الولي
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 1623 )
س: ما هي قصة زيد بن حارثة وزواجه من زينب التي تزوجها بعده النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف بدأ زواجهم، وكيف انتهى؟ حيث إننا سمعنا من بعض الناس في بعض الدول العربية بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عشق زينب وغير ذلك، ولا تسمح نفسي بأن أكتب لكم ما سمعت، فأفيدوني.
ج: زيد هو ابن حارثة بن شراحيل الكلبي، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أعتقه وتبناه، فكان يدعى زيد بن محمد، حتى أنزل الله قوله: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ فدعوه زيد بن حارثة . أما زينب فهي بنت رياب الأسدية، وأمها أميمة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما قصة زواج زيد بزينب، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي تولى ذلك له؛ لكونه مولاه ومتبناه، فخطبها من نفسها على زيد، فاستنكفت وقالت: أنا خير منه حسبًا، فروي أن الله أنزل في ذلك قوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا فاستجابت طاعة لله وتحقيقًا لرغبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد عاشت مع زيد حول سنة، ثم وقع بينهما ما يقع بين الرجل وزوجته، فاشتكاها زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكانتهما منه، فإنه مولاه ومتبناه، وزينب بنت عمته أميمة، وكان زيد عرَّض بطلاقها فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإمساكها والصبر عليها، مع علمه صلى الله عليه وسلم بوحي من الله أنه سيطلقها وستكون زوجة له
صلى الله عليه وسلم، لكنه خشي أن يعيره الناس بأنه تزوج امرأة ابنه، وكان ذلك ممنوعًا في الجاهلية، فعاتب الله تعالى نبيه في ذلك بقوله: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ يعني - والله أعلم -: تخفي في نفسك ما أعلمك الله بوقوعه من طلاق زيد لزوجته زينب وتزوجك إياها؛ تنفيذًا لأمره تعالى، وتحقيقًا لحكمته، وتخشى قالة الناس وتعييرهم إياك بذلك، والله أحق أن تخشاه، فتعلن ما أوحاه إليك من تفصيل أمرك وأمر زيد وزوجته زينب دون مبالاة بقالة الناس وتعييرهم إياك. أما زواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب فقد خطبها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء عدتها من طلاق زيد وزوجه الله إياها بلا ولي ولا شهود، فإنه صلى الله عليه وسلم ولي المؤمنين جميعًا، بل أولى بهم من أنفسهم، قال الله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأبطل الله بذلك عادة التبني الجاهلي، وأحل للمسلمين أن يتزوجوا زوجات من تبنوه بعد فراقهم إياهن بموت أو طلاق؛ رحمةً منه تعالى بالمؤمنين، ودفعًا
للحرج عنهم، وأما ما يروى في ذلك من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم زينب من وراء الستار، وأنها وقعت من قلبه موقعًا بليغًا، ففتن بها وعشقها وعلم بذلك زيد فكرهها وآثر النبي صلى الله عليه وسلم بها فطلقها ليتزوجها بعده - فكله لم يثبت من طريق صحيح، والأنبياء أعظم شأنًا، وأعف نفسًا، وأكرم أخلاقًا، وأعلى منزلة وشرفًا من أن يحصل منهم شيء من ذلك، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي خطبها لزيد رضي الله عنه، وهي ابنة عمته، فلو كانت نفسه متعلقة بها لاستأثر بها من أول الأمر، وخاصة أنها استنكفت أن تتزوج زيدًا ولم ترض به حتى نزلت الآية فرضيت، وإنما هذا قضاء من الله وتدبير منه سبحانه؛ لإبطال عادات جاهلية، وللرحمة بالناس والتخفيف عنهم، كما قال تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
س: ما هي قصة زيد بن حارثة وزواجه من زينب التي تزوجها بعده النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف بدأ زواجهم، وكيف انتهى؟ حيث إننا سمعنا من بعض الناس في بعض الدول العربية بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عشق زينب وغير ذلك، ولا تسمح نفسي بأن أكتب لكم ما سمعت، فأفيدوني.
