضية ليسوا من أهل العلم الشرعي ولا طلبة علم، ولكن معروفين بالعقل والخبرة والحكمة والأمانة والفطنة. علمًا بأنه لا يوجد من أفراد القبيلة علماء ولا طلبة علم عرفوا بالتدخل أو المشاركة لحل مثل هذه القضايا، يكفل المدعي والخصم ويمسحان لحيتيهما ويقول كل منهما: في وجهي، وذلك على تنفيذ الحكم الصادر وعدم المعارضة، إلا في حالة واحدة وهي أن يتيقن بأن الحكم غير عادل، ففي هذه الحالة يرفض الحكم ويقدم معدال للقضاة، ثم ترفع القضية لقضاة آخرين قد يكونون من غير القبيلة، فيميزون في الحكم، فإن وافقوه فيلزم بتنفيذ الحكم، ويكلف بحكم آخر للقضاة جزاء الطعن في حكمهم، وإن كان حكم القضاة فعلاً غير عادل فيحكم بغيره ولا شيء للقضاة، يقوم المدعي بعرض دعواه ويجيب الخصم، ثم ينظر القضاة إن كانت الدعوى لا تستوجب
شيئا تسقط الدعوى، وإن كانت تستوجب حكمًا، فينظرون إن كان لها قضية سابقة مماثلة ولها حكم سابق عندهم يحكمون بمثله، وإن لم يكن لها قضية مماثلة وليس لها حكم سابق عندهم، يحكمون بما يرونه مناسبًا (ويتواسون على الحكم، بأن لو حدث مثل هذه القضية مرة أخرى يقبلون بنفس الحكم) ويسمى ذلك (أسية). علما بأن هناك أحكامًا تم التواسي عليها والتحاكم بها، وعندما ظهر أنها تخالف الشرع عدل عنها قضاة القبيلة لمخالفتها للشرع. بعض الأحكام التي يحكم بها: 1- إن كانت القضية تعديا بضرب، تقدر الإصابات بمبلغ من المال، ويدفع للمتضرر (أرش). 2- تؤخذ البينة من المدعي، وإلا فاليمين على من أنكر. 3- إذا كانت القضية سبا أو شتمًا أو استخفافًا أو إهانة، يحكم بمبلغ من المال، أو مبلغ وملفى، والملفى هو: (خروف يعمل عليه وليمة يجتمع عليها الوجهاء في منزل المعتدى عليه تشريفًا له ورد اعتبار)، ولا يخطر ببال أحد الطرفين أن ذلك ذبح لغير الله، وقد يحصل أن يقوم المسيء بأن يلفي المساء إليه تكريمًا له وبدون حكم، بل من طيب نفس حتى تطيب نفس المساء إليه. 4- يضاعف الحكم إذا كان المعتدى عليه جارًا أو رحيمًا أو
صاحبًا بالجنب. نرجو منكم إفادتنا خطيًا؛ حتى نتمكن من التوضيح لمشائخ القبيلة وأعيانها، عسى الله أن ينفع بها. وجزاكم الله خير الجزاء.

ج: يجب التحاكم إلى شرع الله في كل شيء، قال تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ، وقوله سبحانه: فَلا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، وقوله سبحانه: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ . ولا يجوز التحاكم إلى عوائد القبائل ونحوها؛ لأن هذا من التحاكم لغير ما أنزل الله، بل يجب عليكم التحاكم عند قضاة المحاكم الشرعية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste