درس " الترغيب والترهيب " ، كتاب الترغيب في عيش السلف ، شرح حديث أنس : أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( لقد أُخِفْتُ في الله وما يخاف أحد ، ولقد أُوذِيتُ في الله وما يُؤذى أحد ) .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أما بعد :
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وبعد :
نعود بعد توقُّفنا السابق إلى كتابنا " الترغيب والترهيب " للحافظ المنذري ، ونحن على شرطنا الذي طالَما ذكرناه وذكرناكم به مرارًا وتكرارًا ؛ وهو ألَّا نسمعكم من أحاديث هذا الكتاب إلا ما ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على طريقة علماء الحديث من حيث ثبوت السند وثقة الرواة والرجال .
وكان درسنا الأخير وصل إلى الحديث التاسع والعشرين من كتاب الترغيب في عيش السلف ، التاسع والعشرين بالنسبة لطبعتي التي هي الطبعة المنيرية ، فقال المصنف - رحمه الله - : وعَن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لقد أُخِفْتُ في الله وما يَخاف أحد - أو يُخاف أحد - ، ولقد أُوذِيتُ في الله وما يُؤذى أحد ، ولقد أتَتْ عليَّ ثلاثون من بين يومٍ وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كَبِد إلا شيء يُواريه إبطُ بلال .
الشاهد من هذا الحديث المناسب لهذا الباب الذي نحن فيه إنما هو طرفه الثاني ؛ أَلَا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ولقد أتت عليَّ ثلاثون مِن بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يُواريه إبط بلال ؛ أي : يعني إلا شيء من خبز يابس ومن الشعير كما علمتم من الأحاديث السابقة ، وهذا الحديث سواء بطرفه الثاني أو الأول إنما هو كناية ، بل دليل واضح على شدَّة ما ابتُلِي به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في سبيل دعوته دعوة الحق ، دعوة التوحيد التي جاهَدَ المشركين في سبيلها أكثر من عشرين سنة ، ولاقى في سبيل ذلك الألاقي والمصاعب والجوع ، وهذا ما يصف به نفسَه - عليه الصلاة والسلام - بقوله أنه أُوذِيَ أذًى لم يُؤذَ أحد مثل أذاه ، وأُخيفَ - أيضًا - إخافةً لم يخف مثله سواه - عليه الصلاة والسلام - ، وكذلك لَقِيَ من الجوع ما لا يكاد يتصور ؛ إنه مضى عليه - صلوات الله وسلامه عليه - ثلاثون يومًا بليله ونهاره ولا يجد من الطعام إلا ما يحمِلُه بلال خادمه ومؤذِّنه تحت إبطه ، وهذا كناية على أن هذا الشيء الذي يحمله على الطعام هو شيء قليل ؛ لأنه ما الذي يستطاع أن يحمله الإنسان في هذه المدة الطويلة تحت الإبط إلا أن يكون كسرات من خبز أو تمرات من تمر تلك البلاد .
فإذًا نحن يجب أن نأخذ من هذا الحديث ومن أمثاله من أحاديث سبقت وأخرى تأتي أسوةً لنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنصبر في سيبل الدعوة لا نتكلَّف التعب والنَّصب والمشقَّة ؛ لأن ذلك ليس أمرًا مرغوبًا في الشرع ، ولكن علينا أننا إذا أُصِبْنا في سبيل دعوتنا بشيء من ذلك التعب والنَّصب أن نصبر على الجوع على العطش على الأذى ، والأمر كما قال - تعالى - : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا . ليست الأسوة برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، إنما هي محصورة في الاقتداء بصلاته وصيامه وسائر عباداته فحسب ، وإنما الأسوة به - صلوات الله وسلامه عليه - تشمل كلَّ نواحي الحياة الأسوة به في عبادته معًا ، ولكن - أيضًا - في خُلُقِه ، وأيضًا من ذلك في صبره وفي تحمُّله المشاقِّ في سبيل دعوته ؛ كلُّ ذلك مما يجب علينا أن نتَّخذ نبيَّنا - صلوات الله وسلامه عليه - أسوةً حسنةً لنا .
هذا الحديث صحيح ، ويقول الحافظ المؤلف : رواه الترمذي وابن حبان في " صحيحه " ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، قال المؤلف : ومعنى هذا الحديث حين خَرَجَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هاربًا من مكة ومعه بلال إنَّما كان مع بلال من الطعام ما يحمل تحت إبطه .
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وبعد :
نعود بعد توقُّفنا السابق إلى كتابنا " الترغيب والترهيب " للحافظ المنذري ، ونحن على شرطنا الذي طالَما ذكرناه وذكرناكم به مرارًا وتكرارًا ؛ وهو ألَّا نسمعكم من أحاديث هذا الكتاب إلا ما ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على طريقة علماء الحديث من حيث ثبوت السند وثقة الرواة والرجال .
