تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل فعل ابن عمر موافق للسنة في أخذ ما زاد عن ال... - الالبانيالسائل : يقول - شيخ - في السؤال الثاني .الشيخ : نعم .السائل : هل فعل ابن عمر - رضي الله عنه - موافق للسنة في أخذه من لحيته ما زاد عن القبضة أم أن هذا اج...
العالم
طريقة البحث
هل فعل ابن عمر موافق للسنة في أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية أم هو اجتهاده ؟ وهل الأخذ به جائز ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يقول - شيخ - في السؤال الثاني .

الشيخ : نعم .

السائل : هل فعل ابن عمر - رضي الله عنه - موافق للسنة في أخذه من لحيته ما زاد عن القبضة أم أن هذا اجتهاده الخاص ؟ وما حكم الأخذ عمَّا زاد عن القبضة ؟

الشيخ : نعم ، لم يرد هناك سنة عملية عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في موضوع الأخذ من اللحية أو عدم أخذها ، وليس عندنا إلا أمرين اثنين أو شيئين اثنين : الشيء الأول : هو أمره - صلى الله عليه وسلم - بإعفاء اللحية . والشيء الآخر : هو ما ثبت عن ابن عمر - رضي الله عنه - وهو أحد رواة حديث الأمر بإعفاء اللحية ، وفعل ابن عمر هذا يُنظر إليه من بعض العلماء على أنه ليس اجتهادًا منه ، وإنما هو تطبيق لِمَا رآه من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فعلًا ، إنما يُقال : إن هذا اجتهاد من ابن عمر فيما لو كان يفسر الحديث وهو أعني الحديث يتحدث عن أمر فكري من الأحكام الشرعية ، ليس يتحدَّث عن أمر واقعي كان يراه هو بعينِه طيلة حياته التي صَحِبَ فيها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبمعنى أوضح إن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان يرى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كلما جالسه يراه ولحيته إما قد تركها - عليه الصلاة والسلام - على سجيَّتها وعلى طبيعتها لم يأخذ منها شيئًا ، وإما أن يكون قد رآه أخذ منها شيئًا ؛ فلو فرضنا الأمر الأول - أي : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يأخذ من لحيته - ؛ فما يكون لابن عمر أن يخالف سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يراه - عليه الصلاة والسلام - بعينه لا روايةً ونقلًا عن غيره ، وإنما هو بعينه يراها لم يأخذ منها شيئًا ، فيكون في ذلك قد خالف سنَّةً شَهِدَها بنفسه .
وهذا أبعد ما يكون عن مثل ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - الذي عُرف عند العلماء جميعًا بأنه كان مِن أحرَصِ - إن لم نقل إنه كان أحرص - الصحابة بالاقتداء بسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ حتى في أمور قد خُولف فيها من بعضم فيما يدل عن مبالغته في اتباعه للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى في الأمور العادية ، حتى في الأمور التي لا يظهر فيها وجهٌ للتعبُّد بها . ومعلوم أنه - رضي الله عنه - رُئِيَ مرَّة يقصد مكانًا يتبوَّل فيه ، فقيل له في ذلك ؛ فقال : رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يبول في هذا المكان . فقد وصلَ به الأمر إلى الاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى في مثل هذه المسألة التي لا يبدو فيها أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قَصَدَ ذلك المكان أو قَصَدَ ذلك المكان بالتبوُّل قصدًا ، بل الظاهر أنه وقع له ذلك اتفاقًا ، مع مثل هذا فقد كان ابن عمر يسعى إلى اتباع الرسول - عليه الصلاة والسلام - في مثل هذا الفعل .
وهذا كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية خلاف المعروف عن أبيه عمر - رضي الله عنه - الذي كان ينهى عن اتباع آثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، كما روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " بإسناده الصحيح أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرجَ في بعض سنيِّ خلافته حاجًّا ، ونزل منزلًا من تلك المنازل ، فرأى بعض الناس ييمِّمون طريقًا يأخذونه ويسلكونه ، فسأل : إلى أين يذهب هؤلاء ؟ فقيل له بأنهم يقصدون أماكن كان قد صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فخطب عمر في الناس وقال : " يا أيها الناس ، مَن أدركَتْه منكم الصلاة في شيء من هذه المواطن فليصِلِّ ، ومَن لا ؛ فلا يتتَبَّعْها ؛ فإنما أهلَكَ الذين مِن قبلكم اتباعهم آثارَ أنبيائهم " ، هذا التتبُّع نهى عنه عمر ، ابنه عبد الله كان يرى أن هذا التتبُّع هو من السنة ، أو من الأمور المستحبَّة التي يُؤجر عليها صاحبها .
الشاهد من هذا هو أنه من البعيد جدًّا جدًّا أن ابن عمر يرى الرسول - عليه السلام - لا يأخذ من لحيته مطلقًا ثم هو يصرُّ على مخالفة الرسول - عليه السلام - في هذه السنة ؛ لا سيما وهناك نصٌّ عامٌّ : أعفوا اللحى ؛ فكيف يخالف ابن عمر هذا النَّصَّ العامَّ لولا أنه رأى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد بيَّنَ بفعله أن هذا العموم غير مراد ؛ لذلك بمثل هذا الأمر يقول أهل العلم : " إن الراوي أدرى بمرويِّه من غيره " ، فابن عمر - رضي الله عنه - هو قد روى لنا هذا الحديث : وأعفوا اللحى ؛ فهو إذًا إما أن يكون هذا الأمر على إطلاقه وشموله ، وإما أن يكون قد تولَّى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بيانَه بفعله وعمله ، وهذا ما جرى عليه ابن عمر ، وقد ثَبَتَ عن ابن عمر في " الموطأ " أنه كان يأخذ من لحيته ما دون القبضة ، وذلك ليس فقط في الحج والعمرة = -- وعليكم السلام -- = ، بل في غير ذلك من الأوقات .
فإذًا خلاصة القول : نعتبر أن العلماء الذين ذهبوا إلى تحديد إعفاء اللحية بالقبضة ؛ نظروا إلى فعل ابن عمر أنه فعلٌ ينقل إلينا ما شاهد الرسول - عليه السلام - عليه ؛ لأنه وقد عرفنا إنه أحرص الناس أو من أحرص الناس على اتباعه - صلى الله عليه وسلم - في أفعاله يبعدُ كلَّ البعد أن يرى الرسول - عليه السلام - لم يأخذ من لحيته ، ثم هو يخالفه إلى خلاف ذلك .
غيره ؟

Webiste