تم نسخ النصتم نسخ العنوان
هل الاعتكاف خاص بشهر رمضان ؟ وما هي شروطه ؟... - ابن عثيمينالسائل : الاعتكاف هل هو خاص برمضان ؟ وما هي شروط الاعتكاف ؟ وهل الاعتكاف في المسجد الحرام له أجر عن بقية المساجد الأخرى أفتوني مأجورين ؟الشيخ : الحمد لل...
العالم
طريقة البحث
هل الاعتكاف خاص بشهر رمضان ؟ وما هي شروطه ؟ وهل الاعتكاف بالمسجد الحرام له أجر عن بقية المساجد الأخرى ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : الاعتكاف هل هو خاص برمضان ؟ وما هي شروط الاعتكاف ؟ وهل الاعتكاف في المسجد الحرام له أجر عن بقية المساجد الأخرى أفتوني مأجورين ؟

الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل ، هذا هو الاعتكاف الشرعي أن يلزم الإنسان نفسه البقاء في مسجد من مساجد الله عز وجل ليتفرغ للعبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن وغير ذلك مما يقرب إلى الله تعالى من العبادات ، هذا هو الاعتكاف ، والاعتكاف المشروع المطلوب من الإنسان فعله هو الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان تحريا لليلة القدر وكان قبل ذلك قد اعتكف العشر الأول ثم الوسط ثم قيل له إنها أي ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان فاعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل .
ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرع لأمته الاعتكاف في غير رمضان ، ولا أنه اعتكف في غير رمضان إلا سنة ترك الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ثم قضاه في شوال ، هذا هو الاعتكاف المشروع أن يكون في العشر الأواخر من رمضان تحريا لليلة القدر وتفرغا للعبادة فيها .
ولكن مع ذلك يصح الاعتكاف في غير رمضان ودليل ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني نذرت أن أعتكف ليلةً أو يوماً في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك فدل هذا على جواز الاعتكاف في غير رمضان .
ولكننا لا نطلب ذلك من الإنسان ولا نقول له : اعتكف في غير العشر الأواخر من رمضان ، لأن ذلك لم يرد في السنة .
وأما ما ذكره بعض الفقهاء من أنه ينبغي للإنسان إذا دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة اللبث فيه فقول لا أصل له من السنة ، بل ظاهر السنة خلافه فإن النبي صلى الله عليه وسلم رغب بالبكور إلى الجمعة وقال : من اغتسل ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، وفي الثانية كأنما قرب بقرة، وفي الثالثة كأنما قرب كبشاً أقرن، وفي الرابعة فكأنما قرب دجاجة، وفي الخامسة كأنما قرب بيضة ولم يشر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا إلى أن ينوي الإنسان المتقدم الاعتكاف مدة بقائه في انتظار الجمعة ، ولو كان هذا من الأمور المشروعة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليخفيه عن أمته لأننا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على إبلاغ العلم وأحرص الناس على نفع الخلق ، فلا يمكن أن يدع شيئا ينفعهم دون أن يخبرهم به .
ولا أعلم إلى ساعتي هذه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأمة إلى أن ينوي الرجل إذا دخل المسجد الاعتكاف مدة لبثه فيه ، وعلى هذا فلا يسن لمن قصد المسجد للصلاة أو لقراءة العلم أو لدراسة أو ما أشبه ذلك أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه.
ثم إن الاعتكاف يكون في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي وفي المسجد الأقصى وفي غيرها من المساجد ، وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة : أنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة فهذا إن صح فالمراد به أن الاعتكاف الأكمل والأفضل ما يكون في هذه المساجد الثلاثة ، لأن هذه المساجد الثلاثة أفضل المساجد على وجه الأرض ، وهي التي تضاعف فيها الصلاة وتشد إليها الرحال لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى .
وقول السائل : هل الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من غيره ؟
جوابه : نعم الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من الاعتكاف في المساجد الأخرى ، ويليه الاعتكاف في المسجد النبوي ، ويليه الاعتكاف في المسجد الأقصى ثم المساجد الأخرى الأفضل منها فالأفضل .
ولكن هاهنا مسألة ينبغي أن نتفطن لها وهي أن مراعاة ذات العبادة أولى بمراعاة زمانها ومكانها ، أي ما عاد إلى ذات العبادة من الفضائل أولى بالمراعاة مما عاد إلى مكانها أو زمانها ، يعني أن الإنسان لو كان اعتكافه في مسجد آخر غير المساجد الثلاثة أكمل وأشد خشوعا لله عز وجل وأكثر في العبادة كان اعتكافه في هذه المساجد أفضل ، لأن هذا الفضل يعود إلى ذات العبادة .
ودليل هذا من السنة وكلام أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ومقتضى هذا الحديث أن يؤخر الإنسان الصلاة عن أول وقتها حتى يقضي حاجته من مأكول أو تخلي ، وهذا يستلزم تأخير الصلاة عن أول وقتها مع أن الصلاة في أول الوقت أفضل ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ألغى مراعاة الزمان هنا من أجل إكمال العبادة ذاتها .
وذكر أهل العلم أن رمل الطائف في طواف القدوم أولى من دنوه من الكعبة ، وعللوا ذلك بأن الرمل فضيلة تتعلق بذات العبادة والدنو من البيت فضيلة تتعلق بمكانها ، ومراعاة ما يتعلق بذات العبادة أولى من مراعاة ما يتعلق بمكانها ، وهذه نقطة ينبغي للإنسان ولاسيما طالب العلم أن يلاحظها وهي المحافظة على فضيلة ذات العبادة أكثر من المحافظة على مكانها وزمانها.

السائل : بارك الله فيكم.

Webiste