سؤال عن موقف المسلم تجاه هذه الفرق الإسلامية ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : ... يحتاج وجدنا - ما شاء الله - ... تعدد الجماعات ؛ سواء كان الإخوان المسلمين أو التحرير أو السلفية ، وكل جماعة تدَّعي أنها هي الجماعة اللي على الحقِّ ، والله - عز وجل - يقول في محكم تنزيله بسم الله الرحمن الرحيم : فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ، فبطَّل الواحد يعرف ... مع أيِّ جماعة يدعو ، ومع أيِّ إنسان يكون ، وفي ... إذا كان صحيح الحديث صحيح ولَّا لا ، وإذ رأيت هوى متَّبعًا وشحًّا مطاعًا ... وإعجاب كلِّ ذي رأي برأيه فقلت : إي نعم ، كل جماعة الآن معجبة برأيها ، فنهاية الحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيقول لك : فدع ، وإذا رأيت إعجاب كلِّ ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ، ودع عنك العوام ؛ أي : إنه يعتزل هذه الجماعات ولا يركن إليهم ، إن لم يطبق القرآن والسنة بعيد عن هذه الجماعات وبعيد عن هذا الشيء ؟
الشيخ : في اعتقادي أنُّو هذا السؤال طُرِحَ جوابه في الكلمة السابقة حينما ذكرنا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد علَّمَ المسلمين كلَّ شيء ، وبيَّن لهم بيانًا واضحًا حينما ذكرنا حديث الفرق الثلاثة وسبعين ، وذكرنا أنَّ فرقة واحدة من هذه الفرق هي الفرقة الناجية .
السائل : ما هو كله ، كله بيقول لك ... .
الشيخ : اسمح لي يا أخي ، ما نحن قلنا جواب هذا السؤال جبنا جملتين مأثورتَين عند العلماء ؛ قلنا أوَّلًا :
" والدَّعاوي ما لم تُقيموا *** عليها بيِّنات أبناؤها أدعياءُ "
وقلنا - أيضًا - :
" وكلٌّ يدَّعي وصلًا بليلى *** وليلى لا تقرُّ لهم بذاكَ "
سمعت هذا الكلام ولَّا لا ؟ أنت بتعيد عليَّ الآن ما قلته أنا آنفًا ؛ ولذلك فأرجو أن تتنبَّه لما قلناه آنفًا ؛ الدَّعوى كل إنسان يستطيع أن يدَّعي ، ولكن ينبغي أن تقترن الدعوة بالدليل والبرهان ، فإذا رأيت رجلًا لا يُحسن أن يصلي ، ويقول : أنا الفرقة الناجية ؛ أصحيح يكون هو من الفرقة الناجية ؟ إذا رأيت رجلًا لا يعرف ما ينبغي عليه أن يعتقدَه في الله وفي الأنبياء والرسل ، إذا رأيت رجلًا - كما ضربنا آنفًا مثلًا - يعتقد أنُّو الإنسان ممكن أن يصل إلى الله بدون طريق محمد - عليه السلام - ؟ بدون طريق الكتاب والسنة ؟ بيكون هذا هو يقول : أنا من الفرقة الناجية ؟ الجواب بدهي أليس كذلك ؟ لا ، لا يكون من الفرقة الناجية ، بل يكون من الفرقة الضالة .
