تم نسخ النصتم نسخ العنوان
بيان لما ورد من النصوص مما فيه تحديد للمسافة ،... - الالبانيالشيخ : ونحن حينما درسنا هذه المسألة من بطون الكتب الفقهية والحديثية لم نجد هناك حديثًا يمكن أن نقيِّد به هذا الإطلاق الذي جاء في الكتاب في الآيتين السا...
العالم
طريقة البحث
بيان لما ورد من النصوص مما فيه تحديد للمسافة ، وبيان وجه ذلك عند العلماء .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : ونحن حينما درسنا هذه المسألة من بطون الكتب الفقهية والحديثية لم نجد هناك حديثًا يمكن أن نقيِّد به هذا الإطلاق الذي جاء في الكتاب في الآيتين السابقتين للسفر ، اللهم كلُّ ما ذكره المقيِّدون إنما هو حديث أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا سافَرَ ثلاثة فراسخ أو أميال - هكذا جاء الشك - قصرَ - عليه الصلاة والسلام - .
فقال بعض العلماء : فهذه المسافة هي مسافة السفر الذي يجوز فيه القصر فما فوقها ، وقالوا أنُّو ما دون ذلك لا يجوز ؛ لأن الحديث يقول : كان إذا سافر هذه المسافة وهي ثلاثة فراسخ أو ثلاثة أميال .
لكن أُجِيبَ عن هذا الحديث بأنه لا ينفي جواز القصر في سفر هو أقلُّ من هذه المسافة التي قطعَها الرسول - عليه السلام - وقصر فيها ؛ بمعنى أن هذا الحديث نصٌّ في جواز القصر في سفر تكون مسافته ثلاثة فراسخ أو ثلاثة أميال ، ولكن ليس نصًّا في عدم جواز القصر في أقل من هذه المسافة ؛ لأن الصحابي يتحدَّث بما شاهد ورأى ، فرأى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقصر في مثل هذه المسافة ، لكنه ما علم أن الرسول - عليه السلام - قصر في أقل من هذه المسافة ، فيُؤخذ بمنطوق الحديث ولا يُؤخذ بمفهومه ؛ لأنُّو هذا المفهوم ليس صادرًا من الرسول - عليه الصلاة والسلام - الذي إذا تكلَّمَ أوعى وأحاط بالموضوع من كلِّ النواحي ، والصحابي ليس كذلك ؛ لأنه يتحدَّث عن شيء شاهده ، ومن المستحيل أن يقول أيُّ صحابي أنني سرت مع الرسول حيث سار ، وسافرت مع الرسول حيث سافر ، وأنه أحصى كلَّ سفرة سافَرَها معه ، فتبيَّن له أنُّو ما دون هذه المسافة لم يقصر ، وما كان فيها أو أكثر منها فقد قصر ؛ هذا مستحيل عن أيِّ إنسان ؛ لذلك فنحن نستطيع أن نحتجَّ بمنطوق هذا الحديث ؛ أي : التصريح بالثلاثة لا بمفهوم اللي هو دون الثلاثة .
هذا الحديث الذي يمكن أن يتمسَّك به بعض مَن يقيِّد السفر المجيز للقصر وللإفطار في رمضان ، ومع ذلك فيَرِدُ فيه ما يأتي ؛ وهو أن السفر لا يكون الذي خرج من بلدته وانطلق يمشي لا يكون مسافرًا بمجرَّد أنه قطع هذه المسافة أو أكثر منها ، فلا بد من أن تتوفَّر في شخص هذا الخارج والذي قطع هذه المسافة لا بد من أن تتوفَّر فيه أمور أخرى ليصبح بمجموعها مسافرًا تترتَّب عليه أحكام السفر ، أول ذلك وهذا أمر بدهي جدًّا وهو أن هذا الذي قطع هذه المسافة لا بد أن يكون قد نوى السفر ، وهذا أمر واضح ؛ لأن إنما الأعمال بالنيات ، فرجلٌ خرج للنزهة - مثلًا - ، وقطع مسافة ثلاثة فراسخ ؛ فهذا لا يُقال : إنه مسافر ؛ لماذا ؟ لأنه ما نوى السفر ، وقد تكون المسافة أطول وأطول ما نوى السفر ؛ فإذًا هذه المسافة إذا قَطَعَها الإنسان زايد مع أمور أخرى أوَّلها أن ينوي بذلك السفر ، فلا يُؤخذ أنُّو إنسان مجرَّد ما خرج من بلدته وقضى هذه المسافة صار مسافرًا ؛ لا بد أن نلاحظ في ذلك كونه نوى السفر . ثم في كثير من الأحيان وهذا أظن يلحَظُه كل فرد منَّا يخرج ويقطع مسافة أكثر من ذلك يخرج ليقضي أمرًا في بلدة قريبة منه ، ويعود بعد أن ينتهي منها بساعة أو أقل ، فمع ذلك لا يمكِنُنا أن نقول بأنه سافر .

Webiste