تفسير قوله تعالى : (( وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال تعالى: وإذ فرقنا بكم البحر يعني اذكروا نعمة أخرى حين نجاكم من آل فرعون فرق الله بهم البحر ، وفرق بمعنى فصل، وذلك حين انفلق فلق البحر لهم ،يعني فصله وفلقه حتى مروا منه فنجوا إذ فرقنا بكم البحر ومتى كان هذا ؟ كان هذا حين أمر موسى عليه الصلاة والسلام أن يسري بمن معه من المؤمنين خوفا من آل فرعون، لأن فرعون لما رأى ما رأى من صنيع السحرة جمع الناس وقال إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإن هم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون وجمع الناس وخرج من مصر وأوحى الله تعالى إلى موسى أن يسري بعباده المؤمنين ليلا إلى نحو الشرق فخرج بهم فاتبعهم فرعون بجنوده ولما وصلوا إلى البحر قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين انظر الفرق بين قوة التوكل من موسى وضعفه من المؤمنين مع أنهم مؤمنون، ولكن عند الشدائد قد يضيع الحزم قال كلا إن معي ربي سيهدين كأنه يقول إن الله لم يأمرني أن أخرج إلا ليهديني، فأمره الله أن يضرب البحر بعصاه فضربه في لحظة انفلق البحر، كم كان من طريق؟ كان اثني عشر طريقا، وفي لحظة يبس البحر ،سبحان الله في لحظة، وصار المنفرق صار كل فرق كالطود العظيم أي كالجبل العظيم، حتى قال بعضهم إن الله سبحانه وتعالى أراد أن يطمئن بنو إسرائيل فجعل في كل قطعة من هذا الماء الذي صار كالجبال جعل فيها ثقبة، فرجة حتى يشهد بعضهم بعضا ويطمئن بعضهم إلى بعض، المهم لما تكامل موسى وقومه خارجين دخل فرعون فأمر الله تعالى أن ينطبق البحر عليه فانطبق، ولهذا يذكرهم الله بهذه النعمة إذ فرقنا بكم البحر أي فلقناه لكم حتى عبرتموه فأنجيناكم يعني خلصنكم من الغرق وأغرقنا آل فرعون والغرق معروف ، وآل فرعون هنا أول من يدخل فيهم فرعون، ولكنه عبر بالآل عن فرعون لئلا يظن ظان أن الغرق أو أن العقوبة اختصت بفرعون فقط، فقال: آل فرعون وهذا أخصر من فرعون وآله، لأن العبارة إما أن يقال :وأغرقنا فرعون، أو أغرقنا آل فرعون أو أغرقنا فرعون وآله. أما آل فرعون فمن المعلوم أنهم إنما أغرقوا لتبعهم فرعون، وهل يمكن أن يغرق الفرع دون الأصل؟ غير ممكن، ولهذا قال الله تعالى عن فرعون: يقدم قومه يوم القيمة فأوردهم النار وبئس الورد المورود أغرق الله آل فرعون حتى هلكوا عن آخرهم، وحين أدرك فرعون الغرق قال: آمنت أنه لا اله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين فقيل له: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية أي لمن يبقى بعدك ولم يبق إلا بنو إسرائيل، لأن آل فرعون كلهم غرقوا، وإنما نجاه الله ببدنه ليطمئن بنو إسرائيل على غرقه، لأن بني إسرائيل كانوا قد رهبوا منه رهبة عظيمة فأراهم الله عزوجل بدنه حتى يتيقنوا أنه قد غرق، إذ لو لم يروا بدنه لكان يأتيهم كل احتمال أنه نجا وأنه سيخرج، فأراهم الله بدنه غارقا للاطمئنان وقوله: أغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون الجملة هنا حالية أي والحال أنكم تنظرون، وهذا من أكبر النعم أن يهلك الله عدوك وأنت تنظر إليه، لأنه سوف يزداد فرحك وسرورك أن ترى عدوك يمزق كل ممزق وأنت قد نجيت من هذا، ولهذا ذكرهم الله هذه النعمة وهي أنه أن عدوهم أغرق وهم ينظرون.
الفتاوى المشابهة
- في شهر المحرم سنن وعبر نجى الله موسى من فرعون. - ابن عثيمين
- هل فرعون الذي أغرقه الله موجود الآن في المتا... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (وعاد وفرعون وإخوان لوط) - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( وإذ نجيناكم من آل فرعو... - ابن عثيمين
- ذكر قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون . - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (ولقد جاء آل فرعون النذر. - ابن عثيمين
- قصة فرعون مع موسى عليه الصلاة و السلام وبني... - ابن عثيمين
- ذكر قصة هلاك فرعون. - ابن عثيمين
- فوائد الأية (( وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم... - ابن عثيمين
- تتمة فوائد الآية (( وإذ فرقنا بكم البحر فأنج... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( وإذ فرقنا بكم البحر فأ... - ابن عثيمين