الشيخ : فالمسلمون مختلفون حتى في العقيدة وليس كما يزعم جماهير المشايخ اليوم أن الخلاف بين المسلمين إنما هو في الفروع وليس في الأصول هذه " شنشنة نعرفها من أخزم " لا تكاد تقرأ مجلة دينية إلا وتجد الضرب على هذه الوتيرة وعلى هذه النغمة وهي أن الخلاف بين المسلمين إنما هو في الفروع وليس في الأصول ثم يزيدون على ذلك ضغثًا على إبَّالة فيقال فيقولون : والاختلاف في الفروع رحمة وهذا كله خطأ من الناحيتين : الناحية الأولى : أن الاختلاف تعدى الفروع إلى الأصول بل إن الخلاف وقع في أس الأصول كلها ألا وهو الإيمان بالله - تبارك وتعالى - فبعضكم يخفى عليكم الخلاف بين ماتريدية مثلًا وأهل السنة جميعًا في الإيمان هل يقبل الزيادة والنقص أم لا ؟ هل من مسماه الأعمال الصالحة أم لا ؟ فالجمهور وذلك نصوص الكتاب والسنة مطبقة على ذلك أن الإيمان يزيد وينقص وأن العمل الصالح من الإيمان أما الماتريدية فلا يزالون يقولون الإيمان لا يزيد ولا ينقص وكل إيمان يقبل الزيادة فهو كفر كل إيمان يقبل الزيادة فهو كفر لأنهم يعتقدون أن الإيمان شيء لا يقبل الزيادة والنقص أبدا فليس إلا الإيمان الذي ليس وراءه شيء إطلاقا من زيادة وليس دونه إلا الكفر حتى اليوم هذا المذهب يسيطر وربما يكون مسيطرا على أكبر رقعة من العالم الإسلامي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : حتى ترجعوا إلى دينكم فمعنى هذا رجوع الدين ليس رجوع إلى الخلافات القائمة منذ القديم بين المسلمين وإنما الرجوع إلى الدين بالمفهوم الصحيح أقول هذه الكلمة بالمفهوم الصحيح وأيضا هي كلمة اتفاق بين المسلمين اليوم ولكن ما هو المفهوم الصحيح للدين ؟ الأمر كما قيل : " وكل يدعي وصلا بليلى " " " وليلى لا تقر لهم بذاك "هؤلاء مثلًا الماتريدية حينما يفهمون أن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقص يعتقدون أن هذا هو الصواب فإذن هم يدعون المسلمين اليوم جميعًا إلى أن يشاركوهم في هذه العقيدة وهم يعتقدون بصحة نكاح التحليل فهم إذن يدعون المسلمين إلى أن يعتقدوا اعتقادهم مع أن هذه العقيدة وهذا الفقه كل ذلك مخالف للكتاب والسنة لا قلت لا أريد أن أطيل في الأمثلة وإنما هي الذكرى والذكرى تنفع المؤمنين إنما غرضي فقط أن ألفت النظر إلى أن الدين الذي جعله الرسول - عليه السلام - علاجا للمسلمين لا يمكن أبدا أن يكون هو هذا الدين ذي المفاهيم المتعددة حتى في الأصول وليس في الفروع فقط إذن ما هو المفهوم الصحيح وما هو الطريق لمعرفة هذا المفهوم الصحيح للدين حتى إذا عزمنا على أن نهتدي بهدي الله وأن نتعظ بموعظة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنرجع إلى الدين فما هو المفهوم الصحيح ؟ هذا هو بيت القصيد كما يقال من هذه الكلمة .