ما رأي الشيخ فيمن يقول أن بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من آرائه الشخصية وليست من الوحي كأحاديث الطب .؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : أستاذي بدأت بعض الآراء العلمية تميل إلى اعتبار بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الكلام الشخصي لا من الوحي ظنا منهم أن في ذلك إبعاد للحرج ونفي للإشكال ؛ ماذا يقول شيخنا في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطب ؟
الشيخ : أنا اعتقادي أخي ، وهذا اعتقاد كل مسلم يشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن الأصل في كل ما يخرج من فم النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق ولم أقل فهو وحي لأدخل في قولي الأول فهو حق الآراء التي قد تصدر منه باجتهاد وبرأي ، ثم يقر عليه فيصبح حقا ؛ ومع الأسف عامة المثقفين الشرعيين فضلا عن غيرهم وعمن دونهم لا يعاملون أحاديث الرسول عليه السلام التي هي من قبيل الأحاديث التي جاء الإشارة إلى بعضها آنفا وهي المتعلقة بالطب النبوي لا يعاملونها كما يعاملون أقوال العلماء المجتهدين ، كيف يعاملون أقوال العلماء المجتهدين أنهم يخضعون لها ويجعلونها شرعا مستمرا وينكرون أشد الإنكار على من قد يخالفها ولو بحجة هي في واقعها أقوى من حجة ذلك الإمام الذي ارتأى ذلك الرأي ؛ فكثير من أولئك المثقفين لا يعاملون أحاديث الرسول من هذا النوع بأن يقولوا هذه صدرت من الرسول ولو باجتهاد منه ؛ فنحن يجب أن نتبناها لأننا نتبنى آراء العلماء فهو سيد العلماء أولا ؛ ثم هناك فرق كبير ثانيا بين هذا السيد الذي لا مثل له وبين أولئك العلماء ، أن أولئك العلماء أقوالهم بدون استثناء ما بين أجر واحد إن أخطأ وأجرين إن أصاب ؛ أما أقوال الرسول عليه السلام فهي كلها بأجور مضاعفة ولا أقول بأجرين ؛ لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن اجتهد فأخطأ كما يضرب بعض الأمثلة في السيرة النبوية بل وفي الآيات القرآنية كمثل قوله تعالى : عبس وتولى أن جاءه الأعمى فهو إن أخطأ عليه السلام فليس كسائر علماء الإسلام ، لا يقر على خطأه بينما العلماء الآخرين والله ما ندري أصاب أم أخطأ ؛ لكن نكل أمره إلى الله إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ؛ لكن الرسول عليه السلام يختلف بلا شك باتفاق علماء المسلمين أنه لا يقر على خطأ ؛ لأنه كما هو معلوم من علم أصول الفقه أن السنة هي ثلاثة أقسام : قول ، وفعل ، وتقرير ؛ أي الرسول إذا رأى شيئا وأقره صار شرعا ؛ لماذا ؟ لأنه لا يقر على خطأ ؛ وهل معنى لا يقر على خطأ أنه نزل عليه وحي بأن هذا الشيء الذي فعل على مرأى أو مسمع منه أوحي إليه أنه صواب ؟ لا ، ليس من الضروري أن يكون الأمر كذلك ؛ لكن حسبنا أن الله كما " بلا تشبيه " كما أننا نتخذ إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشيء رآه حجة فأولى بنا وأولى أن نعلم أن الله عز وجل أقر نبيه على شيء فيصبح حجة ما بعدها حجة ؛ فإذن إذا تصورنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثلا من الأحاديث الطبية: الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام إلا السام ، نحن إن تصورنا أن هذا الكلام النبوي الطبي خطأ كيف أقر عليه السلام وتلقاه الصحابة وتلقاه السلف عنه خلفا عن سلف حتى صار جزءا من حياة المسلم ، لا يستطيع أن يتصور إلا أنه كما لو قال: في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كذلك قوله عليه السلام في الحبة السوداء التي لا يعجبك مرآها أنها شفاء من كل داء إلا السام ، يستحيل أن يكون هذا خطأ يا جماعة ، وخطأ جلي جدا أن يقال إننا نؤجل البحث أو التصديق أو الإيمان بهذه الأحاديث إلى متى ؟ إلى أن يكشف العلم ، زعموا حقائق هذه الأحاديث النبوية إن وقع ذلك فذلك زادهم ضعفا ولم يزدهم إيمانا ؛ لأن الإيمان كما نعلم من قوله تعالى في القرآن: آلم . ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين من هم ؟ أول شرط الذين يؤمنون بالغيب والغيب في اللغة العربية هو كل ما غاب عن عقلك أنت أيها الإنسان ، هذا العقل المحدود أولا في مخك ومهما اتسعت دائرة الفكر فهو محدود على كل حال ؛ فإذا جاءك نص من الله أو رسوله بشيء فوجب عليك الإيمان والتسليم به لأن هذا الشرط الأول في المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب ؛ فإذا نحن توقفنا عن الإيمان بهذا الحديث والإيمان بحديث مثلا : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه أيش هذا الحديث ؟ فيه قذارة فليغمسه ثم ليخرجه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء هذا لسه ما انكشف حقيقة أمره بالطب آمنا به كل من عند ربنا فلا يجوز التوقف في هذه الأحاديث ؛ لأننا نفترض أحد شيئين ـ وهذا خلاصة ما سبق ـ إما أن يكون هذا الكلام لا أقول وحيا وأنت ملاحظ معي كلمتي الأولى حق ، وإما أن يكون باطلا ، ولا أقول خطأ ؛ لأن الله يقول : فماذا بعد الحق إلا الضلال إما أن يكون حقا وإما أن يكون ضلالا باطلا ؛ فهل يتصور المسلم شيئين خطيرين أحدهما ناتج من الآخر ، هل يتصور المسلم أن يكون هذا الكلام باطلا ؟ وربنا تبارك وتعالى الذي أرسل إلينا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالهدى والنور والحق كله يعلم أن هذه الكلمة التي نطق بها الرسول عليه السلام وهب أنه تلقاها من الطب الجاهلي ، الطب التجربي العربي ، هب أن الأمر كذلك ؛ لكن الله يعلم أنه خطأ ، هل الله يقر نبيه عليه السلام على هذا الخطأ ؟ وبخاصة أنه ترتب عليه خطأ آخر وهو أن يصبح شريعة وعقيدة عند المسلمين ويصبح هناك علم خاص اسمه علم الطب النبوي ، إن نحن آمنا بمثل هذه الضلالة أن نتصور أنها كلمة قالها الرسول بناء على التقاليد العربية وعلى التجارب العلمية يومئذ ولا شك أن العلم الطب العربي يومئذ كان يعني ليس ناضجا وإن كان استفاد منه الأوروبيون فيما بعد كثيرا وكثيرا جدا خاصة لما تشرفوا بالإسلام ؛ لكن البحث أننا لا نتصور بل نجعل ذلك مستحيلا أن الرسول عليه السلام يتلقى جزءا من علم سواء كان الآن نوسع الدائرة شوية سواء كان طبا أو فلكا أو نحو ذلك من الأمور التي لا يدرك العقل البشري عادة حقائقها ، ثم ينطق بها الرسول عليه السلام وهي تكون في واقعها أمرا باطلا وربنا يقره على ذلك ، هذا أمر مستحيل ؛ ولذلك أنا أعتقد أن الذين يقفون هذا الموقف الواهي بل المزري بالنسبة لهذه الأحاديث فلا يؤمنون بها ، هؤلاء بلاشك في إيمانهم ضعف من أحد أمرين وأحلاهما مر : الأمر