لذلك إذا كنتَ أنتَ وغيرك يسمع ويجد على وجه الأرض الإسلامية اليوم جماعات وهي كما قلنا آنفًا : وكلٌّ تدَّعي وصلًا بليلى ؛ فعليك أن تأخذ الدليل من كلِّ طائفة من هذه الطوائف التي تشهد لصدق دعواها ، وما يكفي أنك تسمع دعوى وتظلُّ أنت مع الحائرين حيران ، تقول : هؤلاء يقولون : نحن الفرقة الناجية ، وهؤلاء وهؤلاء ؛ يجب أن تطلب كما قال - تعالى - : قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ، فلا نجاة - أكَّدنا هذا الكلام مرارًا وتكرارًا - لا نجاة للمسلم ليس فقط للمسلمين عامَّة ، كل إنسان اليوم يجب أن ينجو بنفسه قبل غيره ، لا نجاة له أبدًا إلا بأن يعتصمَ بالكتاب والسنة ، فأنت الآن لما تشير إلى بعض الجماعات هل تسمع من هؤلاء الجماعة : قال الله ، قال رسول الله في كلِّ مسألة ؟ في كلِّ كبير وصغير ؟ أم بعض هذه الجماعات بيقول لك : يا أخي ، البحث في هذه المسائل بحث في توافه الأمور ، بحث في القشور ، وإنما نحن نريد أن نبحث في اللُّباب ، تسمع هذا الكلام من بعض الجماعات الإسلامية ولَّا لا ؟ طيب ؛ الإسلام فيه قشور ؟ الإسلام كله لبٌّ ، ولا يجوز أن نصفَ لأنُّو كلمة قشر معناه تحقير لهذا الذي سُمِّي بالقشر ، فالإسلام الذي جاء به - عليه الصلاة والسلام - من المندوب إلى العقيدة ؛ هذا كله يجب أن يتبنَّاه المسلم كاملًا من أوله إلى آخره ، ونحن حينما نقول هذا لا يخفانا ولا يغيب عن بالنا أن المسلم لا يستطيع أن ينهض بالإسلام من ألفه إلى يائه ، ولكن يجب أن يعترف قبل كلِّ شيء فكرًا وعقيدة أن كلَّ ما جاء به الإسلام فهو هدى ونور ، وأنه لا يجوز تقسيم الإسلام إلى لبٍّ وقشور ؛ لأن هذا التقسيم فيه طعن في الإسلام من حيث لا يريد هؤلاء الناس الذين يجعلون الإسلام لبًّا وقشورًا .
وشيء ثانٍ لو فرضنا ولو سلَّمنا جدلًا أن في الإسلام لبًّا وفي الإسلام قشرًا نسلِّم بهذا جدلًا ، لكننا نقول : إذا كان في الإسلام قشرًا مع اللُّبِّ ، فهذا القشر فيه حكمة وهو للمحافظة على اللُّبِّ ؛ كما نرى ذلك في عالم الكون في الثمرات والفواكه والخضار ونحو ذلك ، فكلها هي مما سخَّرها الله - عز وجل - لبني الإنسان وكرَّم به بني آدم ، وجعل لهذه الفوائد كلها ماذا ؟ قشرًا ، لولا القشر لَفسد اللُّبُّ ، فإذا سلَّمنا جدلًا بأن في الإسلام لبًّا وفي الإسلام قشرًا ؛ فيجب أن نعرف اللُّبَّ وأن نعرف القشر ، وأن نؤمن بهذا وهذا ، وأن نعتقد أن الله ما فرَّط في الكتاب من شيء ، وأن كل ما جاء به هو لمصلحتنا كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ما تركت شيئًا يقرِّبكم إلى الله إلا وأمَرْتُكم به ، فهذا الذي يسمِّيه البعض بالقشر هو مما جاء به الرسول - عليه السلام - .
أنا أذكر لك الآن حديثًا صحيحًا قد يمكن أن نستدلَّ به لتقسيم هؤلاء جدلًا ، وهو حديث ذاك الأعرابي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : أخبرني عمَّا فرض الله عليَّ ؟ فقال له : خمس صلوات في كل يوم وليلة ، وذكر له صوم رمضان فقط ، ونحو ذلك من الفرائض المعروفة من الأركان الخمس ؛ فماذا كان موقف هذا الأعرابي ؟ سأل قال : هل عليَّ يا رسول الله غيرهنَّ ؟ قال : لا ، إلا أن تطَّوَّع . قال : والله - يا رسول الله - لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص . لا أزيد عليهن ولا أنقص ؛ يعني حسبه الفرائض ، وهو لا يريد أن يتطوَّع ، فلما عرف الرسول - عليه السلام - منه إخلاصه وصدقه في حرصه في مواظبته على ما فرض الله عليه قال : أفلَحَ الرجل إن صدق ، دخل الجنة إن صدق .
