السائل : جزاكم الله خيرا. سائل يقول فضيلة الشيخ حديث : غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد هل يدل دلالة قطعية على عدم الصبغ بالسواد أم أن هناك استثناء؟

الشيخ : طيب. أولا هذه الكلمة قوله هل يدل دلالة قطعية كلمة خطيرة جدا وذلك لأننا لو تتبعنا النصوص القرآنية والنبوية وقلنا إننا لا نأخذ إلا بما دلالته قطعية لفاتنا كثير من أحكام الشريعة ولا يشترط في الدليل أن تكون دلالته قطعية ولا أن يكون ثبوته قطعيا - انتبه يا أخ -
أولا : الأدلة هي القرآن والثاني : السنة.
القرآن ثبوته قطعي توافقون على هذا؟ ليش؟ لأنه متواتر. القرآن يأخذه الصغير عن الكبير والذكر عن الأنثى والأنثى عن الذكر أمر معلوم. لكن دلالته على الحكم قد تكون قطعية وقد تكون ظنية. فقوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا خذ الآية. هذه تدل على أن عدة المتوفية عنها كم؟ أربعة أشهر وعشرة أيام.
وقول تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن تدل على أن عدة الحامل وضع الحامل طال أو قصر. طيب إذا وضعت المرأة الحامل بعد وفاة زوجها بشهر ما تقول؟ لكن طيب ماذا نفعل بالآية والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا . طيب هذه عامة وهذه عامة. ولهذا ذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن بعباس رضي الله عنهما إلى أن الحامل إذا توفي عنها زوجها تعتد بأطول الأجلين بأطول الأجلين. يعني مثلا إن وضعت قبل أربعة أشهر وعشر ايش؟ أتمت أربعة أشهر وعشرا. وإن تمت أربعة أشهر وعشر قبل أن تضع أتمت حتى تضع. لكن هذا القول وإن كان له وجهة من النظر إلا أنه مخالف للدليل والدليل ما ثبت في الصحيحين أن سبيعة الأسلمية توفي وضعت بعد وفاة زوجا بليالي فأذن عليها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتزوج فعلم بذلك أن الحامل تتعتد من الوفاة والطلاق حتى تضع قلت المدة أم قصرت.
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء . ماهو القرء؟ قيل الحيض وقيل الطهر. إذن دلالته على أحدهما ظنية. فلهذا يجب أن يعلم ملقي السؤال أنه لا يصح أن يقال هل دلالته قطعية؟ لأن لو لم نعتمد إلا من كانت دلالته قطعية لفاتنا شيء كثير من الأحكام والدلالة إما قطعية وإما ظنية والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
على كل حال نقول إن قوله صلى الله عليه وسلم : غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد يدل دلالة ظاهرة على وجوب تجنب السواد وأن صبغه بالسواد حرام ويدل لذلك أن في صبغ الشيب بالسواد مضادة لحكم الله حكم الله الكوني ليش؟ لأن الله تعالى قضى بحكمته أنه كلما تقدمت السن بالإنسان فإنه لا بد أن يبيض شعره إلا لسبب قد يبيض قبل أن تتقدم به سن إما لوحشة أو غير ذلك. على كل حال إذا صبغه بالسواد كأنه يعبر بلسان الحال أنه لم يرض بكون الله تعالى يجعل الشعر أبيض فحوله إلى ايش ؟ إلى أسود. والأسود شعر من؟ شعر الشباب فكأنه لم يرض أن يكون شيخا كبيرا ثم إنه قد ورد في السنن حديث صححه بعضهم وتوقف فيه آخرون بالوعيد الشديد على من صبغ بالسواد نعم.
خلاصة الأمر أننا لا نقول لمن استدل بدليل هل دلالته على هذا الحكم قطعية لأن هذا خطأ عظيم إذ لو لم نعتمد من الأدلة إلا من كان دلالته قطعية لفاتنا شيء كثير من الأحكام الشرعية.
ثانيا : الراجح أن الخضاب بالسواد خضاب الشيب بالسواد محرم نعم.

السائل : جزاكم الله خيرا.