الطريق السلفي طريق طويل ، ولا يؤتى ثماره إلا بعد سنوات طوال ، ما مدى صحة هذه العبارة ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يقول : في كثير من كتاباتكم ودروسك تردِّد كلمتين " التصفية والتربية " ؛ فما المقصود من هاتين الكلمتين ؟ ثم يقول - أيضًا - : البعض يرى أن الطريق السلفي طريق طويل ، ولا تُؤتى ثماره إلا بعد سنوات طوال ، وهذا يؤخِّر مسيرة الحركة الإسلامية ، ويعطِّل طريقها نحو استئناف حياة اسلامية جديدة ؛ فما قولكم ؟ وثم - أيضًا - سؤال تكميلي لهذا مشابه له ، يقول : بأن السلفيين لا يأخذون بأقوال الأئمة والعلماء السابقين ، وإنما جاؤوا بشيء جديد ؟
الشيخ : عفوًا ، صار عديد من المسائل ، فتُتعبني بحفظها ، فمسألة مسألة ؟
هو أولًا بالنسبة للسؤال الأول ، يسأل السائل : ماذا تعني بـ " التصفية والتربية " ؟ وأنا لا أقول التصفية والتربية إلا ... .
... حديثًا نبويًّا نُسب إلى الرسول وهو غير صحيح ، أو كان خلقًا ليس إسلاميًّا ، واعتبره الناس من الأخلاق الإسلامية ، وهذا موجود في الخلق الصوفي الشيء الكثير ، وموجود في الخلق العصري - أيضًا - من هذا القبيل الشيء الكثير ، كذلك تصفية كتب التفسير من الإسرائيليات ، التي إسرائيلية وحدة تهدُّ عقيدة مسلم لو آمن بواحدة منها ، ولا أريد أن أدخل في التفاصيل ، هذا الذي أريده بـ " التصفية " ، أما " التربية " فهو أن نربِّي أنفسنا ، ونربِّي أولادنا وأزواجنا على هذا الإسلام المُصفَّى ، فأيُّ شيء في هذا ؟
أما قول السائل : أنُّو البعض يقول أنُّو هذا يعني أمد وطريق طويل جدًّا ؛ فأنا أبشِّره بأن هذا الطريق الطويل مهما طال فسوف لا يبلغ - بإذن الله - المدَّة التي قضاها نوح - عليه الصلاة والسلام - في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا ، وهو لا يعمل شيئًا سوى أنه يقول له كما قال الرسل من بعده والأنبياء كذلك ، إنَّما يقول لقومه : أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت . وظنِّي أن هؤلاء الذين يستكثرون هذه المدة - وهي مجهولة بطبيعة الحال - على الدعوة الإسلامية الصحيحة - وهي دعوتنا السلفية - أنهم كأنهم لا يقرؤون القرآن ، وإن كانوا يقرؤونه فهذًّا كهذِّ الشعر ، ولا يتدبَّرونه ، وكأن الله ما قال لهم في كتابه : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ، هل من هؤلاء مَن يعتقد بأن نوحًا - عليه الصلاة والسلام - كان أسلوبه في الدعوة فيه شدَّة ، فيه قسوة ، فيه رعونة ؛ ولذلك ظلَّ في قومه هذه المدة الطويلة ، وما استجاب وما آمن معه إلا قليل ، أم الأمر أنَّ القوم كانوا غير راغبين في تبنِّي دعوته - وهي دعوة حق - ؛ ولذلك طالت أمد دعوته ودون أن يؤمنَ معه إلا قليل ؟!
لا شكَّ أن هذا الاحتمال الثاني هو الواقع ، أما افتراض أن نوحًا - عليه الصلاة والسلام - كان أسلوبه غير مناسب ، وغير حكيم ؛ فهذا هو الكفر ؛ لأنه - كما ثبت في الحديث الصحيح - أوَّل رسول أرسله الله - عز وجل - الى أهل الأرض ؛ فهو يوحى إليه من السماء ، فلا بد أن أسلوبه كان أحسن الأساليب بالنسبة للناس الذين لم يُرسلوا من قبل ربِّ العالمين - تبارك وتعالى - .
