تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة الفجر - الفوزان[تفسير سورة عبس]سؤال: ما معنى كلمة: عبس المذكورة في سورة عبس؟الجواب: العبس معناه: عبس الإنسان إذا قطب جبينه، وظهرت عليه الكراهة، بأن يتضايق الإنسان من ش...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة الفجر
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
[تفسير سورة عبس]

سؤال: ما معنى كلمة: عبس المذكورة في سورة عبس؟

الجواب: العبس معناه: عبس الإنسان إذا قطب جبينه، وظهرت عليه الكراهة، بأن يتضايق الإنسان من شيء فيظهر على وجهه الكراهة والعبوس وعدم الانبساط، هذا هو الأصل.
و عَبَسَ وَتَوَلَّى [عبس: ١] ، في القرآن معناها: أن النبي صلى الله عليه وسلم حصل منه بعض الكراهية والتضايق، بسبب أن عبد الله ابن أم مكتوم الأعمى، جاءه يسأله عن أمور من أمور دينه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بحضرته ناس من أكابر قريش، وكان عليه الصلاة والسلام يطمع في إسلامهم، وترغيبهم والتحدث معهم لعل الله أن يهديهم، ليدعوهم إلى الله عز وجل، فلما جاء عبد الله ابن أم مكتوم، يسأله وهو مشغول مع هؤلاء، كأنه كره مجيء عبد الله ابن أم مكتوم في هذه المناسبة، وكره سؤاله؛ لأنه يشغله عن التحدث مع هؤلاء، فعاتبه الله عز وجل على ذلك وقال: عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [عبس: ١ - ١٠] .
والمعنى أن الله ينكر على النبي صلى الله عليه وسلم عدم استقباله لعبد الله ابن أم مكتوم الذي جاء راغبًا في الخير، ومقبلًا على الخير، وانشغاله مع قوم لا رغبة لهم في الخير، ولا محبة لهم في دين الإسلام، بل هم في زعمهم أنهم في غنى عنه، فهم ليسوا راغبين، ولا مقبلين على دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، من هنا جاء العتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
[تفسير سورة الفجر]

سؤال: ما معنى قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ [الفجر: ٦-٨] ، وما المقصود: "بإرم"؟

الجواب: هذه القبيلة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى هي من الأمم الكافرة العاتية التي اغترت بقوتها وجبروتها؛ لأن الله أعطاها من القوة البدنية وقوة الحضارة والملك ما اغترت به وطغت بسببه، قال تعالى: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ [فصلت: ١٥، ١٦] ؛ لأنهم لما جاءهم نبي الله هود عليه السلام ودعاهم إلى توحيد الله وعبادته، تكبروا وتجبروا واغتروا بقوتهم، وقد ذكر الله قصتهم في مواضع كثيرة من كتابه، ومن ذلك هذا الموضع من سورة الفجر، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ .
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين، خارجين عن طاعته، مكذبين لرسله، جاحدين لكتبه، فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم وجعلهم أحاديث وعبر، وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ، وهؤلاء عاد الأولى، وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح.

قال ابن إسحاق: وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودًا عليه السلام، فكذبوه وخالفوه، فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم، وأهلكهم
بريح صرصر عاتية، سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسومًا فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية، وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع ليعتبر بمصرعهم المؤمنون.

فقوله تعالى: إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ عطف بيان وزيادة تعريف بهم.

قوله تعالى: ذَاتِ الْعِمَادِ : لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشًا، ولهذا ذكرهم هود بتلك النعمة، وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم، وقال: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأعراف: ٦٩] ، انتهى كلامه رحمه الله.

وبه يتبين المراد بقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ، والله أعلم.

Webiste