تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التطفيف بين الرعاة والرعية. - ابن عثيمينالشيخ : كذلك أيضاً : بين الرعية والرعاة، وهذا أوسع وأعظم، يعني : بين الملوك والسلاطين وبين الرعية، كثير من الناس يريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يك...
العالم
طريقة البحث
التطفيف بين الرعاة والرعية.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : كذلك أيضاً : بين الرعية والرعاة، وهذا أوسع وأعظم، يعني : بين الملوك والسلاطين وبين الرعية، كثير من الناس يريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون ولا شك أننا نريد هذا نريد من الرعاة أن يكونوا على أكمل ما يكون لكننا لا نعطيهم في المعاملة أكمل ما يكون، بمعنى أن بعض الرعية يقول : يجب أن يكون الراعي على أكمل ما يكون، ومع ذلك تجد الرعية على أنقص ما يكون، أهذا عدل ؟ لا والله ما هو بعدل، إذا كنت تريد أن تعطى الحق كاملاً فأعط الحق الذي عليك كاملاً، وإلا فلا تطلب، ومن حكمة الله عز وجل أن المولَّى على حسب المولَّى عليه، هذه من الحكمة أن يكون المولى الولي ولي الأمر، على حسب من ولي عليه، إن صلح هذا صلح هذا وإن فسد هذا فسد هذا، وفي الأثر : " كما تكونون يولى عليكم " كما تكونون انتبه كما تكونون يولى عليكم يعني : أن الله يولي على الناس على حسب حالهم، وهذا الأثر وإن لم يكن صحيحاً مرفوعاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه صحيح المعنى، اقرأ قول الله تعالى : وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً يعني : نجعل الظالم فوق الظالم، بإيش ؟ أجيبوا يا جماعة كمل الآية بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فإذا ظلمت الرعية سلطت عليها الرعاة، وإذا صلحت الرعية صلح الرعاة، وكذلك بالعكس : إذا صلح الراعي صلحت الرعية، ذكروا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن رجلاً من الخوارج الذين قاتلوا علياً وتعلمون الخوارج أنهم كانوا في الأول يقاتلون مع علي ضد معاوية رضي الله عنهما جميعاً ثم إنه لما رضي علي رضي الله عنه بالتحكيم لإطفاء الفتنة انقلبوا على علي، وكفروا علياً وكفروا معاوية، الخوارج كفروا الطرفين، واستحلوا دماء المسلمين، ولذلك فتنة الخوارج من أعظم الفتن وأقبحها، لأنهم كما قال عنهم شيخ الإسلام رحمه الله قال : " يقتّلون المسلمين ويسالمون الكفار "، وإذا تأملت وجدت هذا هو الواقع في الخوارج، مع أن الخوارج لو نظرنا إلى عبادتهم القاصرة يعني : المقصورة عليهم، لرأيناهم من أكمل الناس، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم : إنكم - ويخاطب الصحابة - تحقرون صلاتكم عند صلاتهم، وقراءتكم عند قراءتهم يعني : هم أكمل منكم في اللفظ، لكن يقول عليه الصلاة والسلام : إنهم يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم أعاذنا الله وإياكم من ذلك، اللهم أدخل الإيمان في قلوبنا وثبته فينا يا رب العالمين، يقول : إن القرآن لا يتجاوز حناجرهم، وإنهم ليمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية السهم إذا ضرب الرمية مرق منها بسرعة وطلع، هم يمرقون من الإسلام كذلك، أقول : إن رجلاً من الخوارج جاء إلى علي بن أبي طالب وقال : يا علي، شوف ما قال : يا أمير المؤمنين لأنه لا يعتقد أنه أمير المؤمنين قال : يا علي، ما بال الناس اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر ؟ سؤال محرج، لكنه وجه إلى أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي نريد من الحكومة أن تصنع كل ما نريد، وأن تكون كحكومات الخلفاء الراشدين، ولكننا إذا نظرنا أنفسنا وإذا نحن مفرطون، مفرطون أولاً في حق الله عز وجل، عندنا كذب، خيانة، تقصير في الواجب، أليس كذلك يا جماعة ؟ نشهد على أنفسنا بهذا، عندنا هذا كله، عندنا أيضاً تقصير في حق الدولة، فما أكثر الذين يخدعون الدولة ويلبسون الأمور عليها، ويكتمون ما تطلب الدولة إظهاره، وهذا شيء يعرفه كل واحد منكم ولا يخفى عليه، هل هذا عدل أن نريد من الحكومة أن تبذل كل ما في وسعها من الاستقامة حتى تكون كالخلفاء ونحن على العكس ؟ أجيبوا يا جماعة لا، هذا داخل في قوله : الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ونحن نرجو الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا ودولتنا الاستقامة على الحق، وأن يصلح أمورهم، ونحن نعلم أنه لا يوجد اليوم على ظهر الأرض أحد من الولاة مثل ولاة أمورنا على ما فيهم من التقصير، وأنه لا يوجد شعب يمثل الإسلام والتوحيد حقيقةً مثلما يمثله الشعب السعودي على ما فيه من التقصير، نحن لا نقول هذا تحيزاً أو تعصباً، أبداً لكننا نسمع ونقرأ عن البلاد الأخرى، فإذاً يجب العدل، يجب العدل، اطلب وأعط، أما أن تطلب بلا عطاء فإن هذا لا شك من الحيف والجور، كذلك أيضاً : من الحيف والجور أن يتكلم الإنسان في شخص، كعالم أو تاجر أو أي إنسان، ثم يذكر مساوئه التي قد يكون معذوراً فيها، ولا يذكر محاسنه، هل هذا من العدل ؟ يأتي إلى عالم من العلماء أخطأ في مسألة قد يكون معذوراً فيها، ثم ينشر هذه المسألة التي أخطأ فيها وينسى محاسن هذا العالم الذي نفع العباد بكثير من علمه، هذا لا شك أنه تطفيف وجور وظلم، إذا كنت تريد أن تقوِّم الشخص فلا بد أن تذكر محاسنه ومساوئه، أما إذا كنت تريد أن تتكلم على خطأ معين لتحذر الناس منه، فنعم اذكر الخطأ لكن بقطع النظر عن قائله، وقل مثلاً : سمعنا أن بعض الناس يقول كذا وكذا وهو خطأ، ثم تُبين الخطأ، أما أن تريد أن تنشر مساوئ الآخرين دون محاسنهم، فهذا ظلم وجور، ظلم وجور، كذلك أيضاً : بعض الناس يتكلم مثلاً في واحد من التجار، هذا التاجر قد نفع الناس بتجارته، بإقراض المحتاجين والصدقة عليهم، وبناء المساجد، وأشياء كثيرة، لكن عنده معاملة أخطأ فيها في نظر هذا القائل، فيذهب يسبه بناءً على إيش ؟ بناء على هذا الخطأ الذي قد يكون هذا التاجر استند فيه على فتوى ربما يكون هو معذوراً، والخطأ على من قال بالخطأ لكنه معذور، فيه الآن تجار لهم خيرات كثيرة، ومحاسن ونفقات، وصدقات، وغير ذلك من المحاسن، لكن أخطئوا في معاملة من المعاملات، وربما يكون الخطأ هذا غير واقعي ولكنه في نظر القائل والمتكلم فيذهب بعض الناس ويضفي ظلالاً على هذه المحاسن ويذهب يتكلم فيه : فلان يبيع في الربا، فلان يتحيل على الربا، فلان يقول كذا وكذا ما هو صحيح هذا، العدل والميزان أن تذكر هذا وهذا، اسمع إلى قول الله تعالى في الأعراب : وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فالعدل والموازنة أمر مطلوب وإلا لكنت من المطففين الذين يريدون الحق لهم كاملاً ولكنهم يهضمون غيرهم، أعود إلى الآية الكريمة : وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ فأقول : هذا مثال يعني ذكر الكيل والميزان مثال والمعنى أجيبوا يا إخوان ؟ المعنى أعم، والضابط : كل من أراد أن يستوفي الحق كاملاً لنفسه ويهضم الآخرين حقوقهم فإنه داخل في هذه الآية .

Webiste