ج: زيد هو ابن حارثة بن شراحيل الكلبي، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أعتقه وتبناه، فكان يدعى زيد بن محمد، حتى أنزل الله قوله: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ فدعوه زيد بن حارثة . أما زينب فهي بنت رياب الأسدية، وأمها أميمة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما قصة زواج زيد بزينب، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي تولى ذلك له؛ لكونه مولاه ومتبناه، فخطبها من نفسها على زيد، فاستنكفت وقالت: أنا خير منه حسبًا، فروي أن الله أنزل في ذلك قوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا فاستجابت طاعة لله وتحقيقًا لرغبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد عاشت مع زيد حول سنة، ثم وقع بينهما ما يقع بين الرجل وزوجته، فاشتكاها زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكانتهما منه، فإنه مولاه ومتبناه، وزينب بنت عمته أميمة، وكان زيد عرَّض بطلاقها فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإمساكها والصبر عليها، مع علمه صلى الله عليه وسلم بوحي من الله أنه سيطلقها وستكون زوجة له
صلى الله عليه وسلم، لكنه خشي أن يعيره الناس بأنه تزوج امرأة ابنه، وكان ذلك ممنوعًا في الجاهلية، فعاتب الله تعالى نبيه في ذلك بقوله: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ يعني - والله أعلم -: تخفي في نفسك ما أعلمك الله بوقوعه من طلاق زيد لزوجته زينب وتزوجك إياها؛ تنفيذًا لأمره تعالى، وتحقيقًا لحكمته، وتخشى قالة الناس وتعييرهم إياك بذلك، والله أحق أن تخشاه، فتعلن ما أوحاه إليك من تفصيل أمرك وأمر زيد وزوجته زينب دون مبالاة بقالة الناس وتعييرهم إياك. أما زواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب فقد خطبها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء عدتها من طلاق زيد وزوجه الله إياها بلا ولي ولا شهود، فإنه صلى الله عليه وسلم ولي المؤمنين جميعًا، بل أولى بهم من أنفسهم، قال الله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأبطل الله بذلك عادة التبني الجاهلي، وأحل للمسلمين أن يتزوجوا زوجات من تبنوه بعد فراقهم إياهن بموت أو طلاق؛ رحمةً منه تعالى بالمؤمنين، ودفعًا
للحرج عنهم، وأما ما يروى في ذلك من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم زينب من وراء الستار، وأنها وقعت من قلبه موقعًا بليغًا، ففتن بها وعشقها وعلم بذلك زيد فكرهها وآثر النبي صلى الله عليه وسلم بها فطلقها ليتزوجها بعده - فكله لم يثبت من طريق صحيح، والأنبياء أعظم شأنًا، وأعف نفسًا، وأكرم أخلاقًا، وأعلى منزلة وشرفًا من أن يحصل منهم شيء من ذلك، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي خطبها لزيد رضي الله عنه، وهي ابنة عمته، فلو كانت نفسه متعلقة بها لاستأثر بها من أول الأمر، وخاصة أنها استنكفت أن تتزوج زيدًا ولم ترض به حتى نزلت الآية فرضيت، وإنما هذا قضاء من الله وتدبير منه سبحانه؛ لإبطال عادات جاهلية، وللرحمة بالناس والتخفيف عنهم، كما قال تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الفتاوى المشابهة
- إذا كان الخاطب غير كفئ ورضيته البنت لا يقبل... - ابن عثيمين
- هل يجوز الصوم عن الميت من وليّه وغيره؟ - ابن باز
- من مات وعليه صيام صام عنه وليه - اللجنة الدائمة
- إذا رغبت الزواج هل تخبر وليها بذلك؟ - اللجنة الدائمة
- حكم توكيل غير الولي في عقد الزواج - ابن باز
- فوائد حديث : ( لا نكاح إلا بولي ) . - ابن عثيمين
- حكم النكاح بدون ولي إذا كان في بلد غير بلد الولي - ابن باز
- هل تزوّج نفسها مَنْ كان وليها عاصيًا؟ - ابن باز
- معنى الولي - ابن عثيمين
- الولي. - ابن عثيمين
- الولي - اللجنة الدائمة