فإذًا في الإسلام بدل ما نقول لب وقشور نقول فيه فرائض وفيه نوافل ، لكن هذه النوافل لم تُشرَعْ عبثًا ، صحيح ذاك الرجل قال : لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص ؛ لأنه كان حديث عهد بالإسلام ، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علَّمنا وأحسن تعليمنا حينما قال : أوَّل ما يُحاسب العبد يوم القيامة الصلاة ؛ فإن تمَّت فقد أفلح وأنجح ، وإن نقصت فقد خاب وخسر . في حديث آخر : فإن نقصت قال الله - تبارك وتعالى - لملائكته : انظروا ؛ هل لعبدي من تطوُّعٍ فتتمُّوا به له فريضته ؟! . إذًا هذا التطوُّع الذي يسمِّيه البعض بأنه قشر هذا له أهمية ؛ لأن هذا الحديث يوضِّح لنا ببيان واضح ، فيقول أن المسلم إذا كانت فرائضه ناقصة حينما يُحاسب أول ما يحاسب عليه يوم القيامة فربُّنا يتفضَّل على عبده ، فيأمر الملائكة بأن ينظروا ؛ هل هناك له من تطوُّع ؟ فإذا وجدوا أتمُّوا بهذا التطوُّع النقص الذي كان وقع منه في فرائض الله - عز وجل - .
إذًا لا يجوز نحن أن نهتمَّ ببعض الإسلام دون بعض ، وأنا أضرب لك الآن مثلًا واقعيًّا في حياتنا ؛ هناك كثير من الجماعات الإسلامية لا يهتمُّون بإعفاء لحاهم ، لا يهتمُّون بالتزيِّي بالكفار بلبس " البنطلون والجاكيت والكرافيت " ؛ إيش هذه ؟ هذه أمور قشور ، نحن بدنا نهتم باللُّباب ، طيب ؛ لا يهتمون بعدم إطالة الإزار والرسول يقول : ما طال دون الكعبين فهو في النار ؛ مع هذا الوعيد الشديد كلُّ هذه الأنواع أدخلوها في قائمة إيش ؟ القشور ، وهذا يذكِّرني بأن من خطورة هذه الدعوة أنه الإسلام لباب وقشور مَن الذي سينصب نفسه ليبيِّن للناس أن هذه المسائل وهي بالألوف المؤلَّفة هي من اللُّباب ، فعليكم أن تحرصوا بها ، وهذه قد تكون أكثر وأكثر ألوف مؤلَّفة وأضعاف مضاعفة هذه من القشور ؛ فلا تهتموا بها ؛ أين هذا الإنسان ؟
هل خُلق بعد ؟ لم يخلق ولن يُخلق ، هؤلاء الذين يلقون هذه الكلمة بين الناس ويجعلون الإسلام لبابًا وقشورًا يجعلون الشباب حيارى ؛ لأنهم لا يستطيعون أن يميِّزوا بين ما هو لبٌّ وبين ما هو قشر بعد التسليم بهذه التسمية ؛ لا يستطيعون ، فكان الواجب على هؤلاء الذين ابتدعوا هذه القسمة الضِّيزى لبّ وقشر كان عليهم أن يقولوا : كذا وكذا وكذا وكذا وكذا ، ولن يستطيعوا أن يحصوها ، هذه من اللُّباب فعليكم أن تتمسَّكوا بها ، وكذا وكذا وكذا وأبعد عن الإحصاء هذه من القشور فلا تهتمُّوا بها .
