تم نسخ النصتم نسخ العنوان
بيان خطر الابتداع . - الالبانيالشيخ : لا ، ليس الأمر كذلك ، وإنما الأذان كالإقامة كلٌّ منهما أمر واجب لا يجوز تركه ، وبخاصَّة في المساجد ، فقد كان من شعار المسلمين كان الأذان من شعار...
العالم
طريقة البحث
بيان خطر الابتداع .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : لا ، ليس الأمر كذلك ، وإنما الأذان كالإقامة كلٌّ منهما أمر واجب لا يجوز تركه ، وبخاصَّة في المساجد ، فقد كان من شعار المسلمين كان الأذان من شعار المسلمين إلى درجة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا خرج غازيًا داعيًا إلى الله ، ومرَّ بقرية مصبحًا أمَرَ أصحابه أن يترقَّبوا وأن يصغوا ، إذا سمعوا أذانًا مضى في سبيله ، وإذا لم يسمع أذانًا هاجم القرية ؛ أي : اعتبرها قرية غير مسلمة ، فهذا دليل عظيم عملي ، أكبر دليل على أنُّو الأذان هو من شعائر الإسلام ، ولا يجوز التهاون به ، فإذا فرضنا أن هذا الأذان سنَّة فقد اتفقنا مع هذا المخالف أنه لا فرق بين كون الشيء سنَّة وبين كونه فرضًا أو واجبًا أنه لا يجوز الزيادة فيه ولا النقص منه ؛ فإذًا كيف استجَزْتم الزيادة على الأذان قبله وبعده ، وربما أشياء أخرى مما جاء ذكره في السؤال قراءةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثلاث مرات ، وما يسمَّى بلغة الفقهاء الترقية بين يد الخطيب إذا صعد على المنبر يوم الجمعة ؟
كل هذا وذاك لا أصل له في السنة ، فيا ليت شعري ! مَن كان يؤمن بقوله - عليه السلام - السابق ذكرًا : خير الهدى هدى محمَّد هل يُتصوَّر هل يُتصوَّر منه أن يزيد على هديه - عليه السلام - ؟ أنا أخشى على هؤلاء أن يأتيَهم اليقين الموت وهم غير مسلمين ؛ لماذا ؟ لأني لا أتصور مؤمنًا يؤمن برسوله حقًّا ، وأنه بلَّغ الرسالة ، وأدَّى الأمانة لا شطط فيها ولا نقص ولا زيادة ؛ ثم هو يتجرَّأ على مقام الرسول - عليه السلام - وعلى هديه ؛ فيزيد ما شاء على هديه - عليه السلام - ، ويكون جوابه - مع الأسف الشديد - : شو فيها يا أخي ؟! هذا غافل ، والغافل يجب أن ينبَّه ، لكن أنا أخشى ما أخشى أن تستمرَّ فيه الغفلة إلى يوم الوفاة ، راح لازم يُخشى أن يموت على غير الإيمان ؛ لماذا ؟ لأني أفهم أن هذا الإنسان ما دخل قوله - عليه السلام - : خير الهدى هدى محمد إلى شغاف قلبه كما يُقال ، وإلا لَكان هذا وحده رادعًا له عن أن يتجرَّأ على مقام النبوة ، فيزيد فيما جاء به الرسول - عليه السلام - بزعم أن هذا خير ، وهناك حديث آخر يقول الرسول - عليه السلام - مؤكِّدًا لحديثه الأول : ما بعثَ الله من نبيٍّ إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمَّته على خير ما يعلمه لهم ، تُرى نبيُّنا كذلك ولَّا خير من ذلك ، ولَّا دون ذلك ؟ لا شك أنه خير من ذلك . ويؤكد لكم هذا حديثه الآخر ؛ وهو قوله - عليه السلام - : ما تركت شيئًا يقرِّبكم إلى الله إلا وأمرتكم به ، وما تركت شيئًا يبعِّدكم عن الله ويقرِّبكم إلى النار إلا ونهيتُكم عنه ، هذا الحديث والذي قبله والذي قبله وكلُّ أحاديث الرسول - عليه السلام - هي في الحقيقة تبيين وتفصيل للآية الكريمة : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا .
وقد فَهِمَ عظمةَ هذه الآية الكريمة بعضُ السالفين الأولين ، أحدهم كان يهوديًا ، ثم منَّ الله عليه بالإسلام ؛ أَلَا وهو كعب الأحبار حينما جاء إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : يا أمير المؤمنين ، آية في كتاب الله لو علينا معشر يهود نزلت لَاتَّخذنا يوم نزولها عيدًا . لَاتَّخذنا يوم نزولها عيدًا . قال عمر : ما هي ؟ قال : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ إلى آخر الآية . قال عمر : أنا مِن أعرف الناس بها ؛ لقد نزلت يوم جمعة - هَيْ عيد - ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرفة هذا عيد ، فإذًا هي نزلت في عيد في عيد ؛ فلا تطمع في أكثر من ذلك ؛ كأنه يقول يعني لذاك الرجل . قلتُ : عرف عظمةَ هذه الآية بعضُ السالفين ، أحدهم هذا الذي كان يهوديًّا ثم أسلم ، أقول أنا من عندي : كان يهوديًّا ثم أسلم ؛ لأنُّو في بعض الروايات أنه كعب الأحبار ، الحديث في " الصحيح " أن رجلًا من اليهود قال : لو علينا - معشر يهود - إلى آخره .
ومن السالفين أحدُ أئمة المسلمين المشهورين المتَّبَعين ؛ ألا وهو الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة ؛ كان - رضي الله عنه - يقول ، له كلمة كما يُقال : تُكتب بماء الذهب وهي : " مَن ابتدع بدعةً يراها حسنة ؛ فقد زَعَمَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خانَ الرسالة ، اقرؤوا قول الله - تبارك وتعالى - : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا . ثم أتبَعَه ببعض الكلمات هي بيانات لمضامين هذا النَّصِّ القرآني الكريم فيقول : " فما لم يكن يومئذٍ دينًا لا يكون اليوم دينًا " . الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ خلاص ما بقى شيء جديد ، " فما لم يكن يومئذٍ دينًا لا يكون اليوم دينًا ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أوَّلها " ، مَن هي آخر هذه الأمة ؟ نحن منها بلا شك ، فنريد الصلاح ونريد الإصلاح ، وكثير وكثير ممَّن يدَّعون الإصلاح ويريدون إقامة الدولة المسلمة على وجه الأرض لا يدندنون حول هذه الكلمة المالكية المدنية : " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " . بماذا صلح به أولها ؟ أبالابتداع أم بالاتباع ؟ لا شك أن الجواب عند الجميع حتَّى الذين يقولون بالبدعة الحسنة لا يستطيعون أن يقولوا إلا بقولنا : ما صلح أمر هذه الأمة في أول شأنها إلا باتباعهم لنبيِّها - صلوات الله وسلامه عليه - ؛ إذًا فليكونوا معنا دعوةً وسلوكًا .
كلُّ بدعة ضلالة ، وكلُّ ضلالة في النار ، كلُّ من ألفاظ الشمول والعموم عند علماء الأصول ، كلُّ بدعة ضلالة ، وكلُّ ضلالة في النار ؛ هذا على وزان : كلُّ مسكرٍ خمرٌ ، وكلُّ خمرٍ حرامٌ ، كلُّكم يدخل الجنة يخاطب المسلمين ، وليؤكِّد أن الأصل في هذه الكلمة العموم والشمول يقول - عليه السلام - في هذا الحديث الأخير : كلكم يدخل الجنة إلا مَن أبى . تعجَّب أصحابه قالوا : ومن يأبى ؟ قال : مَن أطاعني دخل الجنة ، ومَن عصاني فقد أبى . إذًا كل مسلم يدخل الجنة لا استثناء ، كلُّ مسكر خمر لا استثناء ، كل بدعة ضلالة لا استثناء أبدًا ؛ فمن الضلالة أن يقول المسلم وبخاصَّة إذا كان أُوتِيَ شيئًا من العلم والفقه ؛ لا ، صدْمًا ضرْبًا للحديث في الصدر ، الحديث يقول : كل بدعة ضلالة ، هو يقول : لا ، ليس كل بدعة ضلالة ؛ البدعة تنقسم إلى خمسة أقسام !! ثم يفصِّلونها كما ربما قرأ بعضكم ذلك تفصيلها في بعض الكتب ؛ كيف هذا ؟ هذا هو الانحراف عمَّا كان عليه الرسول - عليه السلام - ، ولكني لا أريد أن أكون متجنِّيًا ومعتديًا ؛ لأني أعلم أن بعض أهل العلم والفضل قديمًا وحديثًا وقعوا في هذا الخطأ حينما قسموا البدعة إلى خمسة أقسام ، ومنهم الإمام النووي - رحمه الله - .
