اقتران العلم بالعمل ، وأهمية التحلي بالأخلاق الحسنة .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ، وبعد :
فقد ذكرنا أكثر من مرَّة أن المقصود من العلم العمل ، وأن أيَّ علم لا يقترن به العمل به يكون العلم وبالًا على صاحبه ، فلا جرم أنه قد جاء عن بعض السلف قوله : " ويل للجاهل مرة ، وويل للعالم سبع مرات " ، فالمقصود من العلم العمل ، ولهذا فلا ينبغي لكم أن يكون همُّكم إنما هو العلم فقط ؛ بل أن يقترن العمل مع العلم ، ومن العلم الذي صار ذائعًا ومنتشرًا بين كل المسلمين لا فرق في ذلك بين عالم أو طالب علم أو غيرهم هو قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه ، هذا هو لفظ الحديث في " الصحيحين " ، ثمَّ جاء الحديث بزيادة توضِّح المقصود المُراد من الحديث بأوضح سبيل ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : من الخير ؛ أي : ما يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه من الخير ، فالواجب على كل مسلم أن يحبَّ للناس ما يحبُّ لنفسه من الخير ، وهذا الحبُّ للخير لكلِّ مسلم هو من مكارم الأخلاق ، والتي صرَّح النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله فيها : إنَّما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق ، وأنا ألاحظ - مع الأسف - أن الناس اليوم يهتمُّون بالجانب الأول ؛ ألا وهو العلم ، ولا يهتمون بالجانب الآخر ؛ ألا وهو الأخلاق والسلوك ، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يكاد يحصر دعوته من أجل محاسن الأخلاق ومكارمها حينما يأتي بأداة الحصر فيقول : إنما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق ؛ فإنما ذلك يعني أن مكارم الأخلاق جزء أساسيٌّ من دعوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، والواقع أنني كنت في ابتداء طلبي للعلم وهداية الله - عز وجل - إياي إلى التوحيد الخالص ، واطِّلاعي على ما يعيشه العالم الإسلامي من البعد عن هذا التوحيد كنت أظنُّ أن المشكلة في العالم الإسلامي إنما هي فقط ابتعادهم عن فهمهم لحقيقة معنى لا إله إلا الله ، ولكني مع الزمن صرتُ أتبيَّن أن هناك مشكلة أخرى في هذا العالم تُضاف إلى المشكلة الأولى الأساسية ؛ ألا وهي بعدهم عن التوحيد ، المشكلة الأخرى أنهم أكثرهم لا يتخلَّقون بأخلاق الإسلام الصحيحة إلا بقدرٍ زهيدٍ .
لقد جاءت أحاديث كثيرة تترى عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تأمر بحسن الخلق ؛ فقد جاء في بعضها أن رجلًا استوصى أو طلب من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وصيَّةً فقال له - عليه الصلاة والسلام - : عليك بحُسن الخلق ، وجاء في الحديث الآخر - وهو حديث عظيم جدًّا - ؛ ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الرَّجل لَيُدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار ، إن كثيرًا من المتعبِّدين تراهم صوَّامًا قائمين في الليل والناس نيام ، ومع ذلك فلم يتخلَّقوا بأخلاق الإسلام إلا بقدرٍ زهيدٍ جدًّا ، فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الرجل ليُدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار أمره عظيم جدًّا ؛ لأنَّ من كان في معاملته مع المسلمين حَسَنَ السلوك فكأنه قام الليل وصام النهار ، ولذلك فعلينا - نحن معشر المسلمين - أن نقرن العلم إلى العمل ، والعمل هو منه حسن الخلق مع أخيك المسلم ، فأنا في الوقت الذي أستبشر خيرًا من تزاحمكم هذا التَّزاحم الشديد على الجلوس لطلب العلم بقدر ما يُفرحني هذا يُحزنني تدافُعُكم وتزاحُمُكم حتى ليكاد الطفل الصغير يذهب بين أقدامكم ، فأذكِّركم - والذكرى تنفع المؤمنين - أنكم يجب أن تتَّسموا وأن تتخلَّقوا بالسكينة ، فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح : إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار ، ولا تأتوها وأنتم تسعون ؛ فما أدركتم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتمُّوا .
إن المساجد هي بيوت الله - تبارك وتعالى - ، وهي تُقصد ليس للصلاة فقط ؛ بل وللعلم ، وطالما سمعتم من المحاضرين والواعظين أن المساجد في الإسلام الأوَّل لم تكن فقط من أجل الصلاة يصلِّي الرجل أربع ركعات أو أقل أو أكثر ثم ينصرف ، وإنما كانت المساجد - أيضًا - مدارس يتعلم الناس فيها العلم والسلوك والأخلاق ، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يأمر المسلم أنه إذا خرج من بيته إلى المسجد ألَّا يسعى وأن يمشي وعليه السكينة والوقار ؛ فأنتم تأتون إلى هذا المجلس لتلقِّي مثل هذا العلم الوارد عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعليكم أن تمشوا على السكينة والوقار ، فكيف وأنتم تركضون - ما أقول ركض الدواب - وإنما تركضون ركضًا لا يليق بكم على اعتباركم طُلَّابًا للعلم ، فأرجو أن أراكم عند حسن الظَّنِّ من العمل بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ومن ذلك أن لا تتدافعوا ، وأن لا تتزاحموا ، وأن يكون عليكم السكينة والوقار فيما إذا قصدتم مجلس علم تريدون به التقرُّب إلى الله - تبارك وتعالى - .
هذه ذكرى ، والذكرى تنفع المؤمنين ، وأرجو أن لا أراكم مرَّةً أخرى إلا كما ينبغي أن نراكم من حسن الخلق مع بعضكم بعضًا .
والآن هاتوا ما عندكم من الأسئلة .
تفضل .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ، وبعد :
فقد ذكرنا أكثر من مرَّة أن المقصود من العلم العمل ، وأن أيَّ علم لا يقترن به العمل به يكون العلم وبالًا على صاحبه ، فلا جرم أنه قد جاء عن بعض السلف قوله : " ويل للجاهل مرة ، وويل للعالم سبع مرات " ، فالمقصود من العلم العمل ، ولهذا فلا ينبغي لكم أن يكون همُّكم إنما هو العلم فقط ؛ بل أن يقترن العمل مع العلم ، ومن العلم الذي صار ذائعًا ومنتشرًا بين كل المسلمين لا فرق في ذلك بين عالم أو طالب علم أو غيرهم هو قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه ، هذا هو لفظ الحديث في " الصحيحين " ، ثمَّ جاء الحديث بزيادة توضِّح المقصود المُراد من الحديث بأوضح سبيل ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : من الخير ؛ أي : ما يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه من الخير ، فالواجب على كل مسلم أن يحبَّ للناس ما يحبُّ لنفسه من الخير ، وهذا الحبُّ للخير لكلِّ مسلم هو من مكارم الأخلاق ، والتي صرَّح النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله فيها : إنَّما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق ، وأنا ألاحظ - مع الأسف - أن الناس اليوم يهتمُّون بالجانب الأول ؛ ألا وهو العلم ، ولا يهتمون بالجانب الآخر ؛ ألا وهو الأخلاق والسلوك ، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يكاد يحصر دعوته من أجل محاسن الأخلاق ومكارمها حينما يأتي بأداة الحصر فيقول : إنما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق ؛ فإنما ذلك يعني أن مكارم الأخلاق جزء أساسيٌّ من دعوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، والواقع أنني كنت في ابتداء طلبي للعلم وهداية الله - عز وجل - إياي إلى التوحيد الخالص ، واطِّلاعي على ما يعيشه العالم الإسلامي من البعد عن هذا التوحيد كنت أظنُّ أن المشكلة في العالم الإسلامي إنما هي فقط ابتعادهم عن فهمهم لحقيقة معنى لا إله إلا الله ، ولكني مع الزمن صرتُ أتبيَّن أن هناك مشكلة أخرى في هذا العالم تُضاف إلى المشكلة الأولى الأساسية ؛ ألا وهي بعدهم عن التوحيد ، المشكلة الأخرى أنهم أكثرهم لا يتخلَّقون بأخلاق الإسلام الصحيحة إلا بقدرٍ زهيدٍ .
