الشيخ : قبل أن نحل هذا الإشكال المعين، يجب أن نعلم أنه ليس في كتاب الله تناقض، وليس في السنة التي تصح عن الرسول عليه الصلاة والسلام تناقض، وليس بين الكتاب وبين السنة تناقض، هذه ثلاثة أمور، الأمر الأول : ليس بين القرآن تناقض، الأمر الثاني : ليس بين السنة الصحيحة تناقض، الأمر الثالث : ليس بين القرآن والسنة الصحيحة تناقض، هذا أمر مستحيل، فإن رأيت ما يوهم التناقض فهذا إما لنقصان علمك، وإما لقصور فهمك، وإما لسوء إرادتك وأنك لا تريد الحق ولكن تريد أن تجمع النصوص المتشابهة لتشكك نفسك وتشكك عباد الله، فالغالب أن من هذه نيته لا يفتح الله عليه، وهذه قاعدة يجب أن تكون دائماً على ذكرك، فإن عجزت فقل : الله أعلم، { كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } أما بالنسبة للأحاديث التي أوردها فنقول : إن حديث ابن مسعود : "حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع" أي : بين الجنة، ليس المراد أن عمله أوصله إلى هذا المكان حتى لم يبق إلا ذراع، لأنه لو كان عمله عمل أهل الجنة حقيقة من أول الأمر ما خذله الله عز وجل، لأن الله أكرم من عبده، عبد مقبل على الله ما بقي عليه والجنة إلا ذراع يصده الله ؟ هذا مستحيل، لكن المعنى : يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس حتى إذا لم يبق على أجله إلا القليل زاغ قلبه والعياذ بالله، نسأل الله العافية، هذا معنى حديث ابن مسعود، إذاً : لم يبق بينه وبين الجنة إلا ذراع بالنسبة للعمل أو بالنسبة لأجله ؟ بالنسبة لأجله، وإلا فهو من الأصل ما عمل عمل أهل الجنة، نعوذ بالله من ذلك، نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا عامل وفي قلبه سريرة خبيثة أودت به إلى أنه لما لم يبق إلا ذراع ويموت هلك، وأما قوله : "بعمله" فنعم العمل سبب من الأسباب، جعله الله تعالى سبباً لدخول الجنة إذا كان عمل صالحاً، وسبباً لدخول النار إذا كان عمل سيئاً، كما أن الزواج سبب لإيش ؟ للولد، فالعمل الصالح جعله الله سبباً لدخول الجنة وليس عوضاً، لو أراد الله أن يعاوض الإنسان بعمله لأفلس، وشلون ؟ عملك الصالح الآن أنت مدين به لله، عملك الصالح أنت مدين به لله كيف ؟ من الذي وفقك للعمل الصالح ؟ الله، إذاً له حق عليك، ولهذا قيل : إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليَّ له في مثلها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر .
عبد الرحمن يقول انتهى الوقت .