السائل : ما معنى : "إلا تحلَّة القسم" يا شيخ ؟
الشيخ : احفظ سؤالك .
السائل : من ذلك - أيضًا - قوله - عليه الصلاة والسلام - : "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث" ، وفي رواية : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له" ، فكلَّما كان الأولاد أكثر كلَّما كان فضلُ هذا الأب أكثر وأكثر .
فإذًا تعدد الزواج الأصل فيه التعدد وليس الإفراد كما يُدندن حول هذه الدعوى كثير من الكُتَّاب الإسلاميين ، وبخاصة بمصر ، وما ذاك إلا بسبب تأثُّرهم بالدعوات الكافرة التي تحضُّ الأمة كلها وعلى رأسها أمة الإسلام بالتقليل من النسل بزعمهم أن ذلك أدعى للمحافظة من صحَّة الزوجة بصورة خاصة ، ولمساعدة الوالدين على تربية الأولاد بصورة أخرى .
هذا بلا شك دعوى أجنبية كافرة لا أريد إنهم يريدون فقط محاولة تقليل عدد الأمة على خلاف رغبة نبيِّها ورسولها - صلى الله عليه وآله وسلم - ، بل هو الذي يتناسب مع عقيدة هؤلاء الكفار الذين لا يبتغون مثل هذا الأجر الذي أشرت إليه آنفًا بوفاة الأولاد ، فأحدهم لا يخطر في باله أنه إذا رُزِق ولدًا وعُنِيَ بتربيته تربية صالحة ، ثم طلب الله أمانته أن له أجرًا عند الله ، لا يفكِّر في هذا ، إنما يفكر في المصلحة العاجلة ، وفي الراحة الدنيوية ؛ فيقنع أحدهم وهم على كل حال يختلفون في هذه القناعة ، فمنهم يقنَعُ أن يُرزق ولدين ، ويكون هناك مجموع أربعًا ؛ الزوجان والولدان ، لكن لا يكتفون بولدين فقط فيضيفون إليهما خامسًا كما قال - تعالى - : { سادسهم كلبهم } أو يكون كلبهم سادسهم وهكذا ؛ لماذا ؟ لأنهم يُحسنون لتربية الكلاب أكثر من إحسانهم لتربية الأولاد ، بينما المسلم يطلب الأجر من الله - عز وجل - لتعليمه لأولاده شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، فإذا ما مات أحدهم قبل سن البلوغ - كما ذكرنا آنفًا - يحتسب ذلك عند الله - عز وجل - ؛ فإن الله - عز وجل - بفضله يكون قد أعتَقَه من النار بسبب هذا الاحتساب لموت ثلاثة من الولد ، جاء في الحديث لما قال - عليه السلام - : "ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحِنْث إلا لم تمسَّه النار إلا تحلَّة القسم" قالوا : يا رسول الله واثنان ؟ قال : "واثنان" قال الراوي : فظننَّا أنه لو قال القائل : وواحد ؟ لَقالَ : "وواحد" .
إذًا هذه الفضيلة ليست قائمة إلا في أذهان المسلمين ، فتكون النتيجة أو ثمرة هذه العقيدة أن المسلم يُحبِّذ دائمًا أن يكون له من الولد الشيء الكثير والكثير ، أما الكفار فهم يُريدون أن يحيى هذه السنوات القليلات في الدنيا ثم هم لا يبالون بالآخرة .