إذًا من أين جاء هؤلاء بأن المسلم ينبغي أن يختار الطريق القصير ، ولا يختار الطريق الطويل ، ولو كان الطريق الطويل يوصل الى الهدف ، والطريق القصير لا يوصل الى الهدف ؟! ثم من عجائب تناقض هؤلاء أن هذه الدعوة السلفية التي خطُّها طويل وطويل ، ونحن نؤمن بهذا ، ونشكر الله - عز وجل - على أن ألهمنا أن نمشي بهذا الخط الطويل ؛ لأنه هو الصراط المستقيم . من العجيب أن هؤلاء يتناقضون ، يقولون في نفس ما جاء في السؤال ، وهذه الشنشنة نعرفها قديمًا من أخزم - كما يقال ! - ، هذا يعوِّق استئناف الحياة الإسلامية ، فليت شعري ! ما هي الحياة الإسلامية التي يريدها هؤلاء أن يستأنفوها ؟ أَهِيَ حياة إسلامية مطابقة لما كان عليه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ؟ - خليكوا معانا يا اخواننا ، دعوا الإنسان يعمل عمله في سبيل راحتكم - ، ماذا يريد هؤلاء بقولهم بأن هذا المسير وهذا الطريق الذي يسلكه السلفيون طويل الأمد ، ويؤخِّر ويُعوِّق استئناف الحياة الإسلامية ؟ ما هي هذه الحياة الإسلامية ؟ إن كانت هي حياة الرسول - عليه السلام - والصحابة ، وهي هي يقينا .
- الحمد لله .
الحاضرون جميعًا : يرحمك الله .
الشيخ : يهديكم الله ويصلح بالكم - .
إن كانت هي هذه الحياة التي يبتغيها هؤلاء معنا أن نستأنفَها ؛ فهل هناك طريق قصير أو طريق أقصر من هذا الطريق الذى يسلكه الدعاة السلفيون في كل بلاد الإسلام ؟ نحن لو جاز لنا أن نتحدَّى - ولسنا في طريق التحدي - لَتحدَّيناهم ، ولَقلنا لهم هاتوا الطريق الأقصر الذي يؤدي إلى استئناف الحياة الإسلامية كما كانت على عهد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ونحن معكم على طول الخط ، لكنَّنا نقطع بأن الصِّراط المستقيم هو في هذا الخطِّ الطويل ، والطريق القصير هو الخط المتعرِّج الخارج على الخط المستقيم ، وهذا نبيكم - صلى الله عليه وآله وسلم - كأنَّما يرسم لكم على الأرض هذا الاختلاف في المنهج بالدعوة إلى الإسلام ، وفي محاولة استئناف الحياة الإسلامية الصَّادقة ، لقد جاء في " مستدرك الحاكم " وغيره بسند قوي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : خطَّ لنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذات يوم خطًّا مستقيمًا ، وخطَّ من حوله خطوطًا قصيرة على جانبيه ، ثمَّ قرأ - عليه الصلاة والسلام - : وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ثمَّ قال - عليه الصلاة والسلام - : هذا صراط الله - الخط المستقيم الطويل - هذا صراط الله ، قال : وهذه طرق القصيرة على جانبي الخط المستقيم ، وعلى رأس كلِّ طريق منها شيطان يدعو الناس إليه ، وكنت أقول - ولا أزال - إن من أعلام نبوته - عليه الصلاة والسلام - الكثيرة والكثيرة التي لا تعدُّ ولا تحصى هذا الرسم فقط ؛ لأنه رسم خطًّا مستقيمًا طويلًا ، ورسم على جانبيه خطوطًا قصيرة ، ووصف هذا الخط المستقيم بأنه صراط الله ، ووصف الخطوط القصيرة حوله وعلى جانبيه بأنها طرق الشيطان ، وأنَّ على كل طريق من هذه الطرق القصيرة شيطان يدعو السَّالكين على الخطِّ المستقيم ؛ هلمَّ هلمَّ إلى أين أنتم تنطلقون ؟ وإلى متى أنتم واصلون ؟ انظروا هذا الطريق ما أقصره ! أليس في هذا آية من آيات الرسول - عليه السلام - ؟ إنه نظر الى المستقبل بإبصار الله - عز وجل - إيَّاه ، فكأنه يقول : إن المسلمين سيختلفون في الطريق الذى عليهم أن يسلكوه لإعادة الحياة الإسلامية ، وتحقيق الدولة المسلمة ، فبعضهم يتَّخذ الخطَّ المستقيم ولا يبالي بما حوله من مثبِّطين ومن مشكِّكين و و إلى آخره ، يظلُّ يمشي مستقيمًا حتى يصل إلى الهدف ، وليس مكلَّفًا أن يصل إلى الهدف ، وإنما هو مكلَّف أن يستمرَّ واضعًا نصب عينيه الهدف ، فإن وصل ؛ فبحمد الله ، وإن لم يصل ؛ مات وقد أعذر إلى الله - تبارك وتعالى - .
