رجل يقول : بأنه متزوج وطلق زوجته ثلاث طلقات وهي حامل في الشهر السادس علماً بأن لي منها أربعة أولاد من قبل وأريد أن أرجعها ودوافع الطلاق بأنها أخذت ملابسي وأغلقت عليها الباب قبل ذهابي إلى العمل ولم تعطيني إياها مما أغضبني وجعلني أفقد صوابي وأقدم على الطلاق بدون صواب أرجو إفادتي .؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : هذا المستمع ع ع م يماني يقول بأنه متزوج وطلّق زوجته ثلاث طلقات وهي حامل في الشهر السادس يقول علما بأن لي منها أربعة أولاد من قبل وأريد أن أرجعها ودوافع الطلاق يا فضيلة الشيخ بأنها أخذت ملابسي وأغلقت عليها الباب قبل ذهابي إلى العمل ولم تعطيني إياها مما أغضبني وجعلني أفقد صوابي وأقدم على الطلاق دون صواب أرجو إفادتي والسلام عليكم؟
الشيخ : الواقع أن هذا السؤال تضمن شيئين، أحدهما أن الرجل طلّق في حال غضب شديد فقد به صوابه والثاني أنه طلّق ثلاثا فأما الأول فإننا نقول إذا كان قد طلّق في حال غضب شديد فقد به صوابه وأغلِق عليه أمره ولم يتمكّن من الإرادة التي يُقدم بها أو يُحجم فإنه في هذه الحال لا طلاق عليه ولا يقع على امرأته لا طلقة واحدة ولا ثلاث لأنه كالمُكرَه المُرغم وإن كان الإكراه من الخارج أي من خارج النفس لكن هذا إكراه داخلي ودليل هذا قوله صلى الله عليه وسلم لا طلاق ولا عتاق في إغلاق والإغلاق معناه أن يغلق على الإنسان قصده وإرادته حتى لا يتمكّن من التصرف على ما يريده ويهواه وهو مأخوذ من أغلق الباب يُغلقه وضدّه الفتح والانشراح والانطلاق بالإرادة المقصودة بل بالإرادة التامة التي وقعت من الإنسان عن تروّي وقد ذكر بعض أهل العلم أن الغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام، قسم يفقد به الإنسان تصرّفه فقدا تاما بحيث لا يدري ما يقول ولا يدري أهو في السماء أو في الأرض فيطلّق فهذا لا يقع طلاقه بالاتفاق لأن هذا لم يقصد لا اللفظ ولا المعنى وإنما تكلّم كأنما يتكلّم كلام معتوه أو مجنون.
والقسم الثاني من الغضب غضب يسير يحمل الإنسان على الفعل أو على القول لكنه قادر على التحكّم في نفسه والتصرّف فيها تصرّفا رشيدا فهذا يقع طلاقه بالاتفاق.
والقسم الثالث غضب بين هذا وهذا فهو محل نزاع بين العلماء والصحيح أنه لا يقع به الطلاق أو لا يقع فيه الطلاق وذلك لأن الإنسان كالمكره المرغم ولابد من قصد تام عن تصرّف واعي.
وأما الطلاق الثلاث وهو الذي تضمّنه سؤاله أيضا فإننا نقول الطلاق الثلاث إذا كان متواليا بعد رجوع فإن الطلقة الثالثة تُبين المرأة من زوجها ولا تحل له إلا بعد زوج، مثاله أن يُطلّق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق الطلقة الثالثة ففي هذه الطلقة لا يحِل له الرجوع إلى زوجته لا بعقد ولا بغير عقد إلا بعد أن تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا مقصودا غير تحليل للزوج الأول.
وأما إذا طلق ثلاثا من غير رجعة مثل أن يقول أنت طالق ثلاثا أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق فإن جمهور أهل العلم على أن هذا كالأول أي أن المرأة تَبين به ولا تحل لزوجها إلا بعد نكاح صحيح غير نكاح تحليل.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن الطلاق بهذه الصيغة لا يقع إلا واحدة فقط واستدل بعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال " كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فلما تتايع الناس في هذا وكثُر إيقاعهم لهذا الطلاق قال عمر رضي الله عنهم أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " وتبعه على هذا عامة أهل العلم.
وإنني بهذه المناسبة أوجّه نصيحة إلى إخواني المسلمين أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي أهليهم وأن لا يتسرّعوا بالطلاق فيبتّوا نساءهم ثم يذهبون إلى كل عالم يستفتونه مع الندم العظيم وربما حصل بذلك فراق وتشتت وتفريق للعائلة بسبب التسرّع وعدم التأني ولا شك أن بعض الناس سريع الغضب شديد الغضب أيضا ودواء هذا أعني شدّة الغضب وسرعة الغضب دواؤه أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم وإذا كان قائما جلس وإذا كان جالسا اضطجع وليقم ويتوضأ وليملك نفسه ولهذا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب وهذا يدل على أن الغضب أمر ذميم حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام كرّر الوصية به.
