تم نسخ النصتم نسخ العنوان
بيان تحذير الشارع الحكيم من اتخاذ المساجد على... - الالبانيالشيخ : فالشاهد : لما كانت عبادة الله - عز وجل - من أعظمها أن يُدعى عند الشدائد دون سائر المعبودات بالباطل كان من الحكمة وضع سدود ووضع الراية بين المسلم...
العالم
طريقة البحث
بيان تحذير الشارع الحكيم من اتخاذ المساجد على القبور ، وبيان ما يحصل من ذلك من الأضرار .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : فالشاهد : لما كانت عبادة الله - عز وجل - من أعظمها أن يُدعى عند الشدائد دون سائر المعبودات بالباطل كان من الحكمة وضع سدود ووضع الراية بين المسلمين وبين مَا قد يوصلهم إلى دعاء غير الله ، بل إلى عبادة غير الله ، من ذلك أن الشارع الحكيم على لسان نبيِّه الكريم نهى المسلمين أن يبنوا المساجد على القبور ، نهى المسلمين عن أن يبنوا المساجد على القبور ؛ لماذا ؟ قال - تعالى - : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ، واليوم نرى - مع الأسف الشديد - كثيرًا من المساجد بُنِيت قديمًا أو حديثًا على قبور بعض مَن يُظَنُّ أنه من الصالحين ، وقد يكون كذلك ، وقد يكون ليس كذلك ؛ هذا أمر لا يهمُّنا ، ولكن مع الزمن يصبح المقبور في المسجد وليًّا يُعبَدُّ من دون الله - هنا الشاهد الآن - ؛ كثير من الناس إذا قلنا : يُعبد من دون الله يستنكر هذا التعبير ، يستنكر هذه اللفظة ، بيقول لك : ما حدا يعبده ، لكن هم يرون ويسمعون بآذانهم أنَّ هذا المقبور هذا الميت مش مهم إن كان نبيًّا أو وليًّا أو صالحًا ؛ أي مقبور كان يرون ويسمعون بأنه يُدعى من دون الله - تبارك وتعالى - ، لكنهم لا يشعرون أنهم في دعائهم لهذا الميِّت من دون الله - تبارك وتعالى - أنهم وقعوا في الشرك شرك الألوهية شرك العبادة ، دعوا غير الله - عز وجل - ، والله - عز وجل - يقول : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ، فإذا قام المسلم في مسجد من المساجد وقال : يا سيدي أحمد ، امدُدْني ، أعطِني ، أنا فقير ، أنا مريض ، ابني ، بنتي ، إلى آخره ؛ هذا بلغة الشرع نستطيع أن نقول بكلِّ صراحة : عَبَدَ هذا المقبور من دون الله ، كيف ؟ ما سجد ، ولا ركع ، ولا صلى له ، حسبه أنه دعاه من دون الله - تبارك وتعالى - .
من أجل هذه المنكرات الكثيرة التي تُشاهد في مساجد المسلمين اليوم في كثير من بلاد الإسلام يُنادَون من دون الله ، ويُنذر لهم من دون الله ، ويُذبح لهم من دون الله ، ومن ذبح لغير الله فهو ملعون بنصِّ حديث الرسول - عليه السلام - ؛ لماذا ؟ لأن الذبح عبادة ؛ ولذلك قال - تعالى - : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ، إن صلاتي التي أصليها هي لله ، ونسكي ؛ أي : ذبيحتي هي لله ، فكم من ذبائح اليوم تُقدَّم في مختلف البلاد الإسلامية ، هناك في سوريا لـ " سيدي عبد القادر الجيلاني " ، هناك في مصر - مثلًا - لـ " السيدة زينب " ، لـ " السيد حسين " ، ما أدري هنا إيش عندكم ؟ " النبي يوشع " .

السائل : " شعيب " .

