تفسير سورة المائدة
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: أرجو منكم تفسير قول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة: ٣] ، ثم هل المتردية والنطيحة محرم أكل لحمهما عندما تموت مباشرة بسبب ذلك، أو محرم أكلها ولو بقيت مدة طويلة ثم ذبحتها بعد ذلك؟
الجواب: يقول الله مخاطبًا عباده المؤمنين الذين ناداهم في مطلع هذه السورة العظيمة بقوله: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: ١] ، يقول تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ : أي حرم الله سبحانه وتعالى عليكم أكل الميتة، والميتة: هي التي ماتت بغير زكاة شرعية، وقد خص منها الدليل ميتة السمك والجراد كما قال صلى الله عليه وسلم: أحلت ميتتان ودمان، أما الميتتان: فالسمك والجراد . فالسمك والجراد أحل الله ميتتهما، وما عدا ذلك فإنه حرام.
والميتة كما ذكرنا هي التي ماتت بغير زكاة شرعية.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ : الدم هنا مطلق، ولكن قيدته الآية الثانية بالمسفوح؛ كما قال تعالى: لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام: ١٤٥] .
والمراد به: الذي يخرج من الذبيحة وقت ذبحها، ويشخب من أوداجها، أما الدم المتبقي في العروق واللحم من الذبيحة فهذا معفو عنه لا بأس بأكله مع اللحم.
وَاسْتُثْنِيَ من الدم الدمان اللذان مر ذكرهما في الحديث: أحلت لنا ميتتان ودمان، وأما الدمان فالكبد والطحال ، فالدم حرام، والمراد به الدم المسفوح، أما الدم المتبقي في العروق بعد الذبح وفي اللحم فهذا معفو عنه، وكذلك المستثنى في الحديث الكبد والطحال.
وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ : الخنزير هو الحيوان المعروف بالقذارة والدناءة، وحرم الله أكله لما فيه من الأضرار البالغة وما يورثه من الأمراض الخطيرة، كما قرر ذلك أهل الطب، فإن الخنزير فيه جراثيم وأمراض خطيرة، اكتشفت ولا تزال تكتشف، والله جل وعلا لا يحرم على عباده إلا ما فيه مضرة عليهم.
وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ : المراد به ما ذبح تقربًا إلى غير الله من الأصنام وسائر المعبودات، وكذلك ما ذبح وسمى عليه غير اسم الله عز وجل.
وما ذكر عليه غير اسم الله تعالى يشمل نوعين:
يشمل ما تقرب به لغير الله ولو ذكر عليه اسم الله.
ويشمل ما ذبح لغير القربى وسمي عليه غير اسم الله سبحانه عند الذبح.
والمراد بالإهلال: رفع الصوت، هذا في الأصل، والمراد به هنا ما ذكرنا.
وَالْمُنْخَنِقَةُ : قالوا: إن هذا تفصيل للميتة، التي ذكرها الله في أول الآية، وهي التي خنق نفسها وحبس نفسها بحبل أو غيره، بشيء ضيق حتى ماتت، بسبب الخنق.
وَالْمَوْقُوذَةُ : التي ضربت بشيء مثقل وماتت بالضرب، ولو خرج منها دم؛ لأن المثقل لا يجرحها، وإنما يقتلها بثقله، ويرضها وتموت بسبب الثقل فهذه الموقوذة.
وَالْمُتَرَدِّيَةُ : هي الساقطة من شيء مرتفع كالسطح أو الجبل أو الجدار أو حفرة أو في بئر وماتت بسبب السقطة.
وَالنَّطِيحَةُ : هي التي تناطحت مع أخرى وماتت بسبب المناطحة، كتناطح الغنم بعضها مع بعض، والبقر بعضها مع بعض.
وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ : السبع الذي يفترس بنابه من الذئاب والأسود وغيرها من السباع المفترسة التي تغرز بأنيابها أو بمخالبها، سبع الطير، أو سبع الحيوان، ما يفترس بنابه أو بمخلبه، فإذا أصاب الحيوان ومات بسبب إصابته، فإنه لا يؤكل.
إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ : هذا استثناء مما سبق، أي: إلا ما أدركتموه حيًّا من هذه الأشياء: المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، إذا أدركتموه بعد إصابته بشيء من هذه الأمور، وفيه حياة مستقرة وذكيتموه فإنه حلال؛ لأنه توفرت فيه شروط الإباحة، وهي الزكاة الشرعية.
أما ما أدركتموه وقد مات بسبب الإصابة أو أدركتموه حيًّا في الرمق الأخير، فحياته غير مستقرة، حياة المذبوح، هذا أيضاًَ لا يحل، وقال بعض أهل العلم: إن مما أدرك وفيه حياة أدنى حياة وذكي فإنه يحل، ولكن الجمهور على أن ما كانت حياته غير مستقرة كحركة المذبوح فهذا لا يحل بتذكيته؛ لأنه في حكم الميت.
وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ : المراد بالنصب: الأحجار التي كان أهل الجاهلية يعظمونها ويلطخونها بدم الذبائح تعظيمًا لها وتقربًا إليها، وقيل: إنهم يذبحون الذبيحة على نفس الحجارة تعظيمًا لها، فهذه ذبائح شركية ذبحت تعظيمًا لهذه النصب، فهي مما لا يحل أكله، وهذا بيان لما كان يفعل في الجاهلية، هذا معنى هذه الآية الكريمة.
وأما بقية السؤال، ما أدرك من المنخنقة والموقوذة والمتردية فقد أجبنا عنه، أنه إذا أدركها وفيها حياة مستقرة وذكاها حلت، وإن أدركها وهي ميتة أو في الرمق الأخير الذي هو كحركة المذبوح، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والجمهور على أنه لا يحل.
إذاًَ المدرك بعد إصابته له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يدرك وهو ميت فهذا حرام بالإجماع.
الحالة الثانية: أن يدرك وفيه حياة مستقرة، فهذا حلال بالإجماع إذا زكاه.
الحالة الثالثة: إذا أدركه وفيه حياة غير مستقرة، حياة على سبيل الزوال كحركة المذبوح، فهذا محل الخلاف.
الجواب: يقول الله مخاطبًا عباده المؤمنين الذين ناداهم في مطلع هذه السورة العظيمة بقوله: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: ١] ، يقول تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ : أي حرم الله سبحانه وتعالى عليكم أكل الميتة، والميتة: هي التي ماتت بغير زكاة شرعية، وقد خص منها الدليل ميتة السمك والجراد كما قال صلى الله عليه وسلم: أحلت ميتتان ودمان، أما الميتتان: فالسمك والجراد . فالسمك والجراد أحل الله ميتتهما، وما عدا ذلك فإنه حرام.
والميتة كما ذكرنا هي التي ماتت بغير زكاة شرعية.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ : الدم هنا مطلق، ولكن قيدته الآية الثانية بالمسفوح؛ كما قال تعالى: لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام: ١٤٥] .
والمراد به: الذي يخرج من الذبيحة وقت ذبحها، ويشخب من أوداجها، أما الدم المتبقي في العروق واللحم من الذبيحة فهذا معفو عنه لا بأس بأكله مع اللحم.
وَاسْتُثْنِيَ من الدم الدمان اللذان مر ذكرهما في الحديث: أحلت لنا ميتتان ودمان، وأما الدمان فالكبد والطحال ، فالدم حرام، والمراد به الدم المسفوح، أما الدم المتبقي في العروق بعد الذبح وفي اللحم فهذا معفو عنه، وكذلك المستثنى في الحديث الكبد والطحال.
وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ : الخنزير هو الحيوان المعروف بالقذارة والدناءة، وحرم الله أكله لما فيه من الأضرار البالغة وما يورثه من الأمراض الخطيرة، كما قرر ذلك أهل الطب، فإن الخنزير فيه جراثيم وأمراض خطيرة، اكتشفت ولا تزال تكتشف، والله جل وعلا لا يحرم على عباده إلا ما فيه مضرة عليهم.
وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ : المراد به ما ذبح تقربًا إلى غير الله من الأصنام وسائر المعبودات، وكذلك ما ذبح وسمى عليه غير اسم الله عز وجل.
وما ذكر عليه غير اسم الله تعالى يشمل نوعين:
يشمل ما تقرب به لغير الله ولو ذكر عليه اسم الله.
ويشمل ما ذبح لغير القربى وسمي عليه غير اسم الله سبحانه عند الذبح.