لقد جاءت أحاديث كثيرة تترى عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تأمر بحسن الخلق ؛ فقد جاء في بعضها أن رجلًا استوصى أو طلب من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وصيَّةً فقال له - عليه الصلاة والسلام - : عليك بحُسن الخلق ، وجاء في الحديث الآخر - وهو حديث عظيم جدًّا - ؛ ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الرَّجل لَيُدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار ، إن كثيرًا من المتعبِّدين تراهم صوَّامًا قائمين في الليل والناس نيام ، ومع ذلك فلم يتخلَّقوا بأخلاق الإسلام إلا بقدرٍ زهيدٍ جدًّا ، فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الرجل ليُدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار أمره عظيم جدًّا ؛ لأنَّ من كان في معاملته مع المسلمين حَسَنَ السلوك فكأنه قام الليل وصام النهار ، ولذلك فعلينا - نحن معشر المسلمين - أن نقرن العلم إلى العمل ، والعمل هو منه حسن الخلق مع أخيك المسلم ، فأنا في الوقت الذي أستبشر خيرًا من تزاحمكم هذا التَّزاحم الشديد على الجلوس لطلب العلم بقدر ما يُفرحني هذا يُحزنني تدافُعُكم وتزاحُمُكم حتى ليكاد الطفل الصغير يذهب بين أقدامكم ، فأذكِّركم - والذكرى تنفع المؤمنين - أنكم يجب أن تتَّسموا وأن تتخلَّقوا بالسكينة ، فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح : إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار ، ولا تأتوها وأنتم تسعون ؛ فما أدركتم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتمُّوا .
إن المساجد هي بيوت الله - تبارك وتعالى - ، وهي تُقصد ليس للصلاة فقط ؛ بل وللعلم ، وطالما سمعتم من المحاضرين والواعظين أن المساجد في الإسلام الأوَّل لم تكن فقط من أجل الصلاة يصلِّي الرجل أربع ركعات أو أقل أو أكثر ثم ينصرف ، وإنما كانت المساجد - أيضًا - مدارس يتعلم الناس فيها العلم والسلوك والأخلاق ، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يأمر المسلم أنه إذا خرج من بيته إلى المسجد ألَّا يسعى وأن يمشي وعليه السكينة والوقار ؛ فأنتم تأتون إلى هذا المجلس لتلقِّي مثل هذا العلم الوارد عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعليكم أن تمشوا على السكينة والوقار ، فكيف وأنتم تركضون - ما أقول ركض الدواب - وإنما تركضون ركضًا لا يليق بكم على اعتباركم طُلَّابًا للعلم ، فأرجو أن أراكم عند حسن الظَّنِّ من العمل بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ومن ذلك أن لا تتدافعوا ، وأن لا تتزاحموا ، وأن يكون عليكم السكينة والوقار فيما إذا قصدتم مجلس علم تريدون به التقرُّب إلى الله - تبارك وتعالى - .
هذه ذكرى ، والذكرى تنفع المؤمنين ، وأرجو أن لا أراكم مرَّةً أخرى إلا كما ينبغي أن نراكم من حسن الخلق مع بعضكم بعضًا .
والآن هاتوا ما عندكم من الأسئلة .
تفضل .
الفتاوى المشابهة
- الأسباب المعينة على التحلي بالأخلاق الإسلامية - ابن باز
- أحياناً بعض الكفار أخلاقهم حسنة فبالطبيعة ال... - ابن عثيمين
- أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم - اللجنة الدائمة
- كلمة حول العلم وأهمية العمل بالعلم. - الالباني
- بيان اقتضاء العلم العمل. - الالباني
- ذكر أحاديث في فضل حسن الخلق. - الالباني
- التحلي بالأخلاق الفاضلة. - ابن عثيمين
- بيان أهمية التحلي بالأخلاق الحسنة. - الالباني
- اقتران العلم بالعمل (وهو من حسن الخلق). - الالباني
- اقتران العلم بالعمل ، وأهمية التحلي بالأخلاق ا... - الالباني
- اقتران العلم بالعمل ، وأهمية التحلي بالأخلاق ا... - الالباني