ما رأيكم بمن يقول أنا مذهبي لكن بالدليل ؟ ويقول بوجوب التمذهب ، ويدَّعي أن الأئمة السابقين كانوا على هذه الطريقة ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يقول : ما رأيكم بمن يقول : أنا مذهبيٌّ ، ولكن مع الدليل ، ويلزم باتخاذ مذهب معيَّن ، ويحتج بأن الأئمة السابقين كان جلهم - إن لم يكن كلهم - على هذه الطريقة ؟
الشيخ : يقول : الأئمة السابقين ؟
السائل : إي .
الشيخ : الظاهر أن السائل - يعني - أراد شيئًا وغلبَه لفظُه فأفاد خلاف ما أراد ، حينما يقول : " الأئمة السابقين " إنما يتبادر الأئمة المجتهدين ، من دعا أتباعه إلى تقليده ونهاهم عن اتباع الكتاب والسنة ، وألزَمَهم أن يجروا خلفه حذو القذَّة بالقذَّة ؟ حاشاهم من ذلك ! وإن أراد بالأئمة هنا خلاف المتبادر من لفظه أي : العلماء المقلِّدون لأولئك الأئمة المجتهدين ؛ فحينئذٍ نقول : لا عبرة بهؤلاء الذين سمَّاهم الأئمة ما دام أنهم مقلدون ، والمقلد باعتراف المقلدين واجبه أن يتَّبع أقوال المجتهدين ؛ حتى إنهم ليصرِّحون بعبارة فيها دقَّة يقولون : دليل المجتهد الكتاب والسنة ، ودليل المقلد قول الإمام ، دليل المقلد قول الإمام ليس قول الله وقول رسول الله ، قول الله وقول رسول الله هو دليل الإمام المجتهد ، أما دليل المقلد فهو قال الإمام الفلاني ، قال الله قال رسول الله هذا ما ينبغي أن يقوله المقلد .
ونحن نقول : من فمك نُدينك ؛ ما دام أنُّو مذهب التقليد يوجب عليك أن تقول بما قال الإمام فنحن نقول أن الأئمة كلهم قالوا : لا تقلدونا في ديننا ، لا تقلِّدني ومالكًا ولا سفيان ولا غيرهم ، وإنما خذوا من حيث أخذوا ، والنصوص في هذا كثيرة وكثيرة جدًّا ، وقد كنت ذكرت الكثير الطيب منها في مقدمة " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؛ لذلك فقول السائل بأن الأئمة أمروا بذلك فهذا خطأ إن لم نقل افتراء عليهم . أما قوله : أنا أتَّبع مذهب أو أقلد مذهبًا لكن إذا بدا لي الدليل اتَّبعته ، فنقول له : أَمَا بدا لك حتى اليوم الدليل أنه لا يجوز لك أن تتَّخذ إمامًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُعْطَ العصمة أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ما قام الدليل لديك حتى اليوم أنه لا إله إلا الله وأن محمَّدًا رسول الله ؟ فكما أنه لا معبود بحقٍّ إلا الله ، فكذلك لا متبوع بحقٍّ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ما تبيَّنت لك الحقيقة بعد ؟ أنا أظن حينئذٍ أن الرجل يغرِّر بنفسه ، أو يتستَّر أمام أصحابه فيقول : أنا مقلِّد لمذهب من المذاهب لكن إذا ظهر لي الدليل اتَّبعته ، يا سبحان الله ! إذا كان مذهبك - مثلًا - المذهب الحنفي ، والحنفي يقول بأن خروج خط مثل الألف من الدم في مكان من بدنك يُفسد وينقض عليك الوضوء ، فإذا ظهر لك الدليل في أن هذا الوضوء لا يزال صحيحًا تتَّبعه تخالف المذهب ، فلم لم تخالف المذهب الذي يقول لك - ليس على لسان الأئمة ، وإنما على لسان مقلِّدي الأئمة - ومن ذلك - مثلًا - قول الباجوري : " وواجبٌ تقليدُ حبرٍ منهُمُ " ، من أين جاء هذا المقلد بهذا الحكم ، ولم يقُلْه أحد من المُقلَّدين والأئمة المجتهدين ؟ هذا قالوه وهم يدَّعون التقليد ، قد اجتهدوا ثم قالوا ما لم يقُلْه أحد من المجتهدين إطلاقًا .
