تم نسخ النصتم نسخ العنوان
يقول السائل : لقد قلت بأن الذي لا يصلي يبطل... - ابن عثيمينالسائل : فضيلة الشيخ.الشيخ : فضيلة الشيخ -بالفتح-.السائل : لقد قلت أن الذي لا يصلي يبطل عقد زواجه وتصبح زوجته غريبة عنه، ومن المعروف أن هذا أيضا قول الإ...
العالم
طريقة البحث
يقول السائل : لقد قلت بأن الذي لا يصلي يبطل عقد زواجه وتصبح زوجته غريبة عنه ومن المعروف أن هذا قول الإمام أحمد ولكن الشافعي وأبا حنيفة ومالك يخالفون هذا القول وقولهم أنه إذا لم يكن يجحد الصلاة فليس عليه إن تاب أن يجدد العقد ولا شيء من هذا القبيل فما رأيكم في هذا .؟ وهل لهم أدلة وإن كانت الأراء كلها صحيحة فهل نأثم إذا أخذنا برأيهم .؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : فضيلة الشيخ.

الشيخ : فضيلة الشيخ -بالفتح-.

السائل : لقد قلت أن الذي لا يصلي يبطل عقد زواجه وتصبح زوجته غريبة عنه، ومن المعروف أن هذا أيضا قول الإمام أحمد رحمه الله، ولكن الشافعي وأبو حنيفة ومالك رحمهم الله يخالفون هذا القول، وقولهم بأنه لو لم يكن يجحد الصلاة فليس عليه إن تاب أن يجدد العقد، ولا شيء من هذا القبيل، فما رأيكم في هذا -يافضيلة الشيخ-؟
وهل لهم أدلة، وإن كانت آراؤهم جميعا صحيحة فهل نأثم إذا أخذنا برأيهم؟

الشيخ : نعم، النزاع بين الأمة أمر واقع، وقد أشار الله تعالى إليه في كتابه، ولكن الله عز وجل جعل لنا مرجعا نرد النزاع إليه فقال:
وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله .
بماذا حكم الله في الأمر المختلف فيه؟
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ، لأنه لا يمكن أن نجعل قول واحد منا حجة على قول الآخر.
ولنفرض أني أقول: هذا حلال، وأنت تقول: هذا حرام.
أنت تقول يجب عليك أن تأخذ بقولي، وأنا أقول يجب عليك أن تاخذ بقولي.
ونبقى من أول النهار الى آخره.
أقول : يجب عليك أن تقول هذا حلال، وهو يقول يجب عليك أن تقول هذا حرام.
وأقول يجب أن تقول هذا حلال، وأنت تقول يجب أن تقول حرام.
إذن لا بد من مرجع.
ما هو المرجع؟
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإذا رددنا هذه المسألة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تبين لنا أن القرآن والسنة يدلان على أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا من الملة.
فلننظر في القرآن، يقول الله تعالى في المشركين : فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ .
فشرط الله للإخوة في الدين ثلاثة شروط :
إن تابوا من أي شيء ؟ من الشرك.
وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإخوانكم في الدين.
هذه الجملة الشرطية إذا تخلف واحد من الشرط تخلف المشروط يعني إذا لم يتوبوا من الشرك فليسوا إخوانا لنا في الدين، إذا لم يقيموا الصلاة فليسوا بإخواننا، إذا لم يؤتوا الزكاة فليسوا بإخواننا.
طيب، هل تنتفي الأخوة في الدين بفعل الكبيرة أو لا؟
تقولون : لا، وأنا بطالبكم بالدليل، وإلا قولوا : الله أعلم.
هل تنتفي الأخوة في الدين بفعل الكبيرة أو لا؟
الطالب : لا.

الشيخ : وإن عظمت ؟
الطالب : لا.

الشيخ : طيب، قم أعطنا الدليل.
الطالب : المسلم أخو المسلم، المسلم إذا فعل كبيرة لا يخرج إلا على قول المعتزلة.

الشيخ : المعتزلة؟ لا، قول الخوارج، والمعتزلة الذين يقولون : إنه يخرج من الإسلام، ولكن لا يدخل في الكفر.
طيب، ما هو الدليل على أن فعل الكبيرة لايخرج من الإيمان؟
أنت رفعت يدك. طيب.
الطالب : قول الله تعال سبحانه وتعالى : إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء .
...
وجه الدلالة من الآية؟
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، وجه الدلالة؟
الطالب : ...

الشيخ : صح، الآية فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ هذه آية القصاص : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى * الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى* فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ .
قتل المؤمن عمدا كبيرة أو صغيرة؟
من أكبر الكبائر. وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا فهي كبيرة ومع ذلك قال : فمن عفي له من أخيه المقتول من أخيه شيء فاتباع بالمعروف .
إذن لا تنتفي الأخوة الإيمانية بفعل الكبائر، لا تنتفي الأخوة الايمانية إلا بالخروج من الإيمان.
واذا كان الله يقول : إنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ فمقتضىاه: إن لم يكن كذلك فليسوا إخوانا لنا في الدين، وحينئذ فهم كفار، لأنه لا أخوة بيننا وبينهم.
واضح ؟
الطلاب : نعم.

