تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما هو المنهج الصحيح الواضح لإقامة الدولة الإسل... - الالبانيالسائل : فضيلة الشيخ بالنسبة للذي يدعوا لمثل هذه البلبلة والانحرافات إنما هو عدم وضوح المنهج وبخاصةٍ أن كل مسلم ينشد إقامة الدولة الإسلامية لكن عَمِيت ا...
العالم
طريقة البحث
ما هو المنهج الصحيح الواضح لإقامة الدولة الإسلامية ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : فضيلة الشيخ بالنسبة للذي يدعوا لمثل هذه البلبلة والانحرافات إنما هو عدم وضوح المنهج وبخاصةٍ أن كل مسلم ينشد إقامة الدولة الإسلامية لكن عَمِيت الطريق عن كثير من الناس الذين ينشدون هذا المطلب السامي، فلو أوضَح فضيلتكم المنهج الصحيح لإقامة هذه الدولة والمفاهيم التي ينبغي أن ترسخ في الأذهان لمثل ذلك ؟

الشيخ : أنا أعتقد أنه سبق الجواب عن هذا بارك الله فيك حينما قلنا: لابد من التصفية والتربية، وأن التصفية تحتاج إلى جهود علماء متكاتفين متعاونين في سائر أقطار العالم الاسلامي، ثم أن يتبع ذلك بل أن يقترن مع ذلك تربية المسلمين على العمل لهذا الإسلام المصفى، فنقطة البدء من هاهنا أنا ذكرت هذا المعنى آنفًا وذكرناه دائمًا ومرارًا وتكرارًا منذ أكثر من عشرين سنة، هذه دعوتنا لابد مِن التصفية والتربية، الجماعات الأخرى لا تصفية عندها ولا تربية عندها إلا على هذا الإسلام الذي لا شخصية بارزة له، كل منهم على حسب ما ورث من مذهبه أو آبائه وأجداده، فلا تقوم قائمة المسلمين إلا على هاتين الركيزتين اللتين لا يمكن لأحد من المسلمين أن يجادل في صحتهما، نحن نستشهد على هذا الذي نقول ببحث طويل جدًّا وما أعتقد أن الوقت الآن يساعد في إعادة كثير من المحاضرات التي كنا نلقيها في مثل هذه المناسبة، نحن نروي مثلاً قوله عليه الصلاو والسلام في تأكيد التصفية والتربية نروي حديثين اثنين:
الحديث الأول: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلَّط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا عن دينكم فكنت أقول: إن هذا الحديث قد بين فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ المسلمين إذا فعلوا كذا وكذا وذكر أمثلة من المحرمات فسيسلط الله عليهم ذلًّا لا ينزعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم، ذكر الداء والدواء، ويهمنا الآن هنا الدواء وهو الرجوع إلى الدين، والدين اليوم كما تعلمون جيدًا له عدة مفاهيم ليس فقط في الأحكام الشرعية بل وفي العقيدة، بل وفي أس هذه العقيدة ألا وهو التوحيد، فلا يزال هناك الملايين من المسلمين يعيشون معنا ويصلون معنا ويصومون ويحجون وهم يعتقدون أنّ معنى لا اله الا الله، لا ربّ إلا الله، لا يفهمون توحيد العبادة أو توحيد الألوهية فضلًا عن أن يفهموا توحيد الأسماء والصفات، فإذن الرجوع إلى الدين إنما يكون بالمفهوم الذي كان يوم أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: اليومَ أكملتُ لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا .
وما أجمل ما جاء في * صحيح البخاري *: أن رجلًا من أحبار اليهود جاء إلى عمر أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين -أو قال: يا عمر- آية في كتاب الله -يعني: القرآن الكريم- لو نزلت فينا معشر يهود لاتخذنا يوم نزولها عيدًا، قال: ما هي؟ فذكر هذه الآية، فقال: لقد نزلت يوم عيد وعلى عرفة : أي: يوم جمعة، فعرف هذا الحبر مِن اليهود عظمة الإسلام لأن الله امتنَّ عليهم وأكمل النعمة بإكمال هذا الدين لهم، لذلك قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رحمه الله- قال: " من ابتدع في الاسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة، اقرءوا قول الله تبارك وتعالى وذكر الآية: اليوم أكملت لكم دينكم ، ثم عقب على ذلك بقوله: ولا يصلح آخرُ هذه الامة إلا بما صلح به أولها، فما لم يكن يومئذ دينًا لا يكون اليوم دينًا ".