السائل : اللهم صلي وسلم عليه.
الشيخ : كما أني أنصح إخواني المسلمين أيضا إلى أمر بدأ يكثُر فيهم وهو الحلف بالطلاق، يقول الإنسان مثلا عليّ الطلاق أن لا أفعل كذا أو يقول إن فعلت كذا فامرأتي طالق أو يقول لزوجته إن فعلت كذا فأنت طالق أو ما أشبه ذلك من العبارات التي يوقعونها ثم يندمون على ما فعلوا ويذهبون إلى عتبة كل عالم لعلهم يجدون مخرجا واليمين بالطلاق خلاف الأمر المشروع، خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وإنني أقول لهؤلاء المتساهلين في الحلف بالطلاق أقول لهم إن جمهور أهل العلم لا يروْن أن الحلف بالطلاق يمينا، أقول إن جمهور أهل العلم لا يرون أن الحلف بالطلاق يمين بل يرونه تعليق وأنه متى حصل الحِنث وقع الطلاق على صفة ما قاله هذا المطلق.
فالمسألة خطيرة جدا فعليكم أيها الإخوة ألا تتهاونوا بالطلاق لا بإيقاعه ولا بعدده ولا بصيغه، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الحماية من أسباب غضبه وعقابه.
السائل : اللهم ءامين وجزيتم خيرا فضيلة الشيخ.
هذا المستمع للبرنامج، مستمعة للبرنامج أختكم في الله ع من المملكة ..
الشيخ : لعلي ما طول الجواب أخشى أن يكون السائل لم يفهم جواب سؤاله فأقول له إذا كان غضبك شديدا بحيث لا تملك نفسك فليس عليك طلاق وزوجتك باقية معك لم يحصل عليها طلاق.
السائل : الحمد لله.
الشيخ : أما إذا كان الغضب يسيرا تملك به نفسك فالقول الراجح أن طلاقك الثلاث لا يقع إلا واحدة فلك أن تراجعها مادامت في العدة قبل أن تضع فإن وضعت قبل أن تراجعها فلابد من عقد جديد هذا إذا لم يسبق منك طلقتان قبل هذه الطلقة فإن سبق منك طلقتان قبل هذه الطلقة فإنها لا تحل لك إلا بعد زوج. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
الشيخ : الواقع أن هذا السؤال تضمن شيئين، أحدهما أن الرجل طلّق في حال غضب شديد فقد به صوابه والثاني أنه طلّق ثلاثا فأما الأول فإننا نقول إذا كان قد طلّق في حال غضب شديد فقد به صوابه وأغلِق عليه أمره ولم يتمكّن من الإرادة التي يُقدم بها أو يُحجم فإنه في هذه الحال لا طلاق عليه ولا يقع على امرأته لا طلقة واحدة ولا ثلاث لأنه كالمُكرَه المُرغم وإن كان الإكراه من الخارج أي من خارج النفس لكن هذا إكراه داخلي ودليل هذا قوله صلى الله عليه وسلم لا طلاق ولا عتاق في إغلاق والإغلاق معناه أن يغلق على الإنسان قصده وإرادته حتى لا يتمكّن من التصرف على ما يريده ويهواه وهو مأخوذ من أغلق الباب يُغلقه وضدّه الفتح والانشراح والانطلاق بالإرادة المقصودة بل بالإرادة التامة التي وقعت من الإنسان عن تروّي وقد ذكر بعض أهل العلم أن الغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام، قسم يفقد به الإنسان تصرّفه فقدا تاما بحيث لا يدري ما يقول ولا يدري أهو في السماء أو في الأرض فيطلّق فهذا لا يقع طلاقه بالاتفاق لأن هذا لم يقصد لا اللفظ ولا المعنى وإنما تكلّم كأنما يتكلّم كلام معتوه أو مجنون.
والقسم الثاني من الغضب غضب يسير يحمل الإنسان على الفعل أو على القول لكنه قادر على التحكّم في نفسه والتصرّف فيها تصرّفا رشيدا فهذا يقع طلاقه بالاتفاق.
والقسم الثالث غضب بين هذا وهذا فهو محل نزاع بين العلماء والصحيح أنه لا يقع به الطلاق أو لا يقع فيه الطلاق وذلك لأن الإنسان كالمكره المرغم ولابد من قصد تام عن تصرّف واعي.
