تم نسخ النصتم نسخ العنوان
أشهر الحج - 2 - الفوزانسؤال: يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة البقرة: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: ١٩٧] ، فهل المعنى أنه ممكن قضاء مناسك الحج في أي من هذه ا...
العالم
طريقة البحث
أشهر الحج - 2
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة البقرة: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: ١٩٧] ، فهل المعنى أنه ممكن قضاء مناسك الحج في أي من هذه الأشهر، وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة؟ أما ما هو المعنى الذي تشير إليه الآية؟ أرجو الإفادة عن ذلك، وعن إمكانية الاجتهاد في الشريعة الإسلامية هل لا زال بابه مفتوحًا أم موصدًا؟

الجواب: لو قرأت آخر الآية لوجدت الجواب فيه، لأن الله تعالى يقول: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: ١٩٧] ، فمعنى الآية الكريمة: أن من أحرم بالحج بهذه الأشهر، التي هي شوال ذو القعدة وعشر من ذي الحجة، فإنه ينعقد إحرامه، ويصح إحرامه بالحج.
أما مناسك الحج فإنها لا تؤدى إلا في وقتها، في أيام الحج التي أولها يوم عرفة وما بعده من المناسك، إنما الذي يصح في هذه الأشهر بداية من دخول شهر شوال هو الإحرام بالحج، فمن أحرم بالحج في هذه الفترة انعقد إحرامه وصح، هذا هو معنى الآية الكريمة، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ [البقرة: ١٩٧] يعني: من أحرم بالحج، ليس المعنى: من أدى مناسك الحج فيها، لأن مناسك الحج تختص بوقت معين يبدأ من يوم عرفة وما بعده،
وإنما الذي يصح من أعمال الحج في هذه الأشهر هو الإحرام فقط.
وأما مسألة باب الاجتهاد وهل هو مفتوح أم لا؟ باب الاجتهاد مفتوح لأهله الذين عندهم المؤهلات التي يستطيعون بها الاجتهاد، ولكنه مغلق كل الإغلاق على من ليس من أهل الاجتهاد، ولا يصلح للاجتهاد، وشروط المجتهد التي ذكر أهل العلم أهمها:

أولًا: إحاطته بأدلة الأحكام من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وما إلى ذلك.

ثانيًا: علمه بالناسخ والمنسوخ من الأدلة ومواضع الإجماع، ومواضع الاختلاف.

ثالثًا: معرفته بما يصلح للاحتجاج من الأحاديث من حيث الصحة وعدمها.

رابعاً: إلمامه باللغة العربية والنحو ووجوه الإعراب.
فإذا توفرت هذه الشروط في شخص جاز له الاجتهاد، أما من كان عادمًا لها أو لبعضها، فإنه لا يجوز له الاجتهاد، لأنه غير مؤهل لذلك، فيكون اجتهاده ضررًا عليه وعلى غيره، لأنه ليس من ذوي الاختصاص، وأنت تعلم أن الطبيب إذا كان مؤهلًا وحاذقًا، جاز له أن يعالج المرضى وأن يجري العمليات الدقيقة، أما إذا كان غير مختص فإنه يمنع من ذلك، لأن في تمكينه جناية على أرواح الناس، والأحكام الشرعية، أشد وأهم من ذلك، أهم من الأجسام، وأهم من الحياة، فإذا تدخل فيها من ليس من أهلها، أضر ذلك بالأمة، وأضر ذلك بالشخص الذي دخل في شيء
لا يستطيعه، وهذه المسألة كثيرًا ما تتردد اليوم على ألسنة الناس، يقولون: باب الاجتهاد مفتوح، وأحدهم يقول: باب الاجتهاد مغلق، وما أشبه ذلك، فلا بد من هذا التفصيل، فلا يقال: باب الاجتهاد مفتوح مطلقًا، ولا مغلق مطلقًا، وإنما باب الاجتهاد مفتوح لمن توفرت فيه شروط الاجتهاد، وكان من المختصين، أما من لم يكن كذلك فإنه يغلق أمامه باب الاجتهاد ويجب الأخذ على يده، لكي لا يهلك الأمة باجتهاداته الخاطئة، والله أعلم.

Webiste