إذًا - بارك الله فيك - حينما تقول كلهم يدَّعون هذا كلام صحيح ، ولكن نحن نطالب الدليل ، فالذي تراه إذًا أنت يهتم دائمًا بأن يعرفَ ما كان عليه الرسول - عليه السلام - من العقيدة ، من الأخلاق ، من العبادة ؛ كيف كان يصلي ، كيف كان يحج ، كيف كان يصوم ، كيف كان يعلم النساء والرجال والأطفال إلى آخره ؛ هذا يدلُّك حاله ، ويغنيه حاله عن قالِه أنه هو من الفرقة الناجية ؛ لأنه تمسَّك بالدليل الذي وضعه الرسول - عليه السلام - في حديث الفرق أن دليل الفرقة الناجية هي الجماعة ؛ أي : هي التي كان عليها الرسول وصحابته الكرام ، وعلى ذلك يكون الإنسان ماشي على بصيرة .
وأنت إذا أخذت هذه القاعدة وأخذت هذه الضابطة ، وحاولت أن تطبِّقها على الجماعات التي أنت تشير إليها ؛ فستجد لا يصفو لك منهم إلا القليل والقليل جدًّا ، ونحن الآن تكلَّمنا بكلام عام ، وضربنا بعض الأمثلة تتعلَّق بحياة الناس اليوم الذين لا يهتمُّون بالتشبُّه بالرسول - عليه السلام - ، نحن نجد بعض الشباب إن ربّوا لحاهم فهي لحى على طريقة غير طريقة الرسول - عليه السلام - ، هي على طريقة رئيس لهم كان يومًا ما كان له لحية قصيرة ، فهم يتشبَّهون به ، وهذا الرئيس مع كونه كان مسلمًا كان له " كرافيت " ، وهذا من زيِّ الإنجليز اللي أدخلوه في كثير من البلاد الإسلامية ، فهم - أيضًا - يتزيون بزيِّه ، لكن السيد الأول سيد البشر جميعًا سيد الناس يوم المحشر وهو محمد - عليه السلام - ، أين هؤلاء الذين يتشبَّهون به ؟ لا وجود لهم إلا عند هؤلاء الناس الذين يدعون دائمًا الناس إلى اتباع الكتاب والسنة ، منهجهم قال الله قال رسول الله وليس إلا .
لعل في هذا جواب على ما سألت .
نعم .
الشيخ : في اعتقادي أنُّو هذا السؤال طُرِحَ جوابه في الكلمة السابقة حينما ذكرنا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد علَّمَ المسلمين كلَّ شيء ، وبيَّن لهم بيانًا واضحًا حينما ذكرنا حديث الفرق الثلاثة وسبعين ، وذكرنا أنَّ فرقة واحدة من هذه الفرق هي الفرقة الناجية .
السائل : ما هو كله ، كله بيقول لك ... .
الشيخ : اسمح لي يا أخي ، ما نحن قلنا جواب هذا السؤال جبنا جملتين مأثورتَين عند العلماء ؛ قلنا أوَّلًا :
" والدَّعاوي ما لم تُقيموا *** عليها بيِّنات أبناؤها أدعياءُ "
وقلنا - أيضًا - :
" وكلٌّ يدَّعي وصلًا بليلى *** وليلى لا تقرُّ لهم بذاكَ "
سمعت هذا الكلام ولَّا لا ؟ أنت بتعيد عليَّ الآن ما قلته أنا آنفًا ؛ ولذلك فأرجو أن تتنبَّه لما قلناه آنفًا ؛ الدَّعوى كل إنسان يستطيع أن يدَّعي ، ولكن ينبغي أن تقترن الدعوة بالدليل والبرهان ، فإذا رأيت رجلًا لا يُحسن أن يصلي ، ويقول : أنا الفرقة الناجية ؛ أصحيح يكون هو من الفرقة الناجية ؟ إذا رأيت رجلًا لا يعرف ما ينبغي عليه أن يعتقدَه في الله وفي الأنبياء والرسل ، إذا رأيت رجلًا - كما ضربنا آنفًا مثلًا - يعتقد أنُّو الإنسان ممكن أن يصل إلى الله بدون طريق محمد - عليه السلام - ؟ بدون طريق الكتاب والسنة ؟ بيكون هذا هو يقول : أنا من الفرقة الناجية ؟ الجواب بدهي أليس كذلك ؟ لا ، لا يكون من الفرقة الناجية ، بل يكون من الفرقة الضالة .