إذًا نحن ننصح هذا السائل أو مَن يحكي عنه السائل أنه يجب أن يتَّخذ مذهبًا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائمًا وأبدًا ، لكن نحن لا نقول له كما يظنُّ بعض الناس ويتَّهموننا ظلمًا وزورًا أنُّو نقول : لازم عامة المسلمين يجتهدون ويفهموا الكتاب والسنة مباشرةً ، ويعرفوا الحديث الصحيح من الضعيف ، والعام والخاص والمطلق والمقيد و و إلى آخر ما هنالك ، نحن لا نقول هذا ، وإنَّما نقول كما قلنا في كثير من المُناسبات أن الله - عز وجل - جعل المجتمع الإسلامي من حيث العلم قسمين : قسم أهل علم ، وقسم ليسوا بأهل علم ، وأوجب على كلٍّ من القسمين واجبًا يجب على كلٍّ أن يقوم به ؛ أهل العلم إذا سُئلوا وجبَ عليهم أن يجيبوا ، غيرهم واجبهم أن يسألوا : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، فأنت أيها المقلد الذي فرضت على نفسك تقليد إمام أو مذهب من المذاهب فرضًا لم يقُلْه الله ولا رسوله ولا إمام من أئمة المسلمين ، الواجب عليك أن تنزعَ من ذهنك هذا الذي فرضْتَه على نفسك ، وأن تفرض عليها من جديد اتباع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لكن أنا أعرف أنك ستقول : أنا أمِّي ، أنا لا أقرأ ، أنا جاهل ؛ فيأتيك الجواب من صميم القرآن الكريم بلغة يفهمها حتى العامي من العرب ؛ بل لعل الأعاجم - أيضًا - يشاركون العرب في فهم تلك الآية : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، فواجبك أن تسأل العالم ليدلَّك على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ليدلك على ما قال أبو حنيفة إن كان مذهبك الحنفي أو مالك إن كان إمامك مالك ونحو ذلك .
إذًا إنَّا أُمِرنا في اتباع كتاب الله وبحديث رسول الله ، وجعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عصمةً للناس فيما إذا ما تمسَّكوا به ألَّا يضلوا ولا أن يميلوا يمينًا ويسارًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : تركْتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما : كتاب الله ، وسنتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض .
فنسأل الله - تبارك وتعالى - أن يُحيِيَنا على الكتاب والسنة وأن يُميتنا على ذلك ، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين ، ونرجوا أن يجمعنا ربنا - عز وجل - في لقاء آخر وعسى أن يكون ذلك قريبًا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : يقول : الأئمة السابقين ؟
السائل : إي .
الشيخ : الظاهر أن السائل - يعني - أراد شيئًا وغلبَه لفظُه فأفاد خلاف ما أراد ، حينما يقول : " الأئمة السابقين " إنما يتبادر الأئمة المجتهدين ، من دعا أتباعه إلى تقليده ونهاهم عن اتباع الكتاب والسنة ، وألزَمَهم أن يجروا خلفه حذو القذَّة بالقذَّة ؟ حاشاهم من ذلك ! وإن أراد بالأئمة هنا خلاف المتبادر من لفظه أي : العلماء المقلِّدون لأولئك الأئمة المجتهدين ؛ فحينئذٍ نقول : لا عبرة بهؤلاء الذين سمَّاهم الأئمة ما دام أنهم مقلدون ، والمقلد باعتراف المقلدين واجبه أن يتَّبع أقوال المجتهدين ؛ حتى إنهم ليصرِّحون بعبارة فيها دقَّة يقولون : دليل المجتهد الكتاب والسنة ، ودليل المقلد قول الإمام ، دليل المقلد قول الإمام ليس قول الله وقول رسول الله ، قول الله وقول رسول الله هو دليل الإمام المجتهد ، أما دليل المقلد فهو قال الإمام الفلاني ، قال الله قال رسول الله هذا ما ينبغي أن يقوله المقلد .
ونحن نقول : من فمك نُدينك ؛ ما دام أنُّو مذهب التقليد يوجب عليك أن تقول بما قال الإمام فنحن نقول أن الأئمة كلهم قالوا : لا تقلدونا في ديننا ، لا تقلِّدني ومالكًا ولا سفيان ولا غيرهم ، وإنما خذوا من حيث أخذوا ، والنصوص في هذا كثيرة وكثيرة جدًّا ، وقد كنت ذكرت الكثير الطيب منها في مقدمة " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " ؛ لذلك فقول السائل بأن الأئمة أمروا بذلك فهذا خطأ إن لم نقل افتراء عليهم . أما قوله : أنا أتَّبع مذهب أو أقلد مذهبًا لكن إذا بدا لي الدليل اتَّبعته ، فنقول له : أَمَا بدا لك حتى اليوم الدليل أنه لا يجوز لك أن تتَّخذ إمامًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُعْطَ العصمة أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ما قام الدليل لديك حتى اليوم أنه لا إله إلا الله وأن محمَّدًا رسول الله ؟ فكما أنه لا معبود بحقٍّ إلا الله ، فكذلك لا متبوع بحقٍّ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ما تبيَّنت لك الحقيقة بعد ؟ أنا أظن حينئذٍ أن الرجل يغرِّر بنفسه ، أو يتستَّر أمام أصحابه فيقول : أنا مقلِّد لمذهب من المذاهب لكن إذا ظهر لي الدليل اتَّبعته ، يا سبحان الله ! إذا كان مذهبك - مثلًا - المذهب الحنفي ، والحنفي يقول بأن خروج خط مثل الألف من الدم في مكان من بدنك يُفسد وينقض عليك الوضوء ، فإذا ظهر لك الدليل في أن هذا الوضوء لا يزال صحيحًا تتَّبعه تخالف المذهب ، فلم لم تخالف المذهب الذي يقول لك - ليس على لسان الأئمة ، وإنما على لسان مقلِّدي الأئمة - ومن ذلك - مثلًا - قول الباجوري : " وواجبٌ تقليدُ حبرٍ منهُمُ " ، من أين جاء هذا المقلد بهذا الحكم ، ولم يقُلْه أحد من المُقلَّدين والأئمة المجتهدين ؟ هذا قالوه وهم يدَّعون التقليد ، قد اجتهدوا ثم قالوا ما لم يقُلْه أحد من المجتهدين إطلاقًا .