هذا التقسيم لديهم الحقيقة يجب أن يكون طلاب العلم على بيِّنة من هذا التقسيم أنه تقسيم لغوي وليس تقسيمًا شرعيًّا ، تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام كتقسيمها إلى بدعة حسنة وسيئة ، لكن هذا التقسيم ليس تقسيمًا شرعيًّا باصطلاحهم ، إنما هو تقسيم لغوي ، يقصدون بذلك أن هناك أمورًا حدثت من بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومع ذلك لا تُعتبر ضلالةً ، وإنما هي بدعة حسنة ، وهذه البدعة الحسنة قد تكون واجبةً وقد تكون سنة ، وقد وقد إلى آخره . أريد من هذا التنبيه والتذكير إلى أنهم حينما يقسمون البدعة إلى خمسة أقسام لا يعنون البدعة الشرعية وإنما البدعة اللغوية ؛ أي : الأمر الذي حدث هو الذي يقبل هذا التقسيم من حيث أدلة الشرع ، فما قام الدليل الشرعي على حُسْنه فهو حسن ، وما لم يقُمْ الدليل الشرعي على حسنه فهو ضلالة .
لعلَّ ضرب الأمثلة هي التي توضِّح مثل هذه القضية ؛ كلنا يعلم أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أخرَجَ اليهود من خيبر ، لا شك أن هذا الإخراج كان بعد وفاة الرسول بزمان ؛ لأنُّو كان في خلافة عمر بن الخطاب ؛ فهذا الإخراج من حيث التعبير اللغوي بدعة يعني شيء حدث لم يكُنْ من قبل ، لكن هل هو بدعة ضلالة ؟ الجواب : لا . لم ؟ لأن عمر - رضي الله عنه - إنما نفَّذَ بهذا الإخراج أمرًا وشرطًا نبويًّا كان - عليه السلام - قد وَضَعَه لليهود حينما شاطَرَهم على خيبر ؛ شطر ما يُستثمر منه للرسول والشطر الآخر لليهود ، فأقرَّهم في خيبر ما شئنا قال - عليه السلام - لهم : ما شئنا مش إلى الأبد ، فرأى عمر بن الخطاب أن يخرجهم تنفيذًا لهذه المشيئة مشيئة الأمة ، هذا بدعة لغةً ، لكن ما دام قام الدليل الشرعي على جوازه فليس بدعة .