أما هؤلاء الذين يستجيبون لدعوة الشياطين انظروا الى هذه الطرق القصيرة ، وهذا الطريق طويل ، فدعوا هذا الطريق وتعالوا إلينا ، هل هم يعني الآن بعد أن عرفوا هذا الحديث وهذه الصورة البديعة التي صوَّرها الرسول - عليه السلام - يعودون بالإنكار على الدعاة السلفيين أن طريقهم طويل ، الحمد لله الذي وفَّقنا لنسلك هذا الصراط المستقيم مهما كان طويلًا ، لأن الحقيقة رجل من الجاهلية كان أعقل من كثير من المسلمين اليوم ، بل ومن دعاتهم ! مَن ذلك الرجل ؟ هو ذلك الشاعر المشهور بامرئ القيس لما قال - أنا لست بشاعر فساعدونا - :
" بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ***
وظنَّ إيش ؟
السائل : وأيقن أنَّا .
الشيخ : *** وأيقن أنا لاحقين بقيصرا
فقلت له : لا تبكِ عينُك إنما *** نحاول ملكًا أو نموت فنُعذرا "
شو هادا يا جماعة ؟ هادا عنده عقل ، ما عنده إيمان ، لكن عنده عقل ، وهو يسعى في سبيل دنيا لكنه عاقل .
" نحاول ملكًا أو نموت فنعذرا "
نحن أولى - نحن المسلمين - أن نحاول استئناف الحياة الإسلامية على الطريقة المحمدية ، وصلنا إليها ؛ فالحمد لله رب العالمين ، ما وصلنا إليها ؛ فنكون معذورين عند الله - تبارك وتعالى - .
لعلي أجبت عن السؤال ، ولَّا بقي شيء ؟
الشيخ : عفوًا ، صار عديد من المسائل ، فتُتعبني بحفظها ، فمسألة مسألة ؟
هو أولًا بالنسبة للسؤال الأول ، يسأل السائل : ماذا تعني بـ " التصفية والتربية " ؟ وأنا لا أقول التصفية والتربية إلا ... .
... حديثًا نبويًّا نُسب إلى الرسول وهو غير صحيح ، أو كان خلقًا ليس إسلاميًّا ، واعتبره الناس من الأخلاق الإسلامية ، وهذا موجود في الخلق الصوفي الشيء الكثير ، وموجود في الخلق العصري - أيضًا - من هذا القبيل الشيء الكثير ، كذلك تصفية كتب التفسير من الإسرائيليات ، التي إسرائيلية وحدة تهدُّ عقيدة مسلم لو آمن بواحدة منها ، ولا أريد أن أدخل في التفاصيل ، هذا الذي أريده بـ " التصفية " ، أما " التربية " فهو أن نربِّي أنفسنا ، ونربِّي أولادنا وأزواجنا على هذا الإسلام المُصفَّى ، فأيُّ شيء في هذا ؟
أما قول السائل : أنُّو البعض يقول أنُّو هذا يعني أمد وطريق طويل جدًّا ؛ فأنا أبشِّره بأن هذا الطريق الطويل مهما طال فسوف لا يبلغ - بإذن الله - المدَّة التي قضاها نوح - عليه الصلاة والسلام - في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا ، وهو لا يعمل شيئًا سوى أنه يقول له كما قال الرسل من بعده والأنبياء كذلك ، إنَّما يقول لقومه : أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت . وظنِّي أن هؤلاء الذين يستكثرون هذه المدة - وهي مجهولة بطبيعة الحال - على الدعوة الإسلامية الصحيحة - وهي دعوتنا السلفية - أنهم كأنهم لا يقرؤون القرآن ، وإن كانوا يقرؤونه فهذًّا كهذِّ الشعر ، ولا يتدبَّرونه ، وكأن الله ما قال لهم في كتابه : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ، هل من هؤلاء مَن يعتقد بأن نوحًا - عليه الصلاة والسلام - كان أسلوبه في الدعوة فيه شدَّة ، فيه قسوة ، فيه رعونة ؛ ولذلك ظلَّ في قومه هذه المدة الطويلة ، وما استجاب وما آمن معه إلا قليل ، أم الأمر أنَّ القوم كانوا غير راغبين في تبنِّي دعوته - وهي دعوة حق - ؛ ولذلك طالت أمد دعوته ودون أن يؤمنَ معه إلا قليل ؟!