وكان درسنا الأخير وصل إلى الحديث التاسع والعشرين من كتاب الترغيب في عيش السلف ، التاسع والعشرين بالنسبة لطبعتي التي هي الطبعة المنيرية ، فقال المصنف - رحمه الله - : وعَن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لقد أُخِفْتُ في الله وما يَخاف أحد - أو يُخاف أحد - ، ولقد أُوذِيتُ في الله وما يُؤذى أحد ، ولقد أتَتْ عليَّ ثلاثون من بين يومٍ وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كَبِد إلا شيء يُواريه إبطُ بلال .
الشاهد من هذا الحديث المناسب لهذا الباب الذي نحن فيه إنما هو طرفه الثاني ؛ أَلَا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ولقد أتت عليَّ ثلاثون مِن بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يُواريه إبط بلال ؛ أي : يعني إلا شيء من خبز يابس ومن الشعير كما علمتم من الأحاديث السابقة ، وهذا الحديث سواء بطرفه الثاني أو الأول إنما هو كناية ، بل دليل واضح على شدَّة ما ابتُلِي به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في سبيل دعوته دعوة الحق ، دعوة التوحيد التي جاهَدَ المشركين في سبيلها أكثر من عشرين سنة ، ولاقى في سبيل ذلك الألاقي والمصاعب والجوع ، وهذا ما يصف به نفسَه - عليه الصلاة والسلام - بقوله أنه أُوذِيَ أذًى لم يُؤذَ أحد مثل أذاه ، وأُخيفَ - أيضًا - إخافةً لم يخف مثله سواه - عليه الصلاة والسلام - ، وكذلك لَقِيَ من الجوع ما لا يكاد يتصور ؛ إنه مضى عليه - صلوات الله وسلامه عليه - ثلاثون يومًا بليله ونهاره ولا يجد من الطعام إلا ما يحمِلُه بلال خادمه ومؤذِّنه تحت إبطه ، وهذا كناية على أن هذا الشيء الذي يحمله على الطعام هو شيء قليل ؛ لأنه ما الذي يستطاع أن يحمله الإنسان في هذه المدة الطويلة تحت الإبط إلا أن يكون كسرات من خبز أو تمرات من تمر تلك البلاد .
فإذًا نحن يجب أن نأخذ من هذا الحديث ومن أمثاله من أحاديث سبقت وأخرى تأتي أسوةً لنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنصبر في سيبل الدعوة لا نتكلَّف التعب والنَّصب والمشقَّة ؛ لأن ذلك ليس أمرًا مرغوبًا في الشرع ، ولكن علينا أننا إذا أُصِبْنا في سبيل دعوتنا بشيء من ذلك التعب والنَّصب أن نصبر على الجوع على العطش على الأذى ، والأمر كما قال - تعالى - : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا . ليست الأسوة برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، إنما هي محصورة في الاقتداء بصلاته وصيامه وسائر عباداته فحسب ، وإنما الأسوة به - صلوات الله وسلامه عليه - تشمل كلَّ نواحي الحياة الأسوة به في عبادته معًا ، ولكن - أيضًا - في خُلُقِه ، وأيضًا من ذلك في صبره وفي تحمُّله المشاقِّ في سبيل دعوته ؛ كلُّ ذلك مما يجب علينا أن نتَّخذ نبيَّنا - صلوات الله وسلامه عليه - أسوةً حسنةً لنا .
هذا الحديث صحيح ، ويقول الحافظ المؤلف : رواه الترمذي وابن حبان في " صحيحه " ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، قال المؤلف : ومعنى هذا الحديث حين خَرَجَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هاربًا من مكة ومعه بلال إنَّما كان مع بلال من الطعام ما يحمل تحت إبطه .
الفتاوى المشابهة
- الحديث الثاني من باب الترغيب في الصبر . - الالباني
- الترغيب في الصبر . - الالباني
- مواصلة الشيخ لشرح كتاب الترغيب والترهيب بشرح ا... - الالباني
- من شرح كتاب " الترغيب والترهيب " ، حديث معاذ -... - الالباني
- قراءة الشيخ من كتاب * الترغيب والترهيب * للمنذ... - الالباني
- سؤال عن كتاب (الترغيب والترهيب) - ابن باز
- درس " الترغيب والترهيب " ، الترغيب في الخوف وف... - الالباني
- درس " الترغيب والترهيب " ، شرح حديث أنسٍ - رضي... - الالباني
- مواصلة الشيخ في شرح درس الترغيب والترهيب والتع... - الالباني
- شرح الشيخ للحديث التاسع والعشرين من كتاب الترغ... - الالباني
- درس " الترغيب والترهيب " ، كتاب الترغيب في عيش... - الالباني