تتمة الكلام : هل الأنبياء - عليهم السلام - معصومون كلهم ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : نعود ، ما دام أنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة أن الأنبياء معصومون - أي : عن أيِّ خطأ - ؛ حينئذٍ يمكن أن ننتقل بالبحث إلى جانب آخر منه ، فنحن نذكر ونتذكَّر = -- وعليكم السلام ورحمة الله -- = أن في القرآن كثيرًا من الآيات التي يحكي فيها ربنا - عز وجل - عن بعض أنبيائه ورسله أنهم أتوا أمورًا أقل ما يقال فيها أن الله - عز وجل - عاتَبَهم عليها ، وبعضهم ليس فقط عاتَبَهم ربنا - عز وجل - عليها ؛ بل أخبَرَ بأنهم أذنبوا وتابوا ، وبعضهم بكوا بسبب ما اجترحوا من أخطاء مثل قصة داود ... .
عيد عباسي : وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ .
الشيخ : ومثل آدم - عليه السلام - وقصته مع الشجرة ونهي ربِّ العالمين له أن يأكل منها ، وأنه تاب إلى الله - عز وجل - ، وأن الله قَبِلَ توبته ، وقصة سليمان حينما أخذ ضربًا مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ، إي نعم ، قصة موسى فَوَكَزَهُ [ مُوسَى ] فَقَضَى عَلَيْهِ ، قصة نوح : رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، بل قصة الرسول - عليه السلام - في غير ما حادثة حينما - مثلًا - نزلت في حقِّه : عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ، وحينما قال - تعالى - : عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ، لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ، وهكذا كثير من الحوادث والقصص يحكيها الله في القرآن عن الأنبياء هي صريحة بأنهم أَتَوا أمورًا كان من اللائق بهم أن لا يأتوا بها ؛ فهذه أمور صريحة في أن الأنبياء ليسوا معصومون بالمعنى المطلق ، لكنهم معصومون ولا شك في أمرين اثنين :
الأمر الأول : تبليغ الرسالة ؛ لأننا إن افترضنا أنهم غير معصومين في تبليغ الرسالة معناها ما حصل الغرض بإرسالهم رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ؛ لا سيما والآية السابقة : بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، فالله - عز وجل - عَصَمَه من الناس أن يقتلوه ، لماذا ؟ لكي يتمكَّن من تبليغ الرسالة ، فأن يعصِمَه من السهو أو الخطأ بأن يبلِّغ الرسالة ؛ تبليغ الرسالة أولى وأولى ، هذه الشيء الواحد الذي أجمَعَ المسلمون جميعًا على أن الأنبياء معصومون فيه .
والشيء الثاني : أنهم معصومون من الوقوع في المعاصي الكبائر ، والواقع أنَّ هذا لا دليل عليه منصوصًا ، وإنما هو مأخوذ من طريق ما يقتضيه العقل السليم من ملاحظة ومن الشخص الذي يصطفيه الله ويختاره من بين الناس نبيًّا رسولًا ، فلا شك أنه ينبغي أن يكون هذا في أسمى وأعلى المراتب والمنازل في الكمال لكي يتمكَّن من الاقتراب من الناس بحسن خلقه وحسن سيرته بينهم إذا بلَّغَهم دعوة الله - تبارك وتعالى - ، وافتراض أنهم يرتكبون بعض المعاصي الكبائر وأنه يجوز ذلك عليهم هذا ممَّا ينفِّر الناس ؛ كما نرى تمامًا بالنسبة لبعض العلماء الذين لا يعملون بعلمِهم ، فتجد الناس لا يثقون بهم ولا يلتفتون إلى أقوالهم ، فمقتضى كونه نبيًّا مصطفًى من ربِّه ، ومقتضى كونه ينبغي أن يوصِّل رسالة ربِّه إلى الناس ؛ ينبغي أن يكون بعيدًا عن كل معصية أو خلق ينفِّر الناس عنه .
هذا ما يمكن أن يقال من عصمة الأنبياء ، أما القول بأكثر من ذلك ، وأنهم معصومون مطلقًا كما يقول بعض العلماء وخاصَّة الصوفيين منهم ؛ فهذا مخالف للكتاب والسنة ، ومخالف لوقائع كثير من الأنبياء الذين قَصَّ الله علينا قصَّتهم في كتابه .
هذا ما عندي في هذه المسألة ، والحمد لله رب العالمين .
عيد عباسي : وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ .
الشيخ : ومثل آدم - عليه السلام - وقصته مع الشجرة ونهي ربِّ العالمين له أن يأكل منها ، وأنه تاب إلى الله - عز وجل - ، وأن الله قَبِلَ توبته ، وقصة سليمان حينما أخذ ضربًا مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ، إي نعم ، قصة موسى فَوَكَزَهُ [ مُوسَى ] فَقَضَى عَلَيْهِ ، قصة نوح : رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، بل قصة الرسول - عليه السلام - في غير ما حادثة حينما - مثلًا - نزلت في حقِّه : عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ، وحينما قال - تعالى - : عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ، لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ، وهكذا كثير من الحوادث والقصص يحكيها الله في القرآن عن الأنبياء هي صريحة بأنهم أَتَوا أمورًا كان من اللائق بهم أن لا يأتوا بها ؛ فهذه أمور صريحة في أن الأنبياء ليسوا معصومون بالمعنى المطلق ، لكنهم معصومون ولا شك في أمرين اثنين :
الأمر الأول : تبليغ الرسالة ؛ لأننا إن افترضنا أنهم غير معصومين في تبليغ الرسالة معناها ما حصل الغرض بإرسالهم رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ؛ لا سيما والآية السابقة : بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، فالله - عز وجل - عَصَمَه من الناس أن يقتلوه ، لماذا ؟ لكي يتمكَّن من تبليغ الرسالة ، فأن يعصِمَه من السهو أو الخطأ بأن يبلِّغ الرسالة ؛ تبليغ الرسالة أولى وأولى ، هذه الشيء الواحد الذي أجمَعَ المسلمون جميعًا على أن الأنبياء معصومون فيه .
والشيء الثاني : أنهم معصومون من الوقوع في المعاصي الكبائر ، والواقع أنَّ هذا لا دليل عليه منصوصًا ، وإنما هو مأخوذ من طريق ما يقتضيه العقل السليم من ملاحظة ومن الشخص الذي يصطفيه الله ويختاره من بين الناس نبيًّا رسولًا ، فلا شك أنه ينبغي أن يكون هذا في أسمى وأعلى المراتب والمنازل في الكمال لكي يتمكَّن من الاقتراب من الناس بحسن خلقه وحسن سيرته بينهم إذا بلَّغَهم دعوة الله - تبارك وتعالى - ، وافتراض أنهم يرتكبون بعض المعاصي الكبائر وأنه يجوز ذلك عليهم هذا ممَّا ينفِّر الناس ؛ كما نرى تمامًا بالنسبة لبعض العلماء الذين لا يعملون بعلمِهم ، فتجد الناس لا يثقون بهم ولا يلتفتون إلى أقوالهم ، فمقتضى كونه نبيًّا مصطفًى من ربِّه ، ومقتضى كونه ينبغي أن يوصِّل رسالة ربِّه إلى الناس ؛ ينبغي أن يكون بعيدًا عن كل معصية أو خلق ينفِّر الناس عنه .
هذا ما يمكن أن يقال من عصمة الأنبياء ، أما القول بأكثر من ذلك ، وأنهم معصومون مطلقًا كما يقول بعض العلماء وخاصَّة الصوفيين منهم ؛ فهذا مخالف للكتاب والسنة ، ومخالف لوقائع كثير من الأنبياء الذين قَصَّ الله علينا قصَّتهم في كتابه .
هذا ما عندي في هذه المسألة ، والحمد لله رب العالمين .
الفتاوى المشابهة
- هل الأنبياء معصومون من الوقوع في الخطايا قدرا - ابن عثيمين
- ماهي الدماء المعصومة. - الفوزان
- التعليق على كلام من يقال عنه أنه يظن بأن النبي... - الالباني
- إفحام الشيخ للرجل باختباره في علم الحديث وبيان... - الالباني
- ما حكم قول "الصحابة ليسوا معصومين من البدعة"؟ - ابن باز
- هل الملائكة معصومون؟ - ابن باز
- نعلم بأن الرسل معصومون من الخطأ فهل هم معصوم... - ابن عثيمين
- هل النبي عليه الصلاة والسلام معصوم عن الخطأ بك... - الالباني
- الأنبياء معصومون فيما يبلغونه - ابن باز
- هل الأنبياء - عليهم السلام - معصومون كلهم ؟ - الالباني
- تتمة الكلام : هل الأنبياء - عليهم السلام - معص... - الالباني