لذلك إذا كنتَ أنتَ وغيرك يسمع ويجد على وجه الأرض الإسلامية اليوم جماعات وهي كما قلنا آنفًا : وكلٌّ تدَّعي وصلًا بليلى ؛ فعليك أن تأخذ الدليل من كلِّ طائفة من هذه الطوائف التي تشهد لصدق دعواها ، وما يكفي أنك تسمع دعوى وتظلُّ أنت مع الحائرين حيران ، تقول : هؤلاء يقولون : نحن الفرقة الناجية ، وهؤلاء وهؤلاء ؛ يجب أن تطلب كما قال - تعالى - : قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ، فلا نجاة - أكَّدنا هذا الكلام مرارًا وتكرارًا - لا نجاة للمسلم ليس فقط للمسلمين عامَّة ، كل إنسان اليوم يجب أن ينجو بنفسه قبل غيره ، لا نجاة له أبدًا إلا بأن يعتصمَ بالكتاب والسنة ، فأنت الآن لما تشير إلى بعض الجماعات هل تسمع من هؤلاء الجماعة : قال الله ، قال رسول الله في كلِّ مسألة ؟ في كلِّ كبير وصغير ؟ أم بعض هذه الجماعات بيقول لك : يا أخي ، البحث في هذه المسائل بحث في توافه الأمور ، بحث في القشور ، وإنما نحن نريد أن نبحث في اللُّباب ، تسمع هذا الكلام من بعض الجماعات الإسلامية ولَّا لا ؟ طيب ؛ الإسلام فيه قشور ؟ الإسلام كله لبٌّ ، ولا يجوز أن نصفَ لأنُّو كلمة قشر معناه تحقير لهذا الذي سُمِّي بالقشر ، فالإسلام الذي جاء به - عليه الصلاة والسلام - من المندوب إلى العقيدة ؛ هذا كله يجب أن يتبنَّاه المسلم كاملًا من أوله إلى آخره ، ونحن حينما نقول هذا لا يخفانا ولا يغيب عن بالنا أن المسلم لا يستطيع أن ينهض بالإسلام من ألفه إلى يائه ، ولكن يجب أن يعترف قبل كلِّ شيء فكرًا وعقيدة أن كلَّ ما جاء به الإسلام فهو هدى ونور ، وأنه لا يجوز تقسيم الإسلام إلى لبٍّ وقشور ؛ لأن هذا التقسيم فيه طعن في الإسلام من حيث لا يريد هؤلاء الناس الذين يجعلون الإسلام لبًّا وقشورًا .
وشيء ثانٍ لو فرضنا ولو سلَّمنا جدلًا أن في الإسلام لبًّا وفي الإسلام قشرًا نسلِّم بهذا جدلًا ، لكننا نقول : إذا كان في الإسلام قشرًا مع اللُّبِّ ، فهذا القشر فيه حكمة وهو للمحافظة على اللُّبِّ ؛ كما نرى ذلك في عالم الكون في الثمرات والفواكه والخضار ونحو ذلك ، فكلها هي مما سخَّرها الله - عز وجل - لبني الإنسان وكرَّم به بني آدم ، وجعل لهذه الفوائد كلها ماذا ؟ قشرًا ، لولا القشر لَفسد اللُّبُّ ، فإذا سلَّمنا جدلًا بأن في الإسلام لبًّا وفي الإسلام قشرًا ؛ فيجب أن نعرف اللُّبَّ وأن نعرف القشر ، وأن نؤمن بهذا وهذا ، وأن نعتقد أن الله ما فرَّط في الكتاب من شيء ، وأن كل ما جاء به هو لمصلحتنا كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ما تركت شيئًا يقرِّبكم إلى الله إلا وأمَرْتُكم به ، فهذا الذي يسمِّيه البعض بالقشر هو مما جاء به الرسول - عليه السلام - .