الأول أنهم لا يثقون برواة هذه الأحاديث ، وأئمة الحديث الذين صححوها لأن الأمر إن كانوا كذلك يؤمنون إذن الأمر أخطر أنهم لا يصدقون الرسول فيطرقون عليه احتمال أن يكون هذا رأي كرأي البشر ويطبقون عليه بالتالي قوله عليه السلام بحق: " أنتم أعلم بأمور دنياكم " هذا الحديث صحيح لكن البحث الآن إذا الرسول تحدث عن أمر لا يتعلق بالعبادة ولا يتعلق بالعقيدة لكن يتعلق بعلم الفلك ، هذه من أمور الدنيا ، يدور البحث السابق هذا أمر يتعلق بالعلم ، أي علم ؟ الذي كان معهودا في الجاهلية ؛ فالرسول نطق بذلك يستحيل أن الله يقره على هذا الأمر وهو خطأ في واقع أمره ؛ فإذا كل الأحاديث التي صحت عن الرسول أولا وأقر عليها إلى آخر رمق من حياته ثانيا فيجب أن لا نفرق بينها وبين أي حديث آخر سواء ما كان له علاقة بالعقيدة أو له علاقة بالعبادة أو بالسلوك ، كل ذلك حق ويرد عليه قول الرسول عليه السلام الذي رواه لنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي كان يجالس المشركين ويحاججهم ؛ فأوردوا عليه الشبهة التالية قالوا له أنت تكتب عن محمد كل ما يقوله في ساعة الرضا والغضب فعملت هذه الشبهة عملت عملها في قلب عبد الله فذهب إلى الرسول عليه السلام وقال له قولتهم هذه ، فقال له: اكتب فوالذي نفس محمد بيده لا يخرج منه إلا حق إن خرج منه خطأ جاء البحث السابق لا يقر عليه فهو ليس كالعلماء فهو سيد العلماء .
السائل : في هذا شيخنا قول الله تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل ؟
الشيخ : لأخذنا منه باليمين ... لكن هذا له جانب ثاني ؛ لأنه لا يخفاك التقول هو تقصد الافتراء ، وبحثنا ليس من هذا القبيل .
الحلبي : شيخنا في نفس الموضوع
الشيخ : كيفت والا كيف ؟
السائل : الله يجزيك الخير
الشيخ : الله يحفظك .
السائل : الله يكرمك
الحلبي : في نفس الموضوع تأكيد لكلام أستاذنا الله يبارك فيك
الشيخ : تفضل الله يحفظك
الحلبي : في بعض كتب الأصول شيخنا رأيتهم يقسمون الوحي إلى ثلاثة أقسام
الشيخ : نعم
الحلبي : وحي تبليغ ، ووحي تقرير ، ووحي إنكار ؛ وهذا هو عين الذي تفضلت به شيخنا ؟
الشيخ : هو هذا .
الحلبي : الله يبارك فيك استاذي
الشيخ : ها غيره
السائل : الشيخ محمد الغزالي غفر الله له في كتابه السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث تقدم بآراء في الغناء والمس الشيطاني ، يا ليت نعرف رأيكم أستاذي في هذا الأمر ؟
الشيخ : يا أخي هذا الرأي من غزالي العصر ، هو ككثير من آراء غزالي ذاك العصر الماضي أنه نابع من فلسفة خاصة تصدر ممن لم يتشبع بالسنة المحمدية ، وهذا أمر ظاهر في غزالي العصر لأنه ينكر حقائق شرعية ثابتة لا مرد لها أبدا إلا بتحكيم العقل الصغير هذا الذي لا يمكن أن يتسع لهذا الوحي الذي أنزله الله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام ، لم يقل ربنا عز وجل يعني عبثا بل حقيقة قال : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا الوحي ثقيل ، حينما ينزل الوحي على محمد عليه السلام وهو على ناقته الناقة وهي من أشد الحيوانات تحملا كانت تحط برأسها وتخضع ولا تتحمل ؛ فهذا الوحي كله لا يستطيع العقل البشري أبدا أن يتحمله إلا من طريق كما قال رب العالمين : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما وكلما كان المسلم واسع الاطلاع على الكتاب والسنة معا ، أنا أعرف من الغزالي هذا أنه كان يلهج بتلاوة القرآن ؛ لأنه التقيت معه مرارا وتكرارا في المدينة لما كنا في المجلس يلي يسموه المجلس الأعلى في الجامعة الإسلامية ، ولما نفيت من هنا وذهبت إلى قطر كان منزلي في الفندق الذي أنزلت فيه هناك تجاه منزله في الفندق نفسه ، فكنت فعلا أشعر أنه رجل عنده لهج بتلاوه القرآن كأنه كان يحفظ لكن حينما كنت أراه هذه الرؤية وأراه من جهة أخرى تلك الرؤية العلمية في آثاره وكتبه أقول بلسان الحال والآن أقول بلسان المقال لا يقعدن أحدكم لألفين أحدكم متكئا على أريكته يقول هذا كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا حللناه وما وجدنا فيه حراما حرمناه ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله فهذا الإنسان ما جاءت منه هذه الشواذ ، بل لا أداهنه وإن كانت هناك صحبة بيننا كما أشرت إليها آنفا ، أقول بدل أيش هذه الشواذ بل هذه الضلالات ما جاءته إلا لأنه كان مزورّا وكان مجانبا للسنة وكان يحكم عقله ، عقله على السنة فما أعجبه منها قبضه وعقده في قلبه وما لم يعجبه سخر منها ، لا أقول ضرب بها عرض الحائط ، سخر منها وسخر أيضا من حامليها ؛ فالمثالان اللذان سألت أنت عنهما مثالين من عشرات الأمثلة الكثيرة بعضها مبثوث في الكتاب الذي سميته أنت آنفا ، والكثير الكثير منها بعضها أيضا مبثوث في كتبه الأخرى ، وبعضها في نفسه تطفح كلما جاءت مناسبتها فأنت طرحت سؤالين اثنين أحدهما ما يتعلق بالغناء والآخر ما يتعلق بمس الجن .
الشيخ : أنا اعتقادي أخي ، وهذا اعتقاد كل مسلم يشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن الأصل في كل ما يخرج من فم النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق ولم أقل فهو وحي لأدخل في قولي الأول فهو حق الآراء التي قد تصدر منه باجتهاد وبرأي ، ثم يقر عليه فيصبح حقا ؛ ومع الأسف عامة المثقفين الشرعيين فضلا عن غيرهم وعمن دونهم لا يعاملون أحاديث الرسول عليه السلام التي هي من قبيل الأحاديث التي جاء الإشارة إلى بعضها آنفا وهي المتعلقة بالطب النبوي لا يعاملونها كما يعاملون أقوال العلماء المجتهدين ، كيف يعاملون أقوال العلماء المجتهدين أنهم يخضعون لها ويجعلونها شرعا مستمرا وينكرون أشد الإنكار على من قد يخالفها ولو بحجة هي في واقعها أقوى من حجة ذلك الإمام الذي ارتأى ذلك الرأي ؛ فكثير من أولئك المثقفين لا يعاملون أحاديث الرسول من هذا النوع بأن يقولوا هذه صدرت من الرسول ولو باجتهاد منه ؛ فنحن يجب أن نتبناها لأننا نتبنى آراء العلماء فهو سيد العلماء أولا ؛ ثم هناك فرق كبير ثانيا بين هذا السيد الذي لا مثل له وبين أولئك العلماء ، أن أولئك العلماء أقوالهم بدون استثناء ما بين أجر واحد إن أخطأ وأجرين إن أصاب ؛ أما أقوال الرسول عليه السلام فهي كلها بأجور مضاعفة ولا أقول بأجرين ؛ لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن اجتهد فأخطأ كما يضرب بعض الأمثلة في السيرة النبوية بل وفي الآيات القرآنية كمثل قوله تعالى : عبس وتولى أن جاءه الأعمى فهو إن أخطأ عليه السلام فليس كسائر علماء الإسلام ، لا يقر على خطأه بينما العلماء الآخرين والله ما ندري أصاب أم أخطأ ؛ لكن نكل أمره إلى الله إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ؛ لكن الرسول عليه السلام يختلف بلا شك باتفاق علماء المسلمين أنه لا يقر على خطأ ؛ لأنه كما هو معلوم من علم أصول الفقه أن السنة هي ثلاثة أقسام : قول ، وفعل ، وتقرير ؛ أي الرسول إذا رأى شيئا وأقره صار شرعا ؛ لماذا ؟ لأنه لا يقر على خطأ ؛ وهل معنى لا يقر على خطأ أنه نزل عليه وحي بأن هذا الشيء الذي فعل على مرأى أو مسمع منه أوحي إليه أنه صواب ؟ لا ، ليس من الضروري أن يكون الأمر كذلك ؛ لكن حسبنا أن الله كما " بلا تشبيه " كما أننا نتخذ إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشيء رآه حجة فأولى بنا وأولى أن نعلم أن الله عز وجل أقر نبيه على شيء فيصبح حجة ما بعدها حجة ؛ فإذن إذا تصورنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثلا من الأحاديث الطبية: الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام إلا السام ، نحن إن تصورنا أن هذا الكلام النبوي الطبي خطأ كيف أقر عليه السلام وتلقاه الصحابة وتلقاه السلف عنه خلفا عن سلف حتى صار جزءا من حياة المسلم ، لا يستطيع أن يتصور إلا أنه كما لو قال: في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كذلك قوله عليه السلام في الحبة السوداء التي لا يعجبك مرآها أنها شفاء من كل داء إلا السام ، يستحيل أن يكون هذا خطأ يا جماعة ، وخطأ جلي جدا أن يقال إننا نؤجل البحث أو التصديق أو الإيمان بهذه الأحاديث إلى متى ؟ إلى أن يكشف العلم ، زعموا حقائق هذه الأحاديث النبوية إن وقع ذلك فذلك زادهم ضعفا ولم يزدهم إيمانا ؛ لأن الإيمان كما نعلم من قوله تعالى في القرآن: آلم . ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين من هم ؟ أول شرط الذين يؤمنون بالغيب والغيب في اللغة العربية هو كل ما غاب عن عقلك أنت أيها الإنسان ، هذا العقل المحدود أولا في مخك ومهما اتسعت دائرة الفكر فهو محدود على كل حال ؛ فإذا جاءك نص من الله أو رسوله بشيء فوجب عليك الإيمان والتسليم به لأن هذا الشرط الأول في المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب ؛ فإذا نحن توقفنا عن الإيمان بهذا الحديث والإيمان بحديث مثلا : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه أيش هذا الحديث ؟ فيه قذارة فليغمسه ثم ليخرجه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء هذا لسه ما انكشف حقيقة أمره بالطب آمنا به كل من عند ربنا فلا يجوز التوقف في هذه الأحاديث ؛ لأننا نفترض أحد شيئين ـ وهذا خلاصة ما سبق ـ إما أن يكون هذا الكلام لا أقول وحيا وأنت ملاحظ معي كلمتي الأولى حق ، وإما أن يكون باطلا ، ولا أقول خطأ ؛ لأن الله يقول : فماذا بعد الحق إلا الضلال إما أن يكون حقا وإما أن يكون ضلالا باطلا ؛ فهل يتصور المسلم شيئين خطيرين أحدهما ناتج من الآخر ، هل يتصور المسلم أن يكون هذا الكلام باطلا ؟ وربنا تبارك وتعالى الذي أرسل إلينا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالهدى والنور والحق كله يعلم أن هذه الكلمة التي نطق بها الرسول عليه السلام وهب أنه تلقاها من الطب الجاهلي ، الطب التجربي العربي ، هب أن الأمر كذلك ؛ لكن الله يعلم أنه خطأ ، هل الله يقر نبيه عليه السلام على هذا الخطأ ؟ وبخاصة أنه ترتب عليه خطأ آخر وهو أن يصبح شريعة وعقيدة عند المسلمين ويصبح هناك علم خاص اسمه علم الطب النبوي ، إن نحن آمنا بمثل هذه الضلالة أن نتصور أنها كلمة قالها الرسول بناء على التقاليد العربية وعلى التجارب العلمية يومئذ ولا شك أن العلم الطب العربي يومئذ كان يعني ليس ناضجا وإن كان استفاد منه الأوروبيون فيما بعد كثيرا وكثيرا جدا خاصة لما تشرفوا بالإسلام ؛ لكن البحث أننا لا نتصور بل نجعل ذلك مستحيلا أن الرسول عليه السلام يتلقى جزءا من علم سواء كان الآن نوسع الدائرة شوية سواء كان طبا أو فلكا أو نحو ذلك من الأمور التي لا يدرك العقل البشري عادة حقائقها ، ثم ينطق بها الرسول عليه السلام وهي تكون في واقعها أمرا باطلا وربنا يقره على ذلك ، هذا أمر مستحيل ؛ ولذلك أنا أعتقد أن الذين يقفون هذا الموقف الواهي بل المزري بالنسبة لهذه الأحاديث فلا يؤمنون بها ، هؤلاء بلاشك في إيمانهم ضعف من أحد أمرين وأحلاهما مر : الأمر الأول أنهم لا يثقون برواة هذه الأحاديث ، وأئمة الحديث الذين صححوها لأن الأمر إن كانوا كذلك يؤمنون إذن الأمر أخطر أنهم لا يصدقون الرسول فيطرقون عليه احتمال أن يكون هذا رأي كرأي البشر ويطبقون عليه بالتالي قوله عليه السلام بحق: " أنتم أعلم بأمور دنياكم " هذا الحديث صحيح لكن البحث الآن إذا الرسول تحدث عن أمر لا يتعلق بالعبادة ولا يتعلق بالعقيدة لكن يتعلق بعلم الفلك ، هذه من أمور الدنيا ، يدور البحث السابق هذا أمر يتعلق بالعلم ، أي علم ؟ الذي كان معهودا في الجاهلية ؛ فالرسول نطق بذلك يستحيل أن الله يقره على هذا الأمر وهو خطأ في واقع أمره ؛ فإذا كل الأحاديث التي صحت عن الرسول أولا وأقر عليها إلى آخر رمق من حياته ثانيا فيجب أن لا نفرق بينها وبين أي حديث آخر سواء ما كان له علاقة بالعقيدة أو له علاقة بالعبادة أو بالسلوك ، كل ذلك حق ويرد عليه قول الرسول عليه السلام الذي رواه لنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي كان يجالس المشركين ويحاججهم ؛ فأوردوا عليه الشبهة التالية قالوا له أنت تكتب عن محمد كل ما يقوله في ساعة الرضا والغضب فعملت هذه الشبهة عملت عملها في قلب عبد الله فذهب إلى الرسول عليه السلام وقال له قولتهم هذه ، فقال له: اكتب فوالذي نفس محمد بيده لا يخرج منه إلا حق إن خرج منه خطأ جاء البحث السابق لا يقر عليه فهو ليس كالعلماء فهو سيد العلماء .
السائل : في هذا شيخنا قول الله تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل ؟
الشيخ : لأخذنا منه باليمين ... لكن هذا له جانب ثاني ؛ لأنه لا يخفاك التقول هو تقصد الافتراء ، وبحثنا ليس من هذا القبيل .
الحلبي : شيخنا في نفس الموضوع
الشيخ : كيفت والا كيف ؟
السائل : الله يجزيك الخير
الشيخ : الله يحفظك .
السائل : الله يكرمك
الحلبي : في نفس الموضوع تأكيد لكلام أستاذنا الله يبارك فيك
الشيخ : تفضل الله يحفظك
الحلبي : في بعض كتب الأصول شيخنا رأيتهم يقسمون الوحي إلى ثلاثة أقسام
الشيخ : نعم
الحلبي : وحي تبليغ ، ووحي تقرير ، ووحي إنكار ؛ وهذا هو عين الذي تفضلت به شيخنا ؟
الشيخ : هو هذا .