والمراد بالإهلال: رفع الصوت، هذا في الأصل، والمراد به هنا ما ذكرنا.
وَالْمُنْخَنِقَةُ : قالوا: إن هذا تفصيل للميتة، التي ذكرها الله في أول الآية، وهي التي خنق نفسها وحبس نفسها بحبل أو غيره، بشيء ضيق حتى ماتت، بسبب الخنق.
وَالْمَوْقُوذَةُ : التي ضربت بشيء مثقل وماتت بالضرب، ولو خرج منها دم؛ لأن المثقل لا يجرحها، وإنما يقتلها بثقله، ويرضها وتموت بسبب الثقل فهذه الموقوذة.
وَالْمُتَرَدِّيَةُ : هي الساقطة من شيء مرتفع كالسطح أو الجبل أو الجدار أو حفرة أو في بئر وماتت بسبب السقطة.
وَالنَّطِيحَةُ : هي التي تناطحت مع أخرى وماتت بسبب المناطحة، كتناطح الغنم بعضها مع بعض، والبقر بعضها مع بعض.
وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ : السبع الذي يفترس بنابه من الذئاب والأسود وغيرها من السباع المفترسة التي تغرز بأنيابها أو بمخالبها، سبع الطير، أو سبع الحيوان، ما يفترس بنابه أو بمخلبه، فإذا أصاب الحيوان ومات بسبب إصابته، فإنه لا يؤكل.
إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ : هذا استثناء مما سبق، أي: إلا ما أدركتموه حيًّا من هذه الأشياء: المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، إذا أدركتموه بعد إصابته بشيء من هذه الأمور، وفيه حياة مستقرة وذكيتموه فإنه حلال؛ لأنه توفرت فيه شروط الإباحة، وهي الزكاة الشرعية.
أما ما أدركتموه وقد مات بسبب الإصابة أو أدركتموه حيًّا في الرمق الأخير، فحياته غير مستقرة، حياة المذبوح، هذا أيضاًَ لا يحل، وقال بعض أهل العلم: إن مما أدرك وفيه حياة أدنى حياة وذكي فإنه يحل، ولكن الجمهور على أن ما كانت حياته غير مستقرة كحركة المذبوح فهذا لا يحل بتذكيته؛ لأنه في حكم الميت.
وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ : المراد بالنصب: الأحجار التي كان أهل الجاهلية يعظمونها ويلطخونها بدم الذبائح تعظيمًا لها وتقربًا إليها، وقيل: إنهم يذبحون الذبيحة على نفس الحجارة تعظيمًا لها، فهذه ذبائح شركية ذبحت تعظيمًا لهذه النصب، فهي مما لا يحل أكله، وهذا بيان لما كان يفعل في الجاهلية، هذا معنى هذه الآية الكريمة.
وأما بقية السؤال، ما أدرك من المنخنقة والموقوذة والمتردية فقد أجبنا عنه، أنه إذا أدركها وفيها حياة مستقرة وذكاها حلت، وإن أدركها وهي ميتة أو في الرمق الأخير الذي هو كحركة المذبوح، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والجمهور على أنه لا يحل.
إذاًَ المدرك بعد إصابته له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يدرك وهو ميت فهذا حرام بالإجماع.
الحالة الثانية: أن يدرك وفيه حياة مستقرة، فهذا حلال بالإجماع إذا زكاه.
الحالة الثالثة: إذا أدركه وفيه حياة غير مستقرة، حياة على سبيل الزوال كحركة المذبوح، فهذا محل الخلاف.
الفتاوى المشابهة
- تفسير آيات من سورة (ق) - ابن عثيمين
- تفسير سورة ق . - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : << حرمت عليكم الميتة... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: {حرمت عليكم الميت...} - ابن باز
- الكلام على سورة المائدة . - ابن عثيمين
- تفسير آية الوضوء من سورة المائدة - ابن عثيمين
- تفسير الآيات 115 119 من سورة المائدة - اللجنة الدائمة
- ماهو تفسير هذه الآية ( حرمت عليكم الميتة و ا... - ابن عثيمين
- تفسير الآية 107 من سورة المائدة - اللجنة الدائمة
- تفسير سورة المائدة - 2 - الفوزان
- تفسير سورة المائدة - الفوزان