لا شكَّ أن هذا الاحتمال الثاني هو الواقع ، أما افتراض أن نوحًا - عليه الصلاة والسلام - كان أسلوبه غير مناسب ، وغير حكيم ؛ فهذا هو الكفر ؛ لأنه - كما ثبت في الحديث الصحيح - أوَّل رسول أرسله الله - عز وجل - الى أهل الأرض ؛ فهو يوحى إليه من السماء ، فلا بد أن أسلوبه كان أحسن الأساليب بالنسبة للناس الذين لم يُرسلوا من قبل ربِّ العالمين - تبارك وتعالى - .
إذًا من أين جاء هؤلاء بأن المسلم ينبغي أن يختار الطريق القصير ، ولا يختار الطريق الطويل ، ولو كان الطريق الطويل يوصل الى الهدف ، والطريق القصير لا يوصل الى الهدف ؟! ثم من عجائب تناقض هؤلاء أن هذه الدعوة السلفية التي خطُّها طويل وطويل ، ونحن نؤمن بهذا ، ونشكر الله - عز وجل - على أن ألهمنا أن نمشي بهذا الخط الطويل ؛ لأنه هو الصراط المستقيم . من العجيب أن هؤلاء يتناقضون ، يقولون في نفس ما جاء في السؤال ، وهذه الشنشنة نعرفها قديمًا من أخزم - كما يقال ! - ، هذا يعوِّق استئناف الحياة الإسلامية ، فليت شعري ! ما هي الحياة الإسلامية التي يريدها هؤلاء أن يستأنفوها ؟ أَهِيَ حياة إسلامية مطابقة لما كان عليه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ؟ - خليكوا معانا يا اخواننا ، دعوا الإنسان يعمل عمله في سبيل راحتكم - ، ماذا يريد هؤلاء بقولهم بأن هذا المسير وهذا الطريق الذي يسلكه السلفيون طويل الأمد ، ويؤخِّر ويُعوِّق استئناف الحياة الإسلامية ؟ ما هي هذه الحياة الإسلامية ؟ إن كانت هي حياة الرسول - عليه السلام - والصحابة ، وهي هي يقينا .
- الحمد لله .
الحاضرون جميعًا : يرحمك الله .
الشيخ : يهديكم الله ويصلح بالكم - .
إن كانت هي هذه الحياة التي يبتغيها هؤلاء معنا أن نستأنفَها ؛ فهل هناك طريق قصير أو طريق أقصر من هذا الطريق الذى يسلكه الدعاة السلفيون في كل بلاد الإسلام ؟ نحن لو جاز لنا أن نتحدَّى - ولسنا في طريق التحدي - لَتحدَّيناهم ، ولَقلنا لهم هاتوا الطريق الأقصر الذي يؤدي إلى استئناف الحياة الإسلامية كما كانت على عهد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ونحن معكم على طول الخط ، لكنَّنا نقطع بأن الصِّراط المستقيم هو في هذا الخطِّ الطويل ، والطريق القصير هو الخط المتعرِّج الخارج على الخط المستقيم ، وهذا نبيكم - صلى الله عليه وآله وسلم - كأنَّما يرسم لكم على الأرض هذا الاختلاف في المنهج بالدعوة إلى الإسلام ، وفي محاولة استئناف الحياة الإسلامية الصَّادقة ، لقد جاء في " مستدرك الحاكم " وغيره بسند قوي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : خطَّ لنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذات يوم خطًّا مستقيمًا ، وخطَّ من حوله خطوطًا قصيرة على جانبيه ، ثمَّ قرأ - عليه الصلاة والسلام - : وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ثمَّ قال - عليه الصلاة والسلام - : هذا صراط الله - الخط المستقيم الطويل - هذا صراط الله ، قال : وهذه طرق القصيرة على جانبي الخط المستقيم ، وعلى رأس كلِّ طريق منها شيطان يدعو الناس إليه ، وكنت أقول - ولا أزال - إن من أعلام نبوته - عليه الصلاة والسلام - الكثيرة والكثيرة التي لا تعدُّ ولا تحصى هذا الرسم فقط ؛ لأنه رسم خطًّا مستقيمًا طويلًا ، ورسم على جانبيه خطوطًا قصيرة ، ووصف هذا الخط المستقيم بأنه صراط الله ، ووصف الخطوط القصيرة حوله وعلى جانبيه بأنها طرق الشيطان ، وأنَّ على كل طريق من هذه الطرق القصيرة شيطان يدعو السَّالكين على الخطِّ المستقيم ؛ هلمَّ هلمَّ إلى أين أنتم تنطلقون ؟ وإلى متى أنتم واصلون ؟ انظروا هذا الطريق ما أقصره ! أليس في هذا آية من آيات الرسول - عليه السلام - ؟ إنه نظر الى المستقبل بإبصار الله - عز وجل - إيَّاه ، فكأنه يقول : إن المسلمين سيختلفون في الطريق الذى عليهم أن يسلكوه لإعادة الحياة الإسلامية ، وتحقيق الدولة المسلمة ، فبعضهم يتَّخذ الخطَّ المستقيم ولا يبالي بما حوله من مثبِّطين ومن مشكِّكين و و إلى آخره ، يظلُّ يمشي مستقيمًا حتى يصل إلى الهدف ، وليس مكلَّفًا أن يصل إلى الهدف ، وإنما هو مكلَّف أن يستمرَّ واضعًا نصب عينيه الهدف ، فإن وصل ؛ فبحمد الله ، وإن لم يصل ؛ مات وقد أعذر إلى الله - تبارك وتعالى - .
أما هؤلاء الذين يستجيبون لدعوة الشياطين انظروا الى هذه الطرق القصيرة ، وهذا الطريق طويل ، فدعوا هذا الطريق وتعالوا إلينا ، هل هم يعني الآن بعد أن عرفوا هذا الحديث وهذه الصورة البديعة التي صوَّرها الرسول - عليه السلام - يعودون بالإنكار على الدعاة السلفيين أن طريقهم طويل ، الحمد لله الذي وفَّقنا لنسلك هذا الصراط المستقيم مهما كان طويلًا ، لأن الحقيقة رجل من الجاهلية كان أعقل من كثير من المسلمين اليوم ، بل ومن دعاتهم ! مَن ذلك الرجل ؟ هو ذلك الشاعر المشهور بامرئ القيس لما قال - أنا لست بشاعر فساعدونا - :
" بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ***
وظنَّ إيش ؟
السائل : وأيقن أنَّا .
الشيخ : *** وأيقن أنا لاحقين بقيصرا
فقلت له : لا تبكِ عينُك إنما *** نحاول ملكًا أو نموت فنُعذرا "
شو هادا يا جماعة ؟ هادا عنده عقل ، ما عنده إيمان ، لكن عنده عقل ، وهو يسعى في سبيل دنيا لكنه عاقل .
" نحاول ملكًا أو نموت فنعذرا "
نحن أولى - نحن المسلمين - أن نحاول استئناف الحياة الإسلامية على الطريقة المحمدية ، وصلنا إليها ؛ فالحمد لله رب العالمين ، ما وصلنا إليها ؛ فنكون معذورين عند الله - تبارك وتعالى - .
لعلي أجبت عن السؤال ، ولَّا بقي شيء ؟
الفتاوى المشابهة
- شرح حديث : ( خط خطاً مستقيماً وخط خطوطاً......... - الالباني
- باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض و... - ابن عثيمين
- الحديث عن الدعوة إلى الله وإتباع الصراط المستق... - الالباني
- نرجو بيان طريق أهل السنة والجماعة في إقامة الح... - الالباني
- الطريقة البرهامية - اللجنة الدائمة
- بيان كيف يجاهد النفس على اتباع الطريق المستقيم... - الالباني
- تكلم على الذين يريدون سلوك الطريقة القصيرة الخ... - الالباني
- ما صحة من يقول أنه لا سبيل للاصلاح إلا بالجماع... - الالباني
- ما مدى صحة قول القائل بأن طريقة الشيعة والخوار... - الالباني
- إلى متى يجلس العلماء ويقولون : هذا حديث صحيح ،... - الالباني
- الطريق السلفي طريق طويل ، ولا يؤتى ثماره إلا ب... - الالباني