أنا أذكر لك الآن حديثًا صحيحًا قد يمكن أن نستدلَّ به لتقسيم هؤلاء جدلًا ، وهو حديث ذاك الأعرابي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : أخبرني عمَّا فرض الله عليَّ ؟ فقال له : خمس صلوات في كل يوم وليلة ، وذكر له صوم رمضان فقط ، ونحو ذلك من الفرائض المعروفة من الأركان الخمس ؛ فماذا كان موقف هذا الأعرابي ؟ سأل قال : هل عليَّ يا رسول الله غيرهنَّ ؟ قال : لا ، إلا أن تطَّوَّع . قال : والله - يا رسول الله - لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص . لا أزيد عليهن ولا أنقص ؛ يعني حسبه الفرائض ، وهو لا يريد أن يتطوَّع ، فلما عرف الرسول - عليه السلام - منه إخلاصه وصدقه في حرصه في مواظبته على ما فرض الله عليه قال : أفلَحَ الرجل إن صدق ، دخل الجنة إن صدق .
فإذًا في الإسلام بدل ما نقول لب وقشور نقول فيه فرائض وفيه نوافل ، لكن هذه النوافل لم تُشرَعْ عبثًا ، صحيح ذاك الرجل قال : لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص ؛ لأنه كان حديث عهد بالإسلام ، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علَّمنا وأحسن تعليمنا حينما قال : أوَّل ما يُحاسب العبد يوم القيامة الصلاة ؛ فإن تمَّت فقد أفلح وأنجح ، وإن نقصت فقد خاب وخسر . في حديث آخر : فإن نقصت قال الله - تبارك وتعالى - لملائكته : انظروا ؛ هل لعبدي من تطوُّعٍ فتتمُّوا به له فريضته ؟! . إذًا هذا التطوُّع الذي يسمِّيه البعض بأنه قشر هذا له أهمية ؛ لأن هذا الحديث يوضِّح لنا ببيان واضح ، فيقول أن المسلم إذا كانت فرائضه ناقصة حينما يُحاسب أول ما يحاسب عليه يوم القيامة فربُّنا يتفضَّل على عبده ، فيأمر الملائكة بأن ينظروا ؛ هل هناك له من تطوُّع ؟ فإذا وجدوا أتمُّوا بهذا التطوُّع النقص الذي كان وقع منه في فرائض الله - عز وجل - .
إذًا لا يجوز نحن أن نهتمَّ ببعض الإسلام دون بعض ، وأنا أضرب لك الآن مثلًا واقعيًّا في حياتنا ؛ هناك كثير من الجماعات الإسلامية لا يهتمُّون بإعفاء لحاهم ، لا يهتمُّون بالتزيِّي بالكفار بلبس " البنطلون والجاكيت والكرافيت " ؛ إيش هذه ؟ هذه أمور قشور ، نحن بدنا نهتم باللُّباب ، طيب ؛ لا يهتمون بعدم إطالة الإزار والرسول يقول : ما طال دون الكعبين فهو في النار ؛ مع هذا الوعيد الشديد كلُّ هذه الأنواع أدخلوها في قائمة إيش ؟ القشور ، وهذا يذكِّرني بأن من خطورة هذه الدعوة أنه الإسلام لباب وقشور مَن الذي سينصب نفسه ليبيِّن للناس أن هذه المسائل وهي بالألوف المؤلَّفة هي من اللُّباب ، فعليكم أن تحرصوا بها ، وهذه قد تكون أكثر وأكثر ألوف مؤلَّفة وأضعاف مضاعفة هذه من القشور ؛ فلا تهتموا بها ؛ أين هذا الإنسان ؟
هل خُلق بعد ؟ لم يخلق ولن يُخلق ، هؤلاء الذين يلقون هذه الكلمة بين الناس ويجعلون الإسلام لبابًا وقشورًا يجعلون الشباب حيارى ؛ لأنهم لا يستطيعون أن يميِّزوا بين ما هو لبٌّ وبين ما هو قشر بعد التسليم بهذه التسمية ؛ لا يستطيعون ، فكان الواجب على هؤلاء الذين ابتدعوا هذه القسمة الضِّيزى لبّ وقشر كان عليهم أن يقولوا : كذا وكذا وكذا وكذا وكذا ، ولن يستطيعوا أن يحصوها ، هذه من اللُّباب فعليكم أن تتمسَّكوا بها ، وكذا وكذا وكذا وأبعد عن الإحصاء هذه من القشور فلا تهتمُّوا بها .
