تم نسخ النصتم نسخ العنوان
عدم جواز تسمية بعض المحرمات بأسماء أُصطُلِحَ ع... - الالبانيالشيخ :  قبل الاجابة عن هذا السؤال يجب لفت النظر إلى أمرين اثنين : أحدهما أنه لا يجوز تسمية الربا بلفظ آخر اصطلح عليه حديثا ألا وهو الفائدة ؛ لأن هذه ال...
العالم
طريقة البحث
عدم جواز تسمية بعض المحرمات بأسماء أُصطُلِحَ عليها حديثاً كتسمية الربا بالفائدة .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : قبل الاجابة عن هذا السؤال يجب لفت النظر إلى أمرين اثنين : أحدهما أنه لا يجوز تسمية الربا بلفظ آخر اصطلح عليه حديثا ألا وهو الفائدة ؛ لأن هذه التسمية يترتب من ورائها مفسدتان اثنتان : إحداهما لفظية ، والأخرى معنوية أو حكمية شرعية ؛ أما المفسدة اللفظية فهو تسمية المسميات بأسماء مخالفة للشريعة مثلا لا يجوز لنا أن نسمي السائل المسكر المسمى في لغة الشرع بالخمر نسميه وسكي أو شمبانيا أو مثلا غير ذلك من الأسماء ؛ لأن في هذه التسمية المفسدة الثانية التي ستلي مع مخالفتها في تسمية الشارع الحكم في أحاديث كثيرة التي من أجمعها قوله عليه السلام : كل مسكر خمر وكل خمر حرام فهذه المفسدة أرجو أن يتنبه لها وأن لا يظن الظان أنها شكلية محضة ، كلا ويرحمك الله ؛ لأن للأسماء تأثيرها إن صلاحا وإن طلاحا ونحن نلمس لمس اليد اهتمام الشارع الحكيم بإصلاح كثير من الألفاظ ولو كان المتلفظ بها لا يعني معانيها وإنما هو يتلفظ بلفظ لا يرمي إلى المعنى الذي يدل عليه هذا اللفظ عادة ، الأحاديث في هذا الصدد كثيرة والحمد لله ؛ ولكن لا بأس من الإتيان بنماذج منها من باب التمثيل وليس من باب الحصر وأهم هذه الألفاظ ما كان لها علاقة بالعقيدة وبالتوحيد بصورة خاصة ، فمثلا هناك أحاديث أكثر من حديث واحد ينهى الرسول عليه السلام المسلمين بعامة أن يقول قائلهم: " ما شاء الله وشئت " ويأمر أن نقول إحدى قولتين ، إما: " ما شاء الله وحده " وهذه أقطع للمفسدة ؛ وإما " ما شاء الله ثم شئت " وهذا عند من يفقه الفرق بين الواو وثم ؛ وبطبيعة الحال أكثر الناس لا يعلمون ولذلك تجد كبار القوم في خطبهم وفي افتتاح كلماتهم ومحاضراتهم يقول قائلهم باسم الله والوطن ؛ لأنهم قوم لا يفقهون ولا يعلمون قبل الشرع لغتهم ، لا يفقهون ؛ الشاهد أن كثيرا من الناس حتى اليوم يشركون بالله ، وما نقول شركا اعتقاديا لا نقول في الناس كلهم أنهم يشركون شركا اعتقاديا حينما يقولون ما شاء الله وشئت أو باسم الله والوطن أو الشعب أو الأمة أو ما شابه ذلك ، هذا أقل ما يقال فيه إنه شرك لفظي وهنا الشاهد. من الأحاديث التي جاءت في هذا الصدد ما رواه الإمام أحمد في المسند بالسند الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب في الناس يوما فقام رجل يقول: ما شاء الله وشئت يا رسول الله ، قال عليه السلام: أجعلتني لله ندا ، قل ما شاء الله وحده ونحن نعلم أن مثل هذا الصحابي مهما تصورناه أنه كان حديث عهد بالإسلام هذا يمكن ويمكن أن يكون أسمى وأعلى من ذلك ، أن يكون قديم العهد بالإسلام ؛ لكن ولو افترضنا أنه كان حديث عهد بالإسلام فهو لما قال أشهد أن لا إله إلا الله يفقه معنى هذه الكلمة بحكم كونه عربيا قحا لما تتسرب العجمة إليه كما هو شأن كثير بل أكثر العرب اليوم حتى من المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله ثم ينقضونها بكثير من أعمالهم وأفكارهم وعقائدهم ، هذا لا نستطيع أن نتصور فيه هذا الانحراف الفكري لأنهم كانوا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي دعا الناس إلى لا إله إلا الله كان قومه من الكفار المشركين يستنكرون ذلك عليه ؛ لأنهم يعلمون