ماهو هذا الأذى الذي يسمعه ربنا عز وجل ثم هو يصبر عليه صبرا لا يصبر عليه أحدا من العالمين ؟ قال في تمام الحديث "إنهم ليدعون له ولدا -أو- يدّعون له ولدا وإنه ليعافيهم ويرزقهم" إنهم ليتهمون الله عز وجل ... لأن له شريكا لأن له ولدا ومع ذلك عم بيرزقهم خيرات الدنيا وحين يمرضون يعافيهم، كيف هذا وهم يسبّونه ويدعون له الولد والشريك ذلك من فضل الله تبارك وتعالى على عباده لذلك قال عليه الصلاة و السلام "ليس شيء وليس أحد أصبر على أذى من الله عز وجل يسمعه من أحد، ذلك لأنهم يدعون له ولدا وإنه ليعافيهم ويرزقهم" .
قد يقول قائل هذا الله، الله عز وجل له كل صفات الكمال فهو يستطيع أن يصبر هذا الصبر الذي ليس مثله صبر في الدنيا فكيف نحن نستطيع أن نتتبع هذه ؟ نقول لا يمكن للإنسان مهما سما و علا أن تصبح صفته مشابهة لصفة من صفات الله عز وجل لكن هذا من باب التقريب لأن الله يقول { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ومع أنه قال في حقه وهو السميع البصير لمّا ذكر آدم عليه السلام قال { فجعلناه سميعا بصيرا } لكن سمع آدم وبنيه ليس كسمع الله عز وجل وبصره بطبيعة الحال لكن فيه نوع مشاركة في اللفظ فإذا كان الإنسان لا يستطيع أن ... لله عز وجل في تمام الصفة فهو أن يقارب الإتصاف بشيء من صفة الصبر التي يتصف بها الله تبارك وتعالى و أنه من صفاته الصبور الشكور ، وبهذه المناسبة أذكر بحديث مشهور ومنصوص في بعض الكتب ولا أصل له ولكن له صلة بهذا المعنى الذي ندندن حوله هذا الحديث لفظه " تخلقوا بأخلاق الله " تخلقوا بأخلاق الله حديث لا أصل له أي لم يرو عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مطلقا حتى ولو بإسناد موضوع وإنما اشتهر في الأزمنة المتأخرة أن الرسول عليه الصلاة و السلام قال " تخلقوا بأخلاق الله " لكن هل لهذا الحديث الذي لا أصل له رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحة من حيث المعنى ؟ هل يمكن أن يقال للإنسان تخلق بأخلاق الله ؟ الجواب يمكن في غالب صفات الله عز وجل ولا يمكن بل لا يجوز شرعا أن يتخلّق المخلوق بشيء من بعض صفات الله عز وجل مثلا من صفاته أنه الجبار فلا يجوز للمسلم أن يتخلق بالجبروت لأن صفة الجبروت صفة تليق بالله تبارك و تعالى الخالق لذلك جاء في بعض الأحاديث القدسية أن من تكبر وتجبر قصمه الله عز وجل لأن الكبرياء والجبروت هما من صفات الله عز وجل لكن لو جئنا لصفة الصبر وصفة الحلم فهنا يقال تخلقوا بهذه الأخلاق الإلاهية لكن بقدر الإستطاعة بقدر ما يتناسب مع الطبيعة البشرية في هذه النقطة أي في كون الإنسان لا يستطيع أن يقارب بالتشبه بصبر الله عز وجل جاء بحديث ... يتعلق بخلق من خلق الله عز وجل وهو الرسول صلى الله عليه وسلم فحينئذ تبقى المقاربة و المشابهة متجانسة بين الإنسان المأمور بأن يتخلق بخلق الصبر وبين هذا الإنسان الكامل الذي ستسمعون ما جاء فيه من الصبر .