إذًا - بارك الله فيك - حينما تقول كلهم يدَّعون هذا كلام صحيح ، ولكن نحن نطالب الدليل ، فالذي تراه إذًا أنت يهتم دائمًا بأن يعرفَ ما كان عليه الرسول - عليه السلام - من العقيدة ، من الأخلاق ، من العبادة ؛ كيف كان يصلي ، كيف كان يحج ، كيف كان يصوم ، كيف كان يعلم النساء والرجال والأطفال إلى آخره ؛ هذا يدلُّك حاله ، ويغنيه حاله عن قالِه أنه هو من الفرقة الناجية ؛ لأنه تمسَّك بالدليل الذي وضعه الرسول - عليه السلام - في حديث الفرق أن دليل الفرقة الناجية هي الجماعة ؛ أي : هي التي كان عليها الرسول وصحابته الكرام ، وعلى ذلك يكون الإنسان ماشي على بصيرة .
وأنت إذا أخذت هذه القاعدة وأخذت هذه الضابطة ، وحاولت أن تطبِّقها على الجماعات التي أنت تشير إليها ؛ فستجد لا يصفو لك منهم إلا القليل والقليل جدًّا ، ونحن الآن تكلَّمنا بكلام عام ، وضربنا بعض الأمثلة تتعلَّق بحياة الناس اليوم الذين لا يهتمُّون بالتشبُّه بالرسول - عليه السلام - ، نحن نجد بعض الشباب إن ربّوا لحاهم فهي لحى على طريقة غير طريقة الرسول - عليه السلام - ، هي على طريقة رئيس لهم كان يومًا ما كان له لحية قصيرة ، فهم يتشبَّهون به ، وهذا الرئيس مع كونه كان مسلمًا كان له " كرافيت " ، وهذا من زيِّ الإنجليز اللي أدخلوه في كثير من البلاد الإسلامية ، فهم - أيضًا - يتزيون بزيِّه ، لكن السيد الأول سيد البشر جميعًا سيد الناس يوم المحشر وهو محمد - عليه السلام - ، أين هؤلاء الذين يتشبَّهون به ؟ لا وجود لهم إلا عند هؤلاء الناس الذين يدعون دائمًا الناس إلى اتباع الكتاب والسنة ، منهجهم قال الله قال رسول الله وليس إلا .
لعل في هذا جواب على ما سألت .
نعم .
الفتاوى المشابهة
- ما هو تصوُّركم الشخصي لهذه الجماعات الإسلامية... - الالباني
- ما هو موقف المسلم تجاه النصوص التي لا يدركها ب... - الالباني
- ما الرَّدُّ على مَن يقسم الإسلام إلى لبٍّ وقشر... - الالباني
- ما هو الفرق بين الفرقة الناجية و الفرق الأخرى ؟ - الالباني
- ما هو واجب المسلمين تجاه حكامهم الذين لا يحكمو... - الالباني
- ما الموقف تجاه الجماعات الإسلامية والدعوات ا... - ابن عثيمين
- موقف المسلم من الفرق - اللجنة الدائمة
- ما موقف المسلم تجاه الجماعات الإسلامية؟ - ابن باز
- تدعي كل الطوائف أنها على الحق وأنها الفرقة الن... - الالباني
- سؤال عن موقف المسلم اتجاه هذه الفرق الإسلامية ؟ - الالباني
- سؤال عن موقف المسلم تجاه هذه الفرق الإسلامية ؟ - الالباني