معنى هذه الكلمة الطيبة ، يعلمون أن معنى ذلك أنه لا ينبغي للقائل لها ، والمعتقد بها أن يشرك شيئا مع الله مطلقا ؛ ولذلك قالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وفي الآية أخرى : إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون المسلمون اليوم وبخاصة الأعاجم لا يستكبرون عن أن يقولوا لا إله إلا الله فهم مسلمون وكما قال عليه السلام: لهم ما لنا وعليهم ما علينا ؛ لكنهم في منطلقهم في حياتهم ، يفعلون فعل المشركين ؛ ذلك لأنهم لا يفقهون معنى هذه الكلمة ولا يعلمون ملتزماتها ، هذا الصحابي الذي قال للرسول ما شاء الله وشئت لا يعني أن يجعله شريكا مع الله في المشيئة والإرادة ؛ ولكن هكذا نطق به لسانه فما أقره عليه السلام مع أنه يعلم منه أكثر مما نعلم نحن منه بطبيعة الحال لسلامة عقيدته من الشرك والكفر ؛ لكن كل ذلك لم يحمل الرسول عليه السلام على أن يمحوا هذا الخطأ وأن لا يمر عنه وإنما قال له بصيغة الاستفهام الاستنكاري: أجعلتني لله ندا ، قل ما شاء الله وحده ؛ هناك حديث آخر وهو أعجب من هذا الحديث لأنه يعطينا فكرة أكثر مما أعطانا هذا الحديث ، هذا الحديث يتعلق برجل أخطأ هذا الخطأ ؛ لكن الحديث التالي يعطينا أن كثيرا من الصحابة كانوا يقولون مثل هذه الكلمة ذلك حديث حذيفة فيما أذكر أو غيره من الصحابة أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في المنام أنه بينما كان يمشي في طريق من طرق المدينة لقي رجلا من اليهودي فقال له: نعم القوم أنتم معشر يهود لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون عزير ابن الله فقال اليهودي للمسلم " هذا في المنام ": ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لو لا أنكم تشركون بالله ؛ الخطاب الآن في المنام مش للفرد لجماعة ، لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد ، ثم انطلق يمشي حتى لقي رجلا من النصارى فقال له المسلم: نعم القوم أنتم النصارى لو لا أنكم تشركون بالله فتقولون: عيسى ابن الله ، فقابله النصراني بقوله: نعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد ؛ لما أصبح الصباح وقص هذه الرؤيا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له هل قصصتها على أحد ؟ قال: لا ، فوقف خطيبا فقال عليه السلام لهم: كنت أسمع منكم كلمة فأستحيي من أن أخاطبكم أو أذكركم بها ، لا يقولون أحدكم ما شاء الله وشاء محمد ؛ ولكن ليقل ما شاء الله وحده ، في هذا الحديث نفهم أن فيه إشارة قوية جدا تكاد تكون صريحة وهي : أن هذا الأمر له علاقة بتصحيح الألفاظ وليس بتصحيح العقيدة ؛ ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو كان يعلم من أصحابه الذين كان يسمعهم أحيانا يقولون كقولة ذلك الرجل ما شاء الله وشاء محمد ، لو كان يعلم أنهم يعتقدون أن مشيئة الرسول ومشيئة الله واحدة لما سكت عنهم دهرا ؛ لكن لما كان يعلم أن هذا من الألفاظ التي هم لا يعنون معناها فكان يستحيي عليه السلام أن يباشرهم بالانكار أن وقعت هذه الحادثة وذلك دليل أن الأمر كما قال تعالى : لكل أجل كتاب ، فوعظهم الرسول عليه السلام وحذرهم من أن يقولوا ما شاء الله وشاء محمد ؛ وهناك أحاديث كثيرة وأشعر بأني ابتعدت كثيرا أو قليلا عن نفس السؤال الذي كنا في صدده فكيفي ما ذكرته الآن لكن مع ذلك أجد نفس تنازعني لا بد من أن تذكر حديثا آخر لروعته وجماله وكماله في تنبيه المسلمين إلى ضرورة العناية بالألفاظ فقال عليه السلام: لا يسمن أحدكم العنب كرما وهذا الأمر واقع اليوم بين الفلاحين سواء هنا أو في فلسطين أو في سوريا " رحنا على الكرم وجئنا من الكرم "