الواقع الآن خلاف ما أراد مالك تمامًا، ما لم يكن يومئذ دينًا صار اليوم دينًا، ما لم يكن يومئذ العقيدة صار اليوم عقيدة، ما لم يكن أحكامًا صارت اليوم أحكامًا، ما لم يكن سلوكًا وأخلاقًا صار اليوم سلوكًا وأخلاقًا، هذا مما يشر إلى أنه لا بد من تصفية هذا الدين مما دخل فيه مما أنتم تعلمون تفاصيله.
هذه التصفية لو اجتمع عليها ألوف علماء المسلمين المتخصصين كل منهم في علمه، هذا في تفسيره، وهذا في حديثه، وهذا في فقهه، وهذا في لغته إلى آخره لأن هذه الأمور كلها من الواجبات الكفائية إذا قام بها البعض سقط الحق عن الباقيين، فهل الآن هناك جماعة نشعر بأن هذا الواجب الكِفائي قد قام به علماء المسلمين ؟!
أنا أعتقد أن هذا فيه نقص كبير وكبير جدًّا، هذا ما نعني نحن بالتصفية، لأن الرسول عليه السلام قال: إذا فعلتم كذا وكذا وكذا فالدواء هو الرجوع إلى الدين، أي دين هذا ؟
هو الدين الذي ذكر في القرآن الكريم، إذن يجب أن نعتني بارجاع المسلمين في فهمهم للدين إلى ما كان مفهومًا عليه في زمن الصحابة والتابعين وأتباعهم، هذا الحديث الذي يتعلق بالإشارة إلى أنه لابد من تصفية هذا الدين مما كان غريبًا عنه، وما مِن ابتداع في الدين ووجود أكثر علماء المسلمين اليوم يقولون بالبدعة الحسنة ويفسرون الأحاديث على غير تفسيرها ويتأولونها على غير تأويلها كمثل حديث: مَن سَنَّ في الإسلام سنة حسنة فسروه بما يستحي الأعجمي أن يقول معناه: مَن استدعى في الإسلام بدعة حسنة، وهذا أيضًا كنا ألقينا كلمة طويلة عنه.
أعود إلى الحديث الثاني وهو قوله عليه الصلاة السلام:
ستداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أوَ مِن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال: لا، بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله الرَّهبة من صدور عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوَهَن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت :
هذا الحديث يتطلب منا أن نهتم بالتربية على أساس الإسلام المصفى ومن ذلك ألا تأخذنا في الله لومةُ لائم، ألّا نخشى أحدًا إلا الله تبارك وتعالى، وأن نكون كما قال عليه السلام: مثل المؤمنين في تواددهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى فهل المسلمون الآن على ما فيهم من تكتلات حققوا هذا الحديث الواحد وهو كالجسد الواحد ؟!
مع الأسف لا التصفية قائمة كما ينبغي، ولا التربية أيضًا متحققة كما ينبغي، وإنما هم أفراد جماعات متفرقة، لكن لا توجد رابطة بينهم على أساس من هذا الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، فأنا أعتقد أن كل جماعة لا تقوم على هذا الأساس فهي فاشلة ولا مناص، والتاريخ منذ أكثر مِن نصف قرن من الزمان أكبر دليل على ذلك، لأن هناك بعض جماعات يهتفون بإقامة الدولة المسلمة منذ أكثر من ستين سبعين سنة وهم على النظام العصري في بعض البلاد العربية مكانك راوح، في حركة لكن ما في تقدم، السبب: " أوردها سعد وسعد مشتمل، ما هكذا يا سعد تورد الإبل ".

Webiste