وأما الطلاق الثلاث وهو الذي تضمّنه سؤاله أيضا فإننا نقول الطلاق الثلاث إذا كان متواليا بعد رجوع فإن الطلقة الثالثة تُبين المرأة من زوجها ولا تحل له إلا بعد زوج، مثاله أن يُطلّق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق الطلقة الثالثة ففي هذه الطلقة لا يحِل له الرجوع إلى زوجته لا بعقد ولا بغير عقد إلا بعد أن تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا مقصودا غير تحليل للزوج الأول.
وأما إذا طلق ثلاثا من غير رجعة مثل أن يقول أنت طالق ثلاثا أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق فإن جمهور أهل العلم على أن هذا كالأول أي أن المرأة تَبين به ولا تحل لزوجها إلا بعد نكاح صحيح غير نكاح تحليل.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن الطلاق بهذه الصيغة لا يقع إلا واحدة فقط واستدل بعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال " كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فلما تتايع الناس في هذا وكثُر إيقاعهم لهذا الطلاق قال عمر رضي الله عنهم أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " وتبعه على هذا عامة أهل العلم.
وإنني بهذه المناسبة أوجّه نصيحة إلى إخواني المسلمين أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي أهليهم وأن لا يتسرّعوا بالطلاق فيبتّوا نساءهم ثم يذهبون إلى كل عالم يستفتونه مع الندم العظيم وربما حصل بذلك فراق وتشتت وتفريق للعائلة بسبب التسرّع وعدم التأني ولا شك أن بعض الناس سريع الغضب شديد الغضب أيضا ودواء هذا أعني شدّة الغضب وسرعة الغضب دواؤه أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم وإذا كان قائما جلس وإذا كان جالسا اضطجع وليقم ويتوضأ وليملك نفسه ولهذا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب وهذا يدل على أن الغضب أمر ذميم حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام كرّر الوصية به.
السائل : اللهم صلي وسلم عليه.
الشيخ : كما أني أنصح إخواني المسلمين أيضا إلى أمر بدأ يكثُر فيهم وهو الحلف بالطلاق، يقول الإنسان مثلا عليّ الطلاق أن لا أفعل كذا أو يقول إن فعلت كذا فامرأتي طالق أو يقول لزوجته إن فعلت كذا فأنت طالق أو ما أشبه ذلك من العبارات التي يوقعونها ثم يندمون على ما فعلوا ويذهبون إلى عتبة كل عالم لعلهم يجدون مخرجا واليمين بالطلاق خلاف الأمر المشروع، خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وإنني أقول لهؤلاء المتساهلين في الحلف بالطلاق أقول لهم إن جمهور أهل العلم لا يروْن أن الحلف بالطلاق يمينا، أقول إن جمهور أهل العلم لا يرون أن الحلف بالطلاق يمين بل يرونه تعليق وأنه متى حصل الحِنث وقع الطلاق على صفة ما قاله هذا المطلق.
فالمسألة خطيرة جدا فعليكم أيها الإخوة ألا تتهاونوا بالطلاق لا بإيقاعه ولا بعدده ولا بصيغه، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الحماية من أسباب غضبه وعقابه.
السائل : اللهم ءامين وجزيتم خيرا فضيلة الشيخ.
هذا المستمع للبرنامج، مستمعة للبرنامج أختكم في الله ع من المملكة ..
الشيخ : لعلي ما طول الجواب أخشى أن يكون السائل لم يفهم جواب سؤاله فأقول له إذا كان غضبك شديدا بحيث لا تملك نفسك فليس عليك طلاق وزوجتك باقية معك لم يحصل عليها طلاق.
السائل : الحمد لله.
الشيخ : أما إذا كان الغضب يسيرا تملك به نفسك فالقول الراجح أن طلاقك الثلاث لا يقع إلا واحدة فلك أن تراجعها مادامت في العدة قبل أن تضع فإن وضعت قبل أن تراجعها فلابد من عقد جديد هذا إذا لم يسبق منك طلقتان قبل هذه الطلقة فإن سبق منك طلقتان قبل هذه الطلقة فإنها لا تحل لك إلا بعد زوج. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
الفتاوى المشابهة
- حكم من نوى الطلاق ولم يطلق - ابن باز
- حكم طلاق الحامل عند الغضب - ابن عثيمين
- مسألة في الطلاق. - الالباني
- زوجي غضب علي وطلقني فهل يقع طلاقه ؟ - الالباني
- حكم من حلف بالطلاق على زوجته أن يطلقها ولم يحدد... - ابن باز
- ما حكم طلاق الغضبان ؟ - ابن عثيمين
- حكم الطلاق . - ابن عثيمين
- بيان الطلاق الموافق للسنة وحكم الطلاق الثلاث وط... - ابن باز
- حكم من طلق زوجته طلاقًا لا رجعة فيه - ابن باز
- حكم طلاق الغضبان وحكم الطلاق البدعي - ابن باز
- رجل يقول : بأنه متزوج وطلق زوجته ثلاث طلقات... - ابن عثيمين