السائل : حتى في الجزائر .

الشيخ : حتى في الجزائر كذلك ، إذا المصيبة عامة لا يسمين أحدكم العنب كرما فإنما الكرم قلب الرجل المؤمن ولكن ليقل الحبل الحبل أو عرائش الأعناب فأصحاب الرسول عليه السلام كانوا في الجاهلية كانوا في ضلال مبين وهذا لا إشكال فيه وكانوا يشربون الخمر ، ونعلم كلنا كم آية نزلت وكيف تدرج الحكم الإلهي في حملهم على الإقلاع من شرب الخمر ، كان من وسائل الحمل وقطع العلاقة بين المسلمين الذين حرم الله عليهم شرب الخمر ، أنه حرم عليهم أيضا أقول وأعني ما أقول حرم عليهم أن يتلفظوا بكلمة تذكرهم بالعهد الجاهلي الذي كان فيه يسمون العنب كرما ؛ لأن المدمنين للخمر إلى اليوم يعتقدون لبطر شديد أن الذين يعاقرون الخمر ويشربونها يصبحون أيش كراما ، يعني يصير طبعهم طبع الكرماء ، فقال عليه السلام : لا يسمين أحدكم العنب كرما فإنما الكرم قلب الرجل المؤمن ولكن ليقل: الحبل الحبل أو عرائش الأعناب عريشة وعرائش الأعناب ؛ نعود الآن الإسلام يسمي ما يسميه عامة الناس وكثير من المسلمين حتى المرشدين منهم ، وحتى الخطباء والوعاظ انجرافا منهم مع اللفظة التي هي ترجمة لعبارة أجنبية ، يسمون الربا بالفائدة ، هذا لا يجوز لمن يعلم هذا المبدأ الإسلامي أن الإسلام يهتم بتهذيب الألفاظ أيضا وليس بإصلاح العقيدة والأفكار فقط ، إذا لا يجوز أن نسمي الربا بالفائدة ؛ إذا ينبغي أن يصحح السؤال لكن في السؤال شيء آخر وهو إن كان لا يوجد من هذا المودع لماله في البنك وبنك كافر غير مسلم على حد تعبير السائل أي فائدة يأخذها أو يعطيها ؛ فنحن نسلم بالأولى ما دام أن السائل مسلم ، أي إنه لا يأخذ ربا ، هذه الفائدة التي يسميها لا يأخذ ربا ؛ لكنه هو مخطئ حينما يقول لا يأخذ فائدة ولا يعطي فائدة كيف ذلك؟ وهو يودع ماله في البنك الذي كل بنك نعرف حقيقته حقيقة تركيبه إنما يقوم على أموال العملاء مع هذا البنك بحيث لو تصورنا كما يقال في الاستعمال العربي قديما في ليلة لا قمر فيها ، اجتمع العملاء كلهم على سحب الأموال من بنك من هذه البنوك ؛ ماذا يصبح البنك ؟ مفلسا لأن رأس ماله إنما هو قائم على هذه الأموال المودعة في البنك ؛ فإذا كيف نقول في الحال في السؤال إنه علما أن المودع للمال لا يأخذ فائدة ولا يعطي فائدة هو لو كان يأخذ فائدة يعطي أكثر مما يأخذ من الفائدة ؛ لأن البنك يستعمل هذا المال في الفائدة تلك التي هي اسمها في الشرع الربا ؛ لذلك قبل الجواب عن السؤال قلت آنفا ينبغي لفت النظر إلى هاتين الحقيقتين هنا خطأ لفظي وخطأ في خصوص هذا السؤال حينما يقول أنه لا يعطي فائدة ؛ أنا أدري أنه يعني لا يعطي فائدة خاصة ؛ لكن ما هو المهم ؟ المهم أنه يعطي فائدة للبنك أكثر من الفائدة الخاصة التي هو أرادها بهذا السؤال ؛ فينبغي أن لا نغتر بأننا إذا أودعنا مالنا في البنك ولم نأخذ عليه ربا ، أننا تبرأت ذمتنا وأننا لم نعص ربنا لماذا ؟ لأننا لم نأخذ فائدة ولا نعطي فائدة ، لم نأكل ربا ولم نؤكل ربا ، ليس الأمر كذلك ؛ وهذا صريح في قوله عليه السلام المفسر لآية في القرآن قوله عليه السلام : لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه إذا الذي يعطي ماله للبنك سعره في الشرع سعر البنك نفسه ، البنك يأكل الربا والمودع لماله فيه يطعم الربا ولولاه لم يكن هناك في الدنيا بنك إطلاقا ؛ عندك شيء ؟

السائل : لا .

الشيخ : هل تتصور أن تاجرا يتعامل مع بنك ما بدون إيداع المال ، كيف يتصور هذا ؟
الحلبي : يكاد هذا يكون مستحيلا .

الشيخ : فإذا تعليقك اجعله في رسالة أخرى
الحلبي : جزاك الله خيرا .

الشيخ : بارك الله فيك لأنه أنا أتصور فعلا أن التجار مبتلون ابتلاء بشعا جدا ؛

السائل: استأذنك في عندي سؤال أو لسه في بعده

الشيخ: اه في بعده كثير هؤلاء إخواننا من الجزائر وهم ضيوف عندنا من الجزائر عزيزة وهم على سفر ؛ أما أنتم مقيمين ؛ ولذلك نؤثر المسافر المستعجل الذي أجاز له الشارع أن يجمع وأن يقصر على المقيم .

السائل : جزاك الله خير .

الشيخ : تعامل التجار يا أخي مع البنوك لو كان الأمر يقف بدون إيداع الأموال في البنوك وإنما هو كمسألة التحويل مثلا كان الخطب سهلا ؛ لكن الذي أفقه من كثرة الأسئلة التي وردت إلينا وتناقشنا فيها ولست تاجرا أنه لا بد للتاجر أن يكون له رأس مال في البنك حتى تمشي معاملاته ؛ ولذلك أنا أدرت الحديث على هذا الإيداع لأن بين الأمرين تلازما لا انفكاك بينهما .

Webiste