الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين.
السائل : اللهم صلي ... .
الشيخ : الجواب على هذا السؤال هو أن أهل العلم اختلفوا في جواز القصر هل يُحدّد بمدة أو بمسافة أو لا يُحدّد ويُرجع في ذلك إلى العرف.
السائل : نعم.
الشيخ : فأكثر أهل العلم يرون أنه محدد بمسافة ومقدارها واحد وثمانون كيلاً وثلاثمائة وبضعة عشر متراً فمن قطع هذه المسافة ولو في نصف يوم فإنه يحل له قصر الصلاة والفطر في رمضان ويرى ءاخرون من أهل العلم أنه لا يحدّد بمسافة أعني السفر الذي يُبيح القصر والفطر وإنما يُرجع في ذلك إلى العرف فما سمّاه الناس سفراً فهو سفر وذلك بأن يكون الخروج مستعداً له الإنسان متأهباً له أهبة السفر يودّع عند سفره ويُستقبل عند قدومه وهذا القول هو ظاهر الأدلة لأن الله تعالى يقول : { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } ولم يحدّد الله تعالى مسافة هذا الضرب بل أطلقه فمتى كان الإنسان ضارباً في الأرض مفارقاً لوطنه فإنه يحل له القصر وثبت في الصحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين وهذا أقل بكثير مما ذكره السائل حيث ذكر أنهم بعدوا عن البلدة نحو سبعين كيلو.
السائل : نعم.
الشيخ : والمهم أن هذا القول هو الراجح لأنه لا دليل يدل على تحديد المسافة فمتى سمى الناس هذا ضرباً في الأرض وسفراً ثبتت له أحكام السفر، قد تكون المسافة القصيرة سفراً باعتبار طول مدة الإقامة.
السائل : نعم.
الشيخ : وقد تكون المسافة البعيدة غير سفر باعتبار قصر مدة الإقامة فهؤلاء الذين خرجوا إلى هذه النزهة إذا كانوا سيبقون يومين أو ثلاثة أو أكثر فمعنى ذلك أنهم متأهبون أهبة السفر، مستعدون لهذه الرحلة فيجوز لهم القصر حتى وإن كانوا قد خرجوا لنزهة لأن الأية والنصوص عامة وأما إذا كانوا سيخرجون في الصباح ويرجعون في المساء فالظاهر أن هذا ليس بسفر وأنه لا يحل لهم القصر وليُعلم أنه ينبغي أن نتخذ قاعدة مهمة وهي أننا إذا شككنا في وجود شروط الجواز فالأصل عدم الوجود وعلى هذا فإذا شككنا هل هذا سفر أو ليس بسفر فإن الأصل عدم أن يكون سفراً فلا يُستباح به القصر ولا الفطر لأن الأصل وجوب الإتمام فلا نعدل عن هذا الأصل إلا بوجود شيء متيقن يبيح لنا القصر.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم، وبناءً على هذه القاعدة نكون إذا شككنا في كون هذا سفرا أو غير سفر يكون الاحتياط ألا نقصر الصلاة.