الشيخ : بقي أنه يجب أن تقولوا لي: إذن فمن لم يؤت الزكاة فهو كافر، كما أن من لم يصل فهو كافر، ومن لم يتب من الشرك فهو كافر، تقولون لي هذا أو لا؟
يجب أن تقول يا مشعل، لازم تقول، يجب أن تقول في الآية، ما نتكلم عن دليل آخر.
الآية تدل على من لم يؤت الزكاة فهو كافر،
وقد قال بذلك بعض العلماء، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن من لم يزك وإن كان يقر بوجوب الزكاة فهو كافر.
فمن قال بهذا القول لم يبق في الآية إشكال،
لكن من قال: إن مانع الزكاة لايكفر، ولكن يقاتل على تسليمها يجيب عن الآية بأن السنة قد وردت بما يدل على أن مانع الزكاة لا يكفر.
استمع، ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما من صاحب ذهب ولا فضة لايؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما الى الجنة وإما إلى النار .
وهذا يدل على أن مانع الزكاة لا يكفر لأنه لو كفر لم يكن له سبيل إلى الجنة، لكان سبيله إلى النار على كل حال.
ما في سؤال حتى نتم.
أما من السنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه :
بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة .
فقال بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة، والبينية تقتضي أن كل شيء من المتباينين منفصل عن الآخر، فيكون المصلي مؤمنا ويكون غير المصلي كافرا أو مشركا، لأن كلمة "بين" حد فاصل، لا يدخل هذا في هذا.
بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة . والحديث صحيح في مسلم.
وفي السنن من حديث بريدة رضي الله عنه قال : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ، هذا من السنة.
لكن قد يقول لي قائل : المراد بالكفر هنا كفر دون كفر، فهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم : اثنتان في الناس هما بهم كفر وكقوله : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ، فالمراد بالكفر هنا الكفر الذي دون الكفر.
فنرد عليه ونقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بين الرجل وبين الشرك والكفر وأل هنا معرفة تدل على المراد به الكفر المباين للإسلام وهو الكفر الحقيقي.
أما اثنتان في الناس هما بهم كفر فكفر هنا منكر غير معرف، يعني أن هاتين ثنتين من الكفر وليس الفاعل يكون كافرا، بل فيه خصلة من خصال الكفر، وكذلك قوله: وقتاله كفر ففرق بين التعبيرين.
ثم إن البينونة في بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة أو العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ظاهرة في أن هذا متميز عن هذا.
وأما أقوال الصحابة فقال عبد الله بن شقيق -وهو من التابعين الثقات - قال : " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لايرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ".
ونقل الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله نقل إجماع الصحابة على القول بأن تارك الصلاة كافر.
فإذا كان لدينا أيها الإخوة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة، فهل يمكن أن نعارض هذا بقول فلان أو فلان؟
أبدا لا يمكن.
وإذا بان الحق فلا يجوز لأحد أن يقلد أحدا في مخالفته أبدا كائنا من كان، حتى أنه يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون قال أبو بكر وعمر ، فإذا كان هذا فيمن يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر وعمر، فكيف بمن يعارض قول الله ورسوله وصحابته بقول فلان أو فلان؟!
وإذا بان الحق وجب على المسلم اتباعه، والله عز وجل يقول في القرآن : ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم من؟ المرسلين .
ولم يقل ويوم يناديهم فيقول: ماذا أجبتم فلانا وفلانا.
لن تسال يوم القيامة عما أجبت الشافعي أو مالكا أو أبا حنيفة أو أحمد بن حنبل أو إسحاق بن راهويه أو سفيان الثوري أو غيرهم.
بل ستسأل يوم القيامة ماذا أجبت محمدا صلى عليه عليه وسلم.
وإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يقول لك : بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة أو العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر .
فلا عذر لك في مقابلة هذا القول بقول أحد من الناس كائنا من كان.
وبناء على ذلك، فإن من تزوج وهو لا يصلي امرأة مسلمة فإن العقد ليس بصحيح، لأنه عقد لكافر على مسلمة وقد قال الله تعالى : فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ * لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ .
فإن قلت : أفلا يمكن أن نحمل النصوص الواردة في كفر تارك الصلاة على من جحد وجوبها؟
فالجواب: لا يمكن، لأن هذا تحريف للنص من وجهين:
الوجه الأول : أنه حمل للنص على ما لم يدل عليه.
والثاني: أنه إخراج للنص عما دل عليه.
ما أدري هذا مفهوم أو مو مفهوم أو جاكم النوم؟
أقول: إننا إذا حملنا الحديث على من تركها جاحدا فقد حرفنا النص من وجهين:
الأول : صرفناه عن ظاهره.
والثاني: أثبتنا خلاف الظاهر، بدليل النص يقول من تركها ، فإذا قلت من جحد وجوبها، أخرجته أو لا؟
أخرجته عن ظاهره.
النص يقول: من تركها فقد كفر، فإذا أخرجت من ترك فقد حرفته عن المعنى الظاهر منه الى معنى غير ظاهر.
ونقول أيضا: ما تقول في رجل يصلي الصلوات الخمس، ويأتي من حين الآذان ويصلي خلف الإمام ولا يخل بشيء من شروط الصلاة وواجباتها وأركانها، ولكن يقول أنا أصلي وأعتقد أن هذه الصلاة نافلة وليست بفريضة.
فماذا تقول؟
وهل هو تارك لها؟
ليس بتارك، هو يصلي وحريص على الصلاة لكن يقول هي نافلة، هو كافر.
فإذن بطل القول بأن المراد من تركها جاحدا لوجوبها، لأن هذا الرجل الذي يصلي لا ينطبق عليه حديث من تركها ، ومع ذلك فإننا نحكم جميعا بكفره.
ولما قيل للإمام أحمد في قوله تعالى : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ، قيل له : إن فلانا يقول: هذا فيمن استحل قتل المؤمن.
تعحب الإمام أحمد وضحك وقال: " سبحان الله، من استحل قتل المؤمن فإنه مخلد في النار سواء قتل أم لم يقتل ".

Webiste