تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الجماع في نهار رمضان - الفوزانسؤال: امرأة متزوجة منذ عشر سنوات، وقد كانت قبل الزواج لا تصلي علمًا أنها تزوجت وكان عمرها ثمان عشر سنة، وأيضًا حصل بينهاوبين زوجها معاشرة في نهار رمضان ...
العالم
طريقة البحث
الجماع في نهار رمضان
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: امرأة متزوجة منذ عشر سنوات، وقد كانت قبل الزواج لا تصلي علمًا أنها تزوجت وكان عمرها ثمان عشر سنة، وأيضًا حصل بينها
وبين زوجها معاشرة في نهار رمضان في أول سنة تزوجت فيها عدة مرات، جهلًا منها بالحكم، والآن قد تابت إلى الله وأصبحت مواظبة على الصلوات المفروضة والسنن، وكذلك على الصوم الواجب والتطوع فهي تسأل عن تركها الصلاة قبل الزواج، وعن معاشرتها زوجها في نهار رمضان جهلًا، ماذا يجب عليها؟ وهل تلزمها كفارة عن كل مرة؟ أم عن الجميع كفارة واحدة لأنها في شهر واحد، وزوجها هل يلزمه كفارة مثلها أم لا؟ وإذا كان يلزمها رغم جهلها بالحكم، فما معنى قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ٥٤] ؟

الجواب: أما بالنسبة لما حصل منها من ترك الصلاة قبل زواجها فهذا أمر خطير، وأمر شنيع، لأن ترك الصلاة متعمدًا يعتبر ردة عن دين الإسلام على الصحيح من قولي العلماء، ولو لم تجحد وجوبها، فعليها حيال ذلك أن تتوب إلى الله - عز وجل - توبة صحيحة وأن تحافظ على صلواتها مدة حياتها، وبذلك يكفر الله عنها ما مضى.
أما بالنسبة لما حصل منها مع زوجها من العشرة في نهار رمضان، إن كانت تقصد بذلك الوطء في نهار رمضان، فهذا أمر محرم، لأن الله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك، قال تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] ، فالصيام يمنع من وطء الزوج لزوجته، وإذا وقع منه ذلك، فإنه يكون عليه وعليها الكفارة، وهي ما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنها عتق رقبة، فإن لم يجد
فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام فإنه يطعم ستين مسكينًا مثل كفارة الظهار.
وإذا تكرر الوطء في شهر واحد، من رمضان، قبل التكفير فإنه تكفي كفارة واحدة عن الجميع، فعليها هي كفارة وعلى زوجها كفارة أخرى على ما ذكرنا، ويكفيهما كفارة واحدة عن جميع المرات التي حصل فيها الوطء، ما دام أنه لم يسبق تكفير بين الوطئين.

سؤال: لو كانت الزوجة مكرهة في هذه الحالة؟

الجواب: إذا أكرهت ولم يكن لها اختيار البتة، بأن ألجأها إلى هذا الشيء فليس عليها كفارة، وعليه الكفارة عن نفسه.

سؤال: والجهل لا يعذر به أحد في هذه الحالة؟

الجواب: وأما ما ذكرت من أنها جاهلة فهذا الجهل لا يعذر به، لأنها بين المسلمين وتسمع أن الصيام واجب، وأن له أحكامًا، فهذا جهل لا يعذر به، لأنه بإمكانها أن تسأل وأن تعرف حكم الله سبحانه وتعالى، إنما الجهل الذي يعذر به من كان بعيدًا عن المسلمين، ليس عنده أحد من المسلمين، بأن نشأ في بادية بعيدة أو في بلاد بعيدة عن المسلمين، ولا يسمع شيئًا من كتاب الله ولا من سنة رسوله.

وأما ما ذكرت من قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ٥٤] ، فالمراد بالجهالة هنا، ليست الجهالة بالحكم وعدم معرفة الحكم الشرعي، وإنما المراد جهالة الذنب، وأن من عصى الله - عز وجل - فهو جاهل.
بمعنى أنه عاص لله، وهذا الجهل خلاف الحلم، وخلاف العقل الذي يمنع الإنسان من مخالفة الله سبحانه وتعالى، وليس المراد بالجهل هنا عدم العلم.

قال بعض السلف: كل من عصى الله تعالى فهو جاهل، والله تعالى أعلم.

Webiste