الشيخ : " النبي شعيب " ، إلى آخره ، لا تكاد بعض البلاد الإسلامية تخلو من مثل هذه الشركيات والوثنيات ، وأين ؟ في بيوت الله ، في مساجد الله التي بُنِيَت لعبادة الله وحده لا شريك له ؛ لذلك كان من تمام التِّبيان لصدق ما جاء في القرآن في وصف نبيِّنا - عليه الصلاة والسلام - أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم أنه وضع السُّدود والموانع القويَّة بيننا نحن - معشر المؤمنين بالله ورسوله - وبين أن نقع في الشرك من حيث ندري أو لا ندري ، من حيث نشعر أو لا نشعر ، من ذلك أنه - عليه الصلاة والسلام - نهانا عن بناء المساجد على القبور ، فقال : لَعَنَ الله اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، فهذا في " صحيح البخاري ومسلم " ، وأيضًا في " الصحيحين " أن أم سلمة وأم حبيبة زوجتَي النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رَجَعَتَا من الحبشة ذَكَرَتَا لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كنيسةً رأتاها في الحبشة ، وذكرا من حُسْنٍ وتصاوير فيها ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بَنَوا على قبره مسجدًا ، وصوَّروا فيه تلك التصاوير ؛ أولئك شرار الخلق عند الله - تعالى - يوم القيامة .
لذلك حذَّرنا - عليه السلام - من أن نقع فيما وقع مَن كان قبلنا من الأنام ، فقال في جملة ما قال من تلك الأحاديث التي سَبَقَ الإشارة إليها في أثناء الكلام قال : لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ، وإلا على الذين يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد ، والذين يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد ؛ لذلك كان من السنة أن تكون القبور بعيدًا عن البيوت ، بل بعيدةً عن المسجد ، فأنتم تعلمون أن الرسول - عليه السلام - كان يخرج من داره إلى البقيع ليسلِّمَ عليهم وليستغفر لهم ، وأسوأ ما تكون المقبرة بجانب المسجد إذا كانت المقبرة ولو بعضها في جهة القبلة ؛ حينئذٍ تأتي مشكلة وهي الصلاة إلى القبور ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ، هذا الحديث جمع بين حكمين شرعيين ، أحدهما إكرام الميت ؛ فلا يُداس ولا يُهان ، فقال : لا تجلسوا عليها ، والآخر عدم إكرام الميت بما لا يجوز إلا لله - تبارك وتعالى - ؛ ألا وهو النَّهي عن الصلاة إلى القبر ، لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ، قد يقول البعض إذا كانت المقبرة في قبلة المسجد ، وكان بين المقبرة وبين المسجد مثل هذا الجدار ؛ فهذا فاصل ؛ نحن نقول : نعم ، هو فاصل ، ولكن الإمام أحمد إمام السنة من حرصه على إبعاد المسلمين عن التشبُّه بالكفار والسجود إلى القبور قال : الجدار الذي بُنِيَ للمسجد فهذا للمسجد ، أما المقابر إذا كانت في قبلة المسجد فلا بدَّ من بناء سورٍ ثانٍ آخر يفصل جدار المسجد عن المقبرة ليكون المسلم حينَ ذاك قد قطع الصِّلة في أثناء عبادته وسجوده لربه أن يتوجَّه إلى ميت مقبور في الأرض .
هذا مما يساعد الوقت الآن على التذكير به ، وأحمد الله - عز وجل - أن مسجدكم يعني بعيد عن هذه المشكلة ما دامت المقبرة في الجهة الغربية ، لكن الأفضل لو كان بيدكم الأمر لو كنتم أنتم بَنَيتُم هذا المسجد أن يكون بعيدًا عن المقبرة ؛ حتى ما يكون الإنسان معرَّضًا ليزور القبور ويستغيث بها من دون الله لأدنى مناسبة . ونسأل الله - عز وجل - أن يفهِّمنا التوحيد الخالص بأقسامه المعروفة عند علماء المسلمين حتَّى ننجو بها يوم الدين ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلبٍ سليمٍ ، والحمد لله رب العالمين .

Webiste