إذًا نحن ننصح هذا السائل أو مَن يحكي عنه السائل أنه يجب أن يتَّخذ مذهبًا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائمًا وأبدًا ، لكن نحن لا نقول له كما يظنُّ بعض الناس ويتَّهموننا ظلمًا وزورًا أنُّو نقول : لازم عامة المسلمين يجتهدون ويفهموا الكتاب والسنة مباشرةً ، ويعرفوا الحديث الصحيح من الضعيف ، والعام والخاص والمطلق والمقيد و و إلى آخر ما هنالك ، نحن لا نقول هذا ، وإنَّما نقول كما قلنا في كثير من المُناسبات أن الله - عز وجل - جعل المجتمع الإسلامي من حيث العلم قسمين : قسم أهل علم ، وقسم ليسوا بأهل علم ، وأوجب على كلٍّ من القسمين واجبًا يجب على كلٍّ أن يقوم به ؛ أهل العلم إذا سُئلوا وجبَ عليهم أن يجيبوا ، غيرهم واجبهم أن يسألوا : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، فأنت أيها المقلد الذي فرضت على نفسك تقليد إمام أو مذهب من المذاهب فرضًا لم يقُلْه الله ولا رسوله ولا إمام من أئمة المسلمين ، الواجب عليك أن تنزعَ من ذهنك هذا الذي فرضْتَه على نفسك ، وأن تفرض عليها من جديد اتباع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لكن أنا أعرف أنك ستقول : أنا أمِّي ، أنا لا أقرأ ، أنا جاهل ؛ فيأتيك الجواب من صميم القرآن الكريم بلغة يفهمها حتى العامي من العرب ؛ بل لعل الأعاجم - أيضًا - يشاركون العرب في فهم تلك الآية : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، فواجبك أن تسأل العالم ليدلَّك على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ليدلك على ما قال أبو حنيفة إن كان مذهبك الحنفي أو مالك إن كان إمامك مالك ونحو ذلك .
إذًا إنَّا أُمِرنا في اتباع كتاب الله وبحديث رسول الله ، وجعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عصمةً للناس فيما إذا ما تمسَّكوا به ألَّا يضلوا ولا أن يميلوا يمينًا ويسارًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : تركْتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما : كتاب الله ، وسنتي ، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض .
فنسأل الله - تبارك وتعالى - أن يُحيِيَنا على الكتاب والسنة وأن يُميتنا على ذلك ، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين ، ونرجوا أن يجمعنا ربنا - عز وجل - في لقاء آخر وعسى أن يكون ذلك قريبًا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الفتاوى المشابهة
- ما حكم تقليد المذهب ؟ - الالباني
- وجوب اتباع الدليل وإن خالف المذهب - ابن باز
- مناقشة في مسائل تتعلَّق بالتَّمذهب والتعصُّب ع... - الالباني
- هل يجوز أن نتَّبع مذهبًا معيَّنًا ؟ وإذا كان ل... - الالباني
- هل يجوز أن نتبع مذهباً معيناً وإذا كان لا يجوز... - الالباني
- حكم التمذهب بمذهب من المذاهب الأربعة - ابن باز
- ما رأيكم فيمن يقول إن بعض الأئمة الأربعة عاصرو... - الالباني
- ما رأيكم بِمَن يقول : أنا مذهبي ، لكن أحتجُّ ب... - الالباني
- ما رأيكم بمن يقول أنا مذهبي لكن أحتج بالدليل و... - الالباني
- ما رأيكم بمن يقول أنا مذهبي لكن بالدليل ويقول... - الالباني
- ما رأيكم بمن يقول أنا مذهبي لكن بالدليل ؟ ويقو... - الالباني