تم نسخ النصتم نسخ العنوان
لماذا لا يجعل مناقشة علمية بينك وبين الشيخ ابن... - الالبانيالسائل : يا شيخ أحسن الله إليك ، لماذا لا يجعل مناقشة علمية - مثلًا - بينك وبين الشيخ ابن باز في المسائل الخلافية أو في حديث ترى تضعيفه والشيخ يرى تحسين...
العالم
طريقة البحث
لماذا لا يجعل مناقشة علمية بينك وبين الشيخ ابن باز في المسائل الخلافية أو في حديث ترى تضعيفه والشيخ يرى تحسينه ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يا شيخ أحسن الله إليك ، لماذا لا يجعل مناقشة علمية - مثلًا - بينك وبين الشيخ ابن باز في المسائل الخلافية أو في حديث ترى تضعيفه والشيخ يرى تحسينه أو العكس ؛ فلماذا لا يجعل مناقشة علمية بينك وبين الشيخ ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين أو أي العلماء المحقِّقين حتى يُخرج بفائدة فاصلة وحكم تام بذلك ؛ حتى لا يهتمَّ الشباب بالرد رد الشيخ الألباني على هذه المسألة ، رد الشيخ ابن باز على هذه المسألة وتتم ردود بين الشباب ؟

الشيخ : وأين هذه الردود التي تشير إليها ؟

السائل : المطبوعة الآن .

الشيخ : إيش هو مثلًا ؟

السائل : مثلًا في حديث السوق دعاء السوق ترى تحسينه ، والشيخ ابن باز يرى تضعيفه .

الشيخ : وينو ؟

السائل : نعم ؟

الشيخ : وين التضعيف ؟

السائل : في هذا الحديث .

الشيخ : وين التضعيف ؟

سائل آخر : يعني انطبع الكتاب ؟

السائل : لا لا لم يطبع ، لكن يرى ... .

الشيخ : معليش ، مجرَّد الرأي ما يكفي ، حينما يعرض كل إنسان رأيه على بساط البحث ينكشف سجل الحقائق ، لأن - مثلًا - أنا أقول لك : لربما الشيخ ابن باز أو غيره - بارك الله في جميع المشايخ - قد يضعِّف الحديث من وجهة سند معين ، فإذا ذكر ذلك وقُوبل هذا بتحسين من حسَّنه فستجد أن التحسين ما جاء من خصوص هذا الإسناد ، وإنما جاء من خصوص أسانيد أخرى ، وجاء الحُسن من مجموعة هذه الأسانيد ، فأن يبيِّن كلُّ إنسان عنده علم ما عنده فبذلك تتبيَّن الحقائق ، أما الذي أنت تطلبه الآن أنا ما عندي شخصيًّا مانع ، وعشت هذه الحياة كلها وأنا مستعد للقاء ، لكن هذا هل الأمر متيسَّر كلما قام خلاف في حديث ما أو في مسألة فقهية بين رجلين أو شيخين فاضلين أن يتم دائمًا يلتقوا مع بعضهم البعض ويتناقشوا ؟ وهل تظن أنت أنُّو - مثلًا - الخلاف بيني وبين الشيخ ابن باز أكثر ولَّا بيني وبين مشايخ آخرين أكثر ؟ ماذا تظن ؟

السائل : أرى بين الآخرين .

الشيخ : ... أنا اجتمعت معهم واتفقنا على كلمة سواء ، كمان لازم تفرض عليَّ ألتقي مع أيِّ شيخ أخالفه ؟ هذا باب واسع لا يمكن سدُّه إطلاقًا ، وأنا أريد أن أذكِّر بحقيقة ، وهي أن الاختلاف أمر ممكن يكون طبيعي ، فأظنكم ما تفهمون من كلمة طبيعي أننا طبيعيون ، وإنما المقصود طبيعي أي : سنة الله - عز وجل - في خلقه ، كما قال - عز وجل - : ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربُّك ولذلك خلقهم ، إذا كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد اختلفوا وأظنكم لستم في شك من هذا ؛ أكذلك ؟

السائل : نعم .

الشيخ : لماذا لم يجتمعوا ؟ لماذا لم يتفاهموا ؟ لماذا لم يكونوا على كلمة واحدة ؟ هذا أمر مستحيل ، الذي يطلب من العلماء في أيِّ عصر أن يكونوا متَّفقين في كلِّ مسألة فهو يطلب المستحيل ؛ لأن الله - عز وجل - فرض بإرادته الكونية السابقة أنه لا مجال للاتحاد في كل كلمة في كل مسألة ، هذا أمر مستحيل ، وأكبر دليل أقرب الناس إلى رسول الله عصرًا وفهمًا وخلقًا وكل شيء يُقتدى به - عليه السلام - هم أصحابه ، فإذا اختلفوا هل يُمكن لمن بعدهم أن لا يختلفوا ؟ فإذًا عبثًا تحاول ، وعبثًا تطلب .

السائل : يا شيخ .

الشيخ : ولكن - عفوًا - ، ولكن كما نقول ما دامَ أن الصحابة اختلفوا فلا مجال لغيرهم ألا يختلفوا ، نقول - أيضًا - كلمة أخرى لا بدَّ منها أن تضمَّ إلى الأولى ؛ وهي أنهم صحيح اختلفوا ولكنهم ما تفرَّقوا وما تعادوا ولا تباغضوا ؛ كذلك ينبغي على المسلمين في كل عصر وفي كل مصر حينما يختلفون في بعض المسائل ألَّا يفرِّق بينهم هذا الاختلاف في المسائل ، والنموذج هو أصحاب الرسول - عليه السلام - ، أما أن نقرَّ الاختلاف بما يلازمه عند الكثيرين من التفرُّق والتباغض فهذا لا يجوز شرعًا ، فإذًا الصحابة اختلفوا في آرائهم وأفكارهم ، ولكن ما تفرَّقوا ، وهكذا يجب أن يكون الأمر ، وهكذا نحن - إن شاء الله - ، وما يضرُّنا أبدًا أن أحدهم يرى هذا الحديث حسن أو صحيح ، والآخر يرى عكس ذلك ، هذا ما يضرُّ مع التنويه إلى شيء أنه لا بد من النظر في موضوع تخصُّص كل عالم في علمه ، فيُعطى للمتخصِّص حقَّه من التقدير أكثر من غيره ، فمَن كان متخصِّصًا في التفسير فيُرجَّح إذا كان لا دليل هناك يُرجِّح قول الآخرين عليه فيُرجَّح هو ؛ لأنه مجال تخصصه بهذا العلم ، كذلك الفقه كذلك الحديث كذلك اللغة إلى آخره ، فإذا عرف طلاب العلم هذه الحقائق زال منهم الاضطراب الذي أنت واقع فيه ، واندفعت متسائلًا بكلِّ حرارة : لماذا ؟ لأني أقول : لا يمكن ، كيف نجتمع ؟ هي أنا مضي عليَّ يمكن قرابة أربعين سنة ، بعد أربعين سنة إجيت الرياض تاني مرة ؛ كيف يمكن هذا اللقاء بهذه السهولة التي أنت تتصوَّرها ؟
ولذلك فالمهم في الموضوع شيئان أساسيان : كل عالم كل باحث يتَّقي الله فيما يذهب إليه ، ثم يعذر كلُّ عالم أخاه العالم الثاني ، ولا يحقد عليه ولا يتباغض لأنه يخالفه في الرأي .

Webiste