مثال آخر - ولعله أوضح وأهم - : لقد بدأ أبو بكر وثنَّى عمر وثلَّث عثمان بجمع القرآن في الصحف بعد أن كان مفرَّقًا ، والقصة معروفة في " الصحيح " وفي غيره ، هذا أمر لم يكن في عهد الرسول - عليه السلام - ؛ فهو أمر حادث ، فيمكن أن نقول أنُّو هذا بدعة في اللغة العربية ، ولكنه أمر واجب قام الدليل الشرعي على هذا العمل من باب أوَّلًا قاعدة فقهية : " ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب " ، هل يمكن حفظ الدين والإسلام إلا بحفظ كلام ربِّ العالمين ؟ هذا لا بد منه . ثانيًا فيه عندنا نص في القرآن الكريم : الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، ذَلِكَ الْكِتَابُ أين الكتاب ؟ هو هذا الذي أشار إليه ربُّ العالمين وكان سابقًا في اللوح المحفوظ ومقرَّرًا في التشريع بأنه يجب أن يكون كتابًا يُتلى ، فحينما نسمع ضرب مثال على البدعة الواجبة لهذا أو لذاك أو بهذا أو بذاك ، ضرب مثال بجمع القرآن ؛ بيقولوا : هذه بدعة حسنة ، يجب أن نتأوَّل كلامهم لأنُّو الأصل في كلام العلماء أن يُحمل على المحمل الحسن ، فيجب أن نتأوَّل كلامهم بأنه بدعة بمعنى أمر حدث ، لكن هذا الذي حدث ما حدث هكذا اعتباطًا ، وعلى قولة العامي : " شو فيها يا أخي ؟! " ؛ لا ، إنما هذا بدليل موجب لمثل هذا الجمع ولذاك الإخراج الذي فعله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، وعلى ذلك فقيسوا كلَّ البدع التي حدثَتْ وستحدث إن قام الدليل الشرعي على جوازها أو وجوبها فهذه ليست بدعة شرعية ؛ لأن البدعة الشرعية صفتها ضلالة ، وكل ضلالة في النار . أما البدعة اللغوية فهي تقبل هذا التقسيم باعتبار الأدلة الشرعية ، فما دلَّ على الوجوب فواجب ، ما دل على الجواز فهو جائز ، ومن ذلك تلك المراتب المعروفة .
مثلًا بعض الجهلة لما نقول لهم : يا أخي ، هَيْ بدعة ، والرسول يقول : كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، وإياكم ومحدثات الأمور إلى آخر الحديث . بيقول لك : يا أخي ، هَيْ السيارة اللي أنت بتركبها هذه بدعة . سبحان الله !! هذه السيارة من الأمور المباحة التي تدخل في عموم قوله - تعالى - : وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، وهذا مما لا نعلم كما حدثت أشياء كنا لا نعلم ، خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ، بلا شك هذا الشاي وهذه الكأس بخصرها ورقبتها وو إلى آخره لم يكن في ذاك الزمن ؛ فهذا الشرب حكمه ؟ بدعة ؟ ما نقول بدعة ، صحيح لما بدنا ندقِّق كان هذا في زمن الرسول ؟ ما كان في زمن الرسول ؛ إذًا هذه بدعة ، نعم بدعة لغةً ، قال - تعالى - في حقِّه : بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ ؛ يعني مُوجدهما بعد أن لم يكونا موجودتين ، فهو المبتدع ، فهو الموجد ، فهو فهو المحدث إلى آخره ، فهذه بدعة لغةً ، لكن ليش تدخلها في مسمَّى لفظة البدعة التي أطلق الرسول عليها قوله : كل بدعة ضلالة ؟ هكذا ، فإذا قامت الأدلة الشرعية على وجوب بدعة نقول بوجوبها لا لأنها حدثت ، وإنما لأنها وجبت ، وكذلك إذا قام الدليل على جواز شيء ما نقول : هذا جائز لأنها حدثت ؛ لا ، هي جائزة ولو لم تحدث ؛ لأنها داخلة في نصوص شرعية ، وهكذا .
وفي ذلك نقول ختامًا - أيضًا - لهذا الموضوع : إذا جاءت لفظة البدعة في لغة الشرع فيجب أن نفسِّرها بعُرْفِ الشرع ، فالبدعة حيثما جاءت في أحاديث الرسول - عليه السلام - فهي مذمومة أوَّلًا ، والمقصود بها الابتداع في الدين ثانيًا ، وإذا جاءت في ألفاظ العلماء فتُفسَّر حسب المقام كما ذكرنا لكم من تفسير تقسيم بعض العلماء للبدعة إلى خمسة أقسام ؛ نقول : هذا التقسيم للبدعة اللغوية ، أما البدعة الشرعية فهي مذمومة على الإطلاق ، ولهذا قال عبد الله بن عمر بن الخطاب - وبهذا الأثر الصحيح أختم الجواب عن ذاك السؤال - قال - رضي الله عنه - : " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة " ، هذا بدهيٌّ أنه يُفسِّر البدعة في هذا الحديث بالبدعة الشرعية ، فكأنه يتكلَّم عن رأينا بأوجز عبارة ، " كل بدعة " - أي : شرعية - " ضلالة وإن رآها الناس حسنة " .
غيره ؟

Webiste