السائل : يقول : ما حكم اقتناء أواني الذهب والفضة لا للأكل والشرب ، وإنما لمجرَّد الاقتناء ؟

الشيخ : لا يجوز .

السائل : مع الدليل ؟

الشيخ : الدليل بلا شك هذا يعرفه أهل العلم ، لما حرَّم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - الأكل في آنية الذهب والفضة معنى ذلك أنه لا يجوز ضمنًا أن يتعاطى هذه الأواني ، ويزيِّن بها منزله كما جاء في السؤال : لا ليأكل ويشرب ، لكن تعاطيها يفتح الطريق للأكل والشرب فيها ، فهنا يُقال : تحريم الشرب في آنية الذهب والفضة من الناحية الشرعية مقصود لذاته ، أما تحريم اقتناء آنية الذهب والفضة بدون الشرب والأكل فيها مقصود لغيره ؛ يعني هذا حُرِّم للغير لا للذات ، مثاله : حرَّم الشارع الحكيم الخمر ، وأنه مهما كان المشروب من الخمر قليلًا بحيث لو أخذ ملعقة صغيرة وغطَّسها في الخمر وعمل هكذا ؛ هذا لا يؤثِّر فيه ، لكن هذا محرَّم ؛ مع أنه لا يؤثر فيه ؛ لماذا ؟ لأن هذه القطرة قد تجذب إلى هذا الذي شربها قطرة ثانية وثالثة ورابعة حتى يقع في إدمان الخمر ؛ ولذلك فالمحرَّمات في الشريعة تنقسم إلى قسمين ، وهذه قاعدة ينبغي على كلِّ طالب علم يريد أن يتفقَّه في الدين تفقُّهًا صحيحًا أن يكون على ذكر لها .
المحرَّمات في الإسلام قسمان : محرَّم لذاته ، محرَّم لغيره ، المحرَّم للغير مش ضروري يكون منصوص عليه ، المنصوص عليه المحرَّم لذاته ، فإذا علمت أن شيئًا من المحرم لذاته فكل ما يؤدِّي إلى الاتباع لذلك المحرَّم لذاته يبقى هو محرَّمًا لا لذاته وإنما لغيره ؛ فلذلك قد فصَّل الرسول - عليه السلام - هذا في الحديث المشهور ؛ قال - عليه الصلاة والسلام - : حُرِّم - عفوًا - كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مُدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش المصافحة مصافحة الرجل للمرأة ، واليد تزني وزناها البطش يعني المصافحة واللمس ، والرجل تزني وزناهما المشي ، والفم يزني وزناه القُبَل ، والفرج يصدِّق ذلك كله أو يكذِّبه ، فإذا نظر الرجل إلى المرأة نظرة الفجأة فهو عفوٌ ؛ لذلك لما سُئل عن هذه النظرة نظرة الفجأة قال : اصرف بصرك ، وقال في حديث علي في السنن وغيره : النظرة الأولى لك ، والثانية عليك ، الثانية عليَّ ليه ؟ المرأة ماشية هناك فنظرت إليها النظرة الثانية ، ما الذي أصابها ؟ لا شيء ولا خبر عندها بنظرتي ، ما الذي أصابني أنا ؟ لا شيء سوى أني نفَّذت شهوة بصر ليستقرَّ شيء في نفسي .
لكن هل هذه النظرة الثانية تؤدِّي بهذا الناظر إلى أن يقعَ في الفاحشة الكبرى ؟ قد قد ، وفي الغالب لا ، لكن الشارع من دقَّة التشريع بيحرِّم الشيء اللي هو مُباح وهو النظر خشيةَ أن يؤدِّي إلى ما هو محرَّم ، فهذا النوع مثل تحريم النظر والسمع اسمه تحريم للغير مو لذاته ؛ لأن النظر والسمع والبصر هذه من نعم الله علينا ، لكن إذا نظرت إلى حرام يُخشى أن يؤدِّي الأمر إلى ما هو فاحشة كبرى كما سمعتم في الحديث السابق ؛ لذلك قال أحد الشعراء ليحقِّق معنى الحديث السابق بشعرٍ جميلٍ قال :
" نظرة " إلى المرأة الأجنبية
" نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامُ *** فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ "
هكذا يأتي الشَّرُّ ؛ ولذلك قال الشاعر العربي القديم :
" وما معظم النار إلا من مستصغر الشَّرر " ، كبريت هيك تعمل فيها هيك نار تأكل البلد وما فيها ؛ لذلك الشارع الحكيم جعل المحرَّمات على قسمين ، فلا يقول أحد : إيش فيها إذا اشتريت أواني الذهب والفضة ووضعتها في البيت وأنا لا أشرب فيها ؟ لا يقول هذا ؛ لأن هذا مفتاح الشر ، ثم ما يدريك أنت ؟ هذا مثل استعمال الراديو مثلًا ، أو استعمال التلفزيون بالأخص ، ما يدريك أنت اللي بتقول : أنا آتي بالتلفزيون وأستعمله في المناظر أو المناهج المشروعة والمفيدة العلمية ، ما يدريك أنُّو في قفاك أنت وبعد أنت في خوض الحياة ألَّا يُستعمل هذا التلفزيون في معصية الله في بيتك ؟ وآخر ذلك ما يدريك أنت لمَّا تأتي بأواني الذهب والفضة أن تُستعمل هذه الأواني في غفلةٍ منك للطعام والشراب ؟ لا سيَّما بعد وفاتك ، تقطع دابر الشر بأن تقف مع النَّصِّ حيث يأمرك ألَّا تتعاطى وسيلةً تؤدي بك إلى ارتكاب ما حرَّم الله ؛ فلذلك يقولوا عندنا في الشام : " ابعد عن الشر وغنِّ له " ابعد عن الشر وغنِّ كيِّف بقى ما دام أنت بعيد عن الشر ، ومثله : هاللي يريد ما يشوف منامات مقرفة لا ينام بين القبور " وهكذا ، هذا كله الكلام مأخوذ من هدي الرسول - عليه السلام - .
غيره ؟

