الأضحية.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
مقصودها وحكم دفعها إلى البلاد الفقيرة
هل الأفضل في هذا الزمان دفع الأضاحي إلى البلاد الفقيرة أم ذبحها هنا؟
هذا سؤال مهم وهو دفع قيمة الأضاحي إلى بلاد فقيرة ليُضَحَّى بها هناك، فإن بعض الناس يفعل هذا، بل يزيد على ذلك أنه يضع دعايةً في الصحف أو غير الصحف لحث الناس على بعث الأضاحي إلى بلاد أخرى، وهذا يصدر في الغالب عن جهل بمقاصد الشريعة، وعن جهل بالحكم الشرعي.
المقصود بالأضحية: المقصود الأول: هو التقرب إلى الله تعالى بذبحها: فإن الذبح من أكبر العبادات، بل قرنه الله عزَّ وجلَّ بالصلاة: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:٢] ، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:١٦٢] على القول بأن النسك هنا: الذبح.
فالذبح نفسه عبادة؛ لا يمكن أبداً أن تحصل هذه العبادة إذا ما أرسلت الدراهم إلى بلاد أخرى ثمناً لأضحيةٍ، وذُبِحَت هذه الأضحيةُ عنك، وقد قال الله تعالى في كتابه: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:٣٧] .
المقصود الثاني: أن الإنسان إذا أرسلها إلى بلاد أخرى فإنه يفوته ذكرُ اسمِ الله عليها: وقد قال الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ [الحج:٣٤] فجعل ذكرَ اسمِ الله عِلَّةً لهذه المناسك التي جعلها الله عزَّ وجلَّ، وهذا الذكر سيفوته إن كان الذبح هناك، وربما يذبحها من لا يسمِّي أصلاً.
المقصود الثالث: أنه إذا أرسلها إلى الخارج يفوته الأكل منها: وقد قال الله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:٢٨] والأمر بالأكل منها للوجوب على رأي كثير من العلماء، فإذا أرسلتَها إلى الخارج فاتك القيام بهذا الأمر، سواء كان واجباً أم مستحباً.
المقصود الرابع: أنه إذا أرسلها إلى الخارج خَفِيَت الشعيرةُ العظيمة التي جعلها الله تعالى في بلاد المسلمين عوضاً عن الشعيرة العظيمة التي جعلها الله تعالى في مكة، فالشعيرة التي تكون في مكة هي: الهدي، والشعيرة التي تكون في بلاد المسلمين الأخرى هي: الأضحية، فالله سبحانه وتعالى جعل هذه الشعائر؛ ذبح الهدي في مكة، وذبح الأضحية في البلاد الأخرى لِتُقام الشعائر في بلاد الإسلام كلها، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى لمن أراد الأضحية شيئاً من خصائص الإحرام، كتجنب الأخذ من الشعر مثلاً.
المقصود الخامس: أن هذه الشعيرة ربما تموت بالنسبة لأبنائنا وبناتنا: فإذا كانت الأضحية في البيت فإن الأهل كلهم يشعرون بها، ويشعرون أنهم على طاعة، فإذا أُرْسِلَت دراهم فما الذي يُدْرِيهم بها؟ فتفوت هذه الشعيرة.
فنقول: من الخطأ الواضح أن ترسَل قيم الأضاحي إلى خارج البلاد ليُضَحَّى بها هناك؛ لأن كل هذه المصالح وربما أشياء أخرى لا تحضرني الآن كلها تفوت بهذا الأمر.
المقصود السادس: أن الناس يبدءون ينظرون إلى الأضحية نظرةً ماديةً فقط، وهي: إطعام الجائع: وهذا أيضاً ضرر، وقد قال الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:٣٧] وإذا كنت صادقاً في أن تتعبد لله في الأضحية، وأن تنفع إخوانك المسلمين فضحِّ في بلدك، وأرسل الدراهم والأطعمة والأكسية إلى البلاد الأخرى.
ما الذي يمنعك؟! لهذا أرجو منكم -بارك الله فيكم- أن تبينوا للناس أن هذا خطأ، وأن لا يصرفوا قيمة ضحاياهم إلى البلاد الأخرى، بل يضحوا في بيوتهم.
ولا يرد على هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام وكَّلَ علي بن أبي طالب في ذبح هديه، أو أنه بعث بالهدي من المدينة إلى مكة؛ لأن بعثَه بالهدي من المدينة إلى مكة ضروري، إذْ لا هدي إلا في مكة، فلو ذبحه في المدينة لم يكن هدياً.
وأما توكيل علي بن أبي طالب فالرسول عليه الصلاة والسلام وكَّله؛ لأنه مشغول بأمور الناس، فالناس في حاجة إلى أن يتفرغ لهم، ومع ذلك أمَرَ مِن كل بعير بقطعة، فجُعِلَت في قدر فطُبِخَت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها؛ فهو لم يترك الأكل منها.
فنرجو -بارك الله فيكم- أن تحرصوا على توعية الناس، وأن تقولوا: إن المسألة ليست مسألة أن الفقير ينتفع من اللحم، بل أهمُّ شيء هو التقرُّب إلى الله في الذبح الذي جعله الله قرين الصلاة، وأنت لا تُمْنَع من نفع إخوانك، فتُرسل لهم دراهم، لا مانع من ذلك.
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم، وإلى اللقاء القادم إن شاء الله.
هل الأفضل في هذا الزمان دفع الأضاحي إلى البلاد الفقيرة أم ذبحها هنا؟
هذا سؤال مهم وهو دفع قيمة الأضاحي إلى بلاد فقيرة ليُضَحَّى بها هناك، فإن بعض الناس يفعل هذا، بل يزيد على ذلك أنه يضع دعايةً في الصحف أو غير الصحف لحث الناس على بعث الأضاحي إلى بلاد أخرى، وهذا يصدر في الغالب عن جهل بمقاصد الشريعة، وعن جهل بالحكم الشرعي.
