تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما حكم قيام الجماعات الإسلامية المعاصرة وما حك... - الالبانيالسائل : يقول في سؤاله: في هذا الزمان وقد تكالبت قوى الشر للإطاحة بالإسلام وأهله ولم يبق من تستطيع أن تشير إليه أنه يمثل الجماعة المسلمة، قامت جماعة مِن...
العالم
طريقة البحث
ما حكم قيام الجماعات الإسلامية المعاصرة وما حكم الانضمام إليها ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يقول في سؤاله: في هذا الزمان وقد تكالبت قوى الشر للإطاحة بالإسلام وأهله ولم يبق من تستطيع أن تشير إليه أنه يمثل الجماعة المسلمة، قامت جماعة مِن الغيورين على الإسلام بأهداف كلها إقامة الدين وإعلاء كلمة الله لتكون هي العليا، ولكنهم اختلفوا في أسلوب تطبيق هذا المبدأ، مما نشأ عنه مجموعة من الحركات الإسلامية المعاصرة، فما حكم قيام مثل هذه الجماعات وما حكم الانضمام إليها ؟

الشيخ : كثُر هذا السؤال في هذه الآونة الأخيرة وجوابنا على النحو التالي: هذه الجماعات إذا كانت كل واحدة منها تعمل فيما تُحسن أو فيما هي تختص بالعمل فيه دون الجماعات الأخرى، وهي تلتقي معهم في الأصل الذي هو الجامع لكل الجماعات الإسلامية إذا كانوا مُستَسلمين كما هو المفروض عليهم لحكم الله تبارك وتعالى، فحينئذٍ يدخلون في عموم قوله عزَّ وجل: وتعاونوا على البرِّ والتَّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، أمَّا إذا كانت كلّ جماعة تعمل لوحدها وهي لا تستطيع لوحدها أن تعمل في كل المجالات الإسلامية التي لا يمكن أن تقوم دولة الإسلام إلا بمجموع الاجتهادات من كل هذه الجماعات، فإذا كانت الجماعة الواحدة تدَّعي أنها تُحسن العمل للإسلام من كل النواحي فأولًا: تكون مخطئة كل الخطأ، وثانيةً: عليها ألَّا تنفصل عن الجماعات الأخرى وإنما عليها أن تتعاون معها في دائرة الإسلام الذي يسع جميع مَن ينتمي إلى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأنا أقولُ عن أيِّ جماعة توجد على وجه الأرض اليوم من الجماعات الإسلامية شأنها كشأن الأفراد، فقد ذكرنا آنفًا أنَّ هناك نواحي مِن العلوم لا يستطيع أن يجمعها فرد، وإنما يتوزعها مجموع أفراد المسلمين، كذلك كلُّ جماعة إذا كان لها عناية خاصة بجانب مِن الجوانب الإسلامية فذلك يُستفاد منها، ولكن شريطة ألا تتنافر وألا تتعادى مع الجماعات الأخرى، فكل جماعة حينما تكون على هذا الأَساس قامت جماعتها على أساس التعاون، فكل جماعة تكمِّل عمل الجماعة الأخرى، ومِن المؤسف أن نقول: أن الواقع اليوم ليس كذلك، والسبب أنَّ الثقافة الإسلامية العامَّة في الجماعات كلِّها ليست كما ينبغي، كقوله تعالى مثلًا: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تُؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا لا يعتبر اليوم مرجعًا لكل الجماعات وإنما جماعة تتبنى هذا وجماعة أخرى تقول نحن في مشاكل أكبر مِن هذه المشكلة، وحينئذ تصبح هذه الجماعات متنافرة متباعدة متباغضة، وحينئذٍ تقع المشكلة التي حذَّرنا اللهُ تبارك وتعالى منها في غير ما آية من الآيات القرآنية كمثل قوله عزوجل: ولا تكونوا مِن المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شِيَعًا كل حزبٍ بما لديهم فرحون وعلى ذلك فعلى مَن يسأل مثل هذا السؤال أن يحقق في نفسه قول الله تبارك وتعالى: وكونوا مع الصادقين ، ولكي يكون مع الصادقين فلابدَّ مِن أن يعرف أصول الدين التي لا يجوز للمسلم أن يكون جاهلًا بشيءٍ منها، ومن أصول الدين أنَّ الدين هو قال الله قال رسول الله وليس سوى ذلك، فمن طَلَب ترك هذا الأصل من أصول الدين وحاول تجميع المسلمين على مجرد اسم الإسلام فهذا لا يُسمن ولا يُغني من جوع، لأن الإسلام قول وعمل، قول واعتقاد، فإذا لم يدرس المسلم هذه الأصول أو درسها وأعرض عنها وتركها جانبًا حينئذٍ سيبقى منفصلًا عن أي جماعة إسلامية أخرى، أما على التفصيل السابق إذا كانوا جميعًا على كلمة سواء ما جاء في الكتاب والسنة فهم يتعاونون على ذلك، لكن الأساليب قد تختلف لا مانع مِن ذلك، وقد يعنى مثلاً طائفة من المسلمين قد يُعنون بأفرادهم بنواحي تتعلق بالرياضة البدنية مثلًا، لا مانع، وهذا مثال يقرِّب وجهة النظر التي قدمتها آنفًا، إذا كانت هناك جمعية إسلامية رياضية لا مانع من ذلك، لأنها تقوم بشيء مما جاء به الإسلام في مثل قوله عليه الصلاة والسلام : المؤمن القوي أحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خير ، ولكن بشرط أن تكون هذه الجمعية في إطار الإسلام الواسع الذي يسع كل الجماعات الأخرى كل جماعة في اختصاصها، فإذا فرضنا الآن هذه الجمعية الرياضية تخالِف الشريعة الإسلامية في بعض أعمالها أو في بعض اتجاهاتها، حينئذ تُصبح فرقة ليست مِن الفرق التي يمكن أن يتعاون المسلمون معها، ومثال بسيط في ذلك: إذا كانت هناك جمعية تتعاطى بعض الألعاب الرياضية المعروفة اليوم ككرة السَّلة وكرة القدم ونحو ذلك، ولكنهم يُقيمون مباريات تخالف الشريعة في بعض أحكامها، مثلًا يقيمون مباريات بحيث أنهم يشابهون الكفار بالكشف عن العورات، فهؤلاء ما تعاونوا مع المسلمين الآخرين الذين ينصحونهم ويقولون لهم مثلًا وهم مِن أهل العلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفخذ عورة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تشبَّه بقومٍ فهو منهم إذن هذه الجمعية الرياضية إذا كانت تعمل في حدود الإسلام فهي تكملة لواجب يجب أن تقوم به طائفة مِن الجماعات الإسلامية، أما إذا قامت منفصلة عن الأحكام الإسلامية فحينئذٍ شأنها كشأن أي فرقة أخرى لا تدين بالإسلام، يُقيمون مباريات مثلًا في وقت صلاة العصر بحيث تفوتهم صلاة العصر ولا يصلون إلا بعد صلاة المغرب، هذا طبعًا ليس عملًا إسلاميًا، وقل على ذلك من يعمل في السياسية ومن يعمل في الاقتصاد ومن يعمل في أي جانب مِن جوانب الإسلام، فإذا كان في دائرة الإسلام فكلُّهم يقوم بواجب وكلهم يُكمِّل بعضهم بعضًا، وعلى غير ذلك فيكونوا من المتفرقين في الدين كما ذكر رب العالمين في الآية السابقة، هذا هو الجواب.

Webiste