السائل : ... يتوضأ على أساس أنه يصلي العصر ؟

سائل آخر : في عندنا مسألة قال : لو واحد غيري فعل فعل هناك .

السائل : يعني نكمل في السؤال هذا .

السائل : يعني - مثلًا - لو كان قلم ما يؤدي إلى ... ولكن - مثلًا - فيه كذا وكذا ، هل يلحقه التحريم ؟

الشيخ : لا ، هذا يدخل في المُستعمل لهذا الذهب هل هو ذكر ولَّا أنثى ؟ إذا كان أنثى فالذهب حلٌّ لها إلا ما استُثني ، أما إذا كان المُستعمل لهذا الذهب هو ذكر ، وكان الذهب فعلًا ذهب ، وله قيمته ما هو عبارة عن قشرة أو شابه ذلك ؛ فلا يجوز استعمال الذهب بخلاف النساء .

السائل : شيخنا ، القلم يعتبر من الحلي - يعني - للنساء ؟

الشيخ : لا ، لو كان من الحلي ؛ لأنه غير محلق ، لو كان القلم كله ذهب ؛ فجائز للنساء دون الرجال ... ولَّا في شي ؟

السائل : هو المباح للنساء فقط الحلي ما تتحلى به المرأة أمام النساء للزينة ؟

الشيخ : غير شيء .

السائل : ... .

الشيخ : غير شيء ، تصور يعني .

السائل : ... .

الشيخ : لا ، يجوز كل شيء إلا ما كان طوقًا ... يعني الذهب المحلَّق هو فقط المحرَّم على النساء زائد أواني الذهب والفضة .

السائل : جزاك الله خير .

الشيخ : نعم .