المقصود بالأضحية: المقصود الأول: هو التقرب إلى الله تعالى بذبحها: فإن الذبح من أكبر العبادات، بل قرنه الله عزَّ وجلَّ بالصلاة: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:٢] ، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:١٦٢] على القول بأن النسك هنا: الذبح.
فالذبح نفسه عبادة؛ لا يمكن أبداً أن تحصل هذه العبادة إذا ما أرسلت الدراهم إلى بلاد أخرى ثمناً لأضحيةٍ، وذُبِحَت هذه الأضحيةُ عنك، وقد قال الله تعالى في كتابه: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:٣٧] .
المقصود الثاني: أن الإنسان إذا أرسلها إلى بلاد أخرى فإنه يفوته ذكرُ اسمِ الله عليها: وقد قال الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ [الحج:٣٤] فجعل ذكرَ اسمِ الله عِلَّةً لهذه المناسك التي جعلها الله عزَّ وجلَّ، وهذا الذكر سيفوته إن كان الذبح هناك، وربما يذبحها من لا يسمِّي أصلاً.
المقصود الثالث: أنه إذا أرسلها إلى الخارج يفوته الأكل منها: وقد قال الله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:٢٨] والأمر بالأكل منها للوجوب على رأي كثير من العلماء، فإذا أرسلتَها إلى الخارج فاتك القيام بهذا الأمر، سواء كان واجباً أم مستحباً.
المقصود الرابع: أنه إذا أرسلها إلى الخارج خَفِيَت الشعيرةُ العظيمة التي جعلها الله تعالى في بلاد المسلمين عوضاً عن الشعيرة العظيمة التي جعلها الله تعالى في مكة، فالشعيرة التي تكون في مكة هي: الهدي، والشعيرة التي تكون في بلاد المسلمين الأخرى هي: الأضحية، فالله سبحانه وتعالى جعل هذه الشعائر؛ ذبح الهدي في مكة، وذبح الأضحية في البلاد الأخرى لِتُقام الشعائر في بلاد الإسلام كلها، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى لمن أراد الأضحية شيئاً من خصائص الإحرام، كتجنب الأخذ من الشعر مثلاً.
المقصود الخامس: أن هذه الشعيرة ربما تموت بالنسبة لأبنائنا وبناتنا: فإذا كانت الأضحية في البيت فإن الأهل كلهم يشعرون بها، ويشعرون أنهم على طاعة، فإذا أُرْسِلَت دراهم فما الذي يُدْرِيهم بها؟ فتفوت هذه الشعيرة.
فنقول: من الخطأ الواضح أن ترسَل قيم الأضاحي إلى خارج البلاد ليُضَحَّى بها هناك؛ لأن كل هذه المصالح وربما أشياء أخرى لا تحضرني الآن كلها تفوت بهذا الأمر.
المقصود السادس: أن الناس يبدءون ينظرون إلى الأضحية نظرةً ماديةً فقط، وهي: إطعام الجائع: وهذا أيضاً ضرر، وقد قال الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:٣٧] وإذا كنت صادقاً في أن تتعبد لله في الأضحية، وأن تنفع إخوانك المسلمين فضحِّ في بلدك، وأرسل الدراهم والأطعمة والأكسية إلى البلاد الأخرى.
ما الذي يمنعك؟! لهذا أرجو منكم -بارك الله فيكم- أن تبينوا للناس أن هذا خطأ، وأن لا يصرفوا قيمة ضحاياهم إلى البلاد الأخرى، بل يضحوا في بيوتهم.
ولا يرد على هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام وكَّلَ علي بن أبي طالب في ذبح هديه، أو أنه بعث بالهدي من المدينة إلى مكة؛ لأن بعثَه بالهدي من المدينة إلى مكة ضروري، إذْ لا هدي إلا في مكة، فلو ذبحه في المدينة لم يكن هدياً.
وأما توكيل علي بن أبي طالب فالرسول عليه الصلاة والسلام وكَّله؛ لأنه مشغول بأمور الناس، فالناس في حاجة إلى أن يتفرغ لهم، ومع ذلك أمَرَ مِن كل بعير بقطعة، فجُعِلَت في قدر فطُبِخَت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها؛ فهو لم يترك الأكل منها.
فنرجو -بارك الله فيكم- أن تحرصوا على توعية الناس، وأن تقولوا: إن المسألة ليست مسألة أن الفقير ينتفع من اللحم، بل أهمُّ شيء هو التقرُّب إلى الله في الذبح الذي جعله الله قرين الصلاة، وأنت لا تُمْنَع من نفع إخوانك، فتُرسل لهم دراهم، لا مانع من ذلك.
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم، وإلى اللقاء القادم إن شاء الله.
الفتاوى المشابهة
- حكم صرف الأضحية إلى جهات تقوم بذبحها - ابن عثيمين
- حكم الأضحية - ابن عثيمين
- ذبح أضحية الناس - اللجنة الدائمة
- الأضحية عنا وعن غيرنا. - الفوزان
- كلمة حول الأضحية . - ابن عثيمين
- الأضحية للحاج - ابن عثيمين
- المصالح التي تفوت بإرسال مال الأضحية لمكان م... - ابن عثيمين
- الأضحية عبادة وقربة - ابن عثيمين
- حكم الأضحية. - ابن عثيمين
- الكلام على الأضحية. - ابن عثيمين
- الأضحية. - ابن عثيمين