الحلبي : الله يبارك فيك استاذي
الشيخ : ها غيره
السائل : الشيخ محمد الغزالي غفر الله له في كتابه السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث تقدم بآراء في الغناء والمس الشيطاني ، يا ليت نعرف رأيكم أستاذي في هذا الأمر ؟
الشيخ : يا أخي هذا الرأي من غزالي العصر ، هو ككثير من آراء غزالي ذاك العصر الماضي أنه نابع من فلسفة خاصة تصدر ممن لم يتشبع بالسنة المحمدية ، وهذا أمر ظاهر في غزالي العصر لأنه ينكر حقائق شرعية ثابتة لا مرد لها أبدا إلا بتحكيم العقل الصغير هذا الذي لا يمكن أن يتسع لهذا الوحي الذي أنزله الله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام ، لم يقل ربنا عز وجل يعني عبثا بل حقيقة قال : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا الوحي ثقيل ، حينما ينزل الوحي على محمد عليه السلام وهو على ناقته الناقة وهي من أشد الحيوانات تحملا كانت تحط برأسها وتخضع ولا تتحمل ؛ فهذا الوحي كله لا يستطيع العقل البشري أبدا أن يتحمله إلا من طريق كما قال رب العالمين : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما وكلما كان المسلم واسع الاطلاع على الكتاب والسنة معا ، أنا أعرف من الغزالي هذا أنه كان يلهج بتلاوة القرآن ؛ لأنه التقيت معه مرارا وتكرارا في المدينة لما كنا في المجلس يلي يسموه المجلس الأعلى في الجامعة الإسلامية ، ولما نفيت من هنا وذهبت إلى قطر كان منزلي في الفندق الذي أنزلت فيه هناك تجاه منزله في الفندق نفسه ، فكنت فعلا أشعر أنه رجل عنده لهج بتلاوه القرآن كأنه كان يحفظ لكن حينما كنت أراه هذه الرؤية وأراه من جهة أخرى تلك الرؤية العلمية في آثاره وكتبه أقول بلسان الحال والآن أقول بلسان المقال لا يقعدن أحدكم لألفين أحدكم متكئا على أريكته يقول هذا كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا حللناه وما وجدنا فيه حراما حرمناه ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله فهذا الإنسان ما جاءت منه هذه الشواذ ، بل لا أداهنه وإن كانت هناك صحبة بيننا كما أشرت إليها آنفا ، أقول بدل أيش هذه الشواذ بل هذه الضلالات ما جاءته إلا لأنه كان مزورّا وكان مجانبا للسنة وكان يحكم عقله ، عقله على السنة فما أعجبه منها قبضه وعقده في قلبه وما لم يعجبه سخر منها ، لا أقول ضرب بها عرض الحائط ، سخر منها وسخر أيضا من حامليها ؛ فالمثالان اللذان سألت أنت عنهما مثالين من عشرات الأمثلة الكثيرة بعضها مبثوث في الكتاب الذي سميته أنت آنفا ، والكثير الكثير منها بعضها أيضا مبثوث في كتبه الأخرى ، وبعضها في نفسه تطفح كلما جاءت مناسبتها فأنت طرحت سؤالين اثنين أحدهما ما يتعلق بالغناء والآخر ما يتعلق بمس الجن .
الفتاوى المشابهة
- الجواب عن شبهة أن الأحاديث يرويها الصحابة وهم... - الالباني
- ما رأيكم فيمن يقول - الالباني
- هناك مَن يرى أن أحاديث رسول الله - صلى الله عل... - الالباني
- ما كان من الطب النبوي إذا فعله الإنسان هل يكون... - الالباني
- هل كلام النبي ﷺ في الطب من الوحي؟ - ابن باز
- ما يتعلَّق بالغزالي ومنهجه ، وتصحيحه لأحاديث ض... - الالباني
- هناك من يرى في الأيام الحاضرة أن أحاديث رسول ا... - الالباني
- ما حكم من ردَّ حديثًا صحيحًا من أحاديث النبي -... - الالباني
- ما رأيكم فيمن يشكك في الأحاديث التي لها حكم ال... - الالباني
- ما ردكم عمن توقف عن تصحيح أو العمل ببعض الأحاد... - الالباني
- ما رأي الشيخ فيمن يقول أن بعض أحاديث النبي صلى... - الالباني