الشيخ : هذا الحديث كنا خرَّجناه بتفصيل - فيما أظن - في سلسلة الأحاديث الصّحيحة ، وبيَّنا أنه حديث صحيح بمجموع طرقه ، ولكن هل هناك دلالة فيه على أنه يعني تحريم مسِّ القرآن من المسلم إذا كان على غير طهارة علمًا أن المسلم طاهر ، ولو كان جنبًا ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صحَّ عنه أنه قال : "المؤمن لا ينجس" ، في حديث أخرجه البخاري في " صحيحه " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أتى جماعة من الصّحابة وكان فيهم أبو هريرة - وفي رواية أخرى : حذيفة - ، فانسلَّ أبو هريرة من المجلس ، ثم جاء ورأسه يقطر ماءً ، فسأله الرسول - عليه السلام - عن سبب انسلاله وانسحابه ؛ فقال : " يا رسول الله ، إني كنت جنبًا " ، كأنه يقول : إني استهجنتُ أن أجلس معك - يا رسول الله - أو أن أصافحك وأنا جنب . فقال - عليه السلام - : "سبحان الله ، إن المؤمن لا ينجس" ، يعني ما كان ينبغي لك أن تتحفَّظ هذا التحفُّظ ؛ لأن المسلم ولو كان جنبًا ؛ فهو طاهر لا ينجس .
الشيخ : وإذا كان الأمر كذلك - وهو كذلك - ؛ فحينئذٍ قوله - عليه السلام - : "لا يمس القرآن إلا طاهر" نفسِّره بحديث ابن عمر السابق : "لا تسافروا بالمصحف إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو" ، فـ"لا يمس القرآن إلا طاهر" أي : إلا مؤمن ، سواء كان بعد ذلك محدثًا حدثًا أكبر أو حدثًا أصغر ، وهكذا ينبغي - فيما نرى - أن يُفسر هذا الحديث بأنه لا يوجد هناك نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في عدم جواز مسِّ القرآن ممن كان على الحدث الأكبر أو على الحدث الأصغر .
هذا جوابي عن هذا الأخير .
السائل : ... ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : ... .
الشيخ : هذا سبق الجواب إذا كنت تخشى .
سائل آخر : ألا نقول المنطوق يخالف المفهوم ؟
الشيخ : وين ؟
سائل آخر : نص قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا يمس القرآن إلا طاهر" ألا يخالف : "مخافة أن يناله العدو" ؟
الشيخ : اشرح لي - بارك الله فيك - وجه المخالفة بين المنطوق وبين المفهوم ؟ أولًا : "لا يمس القرآن إلا طاهر" تعني إلا كافر ؛ أليس كذلك ؟ طيب ، لا يمس القرآن إلا مؤمن ، أي : لا يمسّه الكافر ، هذا تعتبره ماذا ؟
سائل آخر : نصًّا عامًّا .
الشيخ : نصًّا عامًّا . كويس ، وحديث ابن عمر : "لا يُسافر" نص خاص ، طيّب ، فسؤالك ماذا ؟ إلى هنا الكلام ماشي .
سائل آخر : ... نبني العام على الخاص .
الشيخ : هو كذلك ، وهذا ما فعلناه .
نعم .