شروط الحج.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أما شروط الحج فاستمع لها. شروطه خمسة جمعت في هذا البيت :
" الحج والعمرة واجبان *** في العمر مرةً بلا توان
بشرط إسلامٍ كذا حريه *** عقلٌ بلوغٌ قدرةٌ جلية ".
أعيد البيت؟
" بشرط إسلامٍ كذا حريه *** عقلٌ بلوغٌ قدرةٌ جلية ".
بشرط إسلام: ضد الإسلام الكفر. فالكافر لا يجب عليه الحج، لأنه لو حج لم يقبل منه. قال الله تعالى : وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ . من المعلوم أن الكافر بالهوية لا يمكن يدخل مكة. هناك شرطة تمنعه. لكن المسلم بالهوية الكافر بالحقيقة، الكافر في الحقيقة يدخل مكة. مثاله : رجل لا يصلي، إنسان لا يصلي وحج، فهل يصح حجه؟ لا،
لا يصح، لأن الذي لا يصلي كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة. فلو حج لم يكن مسلماً ولا يقبل منه. ولهذا نقول لمن ابتلوا بهذه البلية - بعدم الصلاة - أولا أسلموا صلوا أولاً ثم حجوا. أما أن تذهبوا إلى مكة وأنتم لا تصلون فهذا حرام عليكم أن تدخلوا الحرم، لأن حدود الحرم لا يحل للكافر أن يدخله. ولست أقصد بالحرم المسجد، لا. الحرم ما كان داخل الأميال الحدود،
طيب.
الثاني : الحرية ضدها الرق. فالرقيق لا يجب عليه الحج، لأنه أولاً لا مال عنده. وثانياً : هو مشغول بخدمة سيده.
عقل : ضد العقل الجنون. فلو فرض أن إنساناً كان مجنوناً - نسأل الله السلامة - لكنه غني هل يجب عليه الحج؟
الجواب : لا. هل يحجج عنه؟ الجواب : لا، لأن من شرط الوجوب أجب العقل. كذلك لو فرض أن شخصاً كبيراً ليس عنده مال ثم أصابه الهرم وصار يهذري ما له عقل. ثم مات له قريب فورثه، فكان عنده مال هل يجب عليه الحج؟ لا يجب، ليش؟ لأنه غير عاقل، لأنه غير عاقل فلا يجب عليه الحج.
الرابع : البلوغ وضده الصغر. فالصغير لا يجب عليه الحج. لكن لو حج صحّ حجه إلا أنه يجب عليه إذا بلغ أن يأتي بحجة الإسلام، لأنه إذا حج قبل أن يبلغ فقد حج قبل أوانه فصار كالذي يصلي قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة. لو صلى إنسان قبل أذان الظهر يعني: قبل زوال الشمس، نقول : لا تجزئك عن الفريضة، لا بد أن تصلي بعد دخول الوقت.
الشرط الخامس : القدرة، القدرة على الحج، القدرة بالبدن والقدرة بالمال. فمن كان قادراً ببدنه قادراً بماله وجب عليه أن يحج بنفسه، ولا يجوز أن يؤخر الحج. لا يقول: هذه السنة أبتلين والسنة الثانية أحج، حرام عليه لأنه لايدري ماذا يعرض له. ربما تكون السنة الثانية وهو عاجز أو فاقد للمال أو ميت هالك. فلا يجوز أن يتأخر، هذا إذا كان قادراً بإيش؟ بماله وبدنه. إذا كان قادراً بماله لكنه عاجز ببدنه عجزاً لا يرجى زواله كإنسان غني لكنه كبير السن لا يستطيع أو مشلول أو ما أشبه ذلك. فهنا نقول : أقم من يحج عنك، أقم من يحج عنك. الدليل : أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت : يا رسول الله! إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال : نعم . فقالت: فريضة الله، فأقرها على هذا القول. فدل ذلك على أن العاجز ببدنه لا تسقط عنه الفريضة ما دام عنده مال. طيب إذا كان عاجزاً بماله قادراً ببدنه يلزمه أن يحج بنفسه مثل أن يكون من أهل مكة ليس عنده مال لكن يستطيع أن يخرج إلى عرفة ومزدلفة ومنى بكل سهولة. نقول : يجب عليك أن تحج، لأنك قادرٌ بإيش؟ أجيبوا يا جماعة. ببدنك. طيب إذا كان عاجزاً بالمال والبدن فلا شيء عليه. الحمد لله.
من ذلك - أي : من القدرة على الحج - أن يكون للمرأة محرم، أن يكون للمرأة محرم. فمن لا محرم لها لا حج عليها حتى لو بلغت أربعين سنة أو خمسين سنة أو أكثر، فلتهنأ بالعافية ولا تحزن، لأن الحج ليس فريضة عليها لعدم وجود المحرم. فلو لقيت ربها للقيت ربها غير عاصيةٍ في ترك الحج. بل هي ممتثلة لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم . لقد كان بعض النساء تتألم وتحزن إذا لم تجد محرماً. فنقول : الحمد لله لا تألَّمي ولا تحزني، لأن الحج لا يجب عليها. وهنا أسألكم : هل الفقير الذي لا زكاة عليه هل يندم ويحزن لأنه لم يزك. الجواب : لا، لا يندم ولا يحزن، لأنه لم تجب عليه الزكاة. وإن كان يتمنى أن عنده المال فيتصدق. فنقول : الحمد الله أيتها المرأة المسلمة إنك إذا تركت الحج لعدم وجود المحرم فقد أطعت الله ورسوله حيث قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم .
طيب لو قال قائل : لماذا لا تجعلونها كالشيخ الكبير تنوب من يحج عنها؟
قلنا : لا نقول هذا، لأنه لم يجب عليها الحج حتى يجب عليها أن تنيب من يحج عنها، أصلا لم يجب عليها الحج.
طيب ما رأيكم في امرأة ليس لها محرم فقالت لرجل له ثلاثون سنة : تعال أريد أن أرضعك لتكون محرماً لي. عمره ثلاثون سنة! نعم؟ وصارت تصلح له خمسة أيام كل يوم دل من لبنها يشرب كل يوم خمس مرات. يعني: رضع خمس مرات. ما تقولون يصلح وإلا ما يصلح؟ لماذا؟ لأنه فات وقت الرضاعة. الآن الكبير لا يتغذى بالرضاع. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : فإنما الرضاعة من المجاعة . قال : انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة المعنى: الرضاعة المؤثرة هي التي يندفع بها الجوع ويحتاج الطفل إليها. أما الكبير فلا ينفعه الرضاع ولو رضع مائة مرة.
ومن الاستطاعة : أن لا يكون على الإنسان دين. فإن كان عليه دين نظرنا : إن كان الدين حالاً وجب عليه أن يقضي الدين أولاً، ثم إن بقي شيء حج به وإلا فلا حج عليه. وإن كان مؤجلاً نظرنا إذا كان هذا الدين المؤجل إذا حل وجد عنده - أي: عند هذا الإنسان - رصيداً فليحج سواءً راجع من له الدين أو لم يراجعه ما دام الدين مؤجلاً وهو واثق من نفسه أنه إذا حل القسط يستطيع دفعه. فهنا نقول : حج. ومن ذلك إذا كان الإنسان عليه أقساط للبنك العقاري. قال : القسط يحل اثنا عشر ألفاً وأنا ما عندي إلا ثلاثة آلاف. نقول : الحمد لله ليس عليك حج إلا إذا وثقت أنك إذا حل القسط أديته فتوكل على الله حج، إيش؟ طيب. - فيه محل هنا للإخوان - في محل، ادخل على المحل هذا. نعم؟ نعم إذا أمكن ادخلوا بين الصفوف ما يضر.
أقول - بارك الله فيكم - : الذي عليه الدين سننقسم إلى إيش؟ إلى قسمين : الأول: الحال، فنقول : أوف الدين ثم حج. الثاني : المؤجل، فنقول : إذا كنت تعلم من نفسك أنه إذا حل الأجل فعندك قدرة على الوفاء فحج، سواءً استأذنت من صاحب الدين أو لا. أما إذا كان ليس عندك ثقة من نفسك فلا تحج. فإذا قال : أنا أرغب الحج. الحج واجب. قلنا : لا ما هو بواجب عليك، وإذا كنت صادقاً فكن راغباً في قضاء الدين، لأن الدين أمره خطير. يا جماعة انتبهوا أيها الشباب وأيها الشيوخ الدين أمره خطير خلافاً لمن يتساهل فيه. ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله عنه : بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ أنه إذا قدمت إليه جنازة يصلي عليها كان لا يصلي عليها إذا كان عليه دين. اسمع إلى القصة : قدم رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليصلي عليه، فلما خطا خطوات سأل : هل عليه دين؟ قالوا: نعم عليه ديناران. فتأخر وقال : صلوا على صاحبكم الله أكبر! يا لها من مصيبة على أهل الميت! يتراجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الصلاة عليه! صعبة جداً جدا. فقام أبو قتادة رضي الله عنه وقال : يا رسول الله! الديناران عليَّ. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم يا رسول الله! فتقدم وصلى . هذا يدل على إيش؟ على أن الدين أمره عظيم، حتى الشهادة وهي القتل في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين لا تكفره. صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا تتهاون بالدين. الآن تجد بعض الناس يتهاون، تجده - مثلاً - يشتري بيتا وهو ما عنده شيء بأقساط. ليش يا أخي؟ استأجر حتى يغنيك الله. تجده يشتري سيارة يمكن أن يحصل بعشرين ألفاً ما يكفيه ولكن يشتري سيارة بثمانين ألف ليش؟ لماذا؟ تجده بيته مستقيما وقائم وكافيه، لكن يقول : أبي أحط فيه ديكور وأبي أحط فرشة غالية الثمن. هذا غلط. الدين ليس بالهين. لا تتهاون بالدين. فهذه منزلة شرعية أنه عظيم فضلاً عن ما يقال : الدين سهر في الليل وهَمٌّ في النهار. طيب هذا المدين الذي قلنا أنه إذا كان دينه مؤجلاً وليس واثقاً أن يوفي عند حلول القسط، إذا لم يحج ولقي الله - مات - هل يعاقبه الله؟ أجيبوا يا جماعة. لا يعاقبه، لأنه لم يجب عليه الحج. وقد قال الله تعالى : مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً . طيب إنسان طالب علم عنده مكتبة يحتاجها. هو لو باعها أو باع بعضها تمكن من الحج لكن يحتاجها. هل نقول : بع من مكتبك ما تحج به؟ الجواب : لا، لا نقول بع ما دمت تحتاج إلى هذه الكتب ولو كانت غالية الأثمان وليس عندك دراهم فإنه لا يلزمك أن تبيع منها وتحج، لأن هذا مما يحتاجه الإنسان. كذلك - مثلاً - في البيت فيه أواني يحتاجها أحيانا في الشهر مرة في السنة مرة هل نقول: بعها وحج، أو نقول: لا حج عليك؟ الجواب : هو الثاني لا حج عليه ، لأن هذه من حوائجه. والدين والحمد لله يسر ليس فيه مشقة ولا تعسير.
وإلى هنا ينتهي هذا الكلام. وإن شاء الله في الدرس القادم سنذكر بحول الله محظورات الإحرام وكيفية الحج. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً. ونكمل هذا اللقاء بالإجابة على الأسئلة. وأرجو من الجميع أن ينتبهوا ويتابعوا الجواب على الأسئلة. لا يقول أحدكم : أنا لم أقدم سؤالاً ويقضي يهوجس فيضيع عليه الوقت. لا انتبهوا ربما يأتي في الأسئلة أشياء أهم مما سمعتم. نعم. تفضل.
الطالب : جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء ونفعنا جميعا بما سمعنا.
الشيخ : آمين.
" الحج والعمرة واجبان *** في العمر مرةً بلا توان
بشرط إسلامٍ كذا حريه *** عقلٌ بلوغٌ قدرةٌ جلية ".
أعيد البيت؟
" بشرط إسلامٍ كذا حريه *** عقلٌ بلوغٌ قدرةٌ جلية ".
بشرط إسلام: ضد الإسلام الكفر. فالكافر لا يجب عليه الحج، لأنه لو حج لم يقبل منه. قال الله تعالى : وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ . من المعلوم أن الكافر بالهوية لا يمكن يدخل مكة. هناك شرطة تمنعه. لكن المسلم بالهوية الكافر بالحقيقة، الكافر في الحقيقة يدخل مكة. مثاله : رجل لا يصلي، إنسان لا يصلي وحج، فهل يصح حجه؟ لا،
لا يصح، لأن الذي لا يصلي كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة. فلو حج لم يكن مسلماً ولا يقبل منه. ولهذا نقول لمن ابتلوا بهذه البلية - بعدم الصلاة - أولا أسلموا صلوا أولاً ثم حجوا. أما أن تذهبوا إلى مكة وأنتم لا تصلون فهذا حرام عليكم أن تدخلوا الحرم، لأن حدود الحرم لا يحل للكافر أن يدخله. ولست أقصد بالحرم المسجد، لا. الحرم ما كان داخل الأميال الحدود،
طيب.
الثاني : الحرية ضدها الرق. فالرقيق لا يجب عليه الحج، لأنه أولاً لا مال عنده. وثانياً : هو مشغول بخدمة سيده.
عقل : ضد العقل الجنون. فلو فرض أن إنساناً كان مجنوناً - نسأل الله السلامة - لكنه غني هل يجب عليه الحج؟
الجواب : لا. هل يحجج عنه؟ الجواب : لا، لأن من شرط الوجوب أجب العقل. كذلك لو فرض أن شخصاً كبيراً ليس عنده مال ثم أصابه الهرم وصار يهذري ما له عقل. ثم مات له قريب فورثه، فكان عنده مال هل يجب عليه الحج؟ لا يجب، ليش؟ لأنه غير عاقل، لأنه غير عاقل فلا يجب عليه الحج.
الرابع : البلوغ وضده الصغر. فالصغير لا يجب عليه الحج. لكن لو حج صحّ حجه إلا أنه يجب عليه إذا بلغ أن يأتي بحجة الإسلام، لأنه إذا حج قبل أن يبلغ فقد حج قبل أوانه فصار كالذي يصلي قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة. لو صلى إنسان قبل أذان الظهر يعني: قبل زوال الشمس، نقول : لا تجزئك عن الفريضة، لا بد أن تصلي بعد دخول الوقت.
الشرط الخامس : القدرة، القدرة على الحج، القدرة بالبدن والقدرة بالمال. فمن كان قادراً ببدنه قادراً بماله وجب عليه أن يحج بنفسه، ولا يجوز أن يؤخر الحج. لا يقول: هذه السنة أبتلين والسنة الثانية أحج، حرام عليه لأنه لايدري ماذا يعرض له. ربما تكون السنة الثانية وهو عاجز أو فاقد للمال أو ميت هالك. فلا يجوز أن يتأخر، هذا إذا كان قادراً بإيش؟ بماله وبدنه. إذا كان قادراً بماله لكنه عاجز ببدنه عجزاً لا يرجى زواله كإنسان غني لكنه كبير السن لا يستطيع أو مشلول أو ما أشبه ذلك. فهنا نقول : أقم من يحج عنك، أقم من يحج عنك. الدليل : أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت : يا رسول الله! إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال : نعم . فقالت: فريضة الله، فأقرها على هذا القول. فدل ذلك على أن العاجز ببدنه لا تسقط عنه الفريضة ما دام عنده مال. طيب إذا كان عاجزاً بماله قادراً ببدنه يلزمه أن يحج بنفسه مثل أن يكون من أهل مكة ليس عنده مال لكن يستطيع أن يخرج إلى عرفة ومزدلفة ومنى بكل سهولة. نقول : يجب عليك أن تحج، لأنك قادرٌ بإيش؟ أجيبوا يا جماعة. ببدنك. طيب إذا كان عاجزاً بالمال والبدن فلا شيء عليه. الحمد لله.
من ذلك - أي : من القدرة على الحج - أن يكون للمرأة محرم، أن يكون للمرأة محرم. فمن لا محرم لها لا حج عليها حتى لو بلغت أربعين سنة أو خمسين سنة أو أكثر، فلتهنأ بالعافية ولا تحزن، لأن الحج ليس فريضة عليها لعدم وجود المحرم. فلو لقيت ربها للقيت ربها غير عاصيةٍ في ترك الحج. بل هي ممتثلة لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم . لقد كان بعض النساء تتألم وتحزن إذا لم تجد محرماً. فنقول : الحمد لله لا تألَّمي ولا تحزني، لأن الحج لا يجب عليها. وهنا أسألكم : هل الفقير الذي لا زكاة عليه هل يندم ويحزن لأنه لم يزك. الجواب : لا، لا يندم ولا يحزن، لأنه لم تجب عليه الزكاة. وإن كان يتمنى أن عنده المال فيتصدق. فنقول : الحمد الله أيتها المرأة المسلمة إنك إذا تركت الحج لعدم وجود المحرم فقد أطعت الله ورسوله حيث قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم .
طيب لو قال قائل : لماذا لا تجعلونها كالشيخ الكبير تنوب من يحج عنها؟
قلنا : لا نقول هذا، لأنه لم يجب عليها الحج حتى يجب عليها أن تنيب من يحج عنها، أصلا لم يجب عليها الحج.
طيب ما رأيكم في امرأة ليس لها محرم فقالت لرجل له ثلاثون سنة : تعال أريد أن أرضعك لتكون محرماً لي. عمره ثلاثون سنة! نعم؟ وصارت تصلح له خمسة أيام كل يوم دل من لبنها يشرب كل يوم خمس مرات. يعني: رضع خمس مرات. ما تقولون يصلح وإلا ما يصلح؟ لماذا؟ لأنه فات وقت الرضاعة. الآن الكبير لا يتغذى بالرضاع. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : فإنما الرضاعة من المجاعة . قال : انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة المعنى: الرضاعة المؤثرة هي التي يندفع بها الجوع ويحتاج الطفل إليها. أما الكبير فلا ينفعه الرضاع ولو رضع مائة مرة.
ومن الاستطاعة : أن لا يكون على الإنسان دين. فإن كان عليه دين نظرنا : إن كان الدين حالاً وجب عليه أن يقضي الدين أولاً، ثم إن بقي شيء حج به وإلا فلا حج عليه. وإن كان مؤجلاً نظرنا إذا كان هذا الدين المؤجل إذا حل وجد عنده - أي: عند هذا الإنسان - رصيداً فليحج سواءً راجع من له الدين أو لم يراجعه ما دام الدين مؤجلاً وهو واثق من نفسه أنه إذا حل القسط يستطيع دفعه. فهنا نقول : حج. ومن ذلك إذا كان الإنسان عليه أقساط للبنك العقاري. قال : القسط يحل اثنا عشر ألفاً وأنا ما عندي إلا ثلاثة آلاف. نقول : الحمد لله ليس عليك حج إلا إذا وثقت أنك إذا حل القسط أديته فتوكل على الله حج، إيش؟ طيب. - فيه محل هنا للإخوان - في محل، ادخل على المحل هذا. نعم؟ نعم إذا أمكن ادخلوا بين الصفوف ما يضر.
أقول - بارك الله فيكم - : الذي عليه الدين سننقسم إلى إيش؟ إلى قسمين : الأول: الحال، فنقول : أوف الدين ثم حج. الثاني : المؤجل، فنقول : إذا كنت تعلم من نفسك أنه إذا حل الأجل فعندك قدرة على الوفاء فحج، سواءً استأذنت من صاحب الدين أو لا. أما إذا كان ليس عندك ثقة من نفسك فلا تحج. فإذا قال : أنا أرغب الحج. الحج واجب. قلنا : لا ما هو بواجب عليك، وإذا كنت صادقاً فكن راغباً في قضاء الدين، لأن الدين أمره خطير. يا جماعة انتبهوا أيها الشباب وأيها الشيوخ الدين أمره خطير خلافاً لمن يتساهل فيه. ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله عنه : بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ أنه إذا قدمت إليه جنازة يصلي عليها كان لا يصلي عليها إذا كان عليه دين. اسمع إلى القصة : قدم رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليصلي عليه، فلما خطا خطوات سأل : هل عليه دين؟ قالوا: نعم عليه ديناران. فتأخر وقال : صلوا على صاحبكم الله أكبر! يا لها من مصيبة على أهل الميت! يتراجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الصلاة عليه! صعبة جداً جدا. فقام أبو قتادة رضي الله عنه وقال : يا رسول الله! الديناران عليَّ. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم يا رسول الله! فتقدم وصلى . هذا يدل على إيش؟ على أن الدين أمره عظيم، حتى الشهادة وهي القتل في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين لا تكفره. صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا تتهاون بالدين. الآن تجد بعض الناس يتهاون، تجده - مثلاً - يشتري بيتا وهو ما عنده شيء بأقساط. ليش يا أخي؟ استأجر حتى يغنيك الله. تجده يشتري سيارة يمكن أن يحصل بعشرين ألفاً ما يكفيه ولكن يشتري سيارة بثمانين ألف ليش؟ لماذا؟ تجده بيته مستقيما وقائم وكافيه، لكن يقول : أبي أحط فيه ديكور وأبي أحط فرشة غالية الثمن. هذا غلط. الدين ليس بالهين. لا تتهاون بالدين. فهذه منزلة شرعية أنه عظيم فضلاً عن ما يقال : الدين سهر في الليل وهَمٌّ في النهار. طيب هذا المدين الذي قلنا أنه إذا كان دينه مؤجلاً وليس واثقاً أن يوفي عند حلول القسط، إذا لم يحج ولقي الله - مات - هل يعاقبه الله؟ أجيبوا يا جماعة. لا يعاقبه، لأنه لم يجب عليه الحج. وقد قال الله تعالى : مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً . طيب إنسان طالب علم عنده مكتبة يحتاجها. هو لو باعها أو باع بعضها تمكن من الحج لكن يحتاجها. هل نقول : بع من مكتبك ما تحج به؟ الجواب : لا، لا نقول بع ما دمت تحتاج إلى هذه الكتب ولو كانت غالية الأثمان وليس عندك دراهم فإنه لا يلزمك أن تبيع منها وتحج، لأن هذا مما يحتاجه الإنسان. كذلك - مثلاً - في البيت فيه أواني يحتاجها أحيانا في الشهر مرة في السنة مرة هل نقول: بعها وحج، أو نقول: لا حج عليك؟ الجواب : هو الثاني لا حج عليه ، لأن هذه من حوائجه. والدين والحمد لله يسر ليس فيه مشقة ولا تعسير.
وإلى هنا ينتهي هذا الكلام. وإن شاء الله في الدرس القادم سنذكر بحول الله محظورات الإحرام وكيفية الحج. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً. ونكمل هذا اللقاء بالإجابة على الأسئلة. وأرجو من الجميع أن ينتبهوا ويتابعوا الجواب على الأسئلة. لا يقول أحدكم : أنا لم أقدم سؤالاً ويقضي يهوجس فيضيع عليه الوقت. لا انتبهوا ربما يأتي في الأسئلة أشياء أهم مما سمعتم. نعم. تفضل.
الطالب : جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء ونفعنا جميعا بما سمعنا.
الشيخ : آمين.
الفتاوى المشابهة
- شروط الحج - ابن عثيمين
- كلمة في الحج مرتبته شروطه صفته. - ابن عثيمين
- الكلام على الحج وأهم شروطه. - ابن عثيمين
- مقدمة على الحج ( ذكر قواعد وشروط وفوائد الحج ) - ابن عثيمين
- الكلام على شروط وجوب الحج. - ابن عثيمين
- بيان شروط وجوب الحج والعمرة . - ابن عثيمين
- شروط وجوب الحج - ابن عثيمين
- شروط وجوب الحج - ابن عثيمين
- شروط وجوب الحج - ابن عثيمين
- الكلام على شروط الحج . - ابن عثيمين
- شروط